المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الفائدة السادسة والثمانون حكم ادخال الحج الصحيح على عمرة فاسدة سئلت عن قول اصحابنا الحنابلة ان المتمتع اذا طاف لعمرته وسعى لها وتحلل منها ثم وطئ بعد هذا الحل ثم احرم بالحج وتممه ثم تبين له ان طوافه للعمرة قد كان بغير طهارة قالوا لم يصح حجه لانه ادخل حجا على عمرة فاسدة وادخال الحج على العمرة غير جائز ولا منعقد فهل هذا القول صحيح وما الذي تختارونه فيها الجواب وبالله التوفيق الذي نراه في هذه المسألة المهمة ان الحج صحيح حتى ولو حكمنا على العمرة بالفساد وعندنا في هذا الرأي عدة مآخذ المأخذ الاول في اصل المسألة وهو منع ادخال الحج على العمرة الفاسدة لانه لم يرد المنع من ذلك والقران الذي هو احد الانساك الثلاثة قد ثبت صحته اذا احرم بهما جميعا من الميقات كما ثبت ادخال الحج على العمرة الصحيحة فالفاسد كالصحيح المأخذ الثاني ان الوطأ في الحج انما يفسده اذا كان صاحبه غير معذور على الصحيح كما هو اختيار شيخ الاسلام وكما هو ظاهر العمومات الرافعة للحرج عن الخطأ والنسيان وهذا بلا شك جاهل بالحال والجهل بالحال كالجهل بالحكم سواء فاذا كان الصحيح ان الوطأ من الناس والجاهل في الحج لا يضر ولا يفسده فكيف بهذا الوطء الذي هو حل صحيح او حل بين العمرة والحج يعتقده صاحبه صحيحا فهذا من باب اولى واحرى المأخذ الثالث اختلف العلماء في صحة طواف المحدث على ثلاثة اقوال الصحة وعدمها والتفصيل بين ترك الطهارة عمدا فلا يصح طوافه وبين تركها جهلا او نسيانا فيصح كما قال به كثير من اهل العلم فعلى القولين قول من يقول بصحته مطلقا ومن يقول بصحته للمعذور الحكم ظاهر واضح انه وطئ بعد عمرة صحيحة تامة وعلى القول بعدم الصحة مطلقا نرجع الى المأخذين السابقين المأخذ الرابع ان نقول هب ان العمرة فاسدة بالوطء المذكور فلنخصها بالفساد ولا نعدي ذلك الى الحج وذلك ان الاصل ان اركان العمرة وواجباتها ومكملاتها متعلقات بها وحدها صحة وفسادا او نقصا وكمالا كما ان الحج كذلك وكلاهما نسك مستقل في ذاته ومستقل في افعاله واقواله وبينهما حل برزخ لا من هذا ولا من هذا والعبادات المستقلة الاصل ان كل عبادة لا تفسد بفساد الاخرى فادخال هذه المسألة في هذا العموم اولى من اخراجها بحجة ان العمرة والحج مرتبط بعضها ببعض فالارتباط انما هو في وجوب الاتيان بالحج للمتمتع الذي لم يحج او الذي فسخ عمرته الى الحج لا في افعالها بدليل استقلال كل منهما بما فيها من طواف وسعي ووقوف وحلاق وغيرها والله اعلم