المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله تسعة واربعون ومن سفر الهجرتين واحد وثلاثون وتسعمائة. فهو تعالى الاول الذي ابتدأت منه المخلوقات. والاخر الذي انتهت اليه عبودي اياتها واراداتها ومحبتها. فليس وراء الله شيء يقصد ويعبد ويتأله. كما انه ليس قبله شيء يخلق ويبرأ. كما كان واحدا في ايجادك فاجعله واحدا في تألهك اليه. وهو الظاهر الذي ليس فوقه شيء وهو الباطن الذي ليس دونه شيء. التعبد بها ان يعلم انه العلي الاعلى وانه محيط بالعوالم كلها. وانها في يده كخردلة في يد العبد او اصغر. وظهر على كل شيء فكان فوقه وبطن فكان اقرب الى كل شيء من نفسه وهو محيط به حيث لا يحيط الشيء بنفسه وكل شيء في قبضته وليس شيء في قبضة نفسه هذا قرب الاحاطة العامة. واما القرب الخاص من عابديه وسائليه وداعيه فهو من ثمرة التعبد باسمه الباطن. فاولية الله سابقة كن على اولية ما سواه واخريته ثابتة بعد كل شيء. وظاهريته فوقيته وعلوه على كل شيء. وبطونه احاطته بكل شيء بحيث يكون اقرب اليه من نفسه. وهو الاول في اخريته. والاخر في اوليته. والظاهر في بطونه. والباطن في ظهوره فلا يزال اولا واخرا وظاهرا وباطنا اثنان وثلاثون وتسعمائة كل من التوحيد والذكر والصلاة وسائر القرب نوعان خاصي هو ما بذل فيه العامل نصحه وقصده بحيث يوقعها على احسن الوجوه واكملها. والعامية ما لم يكن كذلك. المسلمون كلهم مشتركون في اتيانهم بشهادة ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. فتفاوتهم في معرفتهم بمضمون هذه الشهادة وقيامهم بحقها ظاهرا وباطنا امر لا يحصيه الا الله. ثلاثة وثلاثون وتسعمائة قاعدة شريفة نافعة. اعلم ان كل حي سوى الله فهو فقير الى جلب ما ينفعه في دينه ودنياه والى دفع ما يضره فيهما فلابد من امرين احدهما هو المطلوب المقصود المحبوب الذي ينتفع به ويتلذذ به والثاني هو المعين الموصل المحصل لذلك المقصود والمانع لحصول المكروه والدافع له بعد وقوعه. فها هنا اربعة امور امر محبوب مطلوب الوجود وامر مكروه مطلوب العدم. ووسيلة الى حصول المطلوب ووسيلة الى دفع المكروه. الله هو المطلوب المعبود محبوب وحده لا شريك له وهو المعين للعبد على حصول مطلوبه فلا معبود سواه ولا معين على المطلوب غيره وما سواه هو المكروه المطلوب بعده وهو المعين على دفعه فهو سبحانه الجامع للامور الاربعة دون ما سواه. وهذا معنى قول العبد اياك نعبد واياك نستعين. فان العبادة تتضمن المقصود المطلوب على اكمل الوجوه والمستعان هو الذي يستعان به على حصول المطلوب ودفع المكروه. وهذا مبني على اصلين احدهما ان نفس الايمان بالله والتقرب اليه وغذاء الانسان وقوته وصلاحه وقوامه. كما عليه اهل الايمان لا كما يقوله المتكلفون. انه وتكليف ومشقة على خلاف مقصود القلب ولذته. بل لمجرد الامتحان والابتلاء. بل اوامر المحبوب قرة العيون وسرور القلوب. الاصل الثاني كمال النعيم في الدار الاخرة ايضا برؤيته وسماع كلامه وقربه ورضوانه فلذتهم ونعيمهم في حظهم من الخالق اعظم مما ايخطر بالبال او يدور في الخيال وهذان الاصلان ثابتان بالكتاب والسنة وعليهما اهل العلم والايمان. ويتكلم عليهما العارفون وهما من من فطرة الله التي فطر الناس عليها خمسة وثلاثون وتسعمائة. قاعدة كمال العبد وصلاحه يتخلف عنه من احدى جهتين ما ان تكون طبيعته قاسية غير لينة ولا منقادة ولا قابلة لما به كمالها وفلاحها. واما ان تكون لينة منقادة سلسة الانقياد لكن غير ثابتة بل سريعة الانتقال عنه كثيرة التقلب. فمتى رزق العبد انقيادا للحق؟ وثباتا عليه فليبشر وقد بشر بكل خير وذلك فضل الله. ستة وثلاثون وتسعمائة قاعدة. اذا ابتلى الله عبده بشيء من انواع البلاء. فان رده الى ربه وصار سببا لصلاح دينه فهو علامة سعادته وارادة الخير به. ولابد ان تقلع الشدة وقد عوض عنها اجل عوض. وان لم يرد ذلك اليه بل شرد قلبه عنه ورده الى الخلق وانساه ذكر ربه فهو علامة الشقاء. واذا اقلع عنه البلاء رده الى طبيعته وسلطانه شهوته فبلية هذا وبالية الاول رحمة وتكميل. والله الموفق. سبعة وثلاثون وتسعمائة. قاعدة في الانابة التي تكرر ذكرها في القرآن امرا ومدحا وترغيبا واثارا جميلة. وهي الرجوع الى الله وانصراف دواعي القلب وجواذبه الى وهي تتضمن المحبة والخشية والناس في انابتهم درجات متفاوتة. فمنهم المنيب الى الله بالرجوع اليه من المخالفات والمعاصي الحامل عليها الخوف والعلم ومنهم المنيب الى الله في انواع العبادات. فهو ساع بجهده ومصدرها الرجاء ومطالعة الوعد والثواب. وهؤلاء نفوسا من الاولين كل منهما منيب بالامرين ولكن يغلب الخوف على الاولين والرجاء على الاخيرين. ومنهم المنيب اليه بالتضرع والدعاء وكثرة الافتقار وسؤال الحاجات كلها مع قيامهم بالامر والنهي. ومنهم المنيب الى الله عند الشدائد فقط. انابة اضطرار لانابة اختيار واعلى انواع الانبات انابة الروح بجملتها اليه لشدة المحبة الخالصة المغنية لهم عما سوى محبوبهم. وحين انام اليه لم يتخلف منهم شيء عن الانابة. فان الاعضاء كلها رعتها وادت وظائفها كاملة. فساعة من انابة هذا اعظم من انابة سنين من غيره وذلك فضل الله. ثمانية وثلاثون وتسعمائة قاعدة في ذكر طريق قريب يوصل الى الاستقامة في الاحوال والاقوال والافعال وهي شيئان احدهما حراسة الخواطر وحفظها من الافكار والايرادات الضارة حياء من الله واجلالا له خوفا من سقوطه من عينه وحذرا من تولد الخواطر بالشرور. والثاني اشغال القلب بخواطر الايمان التي هي اصل الخير ومادته من المحبة والانابة والتوكل ومحبة الخير للمسلمين ونحوها. ومن ابلغ ما تحصل به الاستقامة صدق التأهب للقاء الله. تسعة وثلاثون وتسعمائة قاعدة شريفة الناس قسمان علية وسفلية فالعلية من عرف الطريق الى ربه وسلكها قاصدا للوصول اليه والسفلى من لم يعرف الطريق الى ربه ولم يتعرفها. الطريق الى الله واحد لا تعدد فيه. وهو صراطه المستقيم الذي نصبه موصلا لمن تلكه الى الله. فمن الناس من يكون سيد عمله وطريقه الى ربه طريق العلم والتعليم. قد وفر عليه زمانه مبتغيا به وجه الله فلا يزال عاكفا على طريق العلم حتى يصل من تلك الطريق الى الله ويفتح له فيها الفتح الخاص ويموت في طريق طلبه فيرجى له الوصول الى مطلبه. ومنهم من يكون سيد عمله الذكر ومنهم من يكون سيد عمله الصلاة. ومنهم من يكون سيد طريقه الاحسان والنفع المتعدي. ومنهم من يكون طريقه صوم ومنهم من يكون طريقه كثرة تلاوة القرآن. ومنهم من طريقه الامر بالمعروف والنهي عن المنكر. ومنهم من طريقه الحج والاعتمار ومنهم من يكون طريقه قطع العلائق تجريد الهمة ودوام المراقبة وحفظ الاوقات ان تذهب ضائعة. ومنهم الجامع السالك الى الله في كل واد الواصل اليه من كل طريق. وهو جعل وظائف عبوديته قبلة قلبه ونصب عينيه. قد شارك اهل كل عمل وذلك فضل الله اربعون وتسعمائة قاعدة. السائر الى الله لا يتم سيره الا بقوتين. قوة علمية يبصر بها منازل الطريق ويتجنب مهالكها وقوة عملية وقوة عملية بها يسير ويعمل. وذلك العلم النافع والعمل الصالح. واحد واربعون وتسعمائة قاعدة نافعة. العبد من حين استقرت قدمه