المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الفائدة الحادية والتسعون فتوى في وصايا اهل نجد في الاضاحي وصايا اهل نجد كثير منها او اكثرها يصرف فعلها في ضحايا كل عام يعينها الموصون لمن يكون ثوابها من شخص او اشخاص وقد تغير الوقت بغلاء الاضاحي فصار كثير منهم يجمعون الريع السنتين والثلاث والسنين الكثيرة حتى تستكمل الاضاحي على حسب عوائد او فتاوى يتلقاها بعضهم من بعض وكنت افتي ان الوصايا كلها يجب تنفيذها كل عام سواء كفت او لم تكفي المقدر الذي كان يظن ان تبلغه فمن عنده مثلا وصيتان او ثلاث وقد عين فيها اضاحي وكل واحدة لا تكفي ولكنها اذا جمعت كفت تعين جمعها في ضحية واحدة تنوى عن جميع المشتركين فيها وكذلك لو كانت وصية واحدة فيها عدة اضاحي لا تكفيها كلها او لم يكن فيها ترتيب فانه يشتري واحدة او اكثر وتنوى عن جميع المعينين في ثوابها وكذلك لو كان عند الانسان وصية واحدة لا تكفي واراد ان يتصدق على صاحبها بتكميلها من عنده او يجعل معها لنفسه دراهم حتى تكفي وينويها عن نفسه وعن صاحب الوصية فكل ذلك جائز بل واجب تنفيذ الوصايا بحسب الامكان وسواء تفاوت الدراهم فعلها او تساوت وقد كتبت في هذه المسائل سابقا رسالة ولهذا القول مآخذ عديدة مبنية على اصول الشريعة وعلى اصول مذهب الامام احمد وعلى مقاصد الموصين والفاظهم وهي كثيرة جدا منها انه لا يوجد ما يمنع ذلك من نص الشارع ولا من نصوص اصحاب الامام احمد فاذا لم يكن في المنع نص فمنع ذلك وحرمان اهل الوصايا من وصاياهم كل عام عين الضرر والفساد الثاني ان نصوص الشرع ونصوص المذهب وكلام الاصحاب تدل على وجوب تنفيذ الوصايا الصحيحة بوقتها وعدم تعطيلها او تأخيرها قال تعالى فاتقوا الله ما استطعتم وصح عنه صلى الله عليه وعلى اله وسلم انه قال اذا امرتكم بامر فاتوا منه ما استطعتم ومن المعلوم ان تنفيذ الوصايا من التقوى ومما امر به الشارع فيتعين تنفيذها ولا يحل تأخيرها عن وقتها او تعطيلها وقد ذكر صلى الله عليه وعلى اله وسلم من بر الوالدين بعد موتهما انفاذ عهدهما ومن انفاذ عهدهما انفاذ الوصايا التي يوصون بها كل عام بحسب الامكان واذا لم يقدر على الجميع وجب منه المقدور والمستطاع والنصوص في هذا المعنى كثيرة وكذلك نصوص الاصحاب رحمهم الله فانه من الصوف الكتب المختصرات والمطولات على وجوب تنفيذ الوصايا وعلى وجوب العمل بنصوص الواقفين من الموصين الموافقة لامر الله وشريعته وان ذلك بحسب الامكان والموصون يقولون في وصاياهم قادم فيه كل عام كذا وكذا قادم في مغله كل عام كذا وكذا ضحية وكذا وكذا تمر صدقة او للصوام كذا وكذا بر او دراهم او نحو ذلك فكما انه اذا حصل المغل ولم يكفي مقدار التمر او البر او الدراهم المقدرة وجبة في ذو الموجود فكذلك الاضاحي واي فرق بينها وبين التمر والبر والدراهم ونحوها فهذه المسائل المذكورة كلها داخلة في نصوص الشارع ونصوص العلماء ومقاصد الموقفين والفاظهم ولهذا اقول المأخذ الثالث ان الموصين في الفاظهم وعباراتهم وفي نياتهم ومقاصدهم كلها متفقة