المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله فصل وهو الرقيب على الخواطر واللواء حظي كيف بالافعال بالاركان الرقيب والشهيد مترادفان وكلاهما يدل على احاطة سمع الله بجميع المسموعات وبصره بجميع المبصرات وعلمه بجميع المعلومات الجلية والخفية ولهذا قال المصنف وهو الرقيب على الخواطر ان يعلموا ما يخطر في القلوب من الافكار والوساوس التي لم يتكلم بها العبد وعلى اللواحظ بالابصار اللواحظ الخفية والجلية فاذا كان رقيبا على الخواطر واللحظات فكيف لا يكون رقيبا على ما هو اظهر منها من الافعال بالاركان والحركات قال تعالى وكان الله على كل شيء رقيبا وقال تعالى والله على كل شيء شهيد وقال تعالى ولقد خلقنا الانسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن اقرب اليه من حبل الوريد ولهذا كانت المراقبة هي التعبد لله باسمه الرقيب فاذا علم العبد ان حركاته الظاهرة والباطنة قد احاط الله بعلمها واستحضر العبد لهذا العلم في جميع احواله اوجب له ذلك حراسة باطنه عن كل فكر وهاجس يبغضه الله وحفظ ظاهره عن كل قول او فعل يسخط الله وتعبد بمقام الاحسان فعبد الله كأنه يراه فان لم يكن يراه فانه يراه قال تعالى منبها على هذا المعنى وتوكل على العزيز الرحيم الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين انه هو السميع العليم وقال الشاعر كأن رقيبا منك يرعى خواطري. واخر يرعى ناظري ولساني فما خطرت في القلب مني خطرة لغيرك الا عرجا بجناني ولا نظرت عيني لغيرك نظرة من الخلق الا قلت قدر مقامي ولا بدرت من في بعدك لفظة لغيرك الا قلت قد سمعاني ثم قال المصنف وهو الحفيظ عليهم وهو الكفيء لو بحفظهم من كل امر عاني ذكر رحمه الله للحفيظ معنيين احدهما انه الحفيظ عليهم جميع ما عملوه من خير وشر وطاعة ومعصية فان علمه تعالى محيط بجميع اعمالهم ظاهرها وباطنها وقد كتب ذلك في اللوح المحفوظ ومع ذلك فقد وكل بالعباد ملائكة كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون قال تعالى يوم يبعثهم الله جميعا فينبئهم بما عملوا احصاه الله ونسوه وقال تعالى وكل شيء احصيناه في امام مبين وقال تعالى الم تعلم ان الله يعلم ما في السماء والارض ان ذلك في كتاب ان ذلك على الله يسير وقال تعالى ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد وقال تعالى وان عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون فهذا المعنى من حفظه تعالى على عبده متضمن لاحاطة علم الله تعالى باحوال عبده الظاهرة والباطنة والاقوال والافعال وكتابتها باللوح المحفوظ وفي الصحف التي بايدي الملائكة وعلمه تعالى بمقاديرها وكمالها ونقصها ومقادير جزائها في الثواب والعقاب ثم مجازاته عليها بعدله وفضله والمعنى الثاني من معنى الحفيظ انه تعالى الحافظ لعباده من جميع ما يكرهون ولهذا قال المصنف وهو الكفيل بحفظهم من كل امر عاني اي مشق مكروه وحفظه تعالى لخلقه نوعان عام وخاص فالعام حفظه لجميع المخلوقات بتيسيره لها ما يقيم بنيتها ويحفظ قوتها وتمشي الى مصالحها بهدايته العامة التي قال الله عنها الذي اعطى كل شيء خلقه ثم هدى اي هدى كل مخلوق الى ما قدر له وقضي له مما هو من ضروراته كالهداية للمأكل والمشرب والمنكح والسعي في اسباب ذلك وكدفعه عنهم انواع المكاره واصناف المضار التي يشترك فيها الابرار والفجار بل الحيوانات وغيرها فهو الذي يحفظ السماوات والارض ان تزولا ويحفظ الخلائق بنعمه ان يفسدوا او يتلفوا وقد وكل بالادميين حفظة من الملائكة الكرام يحفظونه من امر الله يدفعون عنه كل ما يضره مما هو بصدد ان يضره لولا حفظ الله قال تعالى له معقبات من بين يديه ومن خلفه ومن خلفه يحفظونه من امر الله وقال تعالى قل من يكلأكم بالليل والنهار من الرحمن اي لو تخلى عنكم الرحمن الذي رحمكم بحفظكم من ذا الذي يقوم بكلاءتكم في نومكم ويقظتكم غيره اي لا احد يقوم بذلك سوى الرحمن فتعين ان يكون هو المعبود وحده والنوع الثاني حفظه الخاص