المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله سبعة وثلاثون. ومن الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح سبعة وسبعون وخمسمائة. معلوم بالضرورة ان محمدا صلى الله عليه وسلم ام هو نفسه دعا اهل الكتاب من اليهود والنصارى الى الايمان به وبما جاء به كما دعا من لا كتاب لهم من العرب وسائر الامم وهو الذي اخبر عن الله بكفر من لم يؤمن من اهل الكتاب وغيرهم. وبانهم يصلون جهنم وساءت مصيرا. وهو الذي امر بجهادهم ودعائهم بنفسه ونوابه. فمن قال غير ذلك فهو مبطل كذاب. ثمانية وسبعون وخمسمائة. ومن المعلوم ان القتال انما شرع للضرورة ولو ان الناس امنوا بالبرهان والايات لما احتيج الى القتال. فبيان الاسلام واياته واجب مطلقا وجوبا اصليا. واما الجهاد مشروع للضرورة واذا وجب علينا جهاد الكفار بالسيف ابتداء ودفعا فلان يجب علينا بيان الاسلام واعلامه ابتداء ودفعا من يطعن فيه بطريق الاولى تسعة وسبعون وخمسمائة ومعجزاته صلى الله عليه وسلم تزيد على الف معجزة مثل انشقاق القمر وغيره من الايات ومثل القرآن المعجز ومثل اخبار اهل الكتاب قبله وبشارة الانبياء به. ومثل اخبار الكهان والهواتف به. ومثل قصة الفيل التي جعلها الله اية في عام مولده من العجائب الدالة على نبوته ومثل امتلاء السماء ورميها بالشهب التي ترجم بها الشياطين بخلاف ما كانت العادة عليه قبل مبعثه وبعد مبعثه. ومثل اخباره بالغيوب التي لا يعلمها احد الا بتعليم الله من غير ان يعلمه اياها فاخبرهم بالماضي مثل قصص الانبياء مع قومهم وبالمستقبلات. وكان قومه يعلمون انه لم يتعلم من اهل الكتاب ولا غيرهم. ولم يكن بمكة احد من علماء اهل الكتاب ممن يتعلم هو منه. بل ولا كان يجتمع باحد منهم يعرف اللسان العربي. ولا كان هو يحسن لسانا غير العربي ولا كان يكتب كتابا ولا يقرأ كتابا مكتوبا ولا سافر قبل نبوته الا سفرتين صفرة وهو صغير مع عمه ابي طالب لا يفارقه ولا اجتمع باحد من اهل الكتاب ولا غيرهم. وسفرة اخرى وهو كبير مع ركب من قريش لم يفارقهم. ولا اجتمع باحد من الكتاب واخبر من كان معه باخبار اهل الكتاب بنبوته مثل اخبار بحيرة الراهب بنبوته وما ظهر لهم منه مما دلهم على نبوة وهذه الامور مبسوطة ومثل نبع الماء من بين اصابعه عدة مرات ومثل تكثير الطعام القليل حتى اكل منه الخلق العظيم وتكثير الماء القليل حتى شرب منه الخلق الكثير. وهذا قد جرى غير مرة وله ولامته من الايات ما يطول وصفه. ومثل نصره ونصر امته القائمين بدينه ايمانا وعملا ونصرا لا نظير له. وما يذكره بعض اهل الكتاب والكفار من نصر فرعون ونمرود. وسنحاريب وجنكيز خان وغيرها من الملوك الكافرين جوابه ظاهر فان هؤلاء لم يدع احد منهم النبوة وان الله امره ان يدعو الى عبادته وطاعته ومن اطاع دخل الجنة ومن عصاه دخل النار بخلاف من ادعى ان الله ارسله بذلك فانه لا يكون الا رسولا صادقا ينصره ويؤيده وينصر اتباعه ويجعل العاقبة لهم او يكون كذابا فينتقم الله منه ويقطع دابره ويتبين ان ما جاء به ليس من البراهين والايات التي لا تقبل المعارضة فان معجزات الانبياء من خواصها انه لا يقدر احد ان يعارضها ويأتي بمثلها. بخلاف غيرها فان معارضتها فتبطل دلالتها. والمسيح الدجال يدعي الالهية ويأتي بخوارق ولكن نفس دعواه الالهية دعوة ممتنعة