المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الفائدة الرابعة والتسعون فائدة جليلة في مراتب الاحكام والتنقلات الفقهية وجمهور مسائل هذه الفائدة مبنية على السهولة والانتقال من اصل الى بدله ومن مسألة الى نظيرها فلنذكر من امثلتها ما يحضرنا مبتدئين في العبادات ثم في المعاملات فمنها الطهارة اوجب الله على المكلفين التطهر بالماء من الاحداث والاخباث فاذا تعذر استعماله بعدم او تضرر انتقل العبد من طهارة الماء الى طهارة التيمم بالتراب في الاحداث والى تخفيف النجاسات والبعد عنها ما امكنه الامر ومنها على وجه العموم على الانسان ان يقتصر على ما اباحه الله له مع القدرة على استعماله فاذا تعذر واضطر الى تناول المحرم فالضرورات تبيح المحظورات من الاواني والثياب المحرمة والاطعمة والاشربة والاستعمالات وغيرها لان الله تعالى لما حرم الميتة وما عطف عليها قال فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لاثم فان الله غفور رحيم وهي في الفقه مسائل لا تعد ولا تحصى ويشبه ذلك ان المكروهات اذا احتيج اليها زالت الكراهة لان الحاجة اكبر سبب للسهولة واليسر ولانها قد تتعارض مع واجب يتعين فعله او محرم يتعين تركه ولهذا قد يعرض من المصالح او من كف المفاسد للعمل المفضول ما يصيره مثل او افضل من العمل الفاضل والله اعلم ومنها وجوب تقديم الشروط على مشروطاتها فكل شرط لعبادة او تصرف او عقد او فسخ او تلف او اتلاف او غيرها لابد ان يتقدم على مشروطه فان لم يتقدم عليه مع القدرة لم يصح المشروط ويدخل في هذا ما لا يعد من المسائل الكبار والصغار وكذلك لابد من وجود الاسباب لتترتب عليها مسبباتها ومن هذا العبادات المشترط فيها الترتيب كالطهارة والصلاة ونحوها فاذا لم يحصل الترتيب وتقديم المقدم وتأخير المؤخر لم تصح تلك العبادة ومنها من كان على عضو من اعضاء طهارته جرح او كسر ونحوه وجب غسله بالماء فان ضر وجب مسحه او مسح الحائل الذي عليه يتيمم عنه ومنها من عليه حدث وعلى بدنه وثوبه نجاسة وعنده ماء لا يكفي الجميع قدم نجاسة الثوب لانه لا يتيمم عنه قولا واحدا ثم نجاسة البدن للخلاف في صحة التيمم عنها ثم استعمله للحدث ومنها المرأة المستحاضة يجب عليها ان تجلس عادتها ان كان لها عادة مضبوطة فان لم يكن جلست التمييز اذا كان بعضه اسود وبعضه احمر او بعضه منتن وبعضه غير منتن او بعضه ثخين وبعضه رقيق جلست الاسود او المنتن او الثخين فان لم يكن لها عادة ولا تمييز جلست غالب الحيض ستة ايام او سبعة لورود الاحاديث في هذه المراتب الثلاث ومنها الصغير يؤمر بالصلاة لسبع سنين ويضرب عليها لعشرا وكذلك بقية شروطها وكفه عن المفاسد ومنها يصلي المريض قائما فان عجز او شق عليه مشقة غير محتملة صلى قاعدا فان لم يمكن فعلى جنبه ويومئ برأسه بالركوع والسجود فان عجز صلى مستلقيا فان عجز برأسه اومأ بطرفه واستحضر الفعل بقلبه وكذلك القول ان عجز عن النطق وعند شيخ الاسلام اخر المراتب الايماء بالرأس والمذهب احوط واولى ومنها اذا كان عنده سترة لا تكفي للصلاة سترى العورة المغلظة وهي الفرجان فان لم يكفي الا احدهما فالدبر اولى لانه ينفرج في الركوع والسجود ومن الاقوال الضعيفة جدا قولهم الا اذا كفت كتفه وعجزه فقط فيكون مقدما على ستر الفرجين وتعليلهم بقوله لان المنكب لا بدل له عجيب وهل للقبل بدل والمنكب انما شرع ستره تكميلا مستحبا عند جمهور العلماء