المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله اسئلة تتعلق بالزكاة. السؤال الثاني والاربعون ما الاموال التي فيها الزكاة؟ ومقدار ما تجب فيه ومقدار الواجبة الحكمة في ذلك كله؟ الجواب وبالله استعين في جميع اموري. اعلم ان الزكاة احد اركان الاسلام ومبانيه العظام. شرعها رحمة بعباده لكثرة منافعها الكلية والجزئية. ولهذا سميت زكاة لانها تزكي صاحبها. فيزداد ايمانه ويتم اسلامه ويتخلى باخلاق الكرماء ويتخلى عن اخلاق اللؤماء وتطهره من الذنوب ويكثر اجره وثوابه وقربه من الله ويبارك الله في اعماله وتزكو حسناته وتقبل طاعاته ويدخل في غمار المحسنين. فالزكاة اصل الاحسان الى الخلق. وكذلك تزكي المال المخرج منه وبحفظه من الافات. استخلاصه من مخالطة السحت الذي ينسحت ويسحت ما خالطه ويبارك فيه. فانه وان نقصته الزكاة حسا فانها زادته معنى بانه ذهب خبثه وكدره وبقي صافيا صالحا للنمو. واستمر على الدوام كما ذكر النبي صلى الله عليه سلم هذا المعنى بقوله ما نقصت صدقة من مال بل تزيده. قال تعالى وما انفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين وتزكي المخرج اليه المدفوع له. فان المدفوع له نوعان نوع يعطى لحاجته كالفقير والمسكين وابن السبيل والغارم لنفسه ونوع يعطى لحاجة المسلمين اليه وعموم نفعه كالعامل عليها والمؤلفة قلوبهم والغارم لاصلاح ذات البين والاخراج في سبيل الله فهذه المصالح الكلية العامة تلك المصالح الفردية الجزئية بها قوام الخلق. ودفع حاجاتهم وحصول منافعهم واعطاؤها على هذا الوجه من اعظم محاسن الاسلام. وانه الدين الذي يقوم للناس امر دينهم ودنياهم ويدفع من والفوضى ما لا يندفع الا بحصول هذه الاحكام الجليلة الجميلة. ثم ان الشارع سهلها على الخلق جدا في الاموال التي اوجبها. وفي دار الواجب فلم يجبها في الاموال التي ترتبط بها ضرورات الانسان وحاجاته كالمنزل الذي يسكنه. العقار الذي يحتاج اليه والاواني فرش والاثاث التي يستعملها وعبيد الخدمة وحيوانات العمل في حوائج الانسان وضروراته في غير التجارة بل ولم يوجبها في الخير والبغال والحمير وانواع الحيوانات غير الاصناف الثلاثة الا اذا كانت للتجارة. وهذا برهان انها ما اوجبت الا في الاموال الفضلية لا اموال القنية للحاجة وشرعها في اربعة اصناف من المال. واحد في بهيمة الانعام من الابل والبقر والغنم. اثنان وفي الخارج من الارض من الحبوب والثمار ونحوها. ثلاثة وفي الاثمان اربعة وفي عروض التجارة. ثم من تيسره على عباده انها لا تجوع ثم من تيسره على عباده انها لا تجب في هذه الاشياء حتى تبلغ نصابا قدره الشارع الحكيم. فجعل اول نصاب الابل خمسة ولم يوجب فيها من جنسها لانه يجتاح رب المال بل اوجب فيها شاة. وهكذا كل خمس شاة حتى تبلغ ما يناسب ان يخرج من نوعها اقل سن. وفي بنت مخاض في خمس وعشرين. ثم بنتي لبون في ست وثلاثين. ثم حقة في ست اربعين لها ثلاث سنين ثم جذعة لها اربع سنين في احدى وستين. ثم في ست وسبعين ابنتا لبون. وفي احدى وتسعين حقتان وفي احدى وعشرين ومئة ثلاث بنات لبون. ثم يستقر السن الاوسط في كل اربعين بنت لبون وفي كل خمسين احقه ولم يوجب في الغنم حتى تبلغ اربعين وفيها شاة وفي مائة واحدى وعشرين شاتان وفي مئتين وواحدة ثلاث شياه ثم تستقر الفريضة في كل مئة شاة. واما البقر فلا يجب فيها حتى بلوغ ثلاثين. فاذا بلغتها ففيها تبيع له سنة وفي اربعين مسنة لها سنتان ثم في كل ثلاثين تبيع وفي كل اربعين مسنة ولم يوجب في الوقت الذي بين الفرضين شيء عفوا وترغيبا للملاك وشكرا لهم على اداء الحق. والفرق بين بهيمة الانعام وغيرها ان غيرها متى زاد ولو قليلا على النصاب ففيه بحسابه وان بهيمة الانعام قدر الشارع فيها اول النصاب واوسطه واخره وغيرها من الاموال قدر اول النصاب فقط فدل على انها كلما زاد عنه زاد الواجب والله اعلم. ثم من تسهيله لم يوجب في هذا النوع حتى تتغذى بالمباح. وتسوم حول او اكثره اذا كان صاحبها يعلفها فلا يجمع عليه بين مؤنة العلف وايجاب الزكاة عليه. واما الخارج من الارض من حبوب وثمار فلم يوجب فيها شيئا قبل تمام ثلاثمائة صاع ستة اوسق. ففرق بين الشارب بمؤنة فلم يوجب فيها الا نصف العشر وبينما لم يكن بمؤنة فجعل فيه العشر تاما. وجعل وجوب هذا النوع عند حصاده