المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الفائدة الخمسون الواجبات المالية سئلت عن الواجبات في مال الانسان الذي يملكه وهل لذلك حد في الشرع وما مقداره وصفته فاجبت بان الشارع بين للعباد كل ما يحتاجونه وخصوصا الواجبات التي هي اهم المهمات الواجبات على القلب والواجبات على البدن والواجبات من الاقوال والاعمال وكذلك وضح الواجبات المالية توضيحا تاما مجملا فامر باداء الحقوق المالية وحث عليها ومدح القائمين بها وذم المانعين لها او لبعضها وفصل ذلك بذكر الاموال التي تجب فيها الزكاة وشروطها ونصبها ومقدار الواجب فيها وهذا اعظم الواجبات المالية وفصل كذلك ما في المال من النفقات على النفس والاهل والعيال والمماليك من الادميين والبهائم وبين ايضا وجوب الوفاء بالعقود والمعاملات على اختلاف انواعها وتباين اسبابها وبين ما يتعلق بالمال من الحقوق العارضة باسبابها كبذل النفوس والاموال المتلفة بغير حق وما فيه من الحقوق العارضة لحاجة الغير من ضيف ونحوه او الاضطرار لغير ما وجب مواساة المضطرين ودفع اضطرارهم ومن ذلك الزام الناس بالمعارضات التي تجب عليهم فان الزام الناس بالمعاوضات والتسعير عليهم فيها منها ما هو ظلم محرم كاكراههم على البيع بثمن لا يرضونه او منعهم مما اباحه الله لهم ومنها ما هو عدل مثل اكراههم على ما يجب عليهم من المعاوضة بثمن المثل ومنعهم مما يحرم عليهم من اخذ الزيادة على عوض المثل ومثل التسعير على العمال ومن يحتاج الناس اليهم ومنعهم من اخذ الزيادة الفاحشة كما يمنع الناس من هضمهم لحقوقهم ففي امثال هذه المسائل على الناس مراعاة العدل ومنع اسباب الظلم وهذه الامور منها اشياء واضحة لكل احد ومنها اشياء يكون فيها اشتباه والتباس يجب ان تحقق وتفحص فحصا تاما ليعرف مرتبتها فما دامت مشتبهة فالاصل تحريم اموال الغير والاصل ابقاء الناس على معاملاتهم واحترام حقوقهم حتى يتضح ما يوجب الخروج عن هذا الاصل لاصل شرعي اقوى منه واولى واما ما يهذي به كثير من الناس عندما انتشرت الشيوعية وشاعت دعايتها واثرت على كثير من اهل العلم العصريين من انه يصوغ لاولياء الامور ان يلزموا اهل الغنى والثروة ان يواسوا بذلك اهل الحاجة والفقراء وان يفتتوا ثروتهم على اهل الحاجات وان يسددوا بزائد ثروتهم جميع المصالح المحتاج اليها بغير رضاهم بل بالقهر والقصر فهذا معلوم فساده بالضرورة من دين الاسلام وان الاسلام بريء من هذه الحالة الشيوعية او هي مبدأ الشيوعية ونصوص الكتاب والسنة على ذلك في ابطال هذا القول صريحة جدا وكثيرة واجماع الامة يبطل هذا القول المنافي لنصوص الكتاب والسنة والمنافي للفطرة التي فطر الله عليها العباد والفاتحة للظلمة والطغاة ابواب الظلم والشر والفساد فالله تعالى يبسط الرزق لمن يشاء ويقدره على من يشاء وقد جعل العباد بعضهم فوق بعض درجات في كل الصفات في العقل والحمق وفي العلم والجهل وفي حسن الخلق وسوء الخلق وفي الغنى والفقر وفي كثرة الاولاد والاموال والاتباع وضد ذلك حكم بذلك قدرا ويسر كلا لما خلق له واوجب على كل من اعطاه الله شيئا من هذه النعم وغيرها واجبات حددها وبينها وفصلها وجعل لنيل المطالب الدنيوية والمطالب الاخروية اسبابا وطرقا من سلكها افضت به الى مسبباتها واوصلته الى نتائجها وهؤلاء المنحرفون يريدون ان يبطلوا قدر الله وشرعه ويبرروا ارائهم بشبه لا تسمن ولا تغني من جوع ويضعون ذلك الشرع تحريفا منهم وقد اغتر بهذه الاراء الشيوعية كثير من العصريين وكثر الداعون الى هذه الطريقة الشنيعة تغريرا واغترارا ولكن البصير لا يخفى عليه الامر والمعصوم من عصمه الله وقد يروجون هذا الباطل بان تضخم المال في ايد قليلة سبب لمفسدة الترف المفسد للاخلاق وسبب لاثارة الاحقاد من الفقراء والمعدمين وهذا غلط فاحش فان الغنى قد يكون سببا للطغيان وقد يكون سببا للتواضع والتزود من طاعة الرحمن وعلى فرض ما فيه من المفاسد فانما حاولوه من القضاء على الثروة سبب لشرور عظيمة لا تنسب اليها اي مفسدة وسبب لاثارة فتن وشرور كثيرة عكس ما قالوه وما قالوه في زيادة ثروة المال يقال مثله في زيادة قوة الجسد وصحة البدن فانه قد يبعث على شرور وقد يتوسل به الى خيرات وهكذا كل ما اعطاه الله للعباد من المميزات والفضائل البدنية والمالية والرياسات والاولاد والاتباع كل ذلك لابد منه ولا يمكن محاولة ابطاله وصرف سنن البار التي يجراها على عباده والله تعالى قد كفى العباد مؤونة واضرار الثروة بما شرعه من الحقوق المالية الواجبة والمستحبة التي لو قام بها ارباب الاموال لكانوا من خير البرية اخلاقا واعمالا واشرفهم واعظمهم اعتبارا ولكن لما منع اكثر الخلق ما اوجبه الله عليهم سلط عليهم انواع الظلمة من ولاة ظالمين ومن فتاوى الجاهلين المتجرئين وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون واعلم ان الشبه التي تثار لنصر كل باطل اذا فرض صحة بعضها فانها نظريات ضئيلة جدا ونظر خاص قاصر حيث نظروا جزئيا وملاحظة جزئية وعموا عن الاصول التي تبنى عليها الاحكام ويعتبرها الشرع وتتولد عنها المصالح الكلية وتنغمر فيها المضار الجزئية وتوافق الشرعة والفطر وتدع الخليقة هادئة والاسباب قائمة والارتباط بين الناس قائما ولكل درجات مما عملوا وما ربك بغافل عما يعملون