المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله كتاب المعاملات وهي اخذ معوض واعطاء عوض. والاصل فيها الحل والاباحة. قال الله تعالى الا ان تكون تجارة ولكثرة فوائدها الضرورية والكمالية وسع الشارع حكمها. ولم يمنع منها الا ما فيه ضرر على الخلق. في اديانهم واموالهم. ولهذا شرط فيها التراضي من الطرفين. وان يكون العاقدان جائزي تصرف سواء تصرفا في ملكهما او فيما لهما عليه ولاية او وكالة او يكون العوضان معلومين لا غرر فيهما وان يكون العقد واقعا على الامور المباحة لا المحرمة. وحرم الشارع كل معاملة تشغل عن الواجبات او تدخل ميلين او احدهما في محرم ونهى عن الغش بانواعه اما بكتب العيوب او باظهار صفات ليست في المعقود عليه اثبت في ذلك الخيار للمخدوع كما اثبت خيار المجلس تحقيقا لمنع الغرر والغش والخداع. ومنع من تلقي الجلب ومن النجش فصل العقد يفسد ويختل لفقد شرط من شروطه السابقة او لوجود مانع. ومن اعظم الموانع عقود الربا والربا ثلاثة انواع. ربا الفضل في بيع المكيل بالمكيل من جنسه او الموزون بالموزون من جنسه. ويشترط في هذا شرطان تماثل في الكيل والوزن والقبض قبل التفرق. ولهذا نهي عن المزابنة. وهي بيع ثمر النخل بتمر الا في العرايا وعن المحاقلة وهي بيع الزرع المشتد في سنبله بحب من جنسه. لان التساوي مجهول. النوع الثاني ربا نسيئة هو بيع المكيل بجنسه او بغير جنسه بلا قبض لهما او بيع الموزون بموزون من جنسه او غير جنسه كذلك. ويشترى القبض للعوضين قبل التفرق. واشد انواع هذا بيع ما في الذمة الى اجل. وسواء كان ذلك صريحا او بحيلة هي للتي يتوصل بها الى قلب الدين. النوع الثالث ربا القرض. وذلك ان القرض من افضل انواع الاحسان. وهو عقد احسان وارفاق. فاذا شرط فيه عوض او نفع خرج عن موضوعه وصار معاوضة. فكل قرض جر نفعا فهو ربا ثم من نعمة الشارع على الامة حفظ عليهم اموالهم ومعاملاتهم بكل طريق. وامرهم بحسن المعاملة. وقال صلى الله عليه وسلم ان لم مطل الغني ظلم. فاذا اتبع احدكم على ملي فليتبع. وشرع الوثائق التي فيها حفظ الاموال وهي شهادة بها تحفظ الحقوق وتثبت. والرهن والضمان والكفالة وفائدتها تحديد من عليه الحق بسرعة الوفاء استيفاء منها اذا تعذر الوفاء لمطل او عدم او تغيب او موت فصل وجوز الشارع الصلح بين المتعاملين سواء حصل اقرار واعتراف بالحق او لم يحصل. فالصلح جائز بينهم لا صلحا يدخلهم في الحرام ومخالفة القواعد الشرعية. وكذلك جوز جميع الشروط التي يشترطها احدهما على الاخر مما له فيها نفع ومقصود. اذا لم تحل حراما او تحرم حلالا ومصلحة ذلك ونفعه معلوم فصل ويحجر على الانسان في ماله اذا كان في ذلك ضرر عليه. كالحجر على الصغير والسفيه والمجنون قال تعالى ولا تؤتوا السفهاء اموالكم التي جعل الله لكم قياما. وكذلك يحجر على المدين اذا كانت موجوداته لا تفي بحقوق الغرماء وطلبوا من الحاكم الحجر عليه ليستدركوا حقهم او بعضه ومن حجر عليه وتصرف فتصرفه غير صحيح ولا يفك الحجر عنه حتى يزول السبب الذي حجر عليه لاجله برشد السفيه ونحوه