المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله اسئلة من كتاب الصلاة وقد يتناول غيرها من بقية العبادات. السؤال السادس عشر ما هي الشروط التي تشترك فيها الصلاة والزكاة والصيام والحج او يشترك فيها اثنان منها فاكثر. والتي يتفرد بها كل واحد منها. الجواب وبالله التوفيق والاعانة ونسأله الهداية الى الصواب. اعلم ان هذه العبادات الاربعة هي مع الشهادتين اركان الاسلام التي ينبني عليها وهي اعظم مهمات الدين واكبر ما يقرب الى رب العالمين ورضاه وثوابه. وفيها من الفضائل الايمانية والاخلاقية والاعمال ومحاسن الدين ومصالح جميع المسلمين. ما لا يدخل تحت الحصر والحد. وفيها من تكميل الاسلام وتحقيق الايمان وقيام شعائر الدين وزيادة الايمان وتكفير السيئات وزيادة الحسنات وعلو الدرجات وصلاح القلوب والارواح والابدان والدنيا والاخرة وغير ذلك مما هو معروف. فكل هذه المصالح اشتركت فيها. وان اختصت كل واحدة منها بما اختص صد به ثم انها اشتركت كلها في وجوبها على المسلمين. فالاسلام هو الشرط المشترك لان المسلمين هم الذين التزموا ما جاء به الشرع وهذا اعظمه. واما غير المسلمين فيؤمرون بالاسلام ولا يخاطبون بهذه العبادات الاربع ابتداء. وان كانوا يعاقبون على تركها في الاخرة كما يعاقبون على ترك الاسلام. واشتركت كلها ايضا باشتراط القدرة عليها. اذ القدرة هي مناط الاوامر واهي فمن لا يقدر على الشيء لا يلزمه فعله ومن لا يقدر على الترك بل هو مضطر فلا حرج عليه. ولا يكلف الله نفسا الا لا وسعها ولكن تختلف القدرة فيها بحسبها. فالقدرة على الصلاة ثبوت العقل. ولذلك قال الفقهاء ولا تسقط الصلاة ما دام العقل ثابتا فيصلي قائما فان عجز فقاعدا فان عجز فعلى جنبه ويومئ برأسه فان عجز فيومئ بطرفه فان عجز استحضر ذلك بقلبه هذا المذهب وعند الشيخ تقي الدين الايماء بالرأس اخر المراتب. لان غيره لم يثبت به وهذا اصح والاول احوط. واما القدرة في الزكاة فهي ملك نصاب زكوي. واما القدرة على الصيام فهي القدرة عليه من غير ضرر يلحقه. ولهذا يسقط عن الكبير الذي لا يقدر عليه. والمريض الميؤوس من برئه ويطعم عن كل يوم مسكينا. واما الذي جاء برؤه فيؤخره الى البر. واما القدرة على الحج فهي ملك زاد وراحلة فاضلين عن ضروراته وحوائجه الاصلية هذا الشرط اشتركت فيه كما ترى الا انه فسر بكل واحدة بما يناسبها شرعا. واما التكليف وهو البلوغ والعقل فتشترك فيه الصلاة والصيام والحج لحديث رفع القلم عن ثلاثة النائم حتى يستيقظ والصغير حتى يبلغ والمجنون حتى يفيق فمن لا عقل له او لم يبلغ فلا صلاة عليه ولا صيام ولا حج. لان هذه اعمال بدنية محضة او معها مال كالحج وهذا من حكمة الشارع ان من لا عقل له بالكلية او له عقل قاصر كالصغير انه لا يجب عليه شيء يفعله. ولما كان الصغير له عقل صحت عباداته اذا كان مميزا لوجود العقل الذي ينوي به. اختص الحج والعمرة صحته ممن دون التمييز. وينوي عنه وليه. واما الزكاة فلا يشترط لها التكليف عند جمهور العلماء مالك والشافعي واحمد وهو ظاهر النصوص الشرعية وظاهر المنقول عن الصحابة رضي الله عنهم. والسبب ان الزكاة عبادة مالية محضة متعلقة بالمال فوجبت في مال الصغير ومال المجنون المسلم كما يجب في ماله نفقة من تلزمه نفقته وهذه هي حكمة مناسبة. وتشترك ايضا الاربع في لزوم النية لحديث انما الاعمال بالنيات. فلا تصح صلاة ولا زكاة ولا لا صيام ولا حج الا بنية تقع من الفاعل لها تتقدم عليها. الا ان المجنون والصغير ينوي الزكاة عنهما وليهما وكذلك ينوي الحاج عن من لم يميز وليه. وتشترك الصلاة والصيام بوجوبهما على الاحرار والعبيد المكلفين. بخلاف الزكاة والحج فانهما يختصان بالاحرار. والسبب في ذلك انه تقدم ان القدرة شرط في الجميع. والزكاة والحج عماد قدرة فيهما المال. العبد المملوك لا مال له فهو كالفقير المعسر. وكذلك العبادات المالية لا تجب على الارقاء لهذا السبب فصارت الحرية شرطا في الزكاة والحج فقط. ومن الشروط المشتركة بين الاربع كلها الوقت. وانها كلها لا تلزم الا بدخول وقتها. الوقت يختلف باختلاف هذه العبادات. فاوقات الصلوات الخمس الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر لا تلزم الا بدخولها ولا تصح الا بدخولها. فالظهر من الزوال الى مصير الفيء مثله بعد فيء الزوال. والعصر من مصيره مثله الى مثليه على المذهب وعلى الصحيح الى اصفرار الشمس. والمغرب من الغروب الى مغيب الحمرة. والعشاء من مغيب الحمرة الى ثلث الليل على المذهب او نصفه على الصحيح. والفجر من طلوعه الى طلوع الشمس. والزكاة لا تلزم الا بدخول وقتها. وهو تمام الحول في جميع الاموال الزكوية الا المعثرات. فوقتها حصادها وجذاذها. كما قال تعالى واتوا حقه يوم حصاده ولكنه يجوز تقديمها قبل ذلك حيث وجد السبب. والصيام صيام رمضان لا يلزم ولا يصح الا بمجيء رمضان. والحج لا يلزم ولا يصح الا بوقته. الحج اشهر معلومات. بخلاف العمرة فانها تصح كل وقت. ومما تختص به من الشروط الطهارة من الحدث والخبث ويشاركها في هذين من جزئيات الحج الطواف فقط. وستر العورة واستقبال القبلة اجتناب النجاسة في البدن والثوب والبقعة. فالحاصل انها اشتركت في اربعة اشياء. الاسلام والقدرة والنية والوقت اشتركت ما سوى الزكاة بالتكليف. اشتركت الزكاة والحج باشتراط الحرية. واختصت الصلاة بالبقية لشرفها وفضلها واعتناء الشارع بها والله اعلم. السؤال السابع عشر باي شيء تدرك الصلاة؟ الجواب الادراكات متعددة. واحد ادراك الوقت للجماعة والجمعة اثنان وادراك الجماعة ثلاثة وادراك الجمعة اربعة ومن به مانع فزال وادرك الوقت وكلها على الصحيح. وهي احدى الروايتين عن الامام احمد لا تدرك الا بركعة. فمن ادرك من الوقت ركعة فقد ادركه. ومن ادرك من الجمعة او الجماعة ركعة فقد ادركهما. ومن ادرك من الوقت ركعة بعد زوال مانعه لزمته تلك كالصلاة ومن ادرك اقل من ركعة لم يدرك فيها كلها. للحديث الصحيح من ادرك ركعة من الصلاة فقد ادركها متفق عليه هذا يعم جميع الادراكات المذكورة ولم يعلق الشارع باقل من الركعة ادراك ركعة ولا غيرها. والمشهور من مذهبي في هذه المسائل انها تدرك بادراك تكبيرة الاحرام من الوقت او قبل انقضاء الجماعة. واما الجمعة صلاتها لا وقتها فلا تدرك الا بركعة قولا واحدا في المذهب والاول اصح كما تقدم. السؤال الثامن عشر ما حكم الصلاة بعد خروج وقتها وما حكمها في وقتها؟ الجواب لا يخلو اما ان تكون الصلاة فرضا او نفلا. فان كانت فرضا وكان المؤخر متعمدا غير معذور وليس للتأخير عذر فحكمه انه اثم وان كان غير متعمد فلا اثم. واما القضاء في تفويت او فواتها فمنها ما لا يقضى كالجمعة فانها ان فاتت لم تقضى وانما يصلي بدلها ظهرا. ومنها ما لا يقضى جماعة الا في نظير وقته كالعيدين اذا فاتتا فعلت من الغد او بعده قضاء. ومنها ما يجب قضاؤه مطلقا وهو الباب ومن احكام هذا القضاء وجوب الفورية فيه. لان الامر المطلق يقتضي الفورية وان كانت متعددات وجب ايضا فالفورية لا تسقط الا مع الضرر. والترتيب يسقط بالنسيان وبضيق الوقت قولا واحدا في المذهب. وبالجهل وخوف فوت جماعة على الصحيح ومن احكام هذا القضاء ايضا ان من عليه فرائض متعددة وجهلها ابرأ ذمته واحتاط بما يعلم خروجه من التبعة. وان كانت الفائتة صلاة نافلة استحب قضاؤها. الا الرواتب اذا فاتت مع فرائض كثيرة فانه باداء الفرائض سوى سنة الفجر فيقضيها مطلقا. والا النوافل المشروعة لاسباب فتفوت بفوات تلك الاسباب. فلا فتقضى الكسوف ولا الاستسقاء ولا تحية المسجد ولا نحوها مما له سبب شرع لاجله ثم فاتت مع سببها. فلا يشرع قضاء والله اعلم. واما حكم الصلاة في وقتها فالاصل انه يجوز اوله واوسطه واخره. بحيث لا يخرج جزء منها عن الوقت هذا من جهة الجواز واما من جهة الفضيلة والكمال فاول الوقت هو الافضل الا في شدة الحر. فيسن تأخير الظهر او مع غيم لمن يصلي الجماعة ليكون الخروج لهما واحدا. وكذلك يستحب تأخير العشاء الاخرة حيث لا مشقة تحابوا ايضا لمن يرجو وجود الماء لعادمه اذا رجاه في اخر الوقت. ويستحب التأخير للمغرب ليلة مزدلفة للحاج. وكذلك بك كل جمع استحب تأخيره بان يكون ارفق. وضابط ذلك ان التقديم اولى الا اذا كان في التأخير مصلحة شرعية قد يجب تقديم الصلاة اول وقتها لمن يظن وجود مانع في اخر الوقت. كالمرأة التي تظن الحيض ونحوه. وقد يجب التأخير كمن يشتغل بتحصيل شرط الصلاة او ركنها الذي لا يفرغ منه الا في اخر الوقت. وكتحصيل الجماعة الواجبة لها. وكما قال الفقهاء لو امره ابوه بالتأخير ليصلي بابيه وجب عليه التأخير لكن هذه الصورة مبنية على منع الفرض خلف نفلة والله اعلم. السؤال التاسع عشر هل تشترك صلاة الفرض وصلاة النفل في الاحكام ام بينهما فرق؟ الجواب الاصل اشتراك الفرض والنفل في جميع الامور الواجبة والمكملة والمفسدة والمنقصة. فما ثبت حكمه في احدهما ثبت للاخر الا ما دل الدليل على تخصيصه. ولهذا اخذ العلماء احكام صلاة الفرض والنفل من مطلق صلاته صلى الله عليه وسلم وامره ونهيه ولكن مع هذا فبينهما فروق كثيرة ترجع الى سهولة الامر في النفل والترغيب في فعله. فمنها ان القيام على القادر ركن في الفرض لا في النفل فيصح النفل جالسا للقاعد. ولكن صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم. ومنها جواز صلاة النفل للمسافر وراكبا متوجها الى جهة سيره. وكذلك ماشيا. وسواء كان السفر طويلا او قصيرا. واما الفرض فلا يصح على قالت الا عند الاضطرار اليه كخوف على نفسه بنزوله او خوف فوات ما يضره فواته او اذا كانت الارض ماشية ماء السماء تهطل بالمطر ونحو ذلك من مسائل الاضطرار. ومنها انهم اشترطوا في الفرض ستر الرجل احد عاتقيه دون النفل. مع ان الصحيح اشتراكهما في هذا الحكم وان الجميع مشروع فيه ستر المنك بلا واجب. لانه غير عورة. والحديث لا يصلين احدكم في ثوب ليس على عاتقه منه شيء عام في الفرض والنفل. ومنها جواز النفل في جوف الكعبة بخلاف الفرض على المذهب والصحيح عدم المنع ايضا في الفرض. لان الحديث الذي احتجوا به على المنع غير صحيح. فبقي الامر على الاصل. ومنها ان اوقات النهي قصة بالنهي عن النوافل دون الفرائض. ومنها ما قالوا بجواز يسير الشرب في النفل دون الفرض. ومنها ان من دخل في فرض وجب اتمامه ولم يجز قطعه الا لعذر بخلاف النفل الا الحج والعمرة. وهذا فرق عام بين الفروض والنوافل. واعلم ان هذه فروق غير الفروق العامة الواقعة بين الفرائض والنوافل من تعيين الفروض والاثم والعقوبة على تاركها لغير عذر تقدمها عند المزاحمة وعظم اجرها ورفعة درجاتها. فان هذا معلوم من حد الفرض وحد النفل. لا يحتاج الى ذكره في المعينة وانما يذكر عند الكلام على الامور الكلية العامة. السؤال العشرون ما هي العورة التي يجب سترها؟ الجواب عورة اطلاق في باب سترة الصلاة واطلاق في باب تحريم النظر والحكم فيهما متفاوت. اما العورة في باب سترة الصلاة فمنها مخففة وهي عورة ابن سبع سنين الى تمام العشر. فلا يجب ان يستر في الصلاة الا الفرجين فقط. ومنها مغلظة وهي الحرة البالغة فكلها عورة في الصلاة الا وجهها وفي كفيها وقدميها عن احمد روايتان والمشهور وجوب ومنها متوسطة وهو من عدا المذكورين فيدخل فيه عورة الامة وان كانت بالغة. والحرة غير البالغة والرجل وابن عشر الى البلوغ من حر وعبد. فكل هؤلاء عورتهم في الصلاة من السرة الى الركبة واقل مجزئ في ذلك ما تستر بشرة البدن ولابد ان يكون الساتر مباحا. وسيأتي ان شاء الله تفصيل الثياب المباحة من المحرمة في غير هذا السؤال ايها الجواب وثم قسم اخر وهو انه يجب ستر جميع بدن الميت بثوب لا يصف البشرة صغيرا كان الميت او كبيرا او ذكرا او انثى. الحال الثاني عورة في باب النظر. وهو النظر الى ما وراء الثياب من بدن الانسان. فهو ايضا ثلاثة اقسام شديد وهو نظر الرجل البالغ للشهوة للحرة البالغة الاجنبية غير القواعد فيحرم الى شيء من بدنها لا وجهها ولا يديها ولا قدميها ولا شعرها المتصل بغير حاجة. اثنان وخفيف وهو نظر الرجل الى زوجته ونظرها اليه فيجوز لكل نظر جميع بدن الاخر. وكذلك نظر عورة من دون سبع سنين. تسمية هذا النوع عورة تجوز لاهل التقسيم ثلاثة ونوع متوسط وهو نظر الرجل الى الرجل ونظر المرأة للرجل وللمرأة ونظرة بذوات محارمه نسبا ورضاعا وصهرا. والنظر لحاجة خطبة ومعاملة ونظر الامة. فيجوز من ذلك ما جرت به العادة وما احتيج اليه. وشرط هذا الا يكون معه شهوة فان كان لم يجز. ومثله النظر للاضطرار كنظر الطبيب والمنقذ من ان مهلكة ونحو ذلك فهذا يجوز لما يحتاج اليه والله اعلم. السؤال الحادي والعشرون ما الفارق بين الثياب المباحة من المحرمة. واذا كان محرما فهل تصح به الصلاة ام لا؟ الجواب الاصل في الثياب واللباس الاباحة. قال الله تعالى قل من حرم زينة الله التي اخرج لعباده والطيبات من الرزق. فانكر على من حرم اللباس والمطاعم والمشارب التي اخرجها لعباده نعمة منه ورحمة فدل على ان اصلها الاباحة حتى يأتي من الشرع ما يدل على التحريم. ودخل في هذا الاصل جميع ما يتخذ منه الاكسية من اي نوع كان فهو مباح. ولم يحرم الشارع الا اشياء مخصوصة ترجع الى دفع الضرر وحفظ العباد في في دينهم ومعاشهم. والمحرم من اللباس اما لمكسبه الخبيث كالمغصوب ونحوه. فهذا تحريمه عام للذكور والاناث لاشتراك الجميع في المعنى الذي حرم لاجله. واما محرم لهيئته المشتملة على مفسدة. فكذلك هذا محرم على الصنفين. فيبكي يدخل فيه اللباس الذي يحصل فيه التشبه الخاص بالكفار وتشبه الرجال بلباس النساء الخاص بهن. وكذلك تشبه النساء لباس الرجال الخاص بهم فهذا النوع الحكم فيه يدور مع علته. فمتى وجد الشبه المحذور فالحكم بقاء المحظور ومتى لا زال ومن هذا النوع اللباس الذي فيه صور الحيوانات ولباس الفخر والخيلاء فهو محرم على الرجال والنساء. ومن يكون محرما على الرجال محللا للنساء. وذلك كالذهب والفضة واكسية الحرير الخالصة او التي غالبها حرير او فيها ااكثر من اربع اصابع من الحرير ويستثنى من هذا للرجل ما دون اربع اصابع من الحرير او اربع فقط واستعماله وفي الحرب او لمرض من حكة ونحوها. وكذلك كسوة الكعبة والمصحف بالحرير كل هذا جائز. واما تحريم الاكسية النجس كجلود السباع فهذا من باب وجوب تجنب الخبائث كلها في كل شيء. واما صحة الصلاة وعدمها في الثوب المحرم المتعلم بستر العورة فانها لا تصح به الصلاة فرضا ولا نفلا الا معذورا بجهل او نسيان. وكذلك المضطر فان كل معذور اذا فعل محظورا في العبادة فعبادته غير فاسدة. كما انه غير اثم. السؤال الثاني والعشرون ما الصور التي تصح الصلاة فيها لغير الكعبة؟ الجواب الاصل ان استقبال القبلة شرط لصحة الصلاة. وان من ترك الاستقبال فصلاته باطلة. لكن افنى من هذه صور منها المربوط والمصلوب لغير القبلة وفي شدة القتال. وهذا يرجع لعدم القدرة على الاستقبال. وكل من ان عجز عن شرط من شروط الصلاة او ركن من اركانها سقط عنه. ومنها المتنفل على الراحلة في السفر تتوجه جهة سيره ولا يلزم الاستقبال في كل شيء من صلاته على الصحيح. وعلى المذهب يلزمه افتتاح الصلاة الى القبلة اذا تمكن من ذلك. وكذلك الماشي ويلزمه الركوع والسجود اليها على المذهب. ومنها من اشتبهت عليه القبلة في السفر واجتهد. ثم تبين له بعد الفراغ انه لغير القبلة فلا اعادة عليه وعلى المسألتين قوله تعالى ولله المشرق والمغرب فاينما تولوا فثم وجه الله فسر وبكل منهما والصحيح ان الاية تعم ذلك وما هو اعم منه ومما يسقط وجوب استقبال القبلة اذا ركب السفينة. وهو هو لا يتمكن من الاستقبال لم يلزمنا. وان تمكن لزمه في الفرض دون النفل. فلا يلزمه ان يدور بدورانها والله اعلم السؤال الثالث والعشرون قد اشتهر عند اهل العلم ان لكل جارحة من اعضاء البدن عبودية خاصة في الصلاة فما هذه بالخواص؟ الجواب وما توفيقي الا بالله عليه توكلت واليه انيب. الاصل في هذا ان تعلم ان الصلاة المقصود الاعظم وبها اقامة ذكر الله والخشوع له والحضور بين يديه ومناجاته بعبادته. وهذا المقصود للقلب اصلا والجوارح كله تبع له. ولهذا يتنقل العبد في الصلاة من قيام الى ركوع ومنه الى سجود ومنه الى رفع. وهو في ذلك يتنوع في خشوعي لربه القيام بعبوديته ويتنقل من حال الى حال. ولكل ركن من الحكم والاسرار ما هو من اعظم مصالح القلب الروحي والايمان. ولهذا علق الله الفلاح التام على هذا في قوله قد افلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون ان يجتهد العبد في تدبر ما يقوله من القراءة والذكر والدعاء وما يفعله من هذه التنقلات. وكمال هذا ان يعبد الله انه يراه فان لم يقوى على هذا استحضر رؤية الله له وبحسب حصول هذا المقصود يحصل تأخيرها للعبد له من الاجر والثواب والقبول والقرب من ربه ما يحصل. ولهذا ورد في الاثر ليس لك من صلاتك الا ما عقلت منها. معناه حصول هذه المقاصد الجليلة والا ابراء الذمة وزوال التبعة تحصل باداء جميع لازمات الصلاة. ولكن يتفاوت المؤمنون في صلاتهم بحسب تفاوت ايمانهم فهذا المعنى الذي ذكرته واشرت اليه تشترك فيه جميع الجوارح الظاهرة والباطنة. ثم بعد هذا الاجمال فاللسان بعد القلب اعظمها واكثرها عبودية لانه يتنقل في صلاته من قراءة الى اذكار متنوعة الى ادعية بعضها واركان وبعضها واجبات وبعضها مكملات. اما الاركان المتعلقة باللسان فتكبيرة الاحرام وقراءة الفاتحة في كل ركعة على كل احد الا المأموم. اذا جهر امامه على القول الصحيح فيتحملها عنه. وعلى المذهب حتى في السر التشهد الاخير والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والتسليمتان. واما واجبات اللسان فالتكبيرات كلها غير الاحرام وغير التكبيرة الثانية للركوع في حق المسبوق. اذا ادرك الامام راكعا ثم كبر للاحرام فانها تجزئه هو عن تكبيرة الركوع لاجتماع عبادتين في وقت واحد من جنس واحد. فاكتفي فيهما بفعل واحد. فان كبر للركوع فهو اكمل فتبين بهذا التفصيل ان التكبيرات ثلاثة اقسام. ركن وهو تكبيرة الاحرام ومسنون وهو هذه الاخيرة وواجب واجب وهو باقيها ومن واجباته قول سمع الله لمن حمده للامام والمنفرد. وقول ربنا ولك الحمد للامام والمنفرد والمأموم وقول سبحان ربي العظيم مرة في الركوع. وسبحان ربي الاعلى مرة في السجود. وربي اغفر لي بين وما زاد على ذلك فهو مسنون مكمل. فالتشهد الاول واما باقي القراءة بعد الفاتحة وباقي التسبيحات والادعية هي تكميل التشهد فانها من سنن مكملات. فلا يشرع في الصلاة سكوت اصلا. الا اذا جهر الامام في شرع للمأموم الانصات لقرائته وكذلك لقنوته. كما قال تعالى واذا قرئ القرآن فاستمعوا له وانصتوا. وكما ان اللسان قالوا في هذه الانواع التعبدية فلا يحل ان يشغل بغيرها. ولهذا كانت حركته بغير ما يتعلق بالصلاة مبطلة للصلاة كلامي عمدا فانه مبطل اجماعا. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ان صلاتنا هذه لا يصلح ولا يحل فيها شيء من كلام الناس فان كان الكلام من جاهل الحكم او جاهل الحال او من ناس فالمشهور من المذهب ابطال الصلاة به الا ان نام فتكلم او غلب الكلام عليه حال قراءته. وعلى الصحيح كلام المعذور غير مبطل للصلاة. لان النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر المتكلم في صلاته جاهلا بالاعادة بل اخبره بالحكم فقط. وكذلك لما تكلم المسلمون حين سهى فسلم قبل اتمامها لم يأمرهم بالاعادة بل تكلم هو وهم وبنوا جميعا على ما مضى. واما ما يتعلق باليدين فرفع اليدين الى حذو المنكبين في اماكنها وهي عند تكبيرة الاحرام وعند تكبيرة الركوع وعند الرفع وكذلك على الصحيح عند الرفع من التشهد الاول ما ثبت به الحديث المشهور الاقتصار على الثلاثة الاول. وكذلك تكبيرات العيد اللاتي بعد تكبيرة الاحرام. وبعد تكبيرة انتقال للركعة الثانية وتكبيرات الجنازة كلها. والاستسقاء كالعيد وكذلك على المذهب تكبيرة السجود للتلاوة والشكر الصحيح لا يستحب رفعها بهما لان النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يرفعهما في السجود. ومن عبادة اليدين ان يكون في حال قيام قابضا يسراه بيمناه خاضعا لهما على سرته او تحتها او فوقها. وان يجعلهما على ركبتيه في الركوع مفرقتين ولا يستحب تفريق اصابعهما في غير هذا الموضع وان يجعلهما في سجوده حذو منكبيه مستقبلا بهما القبلة مجافيا لهما عن جنبيه مبسوطتين مضمومتي الاصابع وان يجعلهما على ركبتيه او فخذيه في الجلوس بين السجدتين مبسوطتين مضمومتي الاصابع موجها اصابعهما للقبلة. وكذلك في التشهدين الا انه ينبغي في التشهدين ان يقبض من اليمنى خنصر والبنصر ويحلق الابهام مع الوسطى. وان يشير بالسبابة الى توحيد الله وذكره. ومن خواص اليدين في حق المرأة ده تنبيه الامام الى سهو ان تصفق بهما. واما الرجل فالمشروع في حقه التسبيح كما