المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الفائدة التاسعة والثلاثون السبق والتبريز في العلوم وغيرها السبق والتبريز والنبوغ في العلوم او الاخلاق او الاعمال معناه ان يسبق غيره فيها سبقا كثيرا ويتقدم على المشاركين فيها امدا بعيدا وهذا نوعان احدهما سبق مطلق في كل فن من العلوم النافعة وفي كل خلق من الاخلاق الفاضلة وفي كل عمل من الاعمال الصالحة او في جمهور ذلك وهذا من اندر النادر ويوجد افراد من هذا النوع قيدهم الله بقوة منه ومعونة عظيمة استولوا على السبق في كل شيء وهي على اطلاقها قد تكاملت تكاملا تاما في نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فانه اعلم الخلق واكملهم واعلاهم في كل فضيلة وقد جمع الله له من الفضائل ما تفرق في غيره وكان له منها اعلاها فلذلك كان افضل الخلق واقربهم عند الله جاها ومنزلة ووسيلة صلى الله عليه وسلم وكل ما شرح وبين من سيرته فهو جزء من هذا الاصل الكبير ثم بعده الانبياء على مراتبهم ثم خيار الصحابة رضي الله عنهم ثم ائمة الهدى من امته ومصابيح الدجى وهداة الامة واكابر الائمة النوع الثاني ان يسبق الانسان في واحد من هذه الامور او اثنين مثلا فهذا كثير وسبب ذلك مع اعانة الله قوة الرغبة وشدة الثقة في هذا الذي نبغ فيه وفاق غيره وقوة الذكاء لانه ينتج من ذلك قوة العمل وذلك موجب للسبق الذي لا يدرك وايضا حصر الفكر والعمل في امر من الامور وجعله نصب العين والغاية واكبر الهم ومبلغ العلم يوجب ادراك هذه المرتبة ومن هذا الباب نبوغ من فاق في علم التفسير او في علم الحديث او في علم الفقه او في علم النحو او اللغة او الصناعات او غيرها من الفنون فانه من تخصص في شيء من هذه الفنون وصار هو دأبه ليلا او نهارا فانه يدرك منه ما ييسر الله له فيه ومن ذلك تبرج الانسان في خصلة من الاخلاق المرظية والاعمال الصالحة كأن يفوق غيره في الحلم الواسع او الصبر القوي او الخلق الحسن مع كل احد والاعمال البدنية ككثرة الصلاة او الصيام او الاحسان او الحج او الشجاعة او غيرها بحيث اذا ذكر في هذه المقامات عد من السابقين الذين لا يكاد يوجد لهم نظير او مقارب كما يذكر في هذا الباب عن نوادر اهل الكرم والجود ونوادر الشجعان ونوادر المنقطعين للعبادة ونوادر الذاكرين الله كثيرا والذاكرات وقد يكون فائقا غيره في عمل خاص مثل بر الوالدين او صلة الارحام او نحوها ومن هذا ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في قصة اصحاب الغار الذين انطبق عليهم وقالوا لا ينجيكم مما انتم فيه الا ان تدعوا الله بصالح اعمالكم فدعا كل واحد منهم بالعمل الذي برز به على غيره هذا ببره الكامل بوالديه وهذا بعفته العظيمة التي لا نظير لها وهذا بامانته واحسانه الكثير الذي لا مثل له ومن تأمل في احوال الخلق رأى من هذا الباب عجائب وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء بالاسباب التي يخصه بها ويقويه عليها والله ذو الفضل العظيم