المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله اسئلة في النكاح. السؤال الثامن والسبعون عن الاشياء التي اختص بها النكاح من الاحكام. الجواب وبالله التوفيق الى سلوككم كل طريق يوصل الى الهداية. اعلم ان النكاح من نعمه العظيمة والائه الجسيمة. حيث شرعه الله لعباده وجعله وسيلة وطريقا الى مصالح ومنافع لا تحصر ورتب عليه من الاحكام الشرعية والحقوق الداخلية والخارجية شيئا كثيرا. وجعله من سنن المرسلين طريقة عباده الصالحين بعدما جعله ضروريا لجميع العالمين وله من الفضائل والمزايا ما تميز عن سائر العقود ثبت له اشياء مميزات يختص بها وربما شاركه قليلا بعض الاشياء بحسب الاسباب الموجبة لذلك. وجعل للدخول فيه شروطا وادابا ابى وللخروج منه حدودا وابوابا. فاول ذلك ما تميز به من الفضائل والمصالح. وانه من الشرائع المأمور بها ايجابا او بابا الثاني ومنها انه يبيح للانسان النظر الى الاجنبية حين يريد خطبتها وتقع في قلبه محبتها ليحصل الالتئام ويتم الاتفاق الثالث ومنها ان الشارع حث على تخير الجامعة للصفات الدينية والصفات العقلية والاخلاق الجميلة. فقال تعالى انكحوا ما طاب لكم من النساء. وقال النبي صلى الله عليه وسلم تنكح المرأة لاربع بحسبها ومالها وجمالها ودينها فاظفر بذات الدين تربت يمينك. فحث على مراعاة الدين قبل كل شيء. لان الدين يصلح الامور الفاسدة ويعدل المعوجة وتحفظ زوجها في نفسها وماله وولده وجميع ما يتصل به. فالصفات الاخر انما هي اغراض منفردة نفسية. واما دين فصفة جامعة نافعة حالا ومآلا. الرابع ومنها ان جميع المعقود عليه من انواع المعاوضات وغيرها لا حجر على انسان فيما احله له الشارع من غير مراعاة عدد. واما النكاح فاباح للانسان من الازواج الى اربع لا يتعداهن. ولا يزيد عليهن ان جميع لخطره وشرفه ولالا يترتب على الانسان من الحقوق ما يعجز عنه. ولالا يدخله في الحرام في اكثر احواله. ولمراعاة مصلحة المرأة ومع ذلك فقال فان خفتم الا تعدلوا فواحدة او ما ملكت ايمانكم ذلك ادنى الا تعولوا. وهذا بخلاف الوطء بملك اليمين حيث لا يترتب على الانسان من الحقوق ما يترتب على النكاح فابيح فيه من غير تقييد بعدد. الخامس ومنها ان النكاح لا يدخل فيه الا بايجاب وقبول قولين وهما ركناه اللذين لا ينعقد الا بهما. الايجاب اللفظ الصادر من من الولي من قوله زوجتك او انكحتك فلانة ونحوها. والقبول الصادر من الزوج من قوله قبلت النكاح او زواجها او نحو ذلك اما سائر العقود فينعقد بما دل عليه من قول وفعل. السادس ومنها انه لابد فيه من تعيين الزوجين لفظا. فتعين الزوجة تقول زوجتك بنتي فلانة ويسميها بما تميز به. او يقول ابنتي الكبيرة او الصغيرة او الوسطى او ابنتي فقط اذا لم يكن لها مشارك وتعيين الزوج من وجهين. احدهما وقت القبول بان يقول ان كان هو القابل قبلتها او قبلت نكاحها. وان كان قد وكل فمن يقبل له فلابد ان يقول الولي زوجت موكلك فلانا. فلا يقول للوكيل زوجتك. ويقول الوكيل قبلت او قبلتها موكلي فلان فلا يقول قبلت فقط. الثاني عند الخطبة للزوجة فلا يكفي ان يقول خطبتها لاحد اولادي او اخوتي او لاحد بني فلان حتى يعين من يقع العقد والخطبة له. اما سائر العقود فلا تعتبر هذه الامور لها فلا يشترط تسمية المعقود له بوجه وجه من