وتكميلا واجبا عند الامام احمد فكيف يقدم التكميلي على الضروري والله اعلم ومنها من اشتبهت عليه القبلة اذا اراد الصلاة فان امكنه اليقين والا صلى بالاجتهاد والنظر في ادلة القبلة فان تعذر ذلك قلد المجتهد كما في مسائل الافتاء وغيرها ومنها الامامة في الصلاة الاولى الجامع بين القراءة والعلم ثم الاقرأ ثم الادين ثم الاسن وقيل ايضا انه يقدم الاشرف وهو المشهور ولكن لا دليل عليه واولى المساجد الاكثر جماعة ثم الابعد ثم المسجد العتيق الا اذا ترتب في حضوره في المسجد المفضول مصلحة اخرى ومنها المقدم من الصلوات فروض الاعيان ثم فروض الكفاية ثم ما تسن له الجماعة ثم الرواتب والوتر ثم النوافل المطلقة واذا ضاق الوقت لزم تقديم الفرض على النفل وكذلك الصيام المقدم قضاء رمضان ثم الكفارات لوجوبها باصل الشرع ثم النذور لان المكلف هو الذي اوجبها على نفسه ولهذا قالوا لا يصح ان يصوم نفلا قبل اداء فرضه ومنها اذا تخلف الامام الراتب فان كان اذن لهم صلوا والا فان كان قريبا راسلوه فان بعد او شق عليهم الانتظار صلوا ومنها افضل الصفوف الصف الاول ثم الذي يليه ثم الذي يليه فان كان في صف واحد فالايمن افضل الا اذا كان في الايسر مصلحة لا تحصل بالايمن فقد يفضل على الايمن ومنها يقدم الى الامام مع عدم المرجح الظاهر الرجال اولو الاحلام والنهى ثم الامثل فالامثل ثم الصبيان ثم النساء وكذلك اذا صلي عليهم جميعا قدم الى الامام الرجال ثم الصبيان ثم النساء الافضل فالافضل واذا دفن جماعة في قبر واحد للضرورة قدم الى القبلة الفاضل من الموتى من الرجال ثم الصبيان ثم النساء ومنها اذا صلي في بلد جمعتان فاكثر لغير حاجة فالصحيحة ما اذن فيها الامام بقوله او مباشرته فان استويا فالسابقة بتكبيرة الاحرام هي الصحيحة والثانية باطلة فان اشكل ايهما السابق اعاد الجميع على المذهب وفيه قول قوي على انه وان كان لا يحل تعدد الجمعة لغير حاجة فالصلاة صحيحة من كل من الجمعات لان التبعة في هذا على من لهم الامر واما غيرهم فمعذورون وهب انهم غير معذورين فهذا النهي يعود الى امر خارج عن نفس العبادة وشرطها والله اعلم واولى الناس بغسل الميت والصلاة عليه وصيه في ذلك ثم الاقرب فالاقرب والحلي له مراتب ان كان للقنية ففيه زكاة النقدين ربع عشر وزنه وان كان للتجارة ففيه زكاة عروض وهي قيمته وافقت قيمته او زادت او نقصت وان كان للتأجير ففيه الزكاة زكاة وزنه وفعله وان كان للاستعمال او الاعارة فلا زكاة فيه ومنها اذا كان عنده مال يكفي لجميع من تجب عليه فطرتهم فانه يبدأ بنفسه فامرأته فرقيقه فامه فابيه فولده فالاقرب فالاقرب في الميراث وكذلك في باب النفقات على الزوجات والمماليك واقاربه المعسرين على هذا الترتيب الا انهم هناك قدموا الاب على الام وهنا اوجب الفطرة على من تبرع بمؤونة شخص شهر رمضان ولم يوجبوا نفقته والصواب عدم الوجوب على من تبرع بنفقته لان الفطرة تبع النفقة وجوبا واستحبابا وعلى المذهب الواجب في الفطرة وفي الكفارات كلها من الاصناف الخمسة البر والشعير والتمر والزبيب والاقط ثم ان تعذرت عدل الى قوت البلد من غيرها وعند الشيخ تقي الدين يجزئ كل قوت وجدت الاصناف الخمسة او عدمت وعلى المذهب لا تنقل الزكاة مسافة قصر فاكثر الا اذا لم يجد من يدفعها اليه وعلى الصحيح يجوز ذلك وهو ظاهر الادلة الشرعية ومنها كفارة الوطئ في نهار رمضان وكفارة الظهار عتق رقبة مؤمنة