في هذه الدار فهو مسافر فيها الى ربه. ومدة سفره هي عمره والايام والليالي مراحل فلا يزال يطويها حتى ينتهي السفر. فالكيس لا يزال مهتما بقطع المراحل فيما يقربه الى الله. ليجد ما تقدم محضرا. ثم الناس منقسمون الى اقسام. منهم من قطعها متزودا ما يقربه الى دار الشقاء من الكفر وانواع المعاصي. ومنهم من قطعوها سائرين فيها الى الله والى دار السلام. وهم ثلاثة اقسام سابقون ادوا الفرائض واكثروا من النوافل بانواعها. وترك المحارم والمكروهات وفضول المباحات ومقتصدون ادوا الفرائض وتركوا المحارم. ومنهم الظالم لنفسه الذي خلط عملا صالحا واخر سيئا وهم في ذلك درجات متفاوتون تفاوتا عظيما. اثنان واربعون وتسعمائة. طبقات المكلفين في الاخرة ثماني عشرة طبقة عليها مرتبة الرسل صلوات الله وسلامه عليهم وهم ثلاث طبقات اعلاهم اولو العزم الخمسة ثم من عاداهم ثم الانبياء الذين لم يرسلوا الى الامم الرابعة الصديقون ورثة الرسل القائمون بما بعثوا به. علما وعملا ودعوة للخلق الى الله على طريقهم خامسة ائمة العدل وولاته. السادسة المجاهدون في سبيل الله. السابعة اهل الايثار والاحسان والصدقة. الثامنة من فتح الله عليه بابا من ابواب الخير القاصر على نفسه من صلاة وصيام وحج وغيرها. التاسعة طبقة اهل النجاة. هم من يؤدي فرائض الله اجتنبوا محارمه العاشرة طبقة قوم اسرفوا على انفسهم وغشوا كبائر ما نهى الله عنه. ولكن رزقهم الله التوبة النصوحة قبل الموت كماتوا على توبة صحيحة. الحادية عشرة طبقة اقوام خلطوا عملا صالحا واخر سيئا. ولقوا الله مصرين غير تائبين لكن حسناتهم اغلب من سيئاتهم. فاذا وزنت بها رجحت كفة الحسنات. فهؤلاء ايضا ناجون فائزون. الثانية عشرة قوم تساوت حسناتهم وسيئاتهم وهم اصحاب الاعراف وهو موضع بين الجنة والنار ولكن مآلهم الى دخول الجنة. الثالثة عشر طبقة اهل البلية والمحنة وهم قوم مسلمون. خفت موازينهم ورجحت سيئاتهم على حسناتهم. هؤلاء الذين ثبتت في الاحاديث انهم يدخلون النار فيكونون فيها على مقدار اعمالهم ثم يخرجون منها بشفاعة الشافعين وبرحمة ارحم الراحمين الرابعة عشرة قوم لا طاعة لهم ولا معصية ولا كفر ولا ايمان. وهم اصناف. منهم من لم تبلغهم الدعوة بحال ومنهم المجنون الذي لا يعقل ومنهم الاصم الذي لا يسمع شيئا ابدا. ومنهم اطفال المشركين الذين ماتوا قبل ان يميزوا شيئا. فاختلفت الامة فيهم على ثمانية مذاهب ارجحها انهم يمتحنون في عرصات القيامة ويرسل اليهم هناك رسول. فمن اطاع الرسول دخل الجنة ومن عصاه دخل على النار وبهذا تتفق الاحاديث وتوافق الحكمة والعدل. وقد فصل الله احكام كل طبقة وما ورد فيهم من نصوص الكتاب والسنة بكلام طويل جدا رحمه الله وقد فصل احكام كل طبقة وما ورد فيهم من نصوص الكتاب والسنة بكلام طويل جدا رحمه الله ثلاثة واربعون وتسعمائة ثم قال ان الله سبحانه لا يعذب احدا الا بعد قيام الحجة فيعرض العبد عنها او يعاندها. وقيام بحجة يختلف باختلاف الازمنة والامكنة والاشخاص وافعال الله تابعة لحكمته التي لا يخل بها. الطبقة الخامسة عشرة طبقة الزنادقة وهؤلاء هم المنافقون الذين اظهروا الاسلام وابطنوا الكفر وهم في الدرك الاسفل من النار. الطبقة السادسة عشرة رؤساء كفر وائمته ودعاته ويتغلظ الكفر بغلظ العقيدة وبالعناد وبالدعوة الى الباطل. الطبقة السابعة عشرة طبقة المقلدين وجهال الكفرة وقد اتفقت الامة على انهم كفار. الثامنة عشرة طبقة الجن وهم مكلفون مثابون ومعاقبون بحسب اعمالهم ولكل درجات مما عملوا وليوفيهم اعمالهم وهم لا يظلمون