الوجوه. السابع ومنها ان النكاح احد ما اشترط له العلماء الشهادة وهو المشهور من المذهب. فلا بد فيه من شاهدين عدلين به وقت العقد وعلى الرواية الثانية عن احمد الشرط فيه ان يكون معلنا ان حصلت معه الشهادة كان نورا على نور. اما سائر العقوق فالاشهاد فيها سنة لا واجب. الثامن ومنها اشتراط الولي في النكاح. فلا يصح النكاح الا بولي للمرأة يعقده وهو وابوها فان لم يكن فاقرب عصبتها فان لم يكونوا فالحاكم ولابد ان يتصف الولي بصفات الولاية التي ترجع الى كفاءته وصحته عقده ولو كانت الانثى من اعقل النساء وارشدهن فلا تعقد النكاح لنفسها ولا لغيرها من باب اولى واحرى. واما بقية الاشياء الولاية انما تكون اذا كان الانسان قاصرا في عقله غير محسن لتدبير احواله فينوب وليه منابه. واما اذا كان راشدا باحواله في عقوده وتصرفاته. والفرق ظاهر لخطر النكاح وانخداع المرأة وعدم معرفتها التامة غالبة. وتعلق حقوق قرابة بهذا النكاح حتى انهم يمنعونها من تزوج من ليس كفئا لها. ولو كانت راضية بذلك بخلاف سائر العقود. فمن رضي المعقود اعليه ولو كان معيبا او كان فيه غبن فاحش فلا حجر عليه من اوليائه اذا كان رشيدا. والنكاح يحجرون عليها من تزوج للكفر وهذا فرق سام. التاسع انه لابد من استئذان الاولياء غير الاب لمن تم لها تسع سنين. ولها اذن صحيح معتبر اما بقية العقود فمن كان صغيرا قبل بلوغه ورشده فليس على وليه استئذانه في بيع سلعة او الشراء له بل يستقل وليه وبالتصرف له. العاشر ان سائر العقود والاشياء يصلح فيها المعاوضة والتبرع التام واعطاؤها مجانا. واما النكاح فلا يمكن ان يخلو ومن صداق قليل او كثير. ان كان مقدرا مسمى وجب المسمى زاد عن مهر المثل او نقص او ساوى. وان كان لم يشرط صداق وجب ده مهره مش لها من نسائها جمالا ومالا ودينا وعقلا وسائر الصفات. وانشرط فيه ان لا مهر ولا صداق لها فالشرط باطل بالاتفاق وهل يبطل النكاح كاحدى الروايتين عن احمد واختارها شيخ الاسلام او يصح النكاح ويبطل الشرط كما هو المشهور من وعلى كل فالعوض فيه لابد منه كما رأيت. ويصح بالمال والمنافع الدينية والدنيوية. ويجب على الولي فيه الا يلحظ سوى مصلحة موليته. ولهذا نهى الشارع عن نكاح الشغار وهو ان يزوج كل واحد منهما موليته على ان يزوجه الاخر موليته. ولا مهرة او بمهر قليل لان فيه مفاسد كثيرة منها ان الولي لا يلحظ الا مصلحة نفسه وهي خيانة محرمة. الحادي عشر سائر المعقود عليه العقود الشرعية كله مباح جائز من جميع الاشياء الواقع عليها عقد بيع او ايجارة او مشاركة او وتبرع واما النكاح فجعل الشارع فيه النساء قسمين. محرمات على الانسان لقرابة او رضاع او صهر ومباحات. وهو من عدى هن فالمحرمات في النسب ضابطهن الاصول من الام والجدات والفروع من البنات وبنات الاولاد وفروع الاب والام وان نزلن من اخواتي وبناتهن وبنات الاخوة والعمة والخالة والباقي من الاقارب حلال. ان شئت فقل الحلال من الاقارب بنات العم وبنات العمة وبنات الخال وبنات الخالة ومن عداهن فحرام. والمحرم في الرضاع نظير المحرم من النسب من جهة المرضعة. ومن جهة لمن له اللبن من زوج وسيد بشرط ان يرضع خمس رضعات فاكثر في الحولين وقت الرضاع. واما من جهة الرضع فلا تنتشر الحرمة الا عليه وعلى ذريته وان نزلوا فليعلم ذلك. وتحريم