المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله القاعدة الرابعة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر والتواصي بالحق والتواصي بالصبر. كم في كتاب الله وسنة رسوله من الامر بهذا الاصل العظيم والقاعدة العامة الجامعة لكل خير. فان المعروف اسم جامع لكل ما عرف حسنه شرعا وعقلا. والمنكر رسم جامع لكل ما عرف قبحه شرعا وعقلا. والحق هو العلوم النافعة والاعمال الصالحة. فيدخل في هذا تعلم جميع العلوم النافعة وتعليمها وكما يدخل في ذلك تعليم المستعدين لطلب العلم فانه يدخل فيه تعليم الناس ووعظهم في المساجد والمجامع الصغار والكبار وفي الحديث مع الاصحاب وغيرهم وكذلك يتعين ان يكون هيئات وجمعيات من المسلمين يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ومن اكبر المعروف ان يسعوا في جمع كلمة المسلمين واتفاقهم على مصالحهم الكلية وازالة ما يقع بين المسلمين من التعادي والتباغض والتنافر التي هي من اكبر الاسباب الممكنة للاعداء. وان يكون من المسلمين طائفة كافية مستعدة للجهاد بالاقبال على تعلم العلوم والفنون العصرية والصناعات والاسلحة التي لا يقوم الجهاد الا بها. فان الجهاد في سبيل الله من اكبر ما يدخل في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر. والجهاد نوعان. جهاد واجتهاد في تقوية المسلمين روح الايمانية والقوة المعنوية والشجاعة الدينية وجهاد الاعداء في مدافعتهم ومهاجمتهم واخذ الاحتياطات الكافية غاية شرهم وضررهم ومعلوم ان هذه الامور تتوقف على الحذق والمهارة في الفنون العصرية النافعة. فيكون السعي فيها وفي علمها داخلا في الجهاد وطريقا عظيما من طرقه. ومن ذلك ان يكون طائفة من المسلمين تتفقد الناس وتلزمه هم القيام بالفرائض الدينية كالصلاة والزكاة والصوم والحج وجميع حقوق الله وحقوق خلقه الواجبة. وتردعهم عن المنكرات الظاهرة والباطنة. ومن الامر بالمعروف والنهي عن المنكر والتواصي بالحق. ان يكون المسلمون في كل اوقاتهم الهم متناصحين. يحث بعضهم بعضا على الحق الذي هو العلم النافع. والعمل الصالح والصبر على ذلك. فان الصبر هو الة والاساس التي لا ثبوت للامور الا به. ومن ذلك السعي في المشاريع الخيرية التي تنفع الامة. وتحصيل الاموال لقيامها وتقويمها كالمدارس العلمية في جميع فنون العلم النافع في الدين والدنيا. المعينة على الدين. سواء كان ذلك سعيا على طريق احسان المحض او على طريق التجارة والكسب. فكثير من الاعمال الكبيرة التي تنفع الناس في دينهم ودنياهم. لا تقوم الا شركاتي الواسعة. فاذا كان الناس يسعون للمساهمة في الشركات التجارية المحضة فكيف يتأخرون عن الشركات الجامعة للامرين مصلحة الدينية والمصلحة الدنيوية. بل نفس السعي فيها والعمل لها من اعظم ما يقرب الى الله تعالى. وتعيينها يتوقف على شاورت واتباع المصلحة الراجحة ومن اجل وافضل ما يدخل في ذلك مجادلة المبطلين. واقامة الحجج والبراهين على اعداء الدين من الكفار والملحدين. وقد يكون مقاومة الملحدين الذين يتسمون باسم الاسلام. ويدعون الى نبذ اصوله ودعائمه افضل من التصدي للمبارزين من الاجانب المعروفين بمبارزة الدين. فان هؤلاء شرهم اعظم وضررهم اكبر. لاغترار كثير من من الناس بانتسابهم الى الاسلام. وهم في الحقيقة من اكبر اعدائه. وهؤلاء قد يكونون اجراء للاجانب. وقد يكونون مخدوعين ان لكن من اوجب الواجبات تمييز احوالهم وانكار ما ادخلوه على الدين من الدعاية الباطلة. وبما تلوناه عليك من التقريرات اليقين عن دين الاسلام يتضح عقلا كما اتضح شرعا. بطلان ما زعمه بعض المتعصبين من دعاة النصارى واجرائهم ان الاسلام مانع من الرقي وان هذا الكلام والزعم الخبيث مكابرة بينة. وان الرقي الحقيقي محال وغير ممكن ان يتأسس على قواعد الدين. فالقواعد والاصول التي نبهنا عليها عن الدين لا يمكن احدا ان ينكر انها السبب الاعظم. والطريق الوحيد الى الارتقاء بمدارج السعادة والفلاح وانه يتعذر النجاح بدونها. وان كل رقي بغيرها فانه مبني على شفا جرف انهار وكيف يحصل الرقي اذا لم ترتقي القلوب والارواح بمحبة الله والانابة والافتقار اليه. وقوة الايمان والتوكل عليه وكيف يحصل الرقي التام اذا لم ترتقي الاخلاق بالتحلي بالفضائل والتخلي عن جميع الرذائل؟ وكيف يتم الرقي بغير الجهاد الشرعي الذي هو الجهاد على تبيين الحق والهدى وعلى قبوله وعلى دفع عادية المعتدين. الجهاد الشرعي هو الذي جمع بين القوة المعنوية بالايمان الكامل بالله والاعتماد عليه التوكل والاستعانة به. والعمل بجميع الاسباب التي لا يتم الجهاد الا بها. وجمع عن قوة المادية حيث حث على الاستعداد بكل ما يستطاع من القوة العقلية والسياسية والرمي والركوب وتعلم الصناعات والفنون التي تعين على الجهاد وعلى اخذ الحذر من الاعداء بكل وسيلة وطريق. فيا ويح من زعم ان هذه التعاليم العظيمة العالية لا يحصل بها الرقي وانما يحصل بالقوة المادية التي لا صلة لها بالدين. المبنية على القساوة والهمجية والوحشية والظلم ونبذ الدين ولكن اكثر الناس تغرهم المظاهر والصور وليس لهم الباب ينظرون بها الى حقائق الاشياء والى الامور النافعة التي نتائجها الخيرات والسعادة الابدية