لاوليائه وعباده المؤمنين سوى ما تقدم يحفظهم عما يضر ايمانهم او يزلزل ايقانهم من انواع المحن والفتن والشبه التي يخاف معها على الايمان فيعافيهم الله منها وان ابتلوا بها يسر لهم الخروج منها بعافية ويحفظهم من اعدائهم من الانس والجن فينصرهم عليهم ويدفع عنهم كيدهم قال تعالى ان الله يدافع عن الذين امنوا ولم يذكر ما يدفع عنهم لاجل العموم والشمول وانه يدفع عنهم كل ما يضر ايمانهم وعلى حسب ما مع العبد من الايمان يكون دفع الله عنه قال تعالى في دفعه العام للمؤمنين ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الارض وقال تعالى ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع لهدمت صوامع وبيعوا وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ومن الحفظ الخاص ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء الذي يقال عند المنام ان امسكت نفسي فارحمها وان ارسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين فصار معنى الحفيظ الذي يحفظ على العباد اعمالهم ليجازيهم بها ويحفظهم مما يكرهون وهو اللطيف بعبده ولعبده واللطف في اوصافه نوعان ادراك اسرار الامور بخبرة واللطف عند مواقع الاحسان فيريك عزته ويبدي لطفه والعبد في الغفلات عند الشان يعني ان اللطيف هو اللطيف بعبده في اموره المتعلقة بنفسه وهو اللطيف لعبده ان يلطف له في الامور الخارجة عنه فيسوق اليهما به صلاحه من حيث لا يشعر ولهذا كان اللطف في اوصاف الله تعالى على قسمين احدهما خبرته تعالى وادراكه لاسرار الامور وخفايا الصدور ومغيبات الامور وما لطف ودق من كل شيء وهذا النوع يرجع الى احاطة علمه بالمعلومات الا انه العلم الخاص في الامور الخفية ويلزم منه علمه بجليات الامور ومن ذلك لما ذكر تعالى تعلق علمه بما في باطن الارض من خفايا البدور واستخراجها من باطن الارض بما ينزل عليها من السماء وخبرته بشدة حاجة عباده الى ذلك ذكر هذا الاسم الكريم فقال الم تر ان الله انزل من السماء ما فتصبح الارض مخضر ان الله لطيف خبير فهو الذي يعلم السر واخفى ويعلم ما في السماوات والارض ويخرج الخبأ في السماوات والارض وما تسقط من ورقة الا يعلمها ولا حبة في ظلمات الارض ولا حبة في ظلمات الارض ولا رطب ولا يابس الا في كتاب مبين يعلم خائنة الاعين وما تخفي الصدور والنوع الثاني لطفه بعبده ووليه الذي يريد ان يتم عليه احسانه ويشمله بكرمه ويرقيه الى المنازل العالية فييسره لليسرى ويجنبه العسرى ويمتحنه بانواع المحن التي تشق عليه ويكرهها وهي عين صلاحه والطريق الى سعادته كما امتحن انبيائه باذى قومهم وبالجهاد في سبيله حتى اذا استيأس الرسل وظنوا انهم قد كذبوا جاءهم نصرنا وكما ذكر الله عن يوسف عليه السلام بعدما حصلت له المحن باخوته ثم بالرق ثم بمراودة امرأة العزيز ثم بالسجن الطويل ثم جعل الله ذلك كله طريقا الى علوه وارتفاعه وملكه وخضوع ابويه واخوته له ولهذا قال في اخر قصته وقال يا ابتي هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا وقد احسن بي اذ اخرجني من السجن وجاء بكم من البدو من بعد ان من بعد ان نزغ الشيطان بيني وبين اخوتي ان ربي لطيف لما يشاء انه هو العليم الحكيم وكثيرا ما يمتحن اولياءه بما يكرهون لينيلهم ما يحبون ولهذا قال المصنف فيريك عزته اي في امتحانك فيما تكره ويبدي لطفه والعبد في الغفلات عن بشان فلو اطلع على الغيب لفرح بكثير من الامور التي تجري عليه بخلاف ما يهوى وكم لله من لطف وكرم لا تدركه الافهام ولا تتصوره الاوهام وكم استشرق العبد لمطلوب من مطالب الدنيا من امارة او ولاية او سبب من الاسباب الدنيوية فيصرفه الله عنه رحمة به لئلا يفسد عليه دينه في ظل العبد حزينا من جهله وعدم معرفته بربه وفي الدعاء المأثور اللهم ما رزقتني مما احب فاجعله قوة لي فيما تحب وما زويت عني مما احب فاجعله فراغا لي فيما تحب اللهم الطف بنا في قضائك وبارك لنا في قدرك حتى لا نحب تعجيل ما اخرت ولا تأخير ما عجلت