المصاهرة ان تحرم على الانسان حلائل ابائه وان علون. حلائل ابنائه وان نزلن. وامهات نسائه وان علون. هؤلاء بمجرد عقد النكاح يترتب تحريمهن. والرابعة بنات زوجاته اذا دخل بهن. فان لم يدخل بهن فلا جناح عليه. والمقصود ان هذا التحريم خاص بالنكاح. بل ثم غير هؤلاء محرمات فيه تحريما مؤقتا لاخلاله بما عليه من الحقوق كتحريم اخت زوجته وعمتها وخالتها ما دامت الزوجة في حباله. كذلك تحريم زوجة الغير ومعتدة الغير لوجود بقية حق الزوج الاول عليها. وكذلك يحرم من كانت في حج او عمرة حتى تحل من احرامها. فكل هذه الاحكام مختصة بهذا العقد. وكذلك الكافرة غير الكتابية. وتحرم المسلمة على الكافر مطلقا. الثاني عشر انه رتب على وجود هذا العقد تحريم المحرمات بالصهر كما تقدم. فيصير تحريمهن مؤبدا عليه بسبب هذا الاتصال مع انها ما دامت في حبال هي زوجته وان فارقها صارت اجنبية. واما سائر العقود فالاحكام من الملك والتصرف انما تتعلق بالمعقود عليه فقط فلا يسري الى غيره. الثالث عشر انه كما يدخل فيه بشروط وحدود فلا يخرج منه الا بحدود وقيود. فاذا اراد ان طلق زوجته فانه يؤمر بالصبر عليها فعسى ان يكون فيه خير كثير. وابغض الحلال الى الله الطلاق. مع انه من نعمه على فكما ان من نعمه اباحة النكاح لما يترتب عليه من المصالح كما سبق. فمن نعمه مشروعية الطلاق بما يترتب على اباحته من ازالة اضرار كثيرة. فاذا كان لابد له من طلاقها فليطلقها لعدتها. بان يطلقها فيبتدأ من حين طلاقه بعدة متيقنة. فلذلك وجب عليه الا يطلقها وهي حائض او في طهر وطئ فيه. الا ان تبين حملها فانه اذا تبين وطلقها علم انها تشرع في العدة وهو انقضاء وضع الحمل. وايضا فلم يملكه الله الا ثلاث تطليقات. واحدة بعد واحدة عند احتياجه اليها فلا يحل ارسالها جملة واحدة على الزوجة. والمقصود من الفرقة حاصل بواحدة. والمقصود انه اذا طلق وهي حامل طلقها مبتدئة للعدة بالحمل. وكذلك اذا طلقها طاهرا لم يمسها فقد طلقها لعدة متيقنة فانها تبتدأ بعدتها بالاقراء من حين طلاقها. وكذلك الصغيرة التي لم تحض. والايسة من المحيض يجوز طلاقها كل وقت. لانها تبتدئ في الحال بالعدة لان عدتها ثلاثة اشهر. وقد ابيح له طلاقها عند الحاجة اليه. فيباح الخلع عند الحاجة اليه والخصومة قال تعالى فان خفتم الا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به. فلم يبح الله الخلع الا في هذه الحالة انه يباح بكل ما تراضيا عليه من الفدية. ودل ذلك على ان الخلع بينونة لانه تعالى سماه افتداء. ولا يحصل الافتداء منه الا بالبينونة ودل على انه لا يحسب من الطلاق الثلاث. وكل هذه الحدود والشروط في الخروج من النكاح لا يساويها في فيها غيره من الفسوخ. الرابع عشر ان جميع الاشياء اذا نقل الانسان ملكه منها ببيع او هبة او غيرهما انقطعت علقه منها وصار الثاني المنتقلة اليه قائما مقامه فيما له من الملك والتصرفات الا النكاح. فانه متى فارق زوجته بقيت في علقه وتعلقه مدة العدة فاذا كان الطلاق رجعيا وهو ما كان دون الثلاث في نكاح صحيح على غير عوض فله ان يرتجعها الى نكاحه من غير تجديد عقد ويعود النكاح كما كان. فهذه شروط الرجعة ولها ايضا مدة العدة النفقة والكسوة والسكنى مات احدهما فيها ورثه الاخر ولم يحل لغيره التعريض ولا التصريح