المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله اسئلة في عقود التبرعات من الوقف والوصية والهبة ونحوها. السؤال الثاني والسبعون عن فائدة الوقف وحكمته وشروطه الجواب على الله نتوكل ونعتمد في الوصول الى صواب الجواب وتيسير جميع الاسباب اعلم ان الوقف الذي هو تحبيس الاصل بئر المنافع من اعظم ما يدخل في الاحسان واعمها واكثرها فائدة. وهو من الاعمال التي لا تنقطع بموت الانسان من الاثار التي قال الله فيها انا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا واثارهم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم اذا مات الانسان انقطع عمله عمله الا من ثلاث صدقة جارية او علم ينتفع به من بعده او ولد صالح يدعو له. الصدقة الجارية كالاوقاف الجارية نفعها كل وقت وزمان سواء كان وقفا للمصالح العامة كالمجاهدين والمعلمين والمتعلمين ومن يقوم بوظيفة من الدينية او خاصة لطائفة او افراد على فقراء المسلمين. فكل هذا من طرق الاحسان النافع. وان كان يتفاوت بتفاوت بنفعه وحصول كمال وقعه. ولما كان بهذه المثابة والفضل اشترط له شروط. بعضها يرجع الى الواقف. وهو صحة تبرعه بان يكون مالكا رشيدا غير محجور عليه لدين ونحوه. وبعضها يرجع الى نفس الموقوف وهو ان تكون عينا ينتفع بها وهي باقية كالعقارات من دور ودكاكين واشجار واراض والحيوانات والسلاح والاثاث وكتب العلم والمصاحف. واما ما لا دفعوا به الا باتلافه فذاك يتصدق به صدقة. لا يكون وقفا. وبعضها يرجع الى الواقف والموقوف عليه كاشتراط ان يكون كون على جهة بر وقربة فجهات المعصية كلها لا يصح الوقف عليها. وجهات الامور المباحة التي لا قربة فيها كذلك. وهذا يدل على ان الوقف اعظم مقاصده ان يكون معينا على البر والتقوى في علم من هذا ان الاوقاف التي يقصد بها حرمان بعض الورثة دون بعض انها منافية لمقصود الوقف كل المنافاة. وان قول بعض متأخري الاصحاب يصح وقف ثلث مال الانسان على بعض ورثته. قول شاذ مخالف لهذا الشرط الذي اتفق عليه الاصحاب بل ومناف لمن عقد عليه الاجماع من انه لا وصية لوارث وكذلك من عليه دين لم يحجر عليه اذا وقف ملكه وترك غريمه لا وفاء له فهذا مناف للوقف اشد المنافاة. لانه كيف يترك ما فرض الله عليه ليه؟ وفاء الدين ويفعل الاحسان الذي هو غير واجب بل ربما وقفه على نفسه وذريته وترك غريمه فلا يحل تنفيذ هذا الوقف بل ولا كل وقف ليس عليه امر الله ورسوله بنص النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد اي مردود فالعمل غير مقبول والتصرف غير نافذ. السؤال الثالث والسبعون اذا احتاج الوقف الى تعمير. فمن اين يعمر الجواب لا يخلو الموقوف اما ان يكون ذا روح او لا. وعلى كل فلا يخلو اما ان يعين الواقف للنفقة والتعمير شيئا ام لا ان عين لذلك شيئا تعين ما عينه. وان ذكر ان الغلة تقدم فيها العمارة على المستحقين تعين ذلك. فان لم يعين فان كان له ذو غلة كالحيوان الذي له كسب واجرة فنفقته من ذلك مقدمة. وان كان عقارا فهل تجب عمارته اذا لم يشرط الموقف ذلك ام لا؟ ام يجب الجمع بين التعمير والتنفيذ بحسب المصلحة؟ ارجحها هذا القول وهو اختيار شيخ الاسلام واضعفها المشهور من المذهب حيث قالوا لا تجب العمارة مطلقا فان لم يكن للحيوان غلة فنفقته على الموقوف عليهم اذا كانوا معينين. فان تعذر اوجر منه وما ينفق عليه. فان تعذر بيع بعضه لنفقته باقية. كذلك اذا احتاج الخان او الدكان الوقف الى تعمير اوجر منه بقدر قال الاصحاب ولا يعمر وقف من وقف اخر ولو اتحدت الجهة الموقوف عليها. وافتى الشيخ عبادة من ائمة الاصحاب المتأخرين بجواز عمارة وقف من وقف اخر اذا كان على جهة واحدة. قال المنقح في التنقيح وعليه العمل والله اعلم. السؤال الرابع والسبعون من هو الناظر على الوقف وما وظيفته وصفة تنفيذه؟ الجواب الناظر عليه من شرط الواقف له النظر اما ما لشخصه كقوله الناظر زيد ومن بعده عمرو او لوصفه كالناظر عليه المصلح من اهل الوقف او من الطائفة الفلانية او وامام المسجد او قيم المدرسة. فان لم يشرط ناظرا او شرطه وتعذر لموت او امتناع. فان كان الموقوف عليه معينا فهو عليه وان كان مكلفا والا فوليه. وان لم يكن الموقوف عليه معينا بشخصه او وصفه فالنظر للحاكم وليس له النظر مع جود ناظر خاص او مستحق لكن عليه تفقد الاوقاف التي بعمله والالزام باجرائها مجراها الشرعي. وعلى الناظر حفظ وقف وعمارته وايجاره والمساقاة عليه وحفظ ريعه وتصريفها على ما نص عليه الواقف ما لم يخالف المقصود الشرعي وله الاكل منه بالمعروف ولو لم يكن محتاجا وله التقرير في وظائفه وعزل من يستحق العزل لخلل او اخلال بواجبه. فان نقص الريع عن جميع التنفيذات فان كان فيها ترتيب قدم المقدم واخر المؤخر ان لم يكن فيها ترتيب نقصها كلها بالقسط زاد الريع فان كان يخاف نقصه في العام المستقبل او ما بعده تعين ارصاده اذا كان الموقوف عليهم مقدرا استحقاقهم الا اعطاهم جميعا. فان كان لا يخاف نقصه فان شاء زادهم على ما قدره الواقف. وان شاء وضعه في غيرهم من الفقراء والمساكين كين ونحوهم وعليه العمل بالاصلح فان خرب وتعطلت منافعه بالكلية او كان لا يغل الا شيئا لا يحصل به نفع وجب بيعه او بيع بعضه لتعمير باقيه ووضعه في مثله او بعض مثله. وبمجرد شراء البدل يصير وقفا وان لم يتعطل نفعه بل نقل وكان غيره اصلح وانفع للموقوف عليهم فهل يباع في هذه الحال؟ فيها روايتان عن الامام اشهرهما المنع والثانية الجواب وهي اختيار شيخ الاسلام ولكن في هذه الحال لا ينبغي ان يستقل الناظر في بيعه بل يرفع الامر للحاكم ويجتهد في الاصلح لانه في هذه الحال يدخلها من الهوى والخطأ ما يحتاج الى رفعه ورفع المسؤولية عنه بالحاكم والله اعلم. السؤال الخامس والسبعون عن الفرق بين الهبة والوصية وما يجتمعان فيه. الجواب يجتمعان في كونهما عقدي تبرع يثبت لهما ما احكام التبرعات؟ ومن احكام التبرعات ان ما جاز ايقاع عقد البيع عليه جازت هبته والوصية به بل التبرع اوسع فان ضرر لا يضر فيه. فالصواب جواز هبة الذي لا يقدر على تسليمه. والدين في الذمم كما يصح الايصاء فيه. وهو احد القولين في المذهب ولكن المشهور عند المتأخرين جواز الغرر في الوصية لا في الهبة. والفرق غير صحيح. واما الفروق بينهما فالهبة هي التبرع بماله حال الحياة والصحة. والوصية التبرع به بعد الوفاة. والهبة يعتبر لها القبول من حينها. والوصية محل قبولها ورد بعد الموت ومنها ان الوصية تكون من الثلث فاقل لغير وارثه. واما الهبة فتجوز بجميع ما له للورثة وغيرهم الا انه يجب عليه ان يسوي في عطية اولاده بقدر ارثهم. والمذهب يجب التسوية في عطية الورثة كلهم غير الزوجات الحديث انما يدل على وجوب العدل بين الاولاد. ومنها ان الوصية مقدم عليها الدين على كل حال. واما الهدية فان كان محجورا عليه فكذلك والا نفذت الا على اختيار الشيخ ولكنه يحرم عليه ان يتصدق ويهدي بما يضر غريمه. ومنها صحة وصية غير المميز دون هبته. والفرق بينهما ان الهبة انما امتنعت منه لحفظ ماله. والوصية انما تثبت بعد موته. وفيها مصلحة محضة وهو اما العطية في مرض الموت المخوف فتشارك الوصية في اكثر الاحكام. وانما تفارقها بامر يعود الى نفس العقد من اشتراط بولها حينها ومن تقديم الاول على الثاني عند المزاحمة واحكام الهدية والهبة والصدقة والعطية متفقة الا اذا كانت في مرض الموت فكما تقدم ويفرق بينها بفروق لطيفة فما قصد به اكرام المعطي ومحبته فهو الهدية وما قصد به ثواب الاخرة المجرد فهو الصدقة. والغالب فيها ان المعطى يكون محتاجا بخلاف الهدية والهبة والعطية والله اعلم. السؤال السادس والسبعون ما حكم الوصية؟ وباي شيء تثبت وما يبطلها؟ الجواب وبالله التوفيق. الوصية تجري فيها احكام التكليف الخمسة بحسب اسبابها فتجب الوصية على من عليه حق بلا بينة او حق واجب لا تخرجه الورثة الا بالوصية. ويحرم على امن له وارث بزائد على الثلث الاجنبي ولوارث بشيء الا باجازة الورثة بعد موته. وتسن لمن ترك خيرا يغني ورثته وتكره لفقير له ورثة فقراء. وتباح له ان كانوا اغنياء. واما ثبوتها فمن مكلف رشيد او مميز يعقلها اذا قبيل موته بلفظه او خطه المعروف وتبطل برجوعه وتلف المعين الموصى به وموت الموصى له قبل الموصين وقتله موصي ورده لها بعد الموت واستغراق الدين للتركة والله اعلم