امر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم الفرق بين الرجل والمرأة ظاهر لان المطلوب منها الاستتار لشخصها وكلامها فهذا ما يتعلق باليدين ومن المشترك بين بينهما وبين بقية الاعضاء السبعة الركبتين والقدمين والجبهة مع الانف ان السجود عليهما ركن لا تتم الصلاة الا به واما ما يتعلق بالقدمين فالقيام في الفرض ركن لا تتم الا به على القادر. وينبغي ان يفرقها ولا يضم بعضها االى بعض حيث امكن بلا مشقة وان تكونا في السجود منصوبتين وبطون اصابعهما على الارض موجهة اطرافها الى القبلة. واما الجلوس فينصب اليمنى ويوجه اصابعها الى القبلة ويفترش اليسرى ويجلس عليها الا في التشهد الاخير فيتورك بان يخرجها من تحته ويجلس على الارض. وكذلك ينبغي موازنة الرجلين فلا يقدم احداهما على الاخرى ان كانوا جماعة سووا صفوفهم بمساواة المناكب والاكعب. واما ما يتعلق بالعينين فالمشروع ان يكون نظره الى اوضعي سجوده لانه اعون له على الخشوع وعدم تفرق القلب كما شرع لاجل هذا المعنى ان يصلي الانسان الى سترة فان وفي السترة فوائد عديدة منها هذا المقصد ويستثنى من هذا اذا كان في التشهد فانه ينظر الى سبابته عند الاشارة الى التوحيد واستثنى الاصحاب اذا كان مشاهدا للكعبة فانهم قالوا ينظر اليها. والصحيح انه لا يستحب في الصلاة النظر الى الكعبة. وان كان النظر اليها خارج الصلاة عبادة. لانه في الصلاة يفوت الخشوع خصوصا اذا كان المطاف مشغولا بالطائفين ويستثنى من ذلك ايضا صلاة الخوف. انه ينبغي ان يكون نظره الى جهة عدوه الذي في قبلته لكمال الاحتراز. وليجمع بين الصلاة والجهاد وكما انه يستحب نظره الى موضع سجوده فيكره نظره في صلاته الى كل ما يلهي قلبه ويشوشه ولهذا كره العلماء ان يكون في قبلة المصلي ما يلهي من زخرفة او غيرها. ويكره ان يغمض عينيه او يرفع نظره الى السماء ويكره العبث بشيء من الاعضاء. فان كثر وتوالى لغير ضرورة بطلت به الصلاة. ويكره افتراش ذراعيه ساجدا. وتخصصه وتمطيه وان تثاوب كظم فان لم يستطع وضع يده على فيه ويكره من الجلوس والاقعاء وهو ان ينصب قدميه ويجلس عليهما. وقيل هو ان ينصب قدميه ويجلس بينهما. ويكره فرقعة الاصابع وتشبيكها. ومما يتعلق بالاعضاء الصفات المشروعة في هيئات الركوع والسجود والجلوس. فهذا الجواب يأتي على غالب او كل صفة الصلاة والله اعلم. السؤال الرابع والعشرون. ما المواضع التي لا تصح الصلاة فيها؟ الجواب الاصل في هذا قوله صلى الله عليه وسلم جعلت لي الارض الارض كلها مسجدا وطهورا. متفق عليه. الاصل ان جميع المواضع من الارض تصح فيها الصلاة كما هو صريح الحديث. فمتى ادعى احد عدم الصحة في موضع منها من غير دليل شرعي صحيح فقوله مردود والذي يصح النهي عنه غير الاماكن النجسة منصوبة والحمام واعطاني الابل والمقبرة سوى صلاة جنازة فيها فلا تضر. والحش من باب اولى واحرى. واما النهي عن الجزارة والمزبلة وقارعة الطريق وفوق ظهر بيت الله فهو ضعيف لا تقوم به حجة واضعف من ذلك قولهم الصحة هامش مثلها فالصواب جواز الصلاة في هذه الاماكن المجزرة وما بعدها. ان كان المذهب انها كلها لا تصح فيها. السؤال الخامس العشرون ما النية المشترطة للصلاة وغيرها؟ الجواب اعلم ان النية التي يتكلم عليها العلماء نوعان نية المعمول له ونية نفس العمل اما نية المعمول له فهو الاخلاص الذي لا يقبل الله عملا خلا منه بان يقصد العبد بعمله رضوان الله وثوابه وضده العمل لغير الله او الاشراك به في العمل بالرياء. وهذا النوع لا يتوسع الفقهاء بالكلام عليه. وانما يتوسع به اهل الحقائق واعمال القلوب وانما يتكلم الفقهاء بالنوع الثاني وهو نية العمل فهذا له مرتبتان. احداهما تمييز العادة عن العبادة بانه مثلا غسل الاعضاء والبدن تارة يقع عبادة في الوضوء والغسل وتارة يقع عادة لتنظيف وتبريد ان ونحوها كذلك مثلا الصيام تارة يمسك عن المفطرات يومه كله بنية الصوم وتارة من دون نية. فلابد في هذه مرتبة من نية العبادة لاجل ان تتميز عن العادة. ثم المرتبة الثانية اذا نوى العبادة فلا تخلو اما ان تكون مطلقة كالصلاة المطلقة والصوم المطلق فهذا يكفي فيه نية مطلق تلك العبادة. واما ان تكون مقيدة كصلاة الفرض والراتبة والوتر فلابد مع ذلك من نية ذلك العين لاجل تمييز العبادات بعضها عن بعض. فهذه ضوابط في النية نافعة مغنية عن تطويل البحث في النية وتحصيلها. وكون هذا زمنها او هذا او نحو ذلك من الامور التي ان صحت فهي من باب تحصيل للشيء الحاصل وكذلك مسائل الشكوك في النية التي اذا اهتم بها الانسان فتحت عليه ابواب الوسواس. ومن المعلوم ان من معه اهو عقله لا يمكنه ان يباشر عبادة بلا نية. حتى قال بعض العلماء لو كلفنا الله عملا بلا نية لكان من باب تكليف بما لا يطاق والله الموفق للصواب. السؤال السادس والعشرون المصلون امام او مأموم او منفرد. فهل يصوغ ان ينتقل اثناء صلاته من حالة الى اخرى؟ الجواب اما من دون عذر فلا يسوغ ان ينتقل من امامة الى امام او انفراد ومن اهتمام الى امامة او انفراد. ومن انفراد الى امامة او ائتمام. ومن امام الى اخر. واما عند العذر والحاجة الى شيء من ذلك فالصواب جواز ذلك كله بورود النص في افراد من هذه الامور. ولم يرد ما يدل على المنع في هذه الحال اما المشهور من المذهب فجوزوه في صور مخصوصة. منها اذا صلى لغيبة الامام الراتب ثم حضر الراتب في اثناء الصلاة جاز ان ان يرجع النائب من الامامة الى الائتمان بالراتب. ومنها اذا سبق اثنان في الصلاة فاتم احدهما بالاخر في قضاء ما فاته بعد سلام الامام الاول فقد انتقل من امام الى امام كالاولى. ومنها اذا احرم منفردا ظانا حضور مأموم ثم المأموم فقد انتقل من انفراد الى امامة فقد يقال انه في هذه الحال كان قد نوى امامة من سيدخل معه. ومنها اذا عرض للامام عارض يسوغ له الخروج من الصلاة او الانفراد ثم استناب بعض المأمومين جاز. فقد انتقل من ائتمام الى امامة ان عكس الاولى ومنها اذا عرض للامام او المأموم عذر او شغل يبيح ترك الجماعة جاز ان ينفرد ويكمل صلاته وحده قد انتقل من امامة الى انفراد ومن ائتمام الى انفراد. ومنها اذا صلى بمأموم ثم فارقه المأموم لعذر او لا. نوى امام الانفراد وكمل صلاته. فقد انتفل من امامة الى انفراد والله الموفق للصواب. السؤال السابع والعشرون عن اسباب وجود السهو وكيفية حكم تلك الاسباب؟ الجواب وبالله التوفيق هذا سؤال جامع يحتاج الى جواب جامع لجميع تفاصيل وجود السهو وما يناسبها ويرتبط بها. وهذا الباب من اصعب ابواب العبادات. لانتشار مسائله واشتباهها. وبحول الله سيأتي الجواب جامعا لمتفرقاته مقربا لبعيده مسهلا لشديده. اعلم رحمك الله بالعلم النافع والعمل الصالح ان اسباب سجود السهو لا غيب. واحد زيادة اثنان ونقصان ثلاثة وشرك في الصلاة. اما الزيادة في الصلاة فلا تخلو من حالين. اما ان تكون من من جنس الصلاة كزيادة قيام او قعود او ركوع فهذه زيادة فعلية ان تعمدها المصلي بطلت صلاته وان فعلها انسيا او جاهلا صح صلاته وعليه سجود السهو. فهذه زيادة افعال من جنس الصلاة. وان كانت الزيادة التي من جنس الصلاة تأتي زيادة اقوال كأن يأتي بقول مشروع في غير محله فان كان سهوا استحب السجود له ولم يجب ان كان عمدا فهو مكروه ان كان قراءة في ركوع او سجود او تشهد في قيام. وان كان غير ذلك فهو ترك للاولى. وان كانت الزيادة الفعلية او القولية من غير جنس الصلاة مثال الفعلية الحركة والاكل والشرب فهذه لا سجود فيها ولكن يبحث عن حكمها من جهة طال الصلاة وعدمه. اما الحركة فهي ثلاثة اقسام. حركة مبطلة وهي الكثيرة عرفا. المتوالية لغير ضرورة. وحركة مكروهة وهي اليسيرة لغير حاجة وحركة جائزة وهي اليسيرة لحاجة او الكثيرة للضرورة وقد تكون مأمورا بها كالتقدم والتأخر في صلاة الخوف ومثله التقدم الى مكان فاضل. واما الاكل والشرب فان كان عمدا ابطلها الا يسير الشرب في النفل وان كان سهوا ابطلها الكثير. ومثال القولية التي من غير جنس الصلاة الكلام. فان كان عمدا غير جاهل ابطلها. وان كان سهوا او جهلا فالصحيح انه لا يبطلها. والمذهب الابطال كما تقدم. واما النقصان فلا يخلو اما ان يكون نقص ركن او نقص واجب او نقص مسنون. فان كان نقص ركن وذكره قبل السلام وقبل شروعه في قراءة الركعة التي بعد المتروك منها لزمه ان يأتي به وبما بعده. وان كان بعد شروعه في قراءة التي بعدها. فكذلك على الصحيح لان الذي فعله بعد وقع لاغيا عفوا فيرجع فيأتي بالمكروك وبما بعده ان لم يصل الى محله. فان وصل الى محله فلا حاجة الى الرجوع بانه قد حصل الوصول اليه وعلى المذهب لا يرجع بعد الشروع في القراءة. بل تقوم هذه الركعة مقام الركعة المتروكة منها الركن وتنوب منابها وتلغو تلك الركعة وعليه السجود للسهو في هذه السور. وان ذكر المتروك بعد السلام فكتركه قبله وعلى الصحيح وعلى المذهب كترك ركعة كاملة. فيأتي بركعة كاملة الا ان يكون المتروك تشهدا اخيرا او جلوسا له فيأتي به. وعليه السجود في هذه الصور كلها. فهذا تفصيل القول في ترك الاركان. ويستثنى منها اذا كان المتروك تكبيرة الاحرام ترامب فان الصلاة وقعت غير مجزية فتعاد من اصلها. واما نقص الواجب فان ذكره قبل الوصول الى الركن الذي يليه وجب عليه الرجوع وان وصل الى الركن الذي يليه لم يرجع مطلقا على الصحيح وعلى المذهب يستثنى التشهد الاول اذا وصل الى القيام لان يشرع في القراءة يجوز له الرجوع. والاولى عدم الرجوع. وعليه سجود السهو في كل هذه الصور. وان كان ترك الركن والواجب بطلت الصلاة. واما نقصان المسنون فاذا ترك مسنونا لم تبطل صلاته. ولم يشرع السجود لتركه سهوا. فان سجد فلا بأس ولكنه يقيد بمسنون كان من عزمه ان يأتي به فتركه سهوا. اما المسنون الذي لم يخطر له على بال او كان من عادته في تركه فلا يحل السجود لتركه لانه لا موجب لهذه الزيادة. واما الشك فان كان بعد السلام لم يلتفت اليه كذلك اذا كثرت الشكوك لا يلتفت اليها. وان لم يكن كذلك فالشك اما في زيادة او نقصان. الشك في زيادة ركن او واجب في غير هل للذي هو فيه لا يسجد له. واما الشك في الزيادة وقت فعلها فيسجد له. واما الشك في نقص الاركان فكتركها. والشك في ترك كالواجب لا يوجب السجود. واذا حصل له الشك بنى على اليقين وهو الاقل. تساوى عنده الامران او غلب احدهما اماما كان او هذا المذهب وعن احمد يبني على اليقين الا ان كان عنده غلبة ظن فيأخذ بغلبة ظنه. هذا القول هو الذي تدل النصوص الشرعية. فهذه اسباب سجود السهو وتفاصيلها لا يشذ عنها شيء. حيث وجب عليه سجود السهو او شرع له فهو مخير من شاء جعله قبل السلام وان شاء جعله بعده. والله تعالى اعلم. السؤال الثامن والعشرون ما حكم السجود على هائل الجواب السجود على حائل ثلاثة انواع. ممنوع وجائز ومكروه. فالممنوع اذا جعل بعض اعضاء سجوده على كبعض كأن يجعل يديه او احداهما على ركبتيه او يسجد بجبهته على يديه او يضع احدى رجليه على الاخرى فهذا غير جائز وهو مبطل للصلاة لان السجود على الاعضاء السبعة ركن. وفي هذه الحال ترك منها ذلك العضو وصار الحكم للعضو تاجد واما الحائل المكروه فان يسجد على ثوبه المتصل به او عمامته من غير عذر. واما الجائز فان كان الحائل غير متصل بالانسان فدخل في ذلك الصلاة على جميع ما يفرش من الفرش المباحة. السؤال التاسع والعشرون ما حكم سترة المصلي الجواب لها حكمان حكم في حق المصلي وحكم في حق المار. اما المصلي فيسن ان يصلي الى سترة شاخصة ويدنو من منها ويجعلها يمينه او يساره. فان لم يجد شاخصا خط خطا وفي ذلك فوائد. منها اتباع السنة وطاعة الله ورسوله ومنها انه يرد البصر عن مجاوزته فيمنع القلب من الالتفات. ولها في هذا المعنى خاصية عجيبة. ومنها انه يفيده انه لا يقطع صلاته ولا ينقصها من مر ورائها. فان مر احد دونها نقص صلاته الا ان يكون المار امرأة او نارا او كلبا اسود بهيما فانه يبطلها كما صح به الحديث. والمشهور ان المرأة والحمار لا يبطلانها. لكن الاول اولى واما في حكم المار فيحرم المرور بين المصلي وسترته. فان لم يكن سترة فاذا مر وبين يديه نحو ثلاثة اذرع فانه اعصموا المار اثما عظيما الا ان يصلي في موضع يحتاج الناس الى المرور فيه او في المسجد الحرام خصوصا فيما قرب من البيت والصحيح انه يقيد ذلك بالحاجة والحاجة تختلف بحسب كثرة الناس في البيت الحرام وقلتهم. واذا مر بين يديه في الحالة التي لا يجوز له المرور فيها دفعه عنه بالاسهل فالاسهل. السؤال الثلاثون ما الحالة التي يسقط فيها شيء من الاركان في الصلاة مع القدرة؟ الجواب يسقط القيام عن المأمومين اذا صلى بهم الامام الراتب جالسا لعجزه عن القيام. فيشرع لهم الجلوس وهو اولى من القيام الا اذا ابتدأ بهم الصلاة قائما ويسقط بالمداواة اذا كان القيام يمنع الحصول المقصود ويسقط ايضا اذا خاف عدوا ينظر اليه اذا قام فتسقط الفاتحة عن المأموم اذا جهر امامه فيتحملها الامام عنه ويسقط القيام ايضا للعريان على المذهب. والصحيح عدم السقوط لعدم الدليل على سقوطه. وكذلك على المذهب اذا قدر ان يصلي في غير الجماعة قائمة. واذا حضر الجماعة لم يقدر على القيام. فالمذهب انه يخير. فقيل يقدم القيام. فقيل يقدم صلاة الجماعة وهو اولى لان القيام في حقه يصير غير ركن لعجزه عنه ويدرك الجماعة التي لا تعد مصالحها. السؤال الحادي والثلاثون ما السوا والايات المخصوصة المشروعة قراءتها في الصلاة. الجواب يشرع قراءة قل يا ايها الكافرون بعد الفاتحة في الركعة الاولى وفي الثانية نية قل هو الله احد في سنة الفجر وكذلك المغرب واخر الوتر وسنة الطواف. ويشرع ايضا في ركعتي الفجر في الركعة الاولى بعد الفاتحة قولوا امنا بالله الى اخر الاية وفي الثانية قل يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم الاية ويسن ان يقرأ في فجر الجمعة الف لام ميم تنزيل السجدة. وفي الثانية الاتي على الانسان وفي صلاة الجمعة سبح والغاشية او سورة الجمعة والمنافقون. وفي العيدين بقاف والقرآن المجيد وبسبح والغاشية فهذه الصلوات التي خصصت فيها هذه السور والايات لحكم لا تخفى على من تدبرها مع جواز قراءة غيرها. السؤال الثاني اي والثلاثون ما الذي يجوز من الصلوات اوقات النهي؟ الجواب يجوز فيه واحد الفرائض اثنان والمنذورات ثلاثة وسنة الظهر اذا جمع بينها وبين العصر اربعة واعادة جماعة اقيمت وهو في المسجد على المذهب وعلى الصحيح ولو اقيم مت وهو خارج المسجد خمسة وسنة الطواف ستة. واذا دخل والامام يخطب سبعة وكذلك على الصحيح ذوات الاسباب السؤال الثالث والثلاثون من الذي تجب عليه الجماعة والجمعة؟ الجواب تجب الجماعة على الذكور المكلفين القادرين ايضا في وجوب الجمعة ان يكون مستوطنا بقرية؟ وهل الحرية شرط لوجوب الجمعة والجماعة على قولين المذهب منهما اشتراطها فلا تجبان على عبد مملوك لاشتغاله بخدمة سيده. الصحيح وجوب جميع التكاليف البدنية على المكلفين من الارقاء جماعة او جمعة او غيرهما. لان النصوص الموجبة لذلك تتناول الارقاء كما تتناول الاحرار. ولان وجوب الصلاة والصيام ونحوهما لم يختلف الناس انها شاملة للصنفين. فكذلك يجب ان تكون الجمعة والجماعة. وقولهم العبد مشغول بخدمة سيده يجاب عنه بانه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. الخدمة الواجبة للسيد مؤخرة عن حق الله تعالى العبد وسيده داخلان في رق التكليف. اما العبادات المالية كالزكاة والحج حيث احتاج للمال والكفارات والنذور المالية العبد فيها في حكم المعسر لانه لا يملك ولو ملكه السيد فالمال الذي بيده للسيد يتعلق بالسيد احكامه والله اعلم السؤال الرابع والثلاثون الذي يقضيه المسبوق هل هو اول صلاته او اخرها؟ الجواب ليس باولها في ابتداء النية وتكبير الاحرام قولا واحدا. وكذلك اذا ادرك المسبوق من الثلاثية او الرباعية ركعة فانه اذا قام يقضي ما عليه لا يسرد ركعتين بل يصلي ركعة ثم يجلس للتشهد ثم يتم ما عليه وما سوى هذه الصور الثلاث فيها قولان في المذهب هما روايتان عن الامام احمد المشهور عند المتأخرين ان ما يقضيه اول صلاته فيستفتح له ويستعين ويقرأ مع الفاتحة غيرها. وهذا لان القضاء يحكي الاداء فيقتضي ان الذي يقضيه يكون بصفة ما فاته سوى الصور المتقدمة هذا حجة هذا القول. واما استدلال بعضهم بان في بعض الفاظ حديث ابي هريرة فما ادركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا فليس الاستدلال صحيحا. لان القضاء بمعنى ان الاتمام كما هو طريقة الكتاب والسنة. والقول الاخر ان الذي يقضيه هو اخر صلاته. وهو الصحيح الذي تدل عليه الادلة والواقع فان الحديث صح بلا شك قوله وما فاتكم فاتموا. والاتمام بناء الاخر على الاول وتتميمه له. ولفظه بمعناها ويدل على ذلك الصور السابقة. فلو كان ما يقضيه اول صلاته لوجب عليه ابتداء النية وتكبيرة الاحرام في قضاء طيب وايضا هذا خلاف الواقع فليس اخر الشيء هو اوله. لكن قال بعض القائلين بهذا القول اذا قام لقضاء اولتي الرباعية او الثلاثية قرأ مع الفاتحة استدراكا للقراءة الفائتة. وهذا قول حسن. السؤال الخامس والثلاثون اذا سبق المأموم امامة فما حكم ذلك؟ الجواب المشروع ان المأموم لا يشرع في ركن حتى يصل امامه الى الركن الذي يليه كما دلت عليه الاحاديث اذ وعمل الصحابة رضي الله عنهم. واما سبق المأموم لامامه فهذا محرم منهي عنه. متوعد عليه بالعقوبة. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم اما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الامام ان يحول الله رأسه رأس حمار او يجعل صورته صورة وقال انما جعل الامام ليؤتم به. والحديثان في الصحيحين. واما حكم سبقه له فلا يخلو الحال اما ان يكون السبق عمدا واما ان يكون جهلا او نسيانا. فالعمد يبحث فيه عن الاثم وعن بطلان الركعة وبطلان الصلاة. والجهل والنسيان انما يبحث فيهما عن بطلان الركعة فقط وبيان ذلك انه ان سبقه عمدا ذاكرا بركن الركوع او بركنين غير الركوع فان صلاته تبطل بمجرد هذا السبق مثال سبقه بركن الركوع ان يركع المأموم ويرفع من الركوع قبل ان يصل الامام للركوع. ومثال بركنين ان يسجد المأموم قبل سجود امامه ثم يرفع ثم يسجد السجدة الثانية قبل ان يصله الامام. فهذا تبطل صلاته هو يعيدها من اولها وان سبقه بركن غير الركوع او الى ركن الركوع بان ركع مثلا قبل ركوع امامه فهذا عليه ان يرجع جعل يأتي بالركوع بعد امامه فان لم يفعل حتى ادركه الامام فيه بطلت صلاته ولا تبطل صلاته بمجرد هذا السبق الى ركن ركن الركوع او بركن واحد غير الركوع على المذهب. وعن احمد ما يدل على بطلان صلاته بمجرد السبق. وهو ظاهر الادلة فهذا هذا حكم المتعمد. واما اذا وقع السبق نسيانا او جهلا فلا يخلو اما ان يرجع فيأتي بما سبق به مع الامام او لا. فان رجع ركعته مطلقا سواء كان السبق الى ركن او بركن او بركنين او اكثر فان لم يرجع حتى لحقه الامام فان كان سبقه الى ركن الركوع بان ركع ساهيا او جاهلا قبل امامه ثم ركع الامام والسابق في ركوعه صحت ركعته واعتد بها ومثله السبق بركن واحد غير الركوع. وان كان السبق بركن الركوع او بركنين غير الركوع فان رجع قبل وصول الامام له صحت ايضا ركعته وان لحقه الامام لغت الركعة التي وقع فيها السبق. هذا تفصيل جامع لاحوال المسابقة. فقد تبين ان الجاهل تبطل صلاته على كل حال. وكذلك الناس وانما التفصيل المذكور في ركعته هل يعتد بها ام لا؟ السؤال السادس والثلاثون ما الصفات المعتبرة في الامام في الصلاة اشتراطا واولوية؟ الجواب اذا جمع الامام خمسة امور الذكورية والتكليف والاسلام والعدالة والقدرة على جميع شروط الصلاة واركانها صحت امامته في كل الاحوال الا الجمعة فيشترط مع خمسة الحرية والاستيطان في القرية. فان اختل من هذه الامور شيء فاما الا تصح صلاته وامامته كالكافر. واما ان تصح صلاته دون امامته كالفاسق واما ان تصح امامته في النفل مطلقا وفي الفرض بمثله كالصبي المميز. واما اان تصح امامته بمثله فقط كالمرأة والعاجز عن شيء من الاركان والشروط ويستثنى الامام الراتب اذا عجز عن القيام فتصح امامته بالقادرين عليه. فكذلك الرفيق والمسافر وغير المتوطن لا تصح امامتهم في الجمعة. هذا التفصيل المذكور هو المشهور في المذهب وفيه قول اخر وهو الاصح دليلا ان كل من صحت صلاته لنفسه صحت امامته بل من لم تصح صلاته لنفسه اذا لم يعلم به المأموم حتى فرغ فلا اعادة وليس ثم دليل يجب المصير اليه في ابطال امامة الفاسق والعاجز عن الشروط والاركان والصبي البالغ بل عموم الادلة تدل على جواز ذلك. والنبي صلى الله عليه وسلم قال في ائمة جور يصلون لكم فان اصابوا فلهم ولكم وان اخطأوا فعليهم ولكم. والعاجز عن واجبات الصلاة لا يصير مخلا بواجب عليه. فكما انه معذور فالمصلي خلفه كذلك. وعموم قوله صلى الله عليه وسلم يؤم القوم اقرؤهم لكتاب الله. فان في القراءة