المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الفصل الخامس في فوائد الحج. قال تعالى فيه ايات بينات مقام ابراهيم ومن دخله كان امنا ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا ومن كفر فان الله غني عن العالمين. واخبر صلى الله عليه وسلم انه واحد اركان الاسلام ومبانيه العظام. وان من حج البيت فلم يرفث ولم يفسق. خرج من ذنوبه كيوم ولدته امه. وان الحج المبرور ليس له له جزاء الا الجنة. وكل هذا في الصحيحين. واخبر ان الحج والعمرة ينفيان الذنوب والفقر كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة. وورد في بفرضه وفضله وثوابه احاديث كثيرة وذلك لما فيه من المنافع العامة والخاصة. وقد بين تعالى مجمل حكمه ومنافعه في قوله ليشهدوا منافع لهم اي منافع دينية واجتماعية ودنيوية. وقال جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس شهر الحرام والهدي والقلائد. فان به تقوم احوال المسلمين ويقوم دينهم ودنياهم. فلولا وجود بيته في الارض وعمارته بالحج والعمرة والتعبدات الاخر لاذن هذا العالم بالخراب. ولهذا من امارات الساعة واقترابها هدمه بعد عمارته وتركه بعد زيارته فان حج مبني على المحبة والتوحيد الذي هو اصل الاصول كلها. فان حقيقته تجارة المحبوب لاحبابه وايفادهم اليه. ليحظوا بالوصول الى بيته ويتمتعوا بالتذلل له والانكسار له في مواضع النسك. ويسألوه جميع ما يحتاجونه من امور دينهم ودنياهم. فيجزل لهم من قراءة لا يصفه الواصفون. وبذلك تتحقق محبتهم لله ويظهر صدقهم بانفاق نفائس اموالهم وبذل مهجهم في الوصول اليه فان افضل ما بذلت فيه الاموال اتعبت فيه الابدان واعظمه فائدة وعائدة ما كان في هذا السبيل. وما توسل به الى هذا هذا العمل الجليل ومع ذلك وقد وعدهم باخلاف النفقات والحصول على الثواب الجزيل والعواقب الحميدة. ومن فوائد الحج ان فيه تذكرة للانبياء والمرسلين ومقامات الاصفياء المخلصين. كما قال تعالى واتخذوا من مقام ابراهيم مصلى. والصحيح في تفسيرها ان هذا عام في جميع مقاماته في الحج من الطواف وركعتيه والسعي والوقوف بالمشاعر ورمي الجمار والهدي وتوابع ذلك. ولهذا كان صلى الله عليه وسلم يقول في كل مشعر من مشاعر الحج خذوا عني مناسككم فهو تذكرة بحال ابراهيم الخليل والمصطفين من اهل بيته تذكير بحال سيد المرسلين وامامهم ومقاماته في الحج التي هي اجل المقامات. وهذا التذكير اعلى انواع التذكيرات فانه تذكير باحوال عظماء الرسل ابراهيم ومحمد صلى الله عليه وسلم ومآثرهم الجليلة وتعبداتهم الجميلة. والمتذكر بذلك مؤمن بالرسل معظم لهم. متأثر بمقاماتهم السامية مقتد باثارهم الحميدة ذاكر لمناقبهم وفضائلهم. فيزداد به العبد ايمانا ويقينا. وشرع ايضا لما فيه من ذكر الله الذي تطمئن به القلوب ويصل به العبد الى اكمل مطلوب. كما قال صلى الله عليه وسلم انما جعل الطواف بالبيت وبالصفا المروة ورمي الجمار لاقامة ذكر الله. ومن فوائد الحج ان المسلمين يجتمعون في وقت واحد وموضع واحد على عمل واحد. ويتصل يصل بعضهم ببعض ويتم التعاون والتعارف ويكون وسيلة للسعي في تعرف المصالح المشتركة بين المسلمين والسعي في تحصيلها بحسب القدرة والامكان وبذلك تتحقق الوحدة الدينية والاخوة الايمانية. ويرتبط اقصى المسلمين بادناهم فيتفاهمون ويتعارفون ويتشاورون في كل ما يعود بنفعهم وبذلك يكتسب العبد من الاصدقاء والاحباء ما هو اعظم المكاسب ويستفيد بعضهم من بعض. واما توابع ذلك من المصالح الدنيوية بالتجارات والمكاسب الحاصلة في مواسم الحج ومواضع النسك. فانها تفوت العد. وكل هذا داخل في قوله ليشهدوا منافع لهم موسم عظيم لا يشبهه شيء من مواسم الاقطار. كم انفقت فيه نفائس الاموال؟ وكم اتعبت في السعي اليه ابدان وكم حصل فيه شيء كثير من اصناف التعبدات؟ وكم اريقت في تلك المواضع العبرات؟ وكم اقيلت فيه العثرات وغفرت الذنوب والسيئات وكم فرجت فيه الكربات وقضيت الحاجات وكم ضج المسلمون فيه بالدعوات المستجابات وكم تمتع فيه المحبون بالافتقار الى رب السماوات وكم اسبغ الباري فيه عليهم من الطاف ومواهب وكرامات. وكم عاد المسرفون على انفسهم كيوم ولدتهم الامة هات. وكم حصل فيه من تعارف نافع واستفاد فيه العبد من صديق صادق. وكم تبودلت فيه الاراء والمنافع المتنوعة؟ وكم تم عبدي فيه من مآرب ومطالب متعددة ولله الحمد على ذلك. فصل تابع لما تقدم. هذه الشرائع المتقدم ذكرها قد تبين ان انها من اعظم الضرورات وانه لا غنى للخلق عنها للفوائد الجليلة المترتبة عليها والاضرار الكثيرة الناشئة عن فقدها. وانها اعظم من الله على عباده واعظم محاسن الدين الاسلامي. وان كل دين خلا منها وكل طريق فقدت منه فانه شر محض وضرر صرف وانه اذا وجد خير في شخص او طائفة من الناس فانظر وتأمل تجد بلا شك اصله ومنبعه مأخوذا من الدين الاسلامي وان غيرت صبغته وسمي بغير اسمه. كما انك لا تجد شرا ولا ضررا الا وجدت منبعه من مخالفة الدين الاسلامي. لا يشذ عن هذا شيء فالخير حيث كان الدين والشر حيث فقد الدين الصحيح. فليأتي المرتاب بمثال واحد يخالف هذا الاصل ان كان صادقا. والا يذعن الى هذا الدين الذي اذعن له صفوة الخلق واولو الالباب من الانبياء واتباعهم واهل العقول الوافية والاخلاق العالية