بخطبتها. وان كان النكاح بائنا بقيت في علق عدته اداة لحق عقده استمراء لرحمها عن ولده واحتياطا للولد وللزوج الاخر. فلم يحل لاحد نكاحها فيها. ولا التصريح لها بالخطبة واما التعريض الذي يبدي فيه رغبته للزواج وليس فيه تصريح في الخطبة فانه يباح. فهذه الخصائص كلها لا يساوي النكاح فيها ولا في بعضها شيء من الفسوخ. الا من اعتق مملوكته او مات عنها وكان يطأها فانها تشاركها في بعض مقاصد العدة وهو تمراء فقط لوجوب التمييز بين المياه والتخليص للانساب وانه لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الاخر ان يسقي ماءه زرعا غيره الخامس عشر ان جميع الاشياء اذا انتقلت من ملك الانسان ثم عادت اليه فانه يباح له الاستمرار على ذلك من غير تقييد بعدد الا النكاح فان نهاية ما يملك ثلاث تطليقات اذا طلقها الثالثة لم تحل له الا بعد نكاح زوج اخر نكاح رغبة لا نكاح تحليل فقد كانوا في الجاهلية يجرون في هذا العقد مجرى جميع العقود. ولا يزال يطلق ويعيدها من غير تقييد بعدد اذا اراد اضرار المرأة وتمكن من ذلك يطلقها ثم يعيدها ابدا. ومن ذلك الحكم السادس عشر انهم في الجاهلية كانوا يرثون الزوجات مع جملة المتركات. فكان اذا مات عنها كان ابن عمه احق بها. فجاء الله بالاسلام وانزل الله يا ايها الذين امنوا امنوا لا يحل لكم ان ترثوا النساء كرها. فصارت تركة الميت جميع مخلفاته من نقود واثاث وعقارات ومنافع ومملوكات وخرجت الزوجات عن هذا الحكم الجاهلي ولله الحمد السابع عشر اغتفار الغرض غير الكثير جدا في النكاح عقدا وفسخا فيغتفر الغرر في الصداق. وقد ذكر الاصحاب من امثلة ذلك صورا متعددة. كذلك يغتفر في فسخه في الخلع. السبب في لذلك ان العوض فيه ليس مقصودا لنفسه وانما المقصود اباحة الاستمتاع وانتفاع كل من الزوجين بالاخر بخلاف سائر عقود المعاوض ضاد فانه كما قصد فيها المعقود عليه فكذلك العوض ولا يقصر ارادة احدهما عن الاخر. الثامن عشر المذهب ان عقود لا يصلح ان يجعل العوض بعضه للمالك المعقود عليه وبعضه لابيه والنكاح يجوز فيه ذلك ويلزم. فاذا شرط الصداقة الف لها والفا لابيها صح ذلك. ويترتب على هذا التاسع عشر انه ليس للاب ان يبيع او يؤجر مال ولده بدون ثمن واجرة كالمثل ولو وكله في مطلق العقد. واما النكاح فيجوز ان يزوج ابنته بدون صداق مثلها. ولا يلزم احدا تتمته لا الزوج ولا الاب والفرق كما تقدم انه ليس القصد من النكاح نفس الوصول الى العوض. انما القصد ما يحصل لاحد الزوجين من المنافع في الاخر. والاب لا يزوج بدون صداق مثلها الا لما يرى لها من المصلحة المربية على العوض العشرون اختلف العلماء في الذي بيده عقدة النكاح اللي هو الزوج كما هو المشهور من المذهب لانه الذي يملك الامساك والارسال او هو الاب العاقد كما هو الرواية الاخرى عن الامام وهو ظاهر القرآن فعلى هذا جاز للاب ان يعفو عما تستحقه الزوجة من نصف الصداق بلا اذنها. ولم يجوز الاصحاب العفو عن الثمن ولا عن بعضه ولكن الذي ارى في هذه الصورة الاخيرة هو القول الاخر في المذهب وهو ان هذه الصور متفرعة عن جواز تملك الاب من مال ولده به ما شاء وانه اذا جاز ان يتملك من ما له الموجود جاز ان يشرط بعض العوض في البيع والاجارة ونحوهما لنفسه. وجاز ان يعفو عن بعض بالثمن والاجرة ولا فرق والله