سليمة من العيوب المضرة بالعمل فان لم يجد فصيام شهرين متتابعين وتشاركها في هذين الامرين كفارة القتل فان لم يستطع فاطعام ستين مسكينا ومنها الافضل الفطر على رطب فان عدم فتمر فان عدم فماء ومنها يتأكد طلب ليلة القدر ليلة سبع وعشرين ثم في افراد العشر الاواخر ثم في بقيتها ومنها من عين بنذره غير المساجد الثلاثة لم يتعين وان عين احد الثلاثة فان عين الفاضل وهو المسجد الحرام تعين ولم يجز غيره وان عين المفضول وهو المسجد الاقصى جاز فيه وفي المسجدين وان عين المتوسط وهو مسجد المدينة جاز فيه وفي الفاضل لا في المفضول ومنها افضل الانساك التمتع فالافراد فالقران وقيل ان القران افضل من الافراد لما يحصل فيه من نسكين تامين وان من ساق الهدي افضل له القران من التمتع وهو الصحيح الذي اختاره شيخ الاسلام ومنها الهدي والفدية فعلى متمتع وقارن دم فان عدمه او ثمنه صام عشرة ايام ثلاثة في الحج وسبعة اذا رجع الى اهله وكذلك في ترك الواجب ومن وطأ في الحج قبل التحلل الاول فسد حجه وعليه بدنه فان لم يجد صام كذلك عشرة ايام ثلاثة في الحج وسبعة اذا رجع ويجب في فدية الاذى صيام ثلاثة ايام او اطعام ستة مساكين او سفك دم وفي جزاء الصيد المثل من النعم او تقويمه بمحل التلف ويشتري به طعاما يجزئ في الفطرة في طعم كل مسكين مد بر او نصف صاع من غيره او يصوم عن اطعام كل مسكين يوما ومنها الرهن اذا حل الدين وامتنع الراهن من الوفاء فان كان اذن في بيعه باعه المرتهن او من بيده الرهن ووفى الدين من ثمنه والا اجبره الحاكم على الوفاء من اي جهة او بيع الرهن فان اصر على الامتناع باعه الحاكم ووفى الدين ومنها من كان بيده حيوان امانة لغيره فان كان رهنا محلوبا او مركوبا انفق عليه من هو بيده بقدر ركوبه ولبنه متحريا للعدل ولو لم يستأذن صاحبه لاذن الشارع فيه وان كان غير ذلك فان كان صاحبه حاضرا وقد اذن له ان ينفق انفق عليه ورجع بنفقته على صاحبه وان لم يكن حاضرا ولا اذن في ذلك انفق عليها ولو لم يستأذن الحاكم ورجع بالنفقة لان استئمانه اياها اذن بحفظها وحفظها لا يتأتى الا بالانفاق ومنها من حصل غصن شجرته في هواء غيره او قراره ولم يرضى الجار امر بازالته فان ابى لواه الجار ان امكن بلا قطع والا فله قطعه ولا ضمان عليه واختار بعض اهل العلم في هذه الاشياء ان الجار لا يلزم جاره ازالته اذا لم يكن عليه ضرر قال وهو اولى من الزامه بالتسقيف على جدار جاره نعم لو كان على الجار ضرر فالضرر لا يزال بالضرر ومنها من طولب بدين عليه فان كان معسرا امر صاحب الدين بانظاره وجوبا الى الميسرة وان كان موسرا بحقه او بعضه امر والزم بوفائه فان ابى حبس او عسر فان اصر مع ذلك ولم يبع ما له باعه الحاكم ووفى دينه هذا اذا كان الدين حالا واما المؤجل فلا يطالب به ولا يحجر عليه قبل حلوله ومنها من عنده وديعة واراد سفرا ردها الى صاحبها فان غاب حملها معه ان كان احرز والا اودعها ثقة والظاهر انه يبقيها عنده لدلالة العرف على ذلك ومنها اذا اجتمع عاصبان فاكثر قدم منهم الاقرب جهة ثم ان كانوا في جهة واحدة الاقرب منزلة فان كانوا في منزلة واحدة قدم الاقوى وهو الشقيق ثمان استووا من كل وجه اشتركوا ومنها من نشذت امرأته وتركت الواجب عليها في حقه وعظها اولا وخوفها ورغبها ورهبها فان اصرت هجرها في المضجع فان اصرت ضربها ضربا غير مبرح ويمنع من ذلك ان كان مانعا لحقها الواجب لها عليه