على ان تنفذ وصاياهم كل عام يقولون قادم فيه كل عام كذا وكذا ضحية كما يقولون قادم فيه كل عام كذا وكذا تمر او بر او نحوهما ويقدرون في الغالب ما يظنون الريع يكفي فيه وقد يختلف الوقت فيقصر الريع فننظر الى الفاظهم ومقاصدهم الصريحة الصحيحة وننفذها كل عام بحسب الامكان وبقدر المستطاع المأخذ الرابع ان وصايا الناس يقصد بها ان يتولاها المستحقون بحسب البطون وان يكون ريعها يرتفقون فيه ما داموا مستحقين ولكنهم عينوه بتمر او بر او ضحايا او غيرها فكونها تنفذ كل عام هو السبيل الوحيد الى وصولها لمستحقيها والا يتأخر تأخرا كثيرا فانها اذا نفذت كل عام وصلت يقينا الى مستحقيها من اهل الوقف وانتفعوا بها وارتفقوا بها بحسبها فاذا كانت قليلة وجمعت السنين العديدة فربما اذا اجتمعت صادفت بطنا حادثا غير البطن السابق وربما مع قلتها وتأخير تنفيذها حتى تجتمع ان يتعذر او يتعسر استخراجها او نفوذها فمن جمعها لعسرته او مماطلته او موته او لغير ذلك من الاسباب فلا طريق الى السلامة من هذه المفاسد المشاهدة الا بتنفيذها كل عام بحسب المستطاع ويؤيد هذا المأخذ الخامس ان الموتى يتشوفون كل عام الى ما يحصل لهم من صدقاتهم ووصاياهم بعد موتهم فهم كالغريق الذي ينتظر ما يغيثه وما ينفعه وحاجتهم ماسة ضرورية لا تحتمل التأخير بكون وصاياهم تجري عليهم كل عام كما نصوا وكما قصدوا وكما هو مقتضى احوالهم هو الواجب على من يريد نفعهم وبرهم ورحمتهم وكما انهم اذا عينوا من ريعها كل عام مقدارا معينا من تمر او بر او دراهم ولم يحصل ذلك المقدار بل حصل ما دونه ينفذ الموجود ولا ينتظر ويتأخر الى المفقود فكذلك في الاضاحي من غير فرق فمتى فرق بين الاضاحي وغيرها فعليه الدليل وانى له ذلك فان الشارع لا يفرق بين المتماثلات كما لا يجمع بين المختلفات المتباينات في احكام المأخذ السادس ان الاصحاب رحمهم الله نصوا على ان الدراهم التي تعينت للاضاحي انها اذا كفت واحدة وزاد منها زيادة او صارت لا تكفي وحدها انه يشترى بها لحم يتصدق به تحصيلا للمقصود بحسب الامكان فالمشاركة فيها وكونها بسفك دمها عن جميع المشترك اولى من شراء اللحم وهذا ظاهر بين ولله الحمد السابع ان الاصحاب ايضا نصوا على ان الوصايا اذا لم يمكن انفاذها كلها ان اهلها يتحاصون عليها كل على حسب ما قدر له ويدخل في هذه المقدرات من التمر والبر والدراهم والاضاحي وغيرها كما يدخل فيها المتفرعات من صدقات على فقراء ومساكين ومن اعطاء اقارب ومن جهات بر كالمساجد والمدارس وغيرها فالوصايا التي لا تكفي سواء كانت وصايا يفرغ منها دفعة واحدة بعد موت الموصي او وصايا مغل عقارات ونحوها كوصايا اهل نجد فان مغلها قائم مقام اصلها يحكم فيه ما يحكم في الجميع اذا كان صاحبه يريد تنفيذه دفعة واحدة وهذه المآخذ لو بسطت لزادت على ما ذكرنا والمسألة اوضح من ان يشتبه الانسان فيها ولكن جريان العادة على امر من الامور المنتقدة يحتاج الانسان الى ازالتها بزيادة توضيح واقامة ادلة وتنبيه كلام العلماء المعتبرين فيها والله اعلم واحكم