سواء فاعلمهم بالسنة فان كانوا بالسنة سواء فاقدمهم هجرة. وهو في الصحيح يتناول العدل والفاسق والحر والعبد والكبير والصغير والمسافر والمقيم والجمعة والجماعة والقادر على جميع الاركان والشروط والعاجز عن بعضها. وقد عمرو بن سلمة قومه وهو ابن سبع سنين في زمن النبي صلى الله عليه وسلم. هذا في صحة الامامة فقط بقطع النظر عن الاولوية واما من هو اولى بالامامة فاعلم ان جميع الولايات والتقديمات الشرعية ينظر فيها الى من هو اقوم بمقاصد تلك الولاية واعظمهم كفاءة وقدرة عليها ومنها الامامة. فقد فصل النبي صلى الله عليه وسلم فيها الامر في الحديث السابق. وجعل العلم بالكتاب والسنة والدين هي اولى ما يقدم به الامام. فمن جمع القراءة والعلم والدين فهو احق بالامامة. فان اشترك اثنان فاكثر وفي هذه الصفات المتميز منهما والراجح يرجح والترجيحات متعددة قد ذكرها الفقهاء ومع الاستواء في وجودها او عدمها آآ الاسن وهذا في ابتداء الامر والا من كان مترتبا في مسجد او في بيته فهو احق بالامامة من غيره. وان كان الغير افضل منه بتلك الصفات وهذا مضطرد في جميع الولايات والوظائف الدينية ان كان المتولي لها غير مخل بمقصودها فلا عليه ويقدم غيره ولو افضل منه. واما الذي يعتبر التقديم به في الفضل في الصفات المقصودة ففي ابتداء الامر لا في استمراره ودوامه فلا تؤخذ احكام الابتداء من احكام الدوام ولا بالعكس والله اعلم. السؤال السابع والثلاثون ما الذي يعتبر في داء المأموم بامامه. الجواب الشرط الذي لا يختلف العلماء فيه انه اذا امكن المأموم متابعة امامه فلابد من هذا الشر وان كانوا متابعته برؤية للامام او لمن خلفه او سماع صوته او صوت المبلغ عنه. فمتى فقد هذا الشرط لم يصح الاقتداء ومتى وجد الامام والمأموم في المسجد لم يشترط غيره فان كان احدهما خارج المسجد فلابد من رؤية المأموم للامام او لمن خلفه ولو في بعض الصلاة ولابد ايضا الا يكون بينهما طريق مسلوك او نهر تجري فيه السفن على المذهب. والصحيح عدم اعتبار الامرين وهو احد القولين في المذهب لعدم الدليل على ايجاب ذلك مع امكان الاقتداء ولعدم المانع في مواضع صلاتهما فلا يضر الحائل المانع هذا مع قولنا ان الصلاة لا تصح في الطريق. وان قلنا بصحتها وهو الصحيح فالامر واضح. السؤال الثامن والثلاثون في موقف المأموم مع امامه في الصلاة. الجواب الموقف اربعة واجب ومندوب وجائز وممنوع. اما فهو وقوف المأمومين اذا كانوا اثنين فاكثر خلف الامام ووقوف المرأة الواحدة خلف الرجل. والجائز وقوف المأمومين جانبي الامام او عن يمينه ووقوف المرأة عن يمين الرجل واختلف في الوقوف عن يسار الامام مع خلو يمينه. المذهب انه ممنوع والصحيح انه من الجائز وادارة النبي صلى الله عليه وسلم ابن عباس لما وقف عن يساره الى يمينه يدل على استحباب ذلك تحباب الادارة لا وجوبها. لان فعله صلى الله عليه وسلم يدل على الندب. الموقف الممنوع وقوف الرجل وحده خلف الامام او خلف الصف مطلقا على المذهب وعلى القول الثاني في حال امكان اصطفافه فان لم يمكنه بان لم يجد في الصف مكان سقط عنه توبوا للاصطفاف ووقف وحده. واما العراة يقف بينهم وجوبا. والمرأة اذا امت النساء تقف وسطهن استحبابا. فان وقف معه من يعلم دموا عدم صحة صلاته فهو منفرد. وان وقف معه محدث او نجس لا يعلم منه ذلك فالاصطفاف صحيح. وان وقف معه صبي وهو رجل لم يصح على المذهب وعلى القول الصحيح يصح والله اعلم. السؤال التاسع والثلاثون عن رخص السفر ما هي من قواعد الشريعة المشقة تجلب اليسر. ولما كان السفر قطعة من العذاب يمنع العبد نومه وراحته وقراره رتب الشارع عليه ما رتب من الرخص حتى ولو فرض خلوه عن المشقات. لان الاحكام تتعلق بعللها العامة. فان تخلفت في بعض السور والافراد فالحكم الفرد يلحق بالاعم ولا يفرد بالحكم. وهذا معنى قول الفقهاء النادر لا حكم له. يعني لا اينقض القاعدة ولا يخالف حكمه حكمها؟ فهذا اصل يجب اعتباره. فاعظم رخص السفر واكثرها حاجة القصر. لذلك ليس قصر من الاسباب غير السفر. ولهذا اضيف السفر الى القصر لاختصاصه به فتقصر الرباعية من اربع الى ركعتين. ومن معاني قصر اركان الصلاة وهيئاتها. ولذلك قال الفقهاء في قراءة قصار المفصل الفجر لا ينبغي الا في السفر. ومن رخصه الجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء في وقت احداهما. الجمع اوسع من القصر. ولهذا له اسباب اخر غير السفر كالموت والاستحاضة ونحوها من الحاجات. والقصر افضل من الاتمام بل يكره الاتمام لغير سبب. واما الجمع في السفر فالافضل ترك الا عند الحاجة اليه او ادراك الجماعة به. فاذا اقترن به مصلحة جاز. ومن رخص السفر الفطر في رمضان. الصلاة النافلة صلة على الراحلة الى جهة سيره فكذلك المتنفل الماشي ومنها المسح على الخفين والعمامة والخمار ونحوها ثلاثة ايام لياليها. واما التيمم فليس سببه السفر. ان كان الغالب ان الحاجة اليه في السفر اكثر منه في الحضر. ولعل هذا السبب في ذكر في اية التيمم فان كنتم مرضى او على سفر. الاية وانما سبب التيمم العدم للماء او الضرر باستعماله. قال تعالى فلم تجدوا ما ان فتيمموا فكذلك اكل الميتة للمضطر عام في السفر والحضر ولكن الغالب وجود الضرورة في السفر ومن رخص السفر ايضا انه موسع للانسان ان يترك الرواتب في سفره ولا يكره له ذلك مع انه يكره تركها في الحضر ومن رخص السفر ما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم من مرض او سافر كتب له ما كان يعمل صحيحا مقيما. فالاعمال التي يعملها في حضره من الاعمال القاصرة والمتعدية يجري له اجرها اذا سافر وكذلك اذا مرض فيا لها نعمة ما اجلها واعظمها. واما صلاة الخوف فليس سببه السفر ولكنه فيه اكثر. السؤال الاربعون ما الامور التي اشتركت فيها مع العيدين والتي افترقت؟ الجواب وبالله الاعانة والوصول الى ما يحبه ويرضاه. اعلم ان الشارع من حكمته ومحاسن شرعه شرع للمسلمين الاجتماع للصلوات وانواع التعبدات. وهو اما اجتماع خاص كاجتماع اهل المحال المتقاربة لجماعة الصلوات الخمس واما اجتماع عام يجتمع فيه اهل البلد في مسجد واحد للجمعة. واما اجتماع اعم من ذلك كاجتماع اهل للبلد رجالهم ونسائهم احرارهم وارقائهم في الاعياد. واما اجتماع اعم من ذلك كله. كاجتماع المسلمين في جميع اقطار الارض في عرفة ومناسك الحج. وفي هذه الاجتماعات من الحكم والاسرار ومحاسن الشريعة ومصلحة الامة ما لا ولا يحصر فمنها اظهار شعائر الدين وبروزها مشاهدا جمالها عند الموافقين والمخالفين. فان الدين نفسه وشعائره من اكبر الادلة على انه الحق. وانه شرع لوصول الخلق الى صلاح دينهم ودنياهم وصلاح اخلاقهم واعمالهم. سعادتهم الدنيوية والاخروية فوقوف الخلق على حقيقة دين الاسلام وشرحه لافهام الناس كاف وحده لكل منصف قصده الحقيقي لمحبته وبيان انه لا دين الا هو. وان ما خالفه فهو باطل. وايصال هذا المعنى لافهام الخلق له طرق