المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله كتاب القضاء من قال كل هدية على فعل قربة او دفع شر لا يحل قبولها على مقتضى منصوص احمد فهل هو وجيه جيم اما اطلاق هذه العبارة وتعميمها فعندي فيه اشكال وفي النفس منه شيء. الا انه يوجد في الشرع مسائل تدخل فيها كمن اهدي اليه ليكف شره. ولولا الهدية لمن كف شره فانه يجب عليه كف شره اهدي له ام لا واذا اعطي على هذا الوجه فهو حرام عليه. وكذلك هدايا العمال غلول. وكذلك هدية من يشفع له شفاعة حسنة. لا يحل قبولها وامثال ذلك. ويوجد ايضا مسائل اخر لا يحرم قبول الهدية فيها. كمن احسن الى غيره احسانا متقربا به الى الله فانه اذا كافأه على ذلك فلا بأس. بل هو مأمور بالمكافأة. وكذلك من اهدي له هدية لاجل تقربه الى الله بقيامه بعبادة من العبادات القاصرة والمتعدية. ويوجد صور متعددة من هذا النوع. فعلم ان هذا الاطلاق ففيه نظر والله اعلم سين من توسط لغيره او شفع له في امر من الامور الدينية او الدنيوية كالوظائف والعطايا ونحوها فما حكمه؟ جيم حكم ذلك تابع للامر المتوسط فيه. ان كان مأمورا به بان كان المتوسط له مستحقا لتلك الوظيفة او ذلك العطاء قصة محمود بل قد يكون واجبا وان كان المتوسط فيه منهيا عنه بان كان المشفوع له لا يستحق العطاء او لا يستحق الولاية او غيره خير منه وانفع كان التوسط مذموما غشا لله ورسوله لان ذلك معصية وغش للمتوسط عنه لانه يجب عليه ان ينصح له فيمن يولي او يعطي ومن هو الاولى والانفع وغش ايضا لمن توسط له لكونه اعانه على ما هو منهي عنه. وكل هذا داخل في قوله تعالى من يشفع ساعة حسنتي يكن له نصيب منها. ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها والله اعلم باب طريق الحكم وصفته. سين اذا تساب الخصمان امام القاضي فهل عليهما تعزير جيم اما تساب الخصمين بين يدي القاضي فان كان متعلقا بنفس الدعوة وهو السب الذي مضمونه تكذيب كل واحد منهما للاخر وتفجير بالكذب فان كل واحد يدعي ظلم الاخر والسب المذكور يتعلق بدعواه واعتقاده. هو يرى انه مصيب فيه. والحاكم في هذه الحال انما ينظر في قضيتهما ويقطع النظر عما تعلق بهما من سب احدهما الاخر بما يتعلق بنفس الدعوة. وعلى هذا النوع فينطبق كلام الخطابي على الحديث الذي ذكرت. واما لو سبه سبا لا يتعلق بالدعوة فهذا يجب تعذيره كما لو وجد بدون دعوة فليست الدعوة مما تسقط حق الاخر. لان الكلام الصادر من الساب اجنبي عن الدعوة. وانما عليه مغاضبة الخصم وليس ذلك عذرا والله اعلم باب اداب القاضي سين. هل تجوز محاباة الموظف من اجل وظيفته؟ جيم لا بأس بذلك الا اذا كان غرض وحاب التوسل بذلك الى امر لا يجوز. والا ليس في ذلك محذور باب القسمة سين. اذا اشترك جماعة في ناقة وطلب بعضهم بيعها فمن نأخذ بقوله؟ جيم اذا لم يتفقوا كان القول قول من يريد بيعها ولو انهم القليل فيبيعونها اما على شركاء او على اخرين سين. هل تجوز قسمة الثمار خرسا واذا كان سهم فيه زيادة فماذا يؤخذ عنها جيم؟ نعم تجوز قسمة الثمار من النخل وغيره خرسا. القسمة تميم تمييز للحقوق وافراز لها لا بيع. واذا حصل في احد السهام زيادة على الاخر فان شاءوا نظروا الزائدة مثل نخلتين او ثلاث او اكثر وقسموها على القسمة الاصلية. وان شاءوا باعوا حقوقهم منها على الذي عنده الزيادة بدراهم ونحوها. وان شاء ابقوا ما زاد على حدته ثم يقسمونه بعد جذه بالميزان واما اخذ بدل الزيادة تمرا في الميزان بان يكون مثلا لزيد عند عمرو زيادة نخلة تخرس بثلاثين وزنة فيعطيه عنها ثلاثين موزونة فلا ينبغي ذلك خوفا ان يكون داخلا في بيع التمر بالتمر والله اعلم سين اذا كان العقار بعضه وقف وبعضه طلق وهو لا ينقسم الا بضرر هل يجوز بيعه؟ جيم اذا نظرنا الى عموم كلام الاصحاب ان الوقف لا يجوز بيعه الا ان تعطلت منافعه كانت هذه الصورة المسؤول عنها داخلة في العموم. وانه لا يجوز بيعه. لكن في هذه الحال صاحب الملك اذا منع عن بيعه تضرر ضررا كبيرا. وان بقيت الحال على ما هي عليه صارت حالته حالة اهل الوقف. فيكون بمنزلة الممنوع من التصرف في الرق وهذا لا نظير له في الاملاك. واذا قسمنا له تضرر الوقف والملك. فالاولى جواز البيع دفعا للضرر وتنزيله على كلام الاصحاب من قولهم في الوقف الذي اعتراه خراب يجوز بيع بعضه لاصلاح باقيه اذا كان عينا واحدة ولم تنقص القيمة بالتشقيص فان نقصت جاز بيعه جميعه. فهنا اجازوا بيع الجميع مع امكان ان يباع بعضه لتعمير باقيه. فالمسألة المسئول عنها مثل هذه هو ان بيع الملك وحده فيه ضرر هو ان بيع الملك وحده فيه ضرر بالتشخيص اذا لم يبع معه الوقف. ولا فرق بين المسألتين والله اعلم باب الدعاوى والبينات سين عن قوله صلى الله عليه وسلم البينة على المدعي واليمين على من انكر جيم قوله صلى الله عليه وسلم البينة على المدعي واليمين على من انكر يا له من كلام ما ابلغه واجمعه لجميع الوقائع الواقعة بين الناس في الحقوق والاموال والديون عند الاختلاف والتنازع وعند الاشكالات فهذا اصل تنطبق عليه جميع هذه المشكلات. فحكم صلى الله عليه وسلم ان البينة على المدعي شيئا من ذلك. واليمين على من انكر تلك الدعوة ويدخل في هذا امور. احدها من ادعى حقا على غيره دما او مالا او غيرهما وانكر المدعى عليه الثاني من ثبت عليه حق من الحقوق ثم ادعى براءة ذمته بقضاء او ابراء او غيرهما وانكر صاحب الحق الثالث من ثبت له اليد على شيء من الاشياء. وادعى اخر انه له وانكر صاحب اليد الرابع من كان الشيء تحت يده على وجه الامانة وادعى تلفا او تصرفا وانكر من له المال وذلك الوكيل والوصي يناظر الوقف وولي اليتيم. وكذلك الشريك في المضاربة والعلان وشركة الوجوه ونحوها. وانكر الاخر التلف او التصرف الخامس الغارم اذا ثبت عليه غرم متلف او مبيع او غيره واختلف مع صاحب الحق في مقدار ما يغرم فالقول قوله. السادس من يتصرف لنفسه ولغيره او اشترى شيئا او استأجره وقال انه لنفسه وقال الاخر انه تبع للمال الذي معه لي فالقول قول المتصرف السابع اذا اتفقا على عقد من العقود وانه صدر وقال احدهما ان العقد مختل لفقد شرط من شروطه او ركن من اركانه او وجد مانع وانكر الاخر. فالقول قول مدعي السلامة الثامن او شرط صفة او اجلا او خيارا او رهنا ونحوها وانكر الاخر فالقول قول المنكر. التاسع من ادعى فسقى اقدم من العقود من بيع او ايجارة او رهن او نكاح او غيرها وانكر الاخر فالقول قول المنكر العاشر من ادعى زيادة او نقصانا في امر اتفقا عليه. وادعى الاخر خلافه. فالقول قول من ادعى عدم الزيادة او عدم النقصان الحادي عشر من ثبت عليه مال بعدة اسباب يتفاوت حكمها. فقضى المدين البعض او ابرأ من له الحق من البعض واختلف بعد ذلك فالقول قول القاضي والمبرئ الثاني عشر من ادى عن غيره واجبا بنية الرجوع. رجع والا فلا. فاذا اختلفا فالقول قول المؤدي نوى الرجوع ام لا الثالث عشر مسائل الاقرار بالمجملات عند الاختلاف. القول فيها قول المقر. الرابع عشر جميع الاختلافات الواقعة بين الناس اذا كان مع احدهما اصل فالقول قوله وفي جميع هذه الصور من كان القول قوله اذا لم يقم الاخر بينة فانه يحلف ويبرأ الخامس عشر الجعلات والمعلومات التي تجعل على من قام بعمل من الاعمال اذا وقع الخلاف فيها فالقول قول الجاعر وكل من قلنا القول قوله فشرط ذلك الا يخالف الحس ويخرج عن العادة خروجا يكذبه الواقع. فحينئذ يسقط قوله ويرجع في ذلك الى قول اهل الخبرة والعرف السادس عشر مسائل الكنايات في العتق والطلاق ونحوهما التي يرجع فيها الى نية المتكلم اذا اختلف مع غيره في بارادة شيء من ذلك فالقول قول