اعلم. الحادي والعشرون ان النكاح لا يثبت فيه خيار مجلس ولا خيار غبن ولا خيار شرط ولا غيرها الا خيار العيب. فاذا وجد احد الزوجين الاخر معيبا عيبا ينفر الاخر منه. من غير تقييد بشيء دون اخر على الصحيح ثبت له الخيار ان شاء وامضاه وان شاء رده وهذا بخلاف عقود المعاوضات فيثبت فيها جميع انواع خيار الثاني والعشرون ان العقود على المنافع لابد ان يعين لها امدا معلوما. واما عقد النكاح فلا يحل ان يعين له امد معلوم فلو فعل صار نكاح المتعة المحرمة في السنة الصحيحة. بل ابد النكاح مدة العمر مع الاتفاق قل او طال. ومدة الاتفاق اذا حصل قبل قبل الموت فراق. يترتب عليه الثالث والعشرون ان الاعواض المؤجلة كلها لابد فيها من اجل معلوم مسمى الا النكاح فان او اذا اجل الصداقة او اجل بعضه جاز ان يكون الاجل معلوما. وجاز ان يطلق في تأجيله. واذا اطلق صار حلوله الفراق بموت او او طلاق او فسخ او نحوه. والسبب فيه العلة السابقة ان العوض مجعول وسيلة لا مقصودة. واغرب منه الرابع والعشرون ما قاله الله واصحابه رحمهم الله انه اذا عين اجله بموت او فراق لم يصح. وان اطلق صح وصار ذلك اجله. وفي هذا نظر والله الخامس والعشرون ان السيدة اذا ملك عبده شيئا فله ان يسترده منه متى شاء وله ان يتصرف فيما ملكه الا في النكاح فانه اذا زوج عبده ملك العبد منافع الزوجة وابقاءها وارسالها وصار الفراق بيده لا بيد سيده حتى ولو باعه السيد فالنكاح باق. السادس والعشرون ان من وجد بما عاوض عنه عيبا فله الفسخ وحده. وليس لاحد ان يلزمه بالفسخ اذا كان رشيدا الا النكاح. فان من تزوجت معيبا ولو رضيته فلوليها ابا كان او غيره الفسخ. والفرق ان عقود المعاوضات يختص قطعها وضررها بالمالك. والنكاح يتصل نفعه وضرره بالاولياء. السابع والعشرون اطلاق المعاملة مع الكفار في جميع العقود الا نكاح فلا يتزوج كافر مسلمة ابدا. ولا يتزوج المسلم من الكفار الا الكتابيات. والحكمة فيه قوله تعالى يدعون الى النار. والله يدعو الى الجنة والمغفرة باذنه. فاتصال المسلمة بالكافر والمسلم بالكافرة يدعو والى هذا الضرر الديني الثامن والعشرون ان جميع العقود الفاسدة لا تحتاج الى فسخ لفسادها. بل يصير وجوده كعدمه النكاح فانه اذا عقد عليها عقدا فاسدا فيه خلاف انه يلزم بطلاقها ويجبر على ذلك لاجل زوال ما تعلق بها او ظنها بها من هذا العاقد ولالا ينفذه من يرى جوازه فهذه ثمانية وعشرون فرقا بين النكاح وغيره من العقود. يسرها الله الله تعالى وذكر في ضمن كل واحد منها احكامه الخاصة. فصارت مع افادتها الفرق المذكور مشتملة على المهم من احكام النكاح الذي لا يستغني طالب العلم عن معرفته وبالله التوفيق وله المنة. السؤال التاسع والسبعون ما انواع الفرق والفسوخ في النكاح حكمها. الجواب الاصل في النكاح بعد انعقاده بقاء الزوجية والعصمة. وتبقى احكام النكاح مع بقاء هذا الاصل حتى توجد الفرقة بسبب من اسباب متعددة شرعية جعلها الشارع سببا لزوال النكاح. وكلها موافقة للحكمة والمصلحة وازالة الضرر كما هو ظاهر متأمل. الفرقة الاولى فرقة الطلاق. وهي اوسع الفرق دائرة ويقع في سبب وغيره. فتقدمت احكامه قريبة. الثانية فرقة والاستداء سببها الشرعي اذا حصل بين الزوجين من النفرة والشقاق ما يخرجهما عن الاتفاق. اتخاف الا يقيما حدود