المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الفائدة التاسعة والسبعون مناظرة مع بعض المتكلمين وقعت مناظرة بيني وبين رجل من الفضلاء ولكنه يميل الى مذهب المتكلمين المنحرفين الذين يقولون بان العقل يقدم على النصوص الشرعية اذا تعارضت وانه يجب تأويل النصوص حتى تتفق مع العقل في مسألة الاستواء والنزول الالهي ونحوها تبعا لاسلافه فقلت له حين اول بل حرف نصوص الشرع من جنس التحريفات التي يقولها المتكلمون من الجهمية ومن وافقهم من الاشعرية ولو في بعض الصفات الموجه اليه الخطاب في هذا المقام احد رجلين اما رجل لا يعترف بنبوة محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم وصدقه فهذا يتكلم معه في الاصل في اثبات نبوة محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم وبيان براهينها القوية الظاهرة الكثيرة فاعيذك بالله ان تكون هذا الرجل بل اعرف انك من اعظم من يكفره ولا يعتقد اسلامه والرجل الثاني من يعلم ان محمدا رسول الله حقا وانه صادق وما جاء به ثابت لا ريب فيه وانه اذا اخبرنا بشيء نجزم بثبوت ما اخبرنا به وانت لا شك تقول بهذا ومن قال بهذا فانه يمتنع عنده ان يجعل العقل مقدما على خبر الرسول الصحيح الثابت فايمانك بالرسول وتصديقك له في كل ما اخبر به يوجب عليك ان تقدم قوله وخبره على كل شيء عقل او غير عقل ثم اعلم يا اخي مع ذلك انه لا يمكن ان يوجد معقول صحيح مسلم به عند عقلاء الناس يعارض ما جاء به الرسول فمدلول كلام الرسول صدق في اخباره عدل في اوامره ونواهيه واذا اصررت ان العقل الذي تدعيه يناقض هذه النصوص فهذه دعوة يتمكن كل مبطل من قولها ولا تغني شيئا باتفاق الناس فان عقول اهل الحق المثبتين ما اثبت الله ورسوله كلها متفقة على معنى ما قاله الله ورسوله خاضعة لذلك مهتدية به قد ازدادت عقولهم قوة وهداية حين استنارت بالوحي فلا يرضى عاقل ان يقدم عليها اراء المتكلمين المتهافتة المتناقضة المبنية على الخيالات التوهمات فقال ليس عندي شك في صدق الرسول وثبوت خبره ولكني لا افهم من الاستواء الا من جنس استواء الملوك على عروشهم ولا من النزول الا نزول المخلوقين من اعلى الى اسفل والله تعالى منزه عن مشابهة المخلوقين فقلت له اننا لم نثبت استواء مثل استواء المخلوق ولا نزولا كنزوله وانما نثبت ما اثبته الله منها ومن غيرها على وجه يليق بعظمة الله ويناسب كماله مع اعتقادنا ان الله ليس كمثله شيء وانه منزه عن النقائص وعن مماثلة المخلوقين فعلينا ان ننتهي الى الكتاب والسنة ولا نتجاوز ذلك فالاستواء معلوم والكيف مجهول والنزول معلوم والكيف مجهول فسكت هذا المتأول وسكوته يدل على احد امرين اما رجوع الى الصواب واما عجز عن نصر باطله ولكنه تعصب ورضي بالبقاء عليه وهو الظاهر اذ لو رجع لصرح لمناظره بذلك واعلم ان التأويل الذي قبله اهل العلم هو الذي يقصد به بيان مراد المتكلم فان لم يكن كذلك كان من باب التحريف لا من باب التفسير وتأويلات اهل البدع لبدعهم هي من هذا الباب