المتكلم نوى او لم ينوي السابع عشر قول المرأة مقبول في الحيض والحمل وجودا وعدم. وعند الاختلاف مع عدم البينة يقبل قولها سين اذا وقع الاختلاف بين اثنين في الحقوق المالية فمن نقدم جيم اذا وقع الاختلاف بين اثنين فاكثر في الحقوق المالية. ولم يكن لاحدهما بينة يقدم بها قوله قدم قول من معه الاصل منهما لانه منكر والاخر مدع والبينة على المدعي. واليمين على من انكر. فان كان احدهم ما امينا على الاخر قد ائتمنه بوكالة او ائتمنه عليه الشارع بولاية واختلف قدم قول الامين. لان فائدة الائتمان وقد تكون القرائن وشواهد الحال يحصل بها التقديم لمن هي معه. والحاصل انه يقدم قول من معه مرجح ظاهر من بينة او اصل او قرينة او امانة او غيرها. وعند تتبع هذه الضوابط في كلام الفقهاء يظهر عظيم فائدتها والله اعلم سين. ما معنى قولنا الاصل بقاء ما في الذمم حتى يجزم بزواله. جيم اذا كان لزيد على عمرو طلب دراهم او طعام او غيرهما فالاصل انه باق. فلو تخالفا فقال عمرو وفيتك حقك. وقال زيد ما وصلني شيء فالقول قول زيد الا اذا اتى عمرو ببينة انه اعطاه الذي بذمته له. والله اعلم سين اذا وجد ضالته بيد انسان وحكم له بها فطلبها من هي بيده بالقيمة ليتمكن من ردها على من صدرت عنه فابى من حكم له بها فهل يجبر على ذلك؟ جيم. الاصل انه لا يجبر على ابقائها عند من عرف عنده بالقيمة وايضا الفقهاء اطلقوا الكلام ان له اخذها ولم يستثنوا حالة من الاحوال اما ان يوافقه من ثبتت العين له على الاخذ بالقيمة او يبقيها بيده مدة يتمكن فيها عرفا من اقامة البينة. ليسترجع ما بذله من الثمن ويقال ان هذا الذي عرفت عنده ليس بغاصب. لان الغاصب لا ينظر الى مضرته في وجوب ترجيعه العين. وانما هو مغرور وقد كانت ايضا سببا لوصولها الى ربها. فلا يضر وقت اخذها منه فلا ضرر ولا اضرار وايضا فهو شبيه بالمستنقذ لمال غيره من الهلاك. فاقل ما له ان ينفى عنه الضرر. الاصحاب نصوا على مسائل غيرة في ابقاء العين عند غير صاحبها حتى يزول ضرره. فنص ايضا على مسائل كثيرة في الاجبار على البيع لازالة في ضرر الشريك لسبب من الاسباب فهذه المسألة لا يبعد ان تكون من هذا النوع هذا الذي نرى في هذه المسألة والله اعلم سين اذا رعى له ابلا او نحوها مدة سنة ثم مات صاحب الماشية. فادعى الراعي انه لم يسلم له الاجرة فهل يقبل قوله جيم هذا ينظر في حاله ان كانت العادة جارية ان يسلم له كل وقت بوقته فلا تقبل دعوى الراعي. وان كانت العادة ليست جارية على ذلك الاصل ان الاجرة باقية في ذمة صاحب الماشية. فيحلف الراعي ان اجرته ما وصلته. ويعطى اجرته من تركته باب اليمين في الدعاوى سين قولهم الايمان على البت لا على نفي فعل الغير نفي العلم هل هو وجيه جيم. وبالله التوفيق واطلاق هذه العبارة وادخال بعض الفروع فيها فيه نظر. فان القول الصحيح الذي لا شك فيه ان الامور محلوفة عليها نوعان نوع يحيط به الحالف ويعرفه تماما. كحالفه على افعال نفسه التي قد عرفها. او على افعال غيره التي حضرها واحاط علمه بها فهذا يتعين حلفه على البت لان عنده علم ثبوتها ونفيها. فحلفه على نفي العلم لا معنى له. ولا يحصل به المقصود. واما النوع الثاني وهي افعال الغير التي لم يحضرها او الدعوة التي ادعيت عليه ونفى اسبابها فله الحلف على نفي العلم بصحة دعوى المدعي لانه لو حلف على البت في مثل هذه الاشياء التي لم يحط علمه بها او لم يصل علمه اليها علمنا انه قائل ما لا علم له به وحالف على ما لم يتيقنه. والادلة الشرعية تمنع ذلك فهذا القسم الذي ذكرناه هو الذي يتعين القول به وهو قول في المذهب واحمد رحمه الله لما نص على بعض فروع هذا الاصل استشهد بقوله صلى الله عليه وسلم لا تضطروا الناس بايمانهم ان يحلفوا على ما لا يعلمون. نقله في الانصاف عن الزركشي