وجذاذه ليسر اخراجه على الملاك تعلق الاطباع به في تلك الحال. واما النقدان وما تبعهما من الذهب والفضة فجعل نصاب الذهب عشرين مثقالا ونصاب الفضة وفي مئتي درهم وجعل فيها ربع العشر. وكذلك النوع الرابع وهو عروض التجارة فهي تابعة للنقدين. وبها عرف مقدار الواجب في جميع الاموال الزكوية والحكمة الشرعية فيه. وهذه المذكورة هي الاموال النامية بالفعل او المستعدة للنماء بخلاف اموال قنية وما لا تجب فيه فليس فيها هذا المعين. وطرد هذا وجوب الزكاة في انواع الايجارات. كما هو قول في المذهب اختيار شيخ اسلام لان هذا احد انواع التجارة وطرد هذا المعنى عدم وجوب الزكاة في الديون التي لا قدرة لصاحبها على تحصيلها كالتي على معسرين والمماطلين والاموال الضائعة ونحوها مما هو اولى بعدم وجوب الزكاة من اثاث القنية فان اموال القنية بامكان صاحبها ان يبيعها وينميها وينتفع بها. واما هذه فلا قدرة له على الانتفاع بها اصلا فضلا عن تنميتها. وهذا القول احدى الروايتين عن الامام احمد وان كان المشهور عند المتأخرين وجوب الزكاة في هذا المال اذا قبضه للسنين الماضية ولو استغرقته. الصحيح الذي لا فيه الاول لان الزكاة شرعها الشارع الحكيم مواساة في الاموال التي ينتفع بها وهي مرصدة للنماء. وهذا بخلاف ذلك. ولان في القول في ايجابها بها في الغالب منعا للانذار الواجب وتسببا. اما لقلب الدين الذي هو اعظم انواع الربا. واما اذية المعسر محرمة. ومن رفق الشارع باهل الاموال انه لم يوجب الزكاة الا بعد تمام الحول. ليتكامل النماء ولا يضار غني ولا فقير الا ربح التجارة ونتاج السائمة فانها تابعة لاصلها. السؤال الثالث والاربعون هل يمنع الدين وجوب الزكاة ام لا؟ الجواب في هذا التفصيل فان كان الدين بعد وجوب الزكاة لم يمنعها مطلقا. لان الزكاة وجبت وصار اهل الزكاة كالشركاء لصاحب المال. كما ان شركاء الانسان في المال لا يأخذ اهل الديون من حقهم شيئا فكذلك اهل الزكاة اذا وجبت. ان كان الدين بسبب مؤنة الزرع والثمر مؤنة الدياس والحصاد ونحوها وكذلك لو كان بسبب ضمان لم يسقط الزكاة لوجوبها في الصور الاولى ولكون الدين في الضمان له قبل وان كان الدين موجودا قبل وجوب الزكاة منع الزكاة بقدره في الاموال الباطنة كالنقدين والعروض. لانه في الحقيقة كأنه غير مالك لما تعلق به الدين وان كان المال ظاهرا كالمواشي والحبوب والثمار فهو على قولين وهما روايتان عن احمد المشهور منهما هما ايضا المنع والصحيح عدم المنع لان اخذ الزكاة من الاموال الظاهرة جارية مجرى الشعائر للدين. فاذا كان سبب الزكاة والنصاب موجودا فيها فالقول بان الدين يسقطها يمنع هذا المقصود. ولان المنقول عن النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه ارسال السعاة زكاة الاموال الظاهرة ولا يستفصلون اهلها هل عليهم دين ام لا؟ السؤال الرابع والاربعون الحكمة في زكاة الفطر وما وما الذي تجب عليه؟ الجواب زكاة الفطر واجبة على كل مسلم ذكر او انثى صغير او كبير حر او عبد. اذا فضل عن قوته وقوت عائلته يوم العيد وليلته صاع فاكثر. وتلزمه عن نفسه وعن مسلم تجب عليه مؤنته. عن كل شخص صاع تم او شعير او زبيب او بر او اقط ولها عدة حكم منها انها زكاة للبدن. حيث ابقاه الله تعالى عاما من الاعوام وانعم عليه بالبقاء. وهذا مضي عام لاجله وجبت للصغير الذي لا صوم عليه. والمجنون ومن عليه قضاء قبل قضائه. فلاجله في عهد التجارة زكاتان زكاة عروض لقيمته وزكاة بدن لنفسه ولاجله استوى الكبير والصغير الذكر والانثى والغني والفقير والكامل والناقص في مقدار الواجب وهو الصاع ومن حكمها انها فيها مواساة للمسلمين اغنيائهم وفقرائهم ذلك اليوم تفرغ الجميع لعبادة الله تعالى والسرور بنعمه. لهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم اغنوهم عن المسألة في هذا اليوم. ولهذا انحصر وقتها بيوم العيد وقبله بيوم او يومين ولم يجز تقديمها ولا تأخيرها. ومن اعظم حكمها انها من شكر نعم الله على الصائمين بالصيام كما ان من حكم الهدايا شكر نعمة الله بالتوفيق لحج بيته الحرام. فصدقة الفطر كذلك. ولذلك اضيفت الى الفطر اضافة الى اسبابها. ومن فوائدها ان بها تمام السرور للمسلمين يوم العيد. وترفع خلل الصوم ولله في شرعه احكام واسرار لا تصل اليها عقول العالمين