الله والا ان يؤدي كل حق الاخر فهذه قد اباحها الله تعالى. واما الخلع من دون سبب فهذا وان وقع لكنه منهي عنه. الثالثة الفراق بموت احدهما وهذا فراق لا اجتماع بعده في الدنيا. ويتعلق به الميراث من كل منهما من الاخر مع اتفاق الدين والعدة والاحداد منها اذا مات اربعة اشهر وعشرة وتجنب ما يدعو الى نكاحها وتربص في بيتها الذي مات وهي فيه ولا تخرج منه بدون بحاجة الرابعة فرقة العيوب اذا وجد احدهما بالاخر عيبا يجهله فله الفسخ. فان كان الفسخ قبل الدخول فلا مهر. سواء كان منه او او منها وان كان بعد الدخول فقد تقرر الصداق بالدخول كما يتقرر بالموت. ان كان العيب به فلا شيء له. وان كان بها رجع بالمهر على من غره بها من ولي وزوجة عاقلة واجنبي غره بها. والله اعلم. الخامسة اذا وجدت زوجها عنينة وثبتت عنته ببينة او اقرار ولم ييأس من الوطء اجل سنة هلالية لتمر به الفصول الاربعة. اذا مرت ولم يطأ فلها الفسخ. وهذا من خيار العيب لكن افردوه بالذكر لاختصاصه بهذا الحكم. السادسة فرقة من عتقت كلها تحت رقيق كله فانها تملك فسخ نكاحها الا ان رضيت به بعد عتقها فلا فسخ لها بعد رضاها. السابعة فرقة الايلاء اذا ال من زوجته بان حلف الا يطأها ابدا او مدة تزيد على اربعة اشهر وطلبت الوطء جعل له اربعة اشهر فاذا مضت فاما ان يطأ ويكفر كفارة يمين واما ان يطلق او يفسخ فاذا امتنع الزمه الحاكم بذلك. فان اصر فسخ الحاكم النكاح ازالة لضررها. الثامنة من سافر سفرا بعيد طويلا وطلبت قدومه لاجل الفراش رسل وضرب له من الاجل ستة اشهر. فاذا قدم والا فلها الفسخ لا اذا كان سفره يجب او لما لابد له منه فلا فسخ لها لهذا السبب. التاسعة فرقة من امتنع من النفقة الواجبة والكسوة الواجبة والاسكان الواجب مع قدرته على ذلك فاذا اصر على الامتناع مع قدرته فلها الفسخ بلا ريب. واختلف فيما اذا اعسر بذلك. هل لها الفسخ وهو مشهور من المذهب او لا تملك الفسخ كما هو احدى الروايتين عن الامام احمد وهو ظاهر القرآن. قال الله تعالى لينفق ذو سعد من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما اتاه الله. لا يكلف الله نفسا الا ما اتاها آآ سيجعل الله بعد عسري يسرا. واوجب الله تعالى انظار المعسر في جميع الديون. العاشرة فراق من اسلم وبقيت زوجاته وعلى كفرها غير الكتابية انه لا يحل له ان يمسك بعصمتها. لكن اذا اسلمت قبل انقضاء العدة فهما على نكاحهما. وكذلك الحكم اذا اسلمت تحت كافر الحادية عشرة اذا اسلم وتحته اكثر من اربع او تحته اختان ونحوهما وجب عليه ان يختار اربعة ويفارق الباقيات ويختار احدى الاختين ويفارق الاخرى. الثانية عشرة فرقة اللعان اذا قذف زوجته بالزنا وكذبته لم يكن له بينة شرعية فعليه الحد الا ان يلاعنها بان يشهد عليها خمس مرات بالزنا ويلعن نفسه في الخامسة ان كان كاذبا فان امتنعت من اللعان فقيل تحبس حتى تقر او تلاعن وهو المشهور من المذهب وقيل يقام عليها الحد وهو الصحيح وهو احدى الروايات ايتين عن احمد فان لاعنت اندرأ العذاب هو الحبس او الحد عنها فتلاعن خمس مرات انه من الكاذبين. تزيد في الخامسة ان غضب الله عليها ان كان من الصادقين. فاذا تم لعانهما ترتب عليه الفرقة المؤبدة التي لا اجتماع بعدها. وانتفى الولد الذي وقع عليه اللي عانوا ونفاه بلعانه. الثالثة