وايفاء المدين ما عليه. فصل وقد حث صلى الله عليه وسلم على القيام بحق الجار واقل ما على الانسان ان يكف اذاه القولي والفعلي عن جاره ويحسن اليه ما استطاع وينبغي ان يتساهل معه في حقوق الملك والجوار. والا يمنعه من الانتفاع بملكه الذي لا يضر. كوضع الخشب على جداره واجراء الماء في ارضه وما اشبه ذلك ولا يحل له ان يحدث في ملكه ما يضر بجاره ويمنع من ذلك واحق الجيران بالبر اقربهم بابا او نسبا اصل ومن تيسير الشارع ان اباح التوكيل والتوكل في جميع المعاملات والحقوق لما في ذلك من المصلحة. وسواء كان بجعل ام لا وذلك شامل للعقود كلها والفسوخ والعبادات التي تدخلها النيابة دون ما لا تدخله النيابة. كالامور المتعلقة بنفس الانسان من صلاة وصيام ونحوها ومن حلف ونذر ووفاء حق زوجة ونحوها من قسم ونحوه الوكالة نيابة جائز التصرف لمثله فيما تدخله النيابة. ومثل ذلك الولاية على اموال اليتامى والمجانين ونحوهم والنظر في الاوقاف والوصايا. فكل هذه جائزة للحاجة اليها. وجميع الامناء اذا تلف الشيء عندهم بلا تعد ولا ولا تفريط فلا ضمان عليهم. فان تعدوا او فرطوا في اداء الواجب بها ضمنوا فصل والغصب وهو الاستيلاء على مال الغير بغير حق. وهو من اعظم المحرمات. ويجب على الغاصب رد المغصوب ولو غرم على رده اضعافه فان تلف ضمن المثلي بمثله والمتقوم بقيمته. وعليه اجرته مدة مقامه بيده ونماء المغصوب وكسبه لمالكه وليس لعرق ظالم حق فيلزم الغاصب بقلع غرسه وبنايته اذا لم يرضى صاحب الارض بالمعاوضة. واما غير الظالم كغراس المستاء اجري وبنيانه فانه مستحق الابقاء لكن يتفق هو ومالك الارض اما على ابقائه باجرة او يتملكه صاحب الارض بقيمته او بما اتفقا عليه وجميع انواع الشركات في المعاملات جائزة بما فيها من الشروط الا اذا شرط فيها شروطا تدخلها في الجهالة والغرر. وكل من الشركاء اصيل عن نفسه ووكيل عن الاخر وكفيل عنه بما يلزمهما من متعلقات الشركة. والزيادة الحاصلة في الاموال المشتركة للشركاء على قدر املاكهم وكذلك النقص عليهم على قدر املاكهم ومن انواع الشركات المساقات على الاشجار والمغارسة عليها والمزارعة على الارض. فكل ما اتفق عليه المتعاملان فيها مما لهما وعليهما او لاحدهما او على احدهما فهو جائز. وهذا لا يحصى من كثرته. وانما الممنوع فيها وفي غيرها الشروط التي تعود الى الغرر فان الغرر ميسر وقمار. سواء دخل في المعاملات او في المغالبات وانما اجاز الشارع المغالبة في مسابقة الخيل والركاب والسهام. ولو بجعل لما في ذلك من مصلحة التقوية على هاد فمصلحتها راجحة على مضرتها. واما ما سواها من المغالبات بعوض فهو محرم وميسر والله الله اعلم فصل ويجوز عقد القراء والتأجير على جميع الاعيان المنتفع بها. كمنافع الانسان من خدمة وكالاراضي والدور والدكاكين والحيوانات والسلاح والاواني. والالات والاثاث على اختلاف انواعه. والكتب غيرها اذا كان صادرا العقد من مالك او نائبه والاجارة معلومة. والنفع محررا مفهوما. وبهذا تكون عقدا لان ما يملك المستأجر فيها المنافع التي وقع عليها عقد