كثيرة من ابلغها واجلها اظهار هذه الشعائر وما احتوت عليه من التقربات واصناف العبادة. ولهذا كانت هذه الشعائر علما على بلد اسلامي وظهور الدين وعلوه على سائر الاديان. ومنها ان حقائق هذه العبادات لا تحصل بدون الاجتماعات المذكورة. فالحكم التي لاجلها متوقفة على هذا الاجتماع. ومنها ان اجتماع الخلق لهذه العبادات من اعظم محبوبات الرب لما فيها من تنشيط العبادة الى عبادة ربهم وزيادة رغبتهم وتنافسهم في قربه وحصول ثوابه وسهولة العبادة عليهم وخفتها وكثرة ما تشتمل عليهم من الانكسار لعظمة الرب والتذلل له والتضرع وخشوع القلب وحضورها بين يدي الله واجتماعهم على طلبهم من ربهم مصالحهم عامة المشتركة والخاصة ومنها ما في اجتماع المسلمين من قيام الالفة والمودة لان الاجتماع الظاهر عنوان الاجتماع الباطن وتفكيرهم في في مصالحهم والسعي للعمل لها وتعلم بعضهم من بعض. فالعلم الذي لابد منه للصغير والكبير والذكر والانثى قد تكفلت هذه اجتماعاته بحصوله ولولا هذه الاجتماعات لم يعرف الناس من مبادئ دينهم واصوله شيئا الا افذاذا منهم. لهذا كان الوافد يفد الى النبي صلى الله عليه وسلم ويسأله عن الصلوات الخمس فيأمره بحضور الصلاة معه يوما او يومين ثم ينصرف من عنده فاهما لصلاته النبي صلى الله عليه وسلم وقال صلوا كما رأيتموني اصلي. وقد حج النبي صلى الله عليه وسلم بعد فرض الحج مرة واحدة. وحج معه المسلمون وقال خذوا عني مناسككم. فانصرف الناس اخذين عن نبيهم صلى الله عليه وسلم احكام الحج الكلية والتفصيلية والتعليم العملي ابلغ من التعليم القولي والجمع بينهما اكمل. ومنها ان في هذه الاجتماعات من معرفة مراتب المسلمين وهم عليه من العلم والدين والاخلاق والمحافظة على الشرائع او غير ذلك من اعظم الفوائد المميزة لتحصل معاملتهم بحسب ذلك ولولا هذا الاجتماع لكان ناقص الدين قليل الاهتمام به يتمكن من ترك شرائعه ولا يمكن الزامه بها. وفي ذلك من مضرته اضرت العموم ما فيه. وفي الجملة فيها من صالح الدين والدنيا ما هو من الضرورات التي لا بد منها. فهذه الفوائد وغيرها قد اشتركت في وبانها من شروط الدين وواجباته وبانها ركعتان يجهر فيهما في القراءة وبمشروعية الخطبتين فيهما. فالذي اشتركت فيه اكثر مما افترقت استحباب التجمل والتطيب وتبكير المأموم اليهما وتأخر الامام الى وقت الصلاة والاستيطان والعدد على قول به افترقت باشياء بحسب احوالها ومناسبة الحال الواقعة. فمنها الوقت الجمعة من الزوال الى وقت العصر عند اكثر علماء عند الامام احمد من اول صلاة العيد الى وقت العصر. ووقت العيد من ارتفاع الشمس قيد رمح الى قبيل الزوال. ومنها ان صلاة الجمعة اذا فاتت لا تقضى بل يصلون ظهرا. واما العيد فتقضى من الغد بنظير وقتها. فالفرق ان العيد لما كان لا قرروا الا بتكرر العام ولا يمكن تفويت ما في ذلك الاجتماع من المصالح شرع قضاؤه. واما الجمعة فتتكرر بالاسبوع. فاذا اسبوع حصل المقصود بالاخر مع حكمة اخرى وهي ان العيد كثيرا ما يعذر الناس بفواته لتعلقه بالاهلة بخلاف الجمعة ومنها ان الجمعة الخطبتان قبلها والعيدين بعدهما. فقد ذكر الحكمة في ذلك انهما في العيد سنة. وفي الجمعة شرط لازم قم بتقديمه وهذا ايضا فرق اخر. ومنها انه يشرع في صلاة العيد تكبيرات زوائد في اول كل ركعة في الاولى. ست بعد تكبيرة الاحرام في الثانية خمس بعد تكبيرة الانتقال. ومنها ان المشروع ان تكون صلاة العيدين في الصحراء الا لعذر الجمعة المشروع ان تكون في قصبة البلد الا لعذر. فمن الحكمة في ذلك لاشتهار العيد وزيادة اظهاره ولاشتراك الرجال والنساء اي فيه هذا ايضا من الفروق بينهما. ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر النساء بالخروج للعيد حتى يأمر ذوات الخدود وحتى يأمر الحيض ليحضرن دعوة المسلمين. فان دعوتهم مجتمعة اقرب للاجابة. كما ان العبادة المشتركة افضل ومن المنفردة حتى فضلت صلاة الجماعة على صلاة الفذ بسبع وعشرين ضعفا. وهذا من المعاني المشتركة. ومنها وجوب فطر يوم العيد دون جمعة فان افراد صومه مكروه لكون العباد اضياف كرم الكريم فيهما. ومنها انه في العيد ينبغي ان يخرج من طريق ويرجع في اخر بخلاف الجمعة ومنها كراهة التنقل في مصلى العيد قبل الصلاة وبعدها بخلاف الجمعة. ومنها ان الجمعة فرض عين بالاجماع. واما العيدان ففيهما خلاف معروف المشهور من المذهب انهما فرض كفاية. والصحيح انهما فرض عين وهو احدى الروايتين عن احمد اختارها الشيخ تقي الدين ومنها ما يتعلق بالعيدين من زكاة الفطر والتكبير المطلق والمقيد ومن الاضاحي والهدي فلا تشاركها فيها ومنها ان في الجمعة ساعة لا يوافقها مسلم يدعو الله الا استجيب له ولم يرد مثل هذا في العيدين. كذلك استحب العلماء زيارة القبور يوم الجمعة دون العيدين. فالجمعة تتأكد فيهما الزيارة والعيد استحباب مطلق كسائر الايام. ومن الفروق ما قال له الاصحاب ان خطبتي العيدين تستفتح الاولى بتسع تكبيرات والثانية بسبعة بخلاف الجمعة فانها تستفتح بالحمد. صحيح استواء بالاستفتاح بالحمد كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يستفتح جميع خطبه بالحمد. تشترك صلاة عيد الفطر وصلاة عيد النحر احرفي جميع هذه الاحكام ويفترقان في امور يسيرة بحسب وقتهما. ففي الفطر ينبغي الا يخرج من بيته حتى يأكل تمرات الوتر تحقيقا للفرق بينه وبين الايام التي قبله في وجوب الصيام ووجوب الفطر. كما يكره ان يتقدم شهر رمضان بصيام يوم او ويومين كما يكره قرن الفرائض بسننها وكره للامام ان يتطوع موضع المكتوبة. الحكمة في ذلك لاجل ان يتميز الفرد من غيره واما النحر فلا ينبغي ان يأكل الا من اضحيته بعد الصلاة. وعيد الفطر تتعلق به احكام صدقة الفطر. وعيد النحر تتعلق وبه احكام الاضاحي. ولهذا ينبغي في خطبة عيد الفطر ان يذكر احكام صدقة الفطر. وفي النحر ان يذكر احكام الاضاحي. وهذا من الفروع بل ينبغي لكل خاطب ومذكر ان يعتني بهذا المقصود يذكر الناس ما يحتاجون اليه بحسب الزمان والمكان والاحوال الاسباب كما كانت خطب النبي صلى الله عليه وسلم على هذا النمط لان المقصود بالخطب امران تعليم الناس ما ينفعهم من مهمات دينهم ترغيبهم وترهيبهم بالوعظ عن التقصير بالمأمور والوقوع في المحظور. السؤال الحادي والاربعون ما الاحكام المتعلقة بالميت على وجه الاجمال؟ الجواب احكامه نوعان نوع يتعلق بذاته ونوع يتعلق بمخلفاته. اما النوع الاول فهو تجهيز تركيزه بالتغسيل والتكفين والصلاة عليه ودفنه وحمله وهي فرض كفاية لشدة حاجته وضرورته الى هذه الامور. وتجهيزه الى رب باحسن الاحوال من تمام النظافة. شفاعة اخوانه المسلمين ودعائهم له واكرامه واحترامه الشرعيات. واما المتعلق بمخلفات فاتح فيتعلق بتريكته اربعة حقوق مرتبة. واحد مؤن التجهيز تقدم على كل شيء. اثنان ثم الديون التي عليه ثم تنفذ وصاياه من ثلثه. اربعة ثم يقسم الباقي على ورثته والحمد لله رب العالمين