في نفسها. ويرسل الله المسيح ابن مريم فيقتله ويظهر كذبه ومعه ما يدل على كذبه من وجوه متعددة كما ذكر في الاحاديث الصحيحة. ثمانون وخمسمئة الدلائل الدالة على صدق محمد صلى الله عليه وسلم اعظم واكثر من الدلائل الدالة على صدق موسى وعيسى. ومعجزاته اعظم من معجزات غيره. الكتاب الذي ارسل به اشرف من الكتاب الذي بعث به غيره. والشريعة التي جاء بها اكمل من شريعة موسى وعيسى عليهما السلام اكمل من جميع الفضائل من امة هذا وهذا. ولا يوجد في التوراة والانجيل علم نافع. وعمل صالح الا وهو في القرآن او مثله او اكمل منه وفي القرآن من العلم النافع والعمل الصالح ما لا يوجد في التوراة والانجيل. فما من مطعن من مطاعم اعداء الانبياء يطعن به على محمد صلى الله عليه وسلم الا ويمكن توجيه ذلك الطعن واعظم منه على موسى وعيسى فيمتنع الاقرار بنبوة موسى وعيسى عليهما السلام مع التكذيب بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم ولا يفعل ذلك الا من هو اجهل الناس واضلهم او من اعظمهم عنادا واتباعا آآ واحد وثمانون وخمسمائة. الشرائع ثلاث شريعة عدل فقط وشريعة فضل فقط. شريعة تجمع العدل والفضل. فتوجب العدل وتندب الى الفضل وهذه اكمل الشرائع الثلاث وهي شريعة القرآن التي يجمع فيه بين العدل والفضل. لهذا كانت شريعة التوراة عليها الشدة شريعة الانجيل يغلب عليها اللين. شريعة القرآن معتدلة جامعة بين هذا وهذا اثنان وثمانون وخمسمائة وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم من اياته واخلاقه واقواله وافعاله وشريعته من اياته وامته من اياته وعلم امتي ودينهم من اياته. وكرامات صالحي امته من اياته. وذلك يظهر بتدبر سيرته من حين ولد الى ان بعث. ومن حين بعث الى ان مات وبتدبر نسبه وبلده واصله وفصله فانه كان من اشرف اهل الارض نسبا من صميم سلالة ابراهيم الذي جعل الله في ذريته النبوة والكتاب. فلم يأت نبي من بعد ابراهيم الا من ذريته. وجعل له ابنين اسماعيل واسحاق. وذكر في التوراة هذا وهذا وبشر في التوراة بما يكون من ولد اسماعيل. ولم يكن في ولد اسماعيل من ظهر فيما بشرت به النبوات غيره. ودعا ابراهيم لذرية اسماعيل بان يبعث فيهم رسولا منهم. ثم هو من قريش صفوة بني ابراهيم. ثم هو من بني هاشم صفوة قريش. ومن مكة ام وبلدة البيت الحرام الذي بناه ابراهيم ودعا الناس الى حجه ولم يزل محجوجا من عهد ابراهيم مذكورا في كتب الانبياء باحسن وصف فكان من اكمل الناس تربية ونشأة. لم يزل معروفا بالصدق والبر والعدل ومكارم الاخلاق. وترك الفواحش والظلم وكل وصف المذموم مشهودا له بذلك عند جميع من يعرفه قبل النبوة. وممن امن به وكفر بعد النبوة. لا يعرف له شيء يعاب به لا في اقواله ولا في افعاله ولا في اخلاقه ولا جرت عليه كذبة قط ولا ظلم ولا فاحشة صلى الله عليه وسلم. وكان خلقه صورته من اكمل الصور واتمها واجمعها للمحاسن الدالة على كماله. وكان اميا من قوم اميين لا يعرف لا هو ولا هم لا يعرف لا هو ولا هم ما يعرفه اهل الكتاب التوراة والانجيل. ولم يقرأ شيئا من علوم الناس ولا جالس اهلها ولم يدعي نبوة الى ان اكمل الله له اربعين سنة فاتى بامر هو اعجب الامور واعظمها. وبكلام لم يسمع الاولون والاخرون بنظيره. واخيرا بامر لم يكن في لبلده ولا في قومه من يعرف مثله