المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الفصل الرابع عشر في العلم وفوائده. قال تعالى قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون وقال يرفع الله الذين امنوا منكم والذين اوتوا العلم درجات. وفي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم قال من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين. وقال اذا مات العبد انقطع عمله الا من ثلاث صدقة جارية او علم ينتفع به او ولد صالح يدعو له. حد العلم ما قامت عليه الادلة والبراهين والنافع منه ما تعلق بالدين. وكان من المعينة على الدين وقد تواترت نصوص الكتاب والسنة على فضل العلم وشرفه وفضل اهله. وان كل شيء يفتقر اليه. وان الناس كلهم في الظلمات الا من استنار بنور العلم وجعل الله طريق الجنة والصراط المستقيم مركبا من العلوم النافعة ومن الاعمال الصالحة. العلم خير من المال العلم يحرسك وانت تحرس المال. العلم يصحبك في دورك الثلاث في الدنيا وفي البرزخ ويوم تقوم الاشهاد. والمال ان فرض وجود صحبك صحبة منكدة في حال الحياة الدنيا. العلم نور يهتدى به في ظلمات الشكوك والجهالات. وحياة تقيم العبد وتوصل الى الجنات ما زال علم العالم يعلم ويعمل به او يستفاد منه فصحيفة حسناته في ازدياد في حال الحياة وبعد الممات باي شيء ان يعرف الله ويهتدي الى صراط مستقيم وبأي شيء يهتدي الى الفرق بين الاحكام الخمسة التابعة لجميع الحركات والسكنات وباي شيء اهتدى الى الفرقان بين الهدى والضلال والغي والرشاد وباي شيء تعرف الاعمال النافعة؟ والله لا يتمكن من شيء من ذلك الا بالعلم العلم هو الاساس الاعظم لجميع المعاملات وهو الشرط لصحة الاقوال والاعمال. الجهل داء قاتل والعلم حياة ودواء نافع حاجة الناس الى العلم اعظم من حاجتهم الى الطعام والشراب. الاشتغال بالعلم من افضل الطاعات واجل القربات. مذاكرة العلم تسبيح البحث عنه جهاد وتعلمه وتعليمه ودراسته توجب رضا رب العباد. قال صلى الله عليه وسلم من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا الى الجنة. وقال صلى الله عليه وسلم اذا مررتم برياض الجنة فارتعوا. قالوا وما رياض الجنة؟ قال قلق الذكر. رياض العلوم النافعة. فرياض العلوم النافعة فيها من المعارف من كل زوج بهيج. فيها اجل المعارف وافضلها وهو العلم باسماء اهي وصفاته وافعاله والائه وفيها علم الحلال والحرام والنافع والضار وفيها علم الاخلاق التي ترقي صاحبها الى اعلى المقامات وعلم الاداب التي تجعل العبد من اكبر البريات وفيها تشخيص ما في النفوس من الخير والشر والرغبات والرهبات وفيها كيفية توجيه الى فعل الخيرات وترك المنكرات والى ما يناسبها من الامور النافعات. فيها علوم العربية الجليلة على اختلاف منافعها وفوائدها ثمرتها تقيم لك اللسان وتهديك الى اوضح العبارات وحسن البيان. وتستعين بها على معرفة معاني كلام الله وكلام رسوله. فتكون الة لك في كل علم وعمل تسلكه في هذه الرياض علم احوال التواريخ والدول واصناف الامم تتمكن فيها من اجتلاء القرون السالفين ومعاصرة الامم الغابرين. ثم هكذا تنتقل من قرن الى قرن حتى تتصل باحوال الامم الموجودين. وتعتبر فيها حكمة الله وسنته في سالفين واللاحقين فترى الخير والفضل عنوان شرف وسعادة وذكرى جميلة حيث كان. والشر والظلم عنوان شقاء وفضيحة خزي في جميع الازمان ثم تتجلى فيها عقول الاولين والاخرين وكيف كان التفاوت الذي لا ينضبط ولا يدرك منتهاه بين افراد البشر فهذا لا يتميز عن البهائم الا بالشكل والنطق في خسته ودنائته. وهذا يفوق امة عظيمة في عقله ومعارفه واخلاقه العالية. وهذا قد سيطرت عليه الشهوات البهيمية فانقاد لها عقله وهواه. وهذا قد ارتفعت همته فوق الثريا. فلم تملكه العادات ولم يقدم شيئا على رضا مولاه وهكذا تجد في رياض العلوم كثيرا من نصوص الكتاب والسنة وهكذا تجد في رياض العلوم كثيرا من نصوص الكتاب والسنة بنصها او فحواها او لازمها مما يدل على اعتبار جميع العلوم النافعة للدنيا والدين. وفيها الحث على تعليم الصناعات والمخترعات وامتنان الله علينا بتسخير ما على الارض وما في باطنها لنستخرج منه جميع ما نقدر عليه من المنافع التي لا يزال الله يعلمها الانسان شيئا بعد وتجد ان الله امرنا ان نعلم الجهال والسفهاء كيفية حفظ الاموال وكيفية التكسب فيها واستحصال منافعها. قال تعالى واليتامى حتى اذا بلغوا النكاح فان انستم منهم رشدا فدفعوا او اليهم اموالهم. فامرنا ان نعلمهم ونختبرهم فيما يليق باحوالهم. فاذا مهروا في هذا العلم وابصرنا وجدهم دفعنا اليهم اموالهم وما داموا في جهلهم يعمهون وفي سفههم يتيهون. لا نمكنهم من اموالهم حذر الضياع والنقص. ففي هذا دليل على ان العلم نافع حتى العلوم الدنيوية وانه حافظ للمنافع ودافع للمضار ولولا العلم لما عرفت المقاصد والوسائل ولولا العلم ما عرفت البراهين على المطالب كلها ولا الدلائل. العلم هو النور في الظلمات وهو الدليل في المتاهات والشبهات. وهو المميز بين قائق وهو الهادي لاكمل الطرائق. بالعلم يرفع الله العبد درجات. وبالجهل يهوي الى اسفل الدركات