المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الفائدة الاربعون اعمال تنافي العقل يا عجبا لمن هو عاقل ويدعي العقل وهو يعمل ما ينافي العقل من جميع الوجوه فان العقل يأمر بكل نافع وبالاشتغال بالاهم عن المهم وبترجيح اعلى المصالح على ادناها وبردع صاحبه عن جميع الامور الضارة واكثر الخلق غير مستقيمين على هذا الامر من كل وجه وكثير من العقلاء يسلكه في بعض الامور ويدعه في بعضها لاغراض نفسية رأى تقديمها على ما يقضي به العقل والشرع يا عجبا لمن يضيع اوقاته الثمينة في غير ما ينفعه وهي جواهر لا قيمة لها ولا يمكن استدراكها ويا عجبا لمن اعطوا فهوما وذكاء فصرفوها في العلوم الضارة ومن اعطوا قوة وقدرة متنوعة فصرفوها في الامور الدنية وضيعوا الامور العلية ويا عجبا لمن كان شغلهم البحث عن عيوب من لا يحبونه والاعتراض المتنوع على من يبغضونه كيف غطى السكر على عقولهم ولم يعلموا ان ذلك عين نقصهم والتعبير عن عدم فضلهم والسعي في نقل حسناتهم الى من يبغضونه بحسب بغضهم لهم وهكذا تجد خلقا كثيرا يدعون ان لهم عقولا كبارا وهم على هذه الصفة ويا عجبا لمن اغناهم الله ومولهم واعطاهم وهم لم يستغنوا لا في دينهم ولا في دنياهم لا قاموا بالنفقات الواجبة ولا المستحبة بل يسعون في تحصيل الاموال وتجميعها ولم يعرفوا ان المقصود منها ان تغني صاحبها بصرفها فيما ينفع في دينه ودنياه فجمعوا بين التعب العظيم في تحصيلها وبين الشح الزائد والبخل في امساكها حتى انتقلت دنياهم الى غيرهم في حالة لا يحمدون عليها فما اعظم حسرة هؤلاء واشد اسفهم وقس على امثال ذلك امورا تشاهدها وتسمع عنها في الخلق تنافي العقل ويستحق صاحبها ان يكون من اهل الحمق والجهل وهذا من الادلة على ان الذكاء والفطنة والعقل وحده لا يهدي صاحبه الا بهداية خاصة من الله وعناية من توفيقه ولطفه وهذا مما يوجب للعاقل الا يزال ملحا على ربه بتوفيقه لاحسن الاعمال والاخلاق واهداها وارشدها