المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله المثال الثالث هل التيمم حكمه حكم الماء اذا تعذر استعماله ام لا؟ قال المتوكل على الله التيمم اذا عدم الماء او ترى استعماله حكمه حكم الماء في اباحة الصلاة ونحوها من العبادات المتوقفة على الطهارة. الا ان طهارته طهارة ضرورة بقدرها فتبطل بخروج الوقت ودخوله. ومن تيمم بشيء لم يستبح ما هو اعلى منه. وانما هو يستبيح ما هو مثله ودونه السبب في ذلك ان الشارع لم يجعله طهارة الا في حال الضرورة. اذا كان كذلك تقدر بقدرها وقصر عن وصوله الى طهارة الماء من كل وجه ويدل على ذلك ان الشارع لم يجعله رافعا للاحداث. بل اذا وجد الماء وكان قد تيمم لحدث اصغر او اكبر عاد اليه حدثه ولزمه رفعه بالماء الا في قول شاذ لا ينظر اليه. فدل ذلك على ما ذكرنا وانه لا فيقوم مقام الماء من كل وجه. فقال المستعين بالله بل التيمم حكمه حكم الماء من كل وجه. فان الله تعالى جعله اذا منابه عند عدمه او تعذر استعماله قضى ذلك انه نائب منابه في كل شيء. وانه اذا تيمم لم تنتقض طهارته الا باحد نواقض الطهارة فلا تنتقض بدخول الوقت ولا خروجه. ومن تيمم لشيء استباحه واستباح ما هو فوقه وما هو دونه. والدليل على ذلك ان الله جعله قائما مقام الماء عند جواز العدول اليه. وذلك دليل على ما قلنا. وايضا اذا تطهر العبد بالتراب الاصل بقاء طهارته حتى يأتي ما يدل على فسادها وانتقادها. فاي نص دل على انها تبطل بدخول الوقت وخروجه واي سبب يدعو الى ذلك ويؤيد هذا ان التيمم بدل طهارة الماء. فالاجماع على ان البدل له حكم المبدل في كل لاحكامه وما استدللتم به من كونه طهارة ضرورة فنحن اول قائل به ولكن فيما دل عليه الشرع وهو انه ضرورة عند عدم الماء او تعذر استعماله بمرض او نحوه. واما كونه يضيق فيه هذا التضييق الذي قلتم فلم يدل عليه الشرع ثم انتم ناقدون لما قلتم فانكم تقولون اذا تيمم للفرد صلى كل وقته فروضا ونوافل فلو كانت طهارته اضطرارا من كل وجه لوجب عليه ان يقتصر فقط على الفرض ولا يزيد في صلاته على ما يحصل به المقصود الواجب ولا قائل بهذا ولله الحمد فعلم انه طهارة اضطرار في جوازه وابتدائه لا بعد ذلك بل هو طهارة كاملة تامة. ويدل على هذا ان تارعة سماه طهارة في عدة احاديث. فكونه طهارة يثبت له ما يثبت للطهارة التامة. فقوله تعالى بعد ذكر طهارة الماء والتراب ولكن يريد ليطهركم. وقوله صلى الله عليه وسلم وجعلت تربتها لنا طهورا. اذا لم نجد الماء فالتراب طهور او وضوء المسلم وان لم يجد الماء عشر سنين. وما اشبه ذلك وذلك كله صريح ان التيمم طهارة تامة عند وجود شرطه. واما كون المتيمم اذا وجد الماء عاد اليه حدثه. فالامر كذلك فاننا لم نقل حكمه حكم طهارة الماء الا عند عدم الماء ونحوه. فاما مع وجود الماء المقدور على استعماله فان وجود طهارة التيمم في هذه الحال كعدمها فلا يبتديها. وان كانت موجودة بطلت وهذا كما ذكرتم قول جميع علماء الامة الا قولا اذن قد دل الدليل على بطلانه. واذا اتضح انه طهارة تامة بوجود شرطه. فمتى تيمم لنفل استباح الفرض وما دام امرأته باقية لم يحصل له ناقض شرعي فانه يستبيح به كل العبادات. فقال المتوكل على الله الان تبين لي رجحان وهذا القول وان القول الذي قلته انا في غاية الضعف. وقد تعجبت من عدم اتضاحه لي سابقا. مع انه بادنى نظر وتأمل تظهر الصواب في هذه المسألة ثم نظرت الى السبب الذي اوجب عدم اتضاحه فوجدته التسليم المجرد لقول نشأت عليه قذته على علاته واقتديت فيه بائمة اعلام لم ابلغ في العلم عشر معشار ما بلغوا وكلهم مجتهدون. نرجو الله الا اجرا او اجرين وهذا السبب من اعظم الموانع والحجاب للعلم. وانما البصيرة وانطلاق الفكر. وارتقاء النظر انما هو التفكر والتأمل بمآخذ الاقوال وبراهينها ومقابلة بعضها ببعض والتصميم التام على الانقياد لما ترجح عندك ولله لله الحمد والمنة