المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله واحد وخمسون ومن كتابه الفوائد تسعة واربعون وتسعمائة. قال في قاعدة جليلة اذا اردت الانتفاع بالقرآن فاجمع قلبك عند تلاوة وسماعه والق سمعك واحضر حضور من يخاطبه به من يتكلم به منه اليه فانه خطاب منه لك على لسان رسوله. قال تعالى ان في ذلك لذكرى لمن كان له قلب او القى السمع وهو شهيد. ذلك ان تمام التأثير لما كان موقوفا على مقتضى ومحل قابل وشرط لحصول الاثر وانتفاء المانع الذي يمنع منه تضمنت الاية بيان ذلك كله باوجز لفظ وابينه وادله على المراد خمسون وتسعمائة. الصواب ان المعاد معلوم بالعقل مع الشرع. وان كمال الرب وكمال اسمائه وعلمه وحكمته وقدرته وصفاته تقتضيه وتوجبه. وانه منزه عما يقوله منكروه. كما يستنزه كماله عن سائر العيوب والنقاء واحد وخمسون وتسعمائة. الرب يدعو عباده الى معرفته من طريق تدبر اياته المتلوه. فان القرآن قد حوى من تفاصيل معرفة الله باسمائه وصفاته شيئا عظيما. ويدعوهم الى النظر في مفعولاته فانها دالة على افعاله. والافعال دالة على الصفات ان المفعول يدل على فاعل فعله وذلك يستلزم وجوده وقدرته ومشيئته وعلمه لاستحال حصول الفعل الاختياري من معدوم او وجود لا قدرة له ولا حياة ولا علم ولا ارادة. ثم ما في المفعولات من التخصيصات المتنوعة دال على ارادة الفاعل. وان فعله ليس بالطبع بحيث يكون واحدا غير متكرر وما فيها من المصالح والحكم والغايات المحمودة دال على حكمته وما فيها من النفع والاحسان والخير دال على رحمته وما فيها من البطش والعقوبة والانتقام دال على غضبه وما فيها من الاكرام والتقريب والعناية دال على محبته وما فيها من الاهانة والابعاد والخذلان دال على بغضه ومقته وما فيها من ابتداء الشيء من غاية النقص والضعف ثم سوقه الى نهاية اياته وتمامه دال على وقوع المعاد. وما فيها من احوال النبات والحيوان وتصرف المياه. دليل على امكان المعاد وما فيها من ظهور اثار الرحمة والنعمة دليل على صحة النبوات. وما فيها من الكمالات التي لو عدمتها كانت ناقصة. دليل على ان معطي تلك كالكمالات احق بها فمفعولاته من اجل شيء على صفاته وصدق ما اخبرت به رسله عنه. اثنان وخمسون وتسعمائة قبول المحل لما يوضع فيه مشروط بتفريغه من ضده. وهذا كما انه في الذوات والاعيان. فكذلك هو في الاعتقادات والارادات ان كان القلب ممتلئا بالباطل اعتقادا ومحبة لم يبق فيه الاعتقاد الحق ومحبته موضع. كما ان اللسان اذا اشتغل بالتكلم بما لا ينفع لم يتمكن صاحبه من النطق بما ينفعه الا اذا فرغ لسانه من النطق بالباطل. وكذلك الجوارح اذا اشتغلت بغير الطاعة لم يمكن شغلها بالطاعة الا اذا فرغها من ضدها. ثلاثة وخمسون وتسعمائة. قال يحيى بن معاذ من جمع الله عليه قلبه في الدعاء لم يرده قلت اذا اجتمع عليه قلبه وصدقت ضرورته وفاقته وقوي رجاؤه فلا يكاد يرد دعاؤه. اربعة وخمسون وتسعمائة فاخذ العبد ما حرم عليه الا لسوء ظنه بالله او لعدم صبره. خمسة وخمسون وتسعمائة. التوحيد مفزع اعدائه واوليائه. فاما اعداءه فينجيهم من كرب الدنيا وشدائدها. واما اولياؤه فينجيهم من كربات الدنيا والاخرة وشدائدها. فلا يلقي في بالعظام الا الشرك ولا ينجي منها الا التوحيد. ستة وخمسون وتسعمائة. جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين تقوى الله وحسن خلق لان تقوى الله يصلح ما بين العبد وبين ربه وحسن الخلق يصلح ما بينه وبين خلقه. فتقوى الله توجب له محبة الله وحسن خلق يدعو الناس الى محبته. وجمع صلى الله عليه وسلم بين الاستعاذة من المأثم والمغرم. لان المأثم يوجب خسارة الاخرة. والمغرم يوجب خسارة الدنيا وجمع صلى الله عليه وسلم في قوله فاتقوا الله واجملوا في الطلب. بين مصالح الدنيا والاخرة فان من اتقى الله ادرك نعيم الاخرة ومن اجمل في الطلب استراح من نكد الدنيا وهمومها. سبعة وخمسون وتسعمائة احترز من عدوين هلك بهما اكثر الخلق صاد عن سبيل الله بشبهاته ومفتون بدنياه ورئاسته. من خلق فيه قوة واستعداد لشيء. كانت لذته في استعمال تلك كالقوة فيه قلت وكذلك كان نجاحه فيه اعظم من غيره حرم صيد الجاهل والممسك على نفسه فما ظن الجاهل الذي اعماله هوى نفسه مصدر ما في العبد من الخير والشر والصفات الممدوحة والمذمومة من صفة المعطي المانع. فهو يصرف عباده في ذلك. فحظ العبد صادق من عبوديته بهما الشكر عند العطاء والافتقار عند المنع. فهو سبحانه يعطيه ليشكره ويمنعه ليفتقر اليه. فلا يزال ككورا مفتقرا. ثمانية وخمسون وتسعمائة. اصول المعاصي كلها كبارها وصغارها ثلاثة. تعلق القلب بغير الله. وطاعة الغضبية والقوة الشهوانية وهي الشرك والظلم والفواحش. فغاية التعلق بغير الله شرك. وغاية القوة الغضبية القتل غاية القوة الشهوانية الزنا. ولهذا جمع الله الثلاثة في قوله والذين لا يدعون مع الله الها اخر. ولا يقتلونن النفس التي حرم الله الا بالحق ولا يزنون. تسعة وخمسون وتسعمائة هجر القرآن انواع. هجر سماعه والايمان وهجر العمل به وهجر تحكيمه وهجر تدبره وهجر الاستشفاء به من امراض القلوب والابدان. وكل هذا داخل في قوله قال الرسول يا ربي ان قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا. ستون وتسعمئة كمال النفس المطلوب ان تتصف بصفات الكمال وان تكون هيئة راسخة وذلك ليس الا بمعرفة باريها وارادة وجهه. فهذا الكمال الانساني الحقيقي وما سواه من مطالب كمالات تشارك الانسان فيها البهائم. واحد وستون وتسعمائة قاعدة. الايمان له ظاهر وباطن. فظاهره قول لسان وعمل الجوارح وباطنه تصديق القلب وانقياده ومحبته فلا ينفع ظاهر لا باطن له. ولا يجزي باطن لا ظاهر له الا اذا تعذر بعجز او اكراه او خوف هلاك فتخلف العمل ظاهرا مع عدم المانع دليل على فساد الباطن وخلوه من الايمان ونقصه دليل نقصه وقوته دليل قوته. فالايمان قلب الاسلام ولبه. واليقين قلب الايمان ولبه. وكل علم وعمل لا يزيد الايمان واليقين قوة فمدخول. وكل ايمان لا يبعث على العمل فمدخول. اثنان وستون وتسعمائة. يا ايها الذين امنوا استجيبوا لله وللرسول اذا دعاكم. لما ذكر اقوال المفسرين فيها قال الاية تتناول هذا كله فان الايمان الاسلام والقرآن والجهاد يحيي القلوب الحياة الطيبة وكمال الحياة في الجنة. والرسول داع الى الايمان والجنة. فهو داع الى الحياة في دنيا والاخرة. ثلاثة وستون وتسعمائة. لا يجعل العبد المعيار على ما ينفعه ويضره حبه وبغضه. بل المعيار على ما اختاره الله الله له بامره ونهيه. قال تعالى وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم. وعسى ان تحبوا شيئا وهو شر لكم لكم والله يعلم وانتم لا تعلمون. اربعة وستون