المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله ثلاثة وعشرون ومن رسالة الفرقان بين الحق والباطل واحد وعشرون وثلاثمائة. فمن الفرقان ما نعت الله به رسوله صلى الله عليه وسلم في قوله ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم باياتنا يؤمنون. الذين يتبعون الرسول نبيا الامي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والانجيل يأمرهن بالمعروف وينهاهم عن المنكر. ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم اصرهم والاغلال التي كانت عليهم فالذين امنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي انزل معه اولئك اولئك هم المفلحون. ففرق بين المعروف والمنكر. امر بهذا ونهى عن هذا. وبين الطيب والخبيث اذ احل هذا وحرم هذا ومن الفرقان انه فرق بين اهل الحق المهتدين المؤمنين المصلحين اهل الحسنات وبين اهل الباطل الكفار الضالين المفسدين اهل السيئات. ثم ذكر الايات في ذلك فهو سبحانه بين الفرق بين اشخاص اهل الطاعة لله والرسول. والمعصية لله اهي الرسول كما بين الفرق بينما امر به وما نهى عنه واعظم من ذلك انه بين الفرق بين الخالق والمخلوق. وان المخلوق لا يجوز ان بين الخالق والمخلوق في شيء فيجعل المخلوق ندا للخالق. قال تعالى ومن الناس من يتخذ من دون دون الله اندادا. قال سبحانه هل تعلم له سميا؟ وقال ولم يكن له كفوا احد. وقال سبحانه ليس كمثله شيء. وضرب الامثال في القرآن على من لم يفرق. بل عدل ربه وسوى بينه وبين خلقه فهو سبحانه الخالق العليم الحق الحي الذي لا يموت. ومن سواه لا يخلق شيئا. وذكر الايات في هذا المعنى اثنتان وعشرون وثلاثمائة. فمن عدل بالله شيئا من خصائصه فهو مشرك بخلاف من لا يعدل به ولكنه يذنب مع اعترافه بان الله ربه وحده وخضوعه له خوفا من عقوبة الذنب فهذا يفرق بينه وبين من لا يعترف بتحريم ذلك. وهو سبحانه ما يفرق بين الامور المختلفة فانه يجمع ويسوي بين الامور المتماثلة فيحكم في الشيء خلقا وامرا بحكم مثله لا يفرق بين متماثلين ولا يسوي بين شيئين غير متماثلين بل ان كانا مختلفين متضادين لم يسوي بينهما ثلاثة وعشرون وثلاثمائة وقد بين تعالى ان السنة لا تتبدل ولا تتحول في غير موضع. والسنة هي العادة التي تتضمن ان يفعل بالثاني مثلما فعل بنظيره الاول ولهذا امر تعالى بالاعتبار والاعتبار ان يقرن الشيء بمثله في علم ان حكمه حكم مثله. وقال لقد كان في قصص بهم عبرة لاولي الالباب. افاد ان من عمل مثل اعمالهم جزي مثل جزائهم. ليحذر ان يعمل مثل اعمال الكفار وليرغب في ان يعمل مثل اعمال المؤمنين اتباع الانبياء. اربعة وعشرون وثلاثمائة. ومما ينبغي ان يعلم ان القرآن والحديث اذا عرف تفسيره من جهة النبي صلى الله عليه وسلم لم يحتج في ذلك الى الاستدلال باقوال اهل اللغة. ولهذا قال الفقهاء الاسماء ثلاثة انواع نوع يعرف حده بالشرع كالصلاة والزكاة ونوع يعرف حده باللغة كالشمس والقمر ونوع يعرف حده بالعرف كلفظ القبض ولفظ المعروف في قوله وكان من اعظم ما انعم الله به عليهم اعتصامهم بالكتاب والسنة فكان من الاصول المتفق عليها بين الصحابة والتابعين لهم باحسان انه لا يقبل من احد قط ان يعارض القرآن لا برأيه ولا ذوقه ولا معقوله ولا قياسه ولا وجده فانه ثبت عندهم بالبراهين القطعيات والايات البينات ان الرسول جاء هدى ودين الحق وان القرآن يهدي للتي هي اقوم. خمسة وعشرون وثلاثمائة. فعلى كل مؤمن الا يتكلم في شيء من الدين الا تبعا لما جاء به الرسول لا يتقدم بين يديه بل ينظر ما قال فيكون قوله تبعا لقوله