عشرة امرأة المفقود اذا تربصت بعد انتظاره على حسب الخلاف السابق فيه حكم بموته واعتد ورثته وبعد العدة يجوز لها النكاح فاذا تزوجت ثم قدم زوجها المفقود قيرت بين بقائها مع زوجها الثاني ويأخذ المهر ارجع عليها وعلى غيرها بما اخذوه من الميراث بتبين عدم الاستحقاق. وبين ان يأخذها من زوجها الثاني. الرابعة عشرة والخامسة عشرة اذا امتنع مما وجب عليه من الوطء او من المبيت مع قدرته وطلبت ذلك فلها الفسخ. الوطء الواجب قيل في كل ثلث سنة مرة وهو المذهب اقيل بقدر كفايتها وعدم ضرره وهو اولى. والمبيت الواجب ان لم يكن معه غيرها في كل اربع ليال ليلة له وان كان معه غيرها وجب عليه العدل بينهن في المبيت. وكذلك في النفقة والكسوة على الصحيح. وقيل اذا قام بالواجب من النفقة والكسوة وفضل الاخرى عليها جاز. وهو المذهب لكنه ضعيف يخالف ظواهر النصوص الموجبة للعدل بينهن الا فيما لا يملك الانسان السادسة عشرة الفرقة اذا امتنع من المهر الحال او اعصاره به فلها الفسخ الا ان مكنته من نفسها فليس لها الامتناع بعد التمكين على المذهب وعلى الصحيح لها ذلك ما لم ترضى بتأخيره. السؤال الثمانون ما الحق الذي على الزوج لزوجته والذي عليها لزوجها. الجواب وبالله التوفيق يلزم كل واحد من الزوجين معاشرة الاخر بالمعروف من الصحبة الجميلة وتوفية حقه وعدم مطله فله عليها بذل نفسها وعدم التكره لبذل ما عليها من استمتاع وخدمة بالمعروف. ويلزمها طاعته في ترك الامور المستحبة كالصيام وسفر الحج والحج الذي ليس بواجب والا تخرج من بيته الا باذنه ولا تدخله احدا الا برضاه وان تحفظه في نفسها وولده وماله واما طاعتها له في الامور الواجبة فالزم والزم. وعليه لها النفقة والكسوة والسكنى بالمعروف. والعشرة والمبيت والوطء اذا احتاج الى ذلك مع قدرته عليه ان يؤدبها ويعلمها امر دينها وما تحتاجه من عبادتها. قال تعالى يا ايها الذين امنوا انفسكم واهليكم نارا. قالوا معناه علموهم وادبوهم. وعليه الا يشاتمها ويسبها ويقبح ويهجر من دون سبب فان حصل نشوز منها وعظها فان اصرت هجرها في المضجع ما شاء فان اصرت ضربها ضربا غير مبرح ان كان نشوزها لتركه حقها الزم بما عليه ثم هي بما عليها. وان كان معه سواها وجب عليه ان يعدل بينهن في القسم والنفقة والكسوة والمسكن والسفر فلا يخرج بواحدة منهن الا باذن البواقي او بقرعة وله ان يستمتع منها بما اباحه الله ورسوله. استمتاعا لا يضرها في دينه ولا بدنها وله السفر بلا اذنها. ومن العدل اذا تزوج جديدة ان يقيم عندها في ابتداء الزواج ما يزيل وحشتها. وقدره الشارب للبكر سبعا وللثيب ثلاثا. وان شاءت الثيب سبعا. ويقضي لباقي نسائه سبعا سبعا فعل. السؤال الحادي والثمانون ما الاشياء التي يمتنع بها الزوج من الاستمتاع بزوجته بالوطء وتوابعه. الجواب هي عبادات وتحريمات. اما العبادات فيمتنع الوطء في ايام الفرض والاعتكاف والاحرام بحاج او عمرة منه او منها. واما التحريمات فاما ان يكون التحريم باصل الشرع كالحيض والنفاس واما ان يكون هو الموقع لها وتختلف الايقاعات. فان كان قد اوقع عليها ايلاء فهو حالف تحله كفارة اليمين. وان كان قد ظاهر منها وحرمها فلا يمسها حتى يكفر الكفارة المغلظة. عتق رقبة. فان لم يجد فصيام شهرين متتابعين فان لم استطع فاطعام ستين