وتسعمائة اساس كل خير ان تعلم ان ما شاء الله كان ما لم يشأ لم يكن فتتيقن حينئذ ان الحسنات من نعمه فتشكره عليها فتتضرع اليه الا يقطعها عنه وان السيئات من خذلانه وعقوبته وتبتهل اليه ان يحول بينك وبينها. خمسة وستون وتسعمئة للقلب ستة مواطن يجول فيها ثلاثة اله دنيا تتزين له ونفس تحدثه وعدو يوسوس له. وثلاثة عالية علم يبين له وعقل يرشده ورب يعبده والقلوب جوالة في هذه المواطن. ستة وستون وتسعمائة. انما يجد المشقة في ترك المألوفات من تركها لغير الله. فاما فمن تركها صادقا مخلصا من قلبه لله فانه لا يجد في تركها مشقة الا في اول وهلة ليمتحن اصادق هو في ترك فيها ام كاذب؟ فان صبر على ترك المشقة استحالت لذة. من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه. والعوض انواع مختلفة واجل ما عوضوا به الانس بالله ومحبته وطمأنينة القلب به وقوته ونشاطه وفرحه ورضاه عن ربه سبعة وستون وتسعمائة ابن الدين على قاعدتين الذكر والشكر وليس المراد بالذكر مجرد ذكر اللسان. بل الذكر القلبي واللساني. وذلك يستلزم معرفة والايمان به وبصفات كماله ونعوت جلاله والثناء عليه بانواع المدح. وذلك لا يتم الا بتوحيده. فذكره الحقيقي تلزم ذلك كله ويستلزم ذكر نعمه والائه واحسانه الى خلقه. واما الشكر فهو القيام بطاعته. فذكره مستلزم لمعرفته متضمن لطاعته وهذان هما الغاية التي خلق لاجلها الانس والجن. ثمانية وستون وتسعمائة. قال ابو الدرداء رضي الله عنه يا حبذا نوم الاكياس وفطرهم كيف يغبنون به قيام الحمقى وصومهم؟ والذرة من صاحب تقوى افضل من امثال الجبال من سادة المغترين وهذا من جواهر الكلام وادله على كمال فقه الصحابة وتقدمهم على من بعدهم في كل خير. رضي الله عنهم تسعة وستون وتسعمائة لا شيء افسد للاعمال من العجب ورؤية النفس ولا شيء اصلح لها من شهود العبد منة الله وتوفيقه اعانة به والافتقار اليه واخلاص العمل له. سبعون وتسعمائة. العارف لا يأمر الناس بترك الدنيا. فانهم لا يقدرون على تركها ولكن يأمرهم بترك الذنوب مع اقامتهم على دنياهم. كيف يؤمر بفضيلة من ترك الفريضة؟ فان صعب عليهم ترك الذنوب فاجتهد ان تحب الله اليهم بذكر الائه وصفات كماله. ان القلوب مفتورة على محبته. فاذا تعلقت بحبه هان عليها ترك الذنوب والاقلاب منها واحد وسبعون وتسعمائة قاعدة جليلة مبدأ كل علم نظري وعمل اختياري هو الخواطر والافكار فانها توجب تصورات والتصورات تدعو الى الايرادات والايرادات تقتضي وقوع الفعل وكثرة تكراره تعطي العادة فصلاح هذه المراتب صلاح الخواطر والافكار وفسادها بفسادها. اثنان وسبعون وتسعمائة. العبد يترقى من معرفة افعال الله الى الصفات. ومن معرفة الصفات تأتي الى معرفة الذات اذا شاهد شيئا من جمال الافعال استدل به على جمال الصفات ثم استدل بجمال الصفات على جمال الذات فما ظنك بجمال ان حجب باوصاف الكمال وستر بنعوت العظمة والجلال. ولهذا كان له الحمد كله من جميع الوجوه ثلاثة وسبعون وتسعمائة انفع الناس لك من نفعك في دينك او دنياك. ومكنك من نفسه حتى تزرع فيه خيرا والعكس بالعكس. اربعة وسبعون وتسعمائة للعبد بين يدي الله موقفان. موقف بين يديه في الصلاة وموقف بين يديه يوم لقائه. فمن قام بحق الموقف الاول هون عليه الموقف الاخر ومن استهان بهذا الموقف ولم يوفه حقه شدد عليه ذلك الموقف