وعمله تبعا لامره فهكذا كان ومن سلك سبيلهم من التابعين لهم باحسان وائمة المسلمين. لهذا لم يكن فيهم من يعارض النصوص بمعقوله ولا يؤسس دينا غير ما جاء الرسول واذا اراد معرفة شيء من الدين والكلام فيه نظر فيما قاله الله والرسول فمنه يتعلم ومنه يتكلم وفيه ينظر تفكر وبه يستدل. فهذا اصل اهل السنة وهذا هو الفرقان بين اهل الايمان والسنة واهل النفاق والبدعة. فانهم يخالفون هذا الاصل كل المخالفة ستة وعشرون وثلاثمائة. فلما طال الزمان خفي على كثير من الناس ما كان ظاهرا لهم. فدق على كثير من الناس ما كان جليا لهم فكثر من المتأخرين مخالفة الكتاب والسنة ما لم يكن مثل هذا في السلف وان كانوا مع هذا مجتهدين معذورين يغفر الله لهم خطاياهم ويثيبهم على اجتهادهم. وقد يكون لهم من الحسنات ما يكون للعامل منهم اجر خمسين رجلا يعملون في ذلك الزمان لانهم يجدون من يعينهم على ذلك وهؤلاء المتأخرون لم يجدوا من يعينهم على ذلك. لكن تضعيف الاجر في امور لم يضعف للصحابة لا يلزم ان يكونوا افضل من الصحابة ولا يكون فاضلهم كفاضل الصحابة. فان الذي سبق اليه الصحابة من الايمان والجهاد ومعاداة اهل الارض في موالاة الرسول وطاعته فيما يخبر به ويوجبه قبل ان تنتشر دعوته وتظهر كلمته وتكثر اعوانه وانصاره وتنتشر دلائل نبوته بل مع قلة المؤمنين وكثرة الكافرين والمنافقين. وانفاق المؤمنين اموالهم في سبيل الله ابتغاء وجهه في مثل تلك الحال. امر ما بقي يحصل مثله لاحد سبعة وعشرون وثلاثمائة. جمهور مسائل الفقه التي يحتاج الناس اليها ويفتون بها ثابتة بالنص او الاجماع وانما يقع الظن والنزاع في قليل مما يحتاج اليه وهذا موجود في سائر العلوم. ثمانية وعشرون وثلاثمائة. العلم ما جاء به الدليل والنافع منه ما جاء به الرسول. وقد يكون علم من غير الرسول لكن في امور دنيوية مثل الطب والحساب والفلاحة والتجارة فالامور الالهية فهذه العلوم فيها ما اخذ عن الرسول. فالرسول اعلم الخلق بها وارغبهم في تعريف الخلق بها. واقدرهم على بيانها وتعريفها فهو فوق كل احد في العلم والقدرة والارادة. وهذه الثلاثة بها يتم المقصود وغير الرسول لا يقاربه في شيء من ذلك. وبيان على وجهين تارة يبين الادلة العقلية الدالة عليها والقرآن مملوء من ذلك. وتارة يخبر بها خبرا مجردا. تسعة وعشرون وثلاثمائة. ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة. والكلمة الطيبة هي عقيدة جازمة وقضية جامعة فاصل اصول الايمان ثابت في قلب المؤمن كثبات اصل الشجرة الطيبة وفرعها في السماء اليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه. فالمؤمن عنده يقين وطمأنينة والايمان في قلبه ثابت مستقر وهو في نفسه ثابت على الايمان لا يتحول عنه ثلاثون وثلاثة مئة. والله تعالى قد ذكر قوله وما قدروا الله حقا وقدره في ثلاثة مواضع من كتابه سورة الانعام اية احدى وتسعين وسورة الحج اية اربعة وسبعين وسورة الزمر اية سبعة وستين ليثبت عظمته في نفسه وما يستحقه من الصفات. وليثبت وحدانيته وانه لا يستحق العبادة الا هو. وليثبت ما انزله هو على رسله فعلى المؤمن ان يقدره حق قدره كما يتقيه حق تقاته. ويجاهد في الله حق جهاده. واحد وثلاثون وثلاثمائة. ومن اصر على فعل البدع وتحسينها فانه ينبغي ان يعزر تعزيرا يردعه وامثاله عن مثل ذلك. ومن نسب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الباطل خطأ فانه يعرف فان لم ينتهي عوقب ولم يحل لاحد ان يتكلم في الدين بلا علم ولا يعين من تكلم في الدين بلا علم او ادب ادخل في الدين ما ليس منه