الاجارة وله ان يؤجرها غيره او يعيره اياه لانه مالك نفعها. واما المستعير فلان المعير محسن وقد اباحه الانتفاع بنفسه فليس للمستعير ان يعيره ها او يؤجرها الا باذن ربها. لانه لم يملك المنافع. والعارية مستحبة وخصوصا عارية الامور يحتاج اليها التي ليس على مالكها ضرر في ذلك. وخصوصا عوار الكتب الدينية. والسلاح ليقاتل به الكفار فان هذا النفع لا يعادله شيء. فصل. ومن كان في ملكه او حوزته بهيمة فجناياتها على الغير هدرة لقوله صلى الله عليه وسلم العجماء جبار الا اذا كان غاصبا او بهيمة معروفة بالاذى اذا تفرط صاحبها او اتلفت في الليل او كان صاحبها متصرفا فيها او اطلقها بقرب ما تتلفه عادة فانه متعد في هذه الصور وعليه الضمان. ومن صال عليه انسان او بهيمة دفعه بالاسهل فالاسهل فان لم يندفع الا بالاتلاف اتلفه ولا حرج ولا ضمان عليه فصل. واذا باع احد الشركاء نصيبه من مشترك فان كان غير عقار فلا شفعة فيه. مع ان الاولى ان يعرضه على ويقدمه على غيره. وان كان عقارا فلشريك الاخر ان يشفع فيه فيأخذه بالثمن الذي وقع فيه العقد دفعا لضرر الشركة. ولا تسقط شفعته الا باسقاطها بعد علمه بقول او فعل دال على الرضا. ولا يحل التحايل لاسقاط الشفعة باي حيلة تكون. ولا باسقاط حق لله او للعباد. والجار لا شفعة له لازمة لكن من الخير والمروءة ان يعرضه على جاره. ولا يبيع داره او يؤجرها الا لمن يرتضيه الجيران فصل. قال صلى الله عليه وسلم من احيا ارضا ميتة فهي له ويحصل الاحياء بما يدل العرف على انه احياء وذلك كحفر بئر فيها يصل الى الماء او اجراء ماء الى الارض او تنقيتها من الاحجار ونحوها. او منع المياه المستنقعة فيها التي لا يمكن احياؤها مع جودها او بناء بنيان عليها فهذه تفيد الملك واما التحجر بادارة الاحجار او الاشجار على الارض او اقطاعها من امام او نائبه فانه يكون احق بها ولا يملكها بمجرد ذلك حتى يحييها ويمنع من التحجر الذي لا ينتفع به ويمنعها من الغير ومن سبق الى شيء من المباحات كالاراضي والحطب والصيد واللقطة والجلوس في المساجد والطرق ونحوها او سكن الاوقاف التي لا تحتاج الى ناظر يقوم فيها بنظره فمن سبق الى شيء من المذكورات وغيرها فهو احق به من غيره فصل من قال من رد لقطتي او عبدي او اذن في هذا المسجد او ام فيه او درس في هذه المدرسة فله كذا هذا جعالة تجوز على وجه العموم كهذه الامثلة. وعلى وجه الخصوص كان يقول لشخص معين ان فعلت شيء من هذه فلك كذا. وهي اوسع من الاجارة. لهذا يكون العمل فيها معلوما ومجهولا. وتجوز على اعمال خير والقرب كالحج والامامة ونحوها فصل من وجد مال غيره ضائعا فهو لقطة. فان كان شيئا يسيرا لا تتبعه همة اوساط الناس كالصوت والرغيف ونحوه ملكه واجده بلا تعريف وان كان من الضوال التي تمتنع من صغار السباع كالابل لا يحل التقاطها. وان التقطها لم يملكها بالتعريف وما عدا ذلك فله التقاته ولكن يعرفه حولا كاملا فيقول من ضاع له شيء ونحوه فان لم تعرف ملكها واجدها. وان جاء من يدعي انها ملكه فان من وصفها وصفا يطابق ما هي عليه وجب دفعها اليه