مسكينا. وان كان قد اوقع طلاقا فان كان بائنا بالثلاث لم تحل له حتى تنقضي عدتها. وتتزوج زوجك اخر ويطأها ثم يطلقها وتنقضي عدتها. ويشترط مع ذلك كله الا يقصد بذلك التحليل. وان كان الطلاق بائنا بغير الثلاث اما على عوض او قبل الدخول او في نكاح فاسد لم تحل له الا بعقد جديد تجتمع فيه شروط النكاح وفي هذه الحال يجوز ان يتزوجها بعد العدة كغيره ويجوز في العدة لان العدة اذا كانت للانسان من وطأ يلحق فيه الولد لم يكن فيه محذور ان يتزوجها صاحب العدة وان كان قد طلقها رجعيا فلا يخلو اما ان تكون العدة قد فرغت فلا تحل له الا بنكاح جديد مجتمعة فيه شروطه واما ان تكون فيه العدة. فان قصد بالوطء الرجعة صارت رجعة وصار الوطء مباح وان لم يقصد به الرجعة فعلى المذهب تحصل به الرجعة. وعلى الصحيح لا تحصل به رجعة. فعليه يكون الوطء محرما. فهذه الاشياء التي يجب على الانسان الامتناع من وطأ زوجته بحسب اسبابها. ويختلف سبب الحل فيها على ما ذكرنا. وقد يجب على الانسان ان امتنع من وطأ زوجته لغير الاسباب المذكورة وذلك اذا توقف عليه امر واجب وله صور منها اذا مات عن امه المزوجة اجنبي وله ورثة لا يحجبون الحمل بل يرث ولد الام معهم كاخوة واعمام ونحوهم. فاذا مات ولدها وجب على توجيهها الا يطأها حتى يحصل العلم بوجود الحمل وقت الموت او عدمه فيتركها حتى يبين حملها او حتى يستبرأها. ومن من كان له زوجتان فاكثر ففي ليلة احداهن لا يحل له ان يطأ الاخرى لان وطأه يوجب ترك العدل الواجب. ومنها من كان له زوجة وهو في دار الحرب غير امن على نفسه وزوجته لم يجز ان يطأها. حتى انهم قالوا في هذه الحال لا زوجوا الا لضرورة فاذا اضطر الى الزواج عزل عنها خوفا من استيلاء الكفار على ما ينشأ من حملها المسبب عن الوطء. السؤال الثاني والثمانون من الذي تجب نفقته وما مقدارها؟ الجواب يجب على الانسان نفقة نفسه ويجب عليه نفقة زوجته وسكناها وكسوتها بالمعروف بقدر يساره واعساره. وكذلك نفقته على مماليكه من الادميين والبهائم وتوابع النفقة وهذه النفقة للزوجة والمماليك واجبة مع اليسار والاعسار. ومن العجز عنها يجبر في نفقة المماليك على بيعهم او ايجارهم لتحصيل النفقة الواجبة. واما الزوجة فتقدم في الصحيح انها لا تملك الفسخ في حال الاعسار. وتجب عليه لديه نفقة اولاده ووالديه من ذكور واناث وارثين او محجوبين. واما الحواشي غير الاصول والفروع من الاقارب فاوجد عليه اذا كان وارثا لهم بفرض او تعصيب. وهذه النفقة المقصود بها المواساة ودفع الحاجة. ولهذا اشترط لها شرطان غنى المنفق بماله او كسبه وفقر المنفق عليه. وكل هذه النفقات مع توابعها مقيدة بالمعروف. ويختلف المعروف باختلاف الاوقات والبلدان والاحوال. ومتى امتنع من وجبت عليه النفقة في هذه الاحوال اجبر على ذلك. ولمن له النفقة مع امتناع ثق الاخذ من ماله ولو بغير علمه ورضاه. وكذلك الضيف الواجب ضيافته. اذا امتنع من ضيافته فله الاخذ قهرا او بغير علمه مقدار ما يجب له من الضيافة وهذا بخلاف من له حق على اخر من الحقوق التي سببها غير ظاهر فلا يحل له ان يأخذ من ما له مقدار حقه لانه خيانة او ينسب الى الخيانة والا ثم حق بين يحال الاخذ عليه. فهذا القول المفصل هو المذهب وهو احسن الاقوال في المسألة التي يسمونها مسألة الظفر والله اعلم