ولم يعرف قبله ولا بعده. لا في مصر من الامصار ولا في عصر من الاعصار. من اتى بمثل ما اتى به من اتى بمثل ما اتى به ولا من ظهر كظهوره ولا من اتى من العجائب والايات بمثل ما اتى به ولا من دعا الى شريعة اكمل من شريعته. ولا من ظهر دينه على الاديان كلها بالعلم والحجة وباليد والقوة كظهوره. ثم انه اتبعه اتباع الانبياء وهم الضعفاء من الناس وكذبه اهل الرئاسة وعادوه وسعوا في هلاكه وهلاك من تبعه بكل طريق. كما كان الكفار يفعلون مع الانبياء واتباعهم الذين اتبعوه لم يتبعوه لرغبة ولا لرهبة فانه لم يكن عنده مال يعطيهم ولا جهات يوليهم اياها. ولا كان له سيف بل كان السيف والجاه والمال مع اعدائه وقد اذوا اتباعه بانواع الاذى وهم صابرون محتسبون. لا يرتدون عن دينهم لما خالط قلوبهم من حلاوة الايمان والمعرفة وكانت مكة يحجها العرب من عهد ابراهيم فتجتمع في الموسم قبائل العرب فيخرج اليهم يبلغهم رسالة ويدعوهم الى الله صابرا على ما يلقاه من تكذيب المكذب وجفاء الجافي واعراض المعرض الى ان اجتمع باهل يثرب وكانوا جيران اليهود قد سمعوا اخباره منهم وعرفوه. فلما دعاهم علموا انه النبي المنتظر الذي تخبرهم به اليهود. وكانوا قد سمعوا من اخباره ما عرفوا به مكانته فان امره كان قد انتشر وظهر في بضع عشرة سنة فامنوا به وتابعوه على هجرته وهجرة اصحابه الى بلدهم على الجهاد معه فهاجر هو ومن اتبعه الى المدينة وبها المهاجرون والانصار ليس فيهم من امن برغبة دنيوية ولا برهبة الا قليل من الانصار اسلموا في الظاهر ثم حسن اسلام بعضهم ثم اذن له في الجهاد ثم امر به ولم يزل قائما بامر الله على اكمل طريق واتمها من الصدق والعدل والوفاء. لا يحفظ عليه كذبة واحدة ولا ظلم لاحد ولا غدر باحد. بل كان اصدق الناس واعدلهم هم وابرهم واوفاهم بالعدل مع اختلاف الاحوال عليه من حرب وسلم وامن وخوف وغنى وفقر وقلة وكثرة وظهوره على عدو تارة وظهور العدو عليه تارة وهو على ذلك كله ملازم لاكمل الطرق واتمها. حتى ظهرت الدعوة في جميع ارض العرب التي كانت مملوءة من عبادة الاوثان ومن اخبار الكهان. وطاعة المخلوق في الكفر بالخالق وسفك الدماء المحرمة وقطيعة الارحام. لا ايعرفون اخرة ولا معادا فصاروا اعلم اهل الارض وادينهم واعدلهم وافضلهم. وهذه اثار علمهم وعملهم في الارض. واثار غيرهم يعرف العقلاء فرق ما بين الامرين. وهو صلى الله عليه وسلم مع ظهور امره وطاعة الخلق له وتقديمهم له على الانفس والاموات مات ولم يخلف درهما ولا دينارا ولا متاعا ولا دابة الا بغلته وسلاحه ودرعه مرهونة عند يهودي على ثلاثين من شعير ابتاعها لاهله وكان بيده عقار ينفق منه على اهله والباقي يصرفه في مصالح المسلمين. فحكم بانه لا يورث ولا يأخذ خذوا ورثته منه شيئا وهو في كل وقت يظهر على يديه من الايات وفنون الكرامات ما يطول وصفه ويخبرهم بما كان وما يكون ويأمر وهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث. ويشرع الشريعة شيئا بعد شيء. حتى اكمل الله دينه الذي الذي بعث به وجاءت شريعته اكمل شريعة لم يبق معروف تعرف العقول انه معروف الا امر به ولا منكر تعرف العقول انه منكر الا نهى عنه لم يأمر بشيء فقيل ليته لم يأمر به ولا نهى عن شيء فقيل ليته لم ينه عنه. الى اخر ما ذكر في هذا الفصل العظيم الجامع النافع