المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله اولا مراسلات العلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي مع تلميذه الشيخ عبدالرحمن بن محمد المقوشي رحمهما الله تعالى. موجز لما اختصت به هذه المراسلات اولا انها كانت في الفترة ما بين رمضان سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة والف من الهجرة ورمضان سنة تسع وخمسين وثلاثمائة والف من الهجرة. ثانيا انها كانت اسئلة علمية وليست اسئلة واقعة استفاد منها الشيخ المقوشي من قراءته لكتاب الروض على العلامة ابن سعدي ثالثا انها اشتملت على اكثر من اربعين سؤالا. فهي اكثر الرسائل من حيث عدد مسائلها. رابعا الذي بين بايدينا هو اجابات العلامة ابن سعدي. ويظهر من بينها اسئلة النقلشي. بسم الله الرحمن الرحيم. من المحب عبد عبدالرحمن الناصر بن سعدي الى جناب الاخ المكرم الفاضل عبدالرحمن محمد المقوشي حفظه الله بما حفظ عباده الصالحين امين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد. وقد وصلنا كتابكم المؤرخ التاسع الجاري تلوته ومسرورا بصحتكم راجيا من الله تعالى توفيقكم. وان يعلمنا واياكم ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا افتح لنا ولكم من خزائن جوده وكرمه ما به تصلح احوالنا. ويتم علينا وعليكم نعمه انه جواد كريم اما اسئلتكم فالاول في ذكر الاصحاب اذا تغير كثير من صفات الماء بشيء طاهر انه يسلبه الطهورية هل هو وجيه ام لا؟ الجواب وبالله التوفيق الصحيح القول الاخر في المذهب وهو ان جميع ما تروه في القسم الطاهر غير المطهر كالمتغير بالطاهرات والذي غمست فيه اليد بعد نوم الليل وهو قليل. والذي رفع به الحدث الجميع طهور. لانه كما قال شيخ الاسلام اثبات قسم طاهر غير مطهر لا اصل له عن النبي صلى الله عليه وسلم. بل الماء اما طهور طهر وهو الاصل في جميع المياه الباقية على حالها. والمتغيرة باي شيء كان. غير النجس. ونجس وهو ما تغير بالنجاسة. ويدل على هذا العمومات من النصوص الدالة على انه لا يعدل الانسان الى التيمم حتى يعدم الماء. ولم يفرق بين ماء باق لم يتغير او ماء متغير او مغموسة فيه يد القائم من نوم الليل ونهي النبي صلى الله عليه وسلم عن رمسها ليس فيه دلالة على ان الماء ينتقل من الطهور الى الطاهر الذي لا يطهر. كما لا يدل على نجاسته. وانما هذا ادب شرعي. حكمته ظاهرة. تستفاد منه نفس الحديث فان احدكم لا يدري اين باتت يده. فان اليد تجول في الجسم والانسان نائم. وربما وقعت على قرح او محل نجس. فمن نظافة الشرع انه امر بغسلها قبل غمسها. فاذا كان لا يدل على انه ينجس بالغم فدلالته على انسلاب الطهورية من باب اولى واحرى. ويدل على هذا القول الصحيح انه لو كان قسم طاهر طير مطهر مع عموم الحاجة الى بيانه وكثرة استعماله لجاء عن الشارع بيانات صريحة صحيحة تدل على انسلاب الطهورية. فلما لم نجد فيه نصا شرعيا بل نهاية ما وجدنا قولهم انه ماء مضاف ليس بماء مطلق فيقال كثير من المياه التي تضاف الى ما تغيرت به كالمتغير بالطين وكالمتغير بمقره او ممره او بما يشق صون الماء عنه. ونحو ذلك كلها طاهرة مطهرة قولا واحدا. فلاي شيء لم يجعل الاضافتها الى ما تغيرت بها مزيلا لطهوريتها. وكلما تأمل الانسان هذا القول حق التأمل جزم جزما له التردد فيه انه الصواب ولله الحمد. فقد حصل الجواب عن المسألة الثانية. السؤال الثالث ذكروا رحمهم الله انه يسن للمصلي والمتخلي قضاء اجابة المؤذن. هل يقاس عليهما الغافل لحديث او فكر او نحوه؟ الجواب باب لا يقاس عليهما لوجهين. احدهما انه لو كان يقضيه الغافل لنبهوا عليه. فلما اقتصروا على المصلي قل لي علمنا ان الغافل ليس كذلك. الثاني ان الغافل عن الاجابة اذا تنبه بعد فوات ذلك يقال في حق قه سنة فات محلها. فلا يشرع قضاؤها. واما المصلي والمتخلي فلما كان من نيته لولا مانع الصوم الصلاة والحاجة الاجابة بحيث زال المانع له عن الاجابة استحب له تدارك اجابة ما كان ناويا له. على ان شيخ الاسلامي رحمه الله تعالى يرى انه يشرع للمصلي اجابة المؤذن وهو في صلاته. والمذهب اولى من قول الشيخ رحمه الله الله لان الاذان تطول الاجابة له. ويشتغل بها عن صلاته. وهو بخلاف من عطس في صلاته. فان الصحيح انه احب له الحمد لا كما قاله الاصحاب. ومن حصل له نعمة جديدة استحب له ان يحمد الله تعالى. فهذه اشياء لا تشغل عن الصلاة وتفوت مصلحتها اذا فاتت. بخلاف اجابة المؤذن. السؤال الرابع هل قولهم رحمه الله في اللحية يجوز اخذ ما زاد على القبضة وجيه ام لا؟ الجواب استدلوا بفعل ابن عمر رضي الله عنهما انه كان اخوذ ما زاد على القبضة وهو من اصول مذهب الامام احمد والمحققين ان قول الصحابي اذا لم يخالفه صحابي اخر ولم يكن فيه مخالفة للنص انه حجة. وهذه المسألة من هذا الباب. ومع هذا الاولى ترك ذلك ما الم يستهجن طولها. الخامس قولهم ان تارك الصلاة يقتل كفرا. هل هو وجيه ام لا؟ الجواب نعم وجيه جدا فيقتل كفرا للاحاديث الكثيرة المعروفة الصريحة في كفر تارك الصلاة. وان من ترك الصلاة لم يبق معه من الاسلام شيء والاجماع الصحابة رضي الله عنهم على ذلك. وانما حصل الخلاف بعدهم. بعضهم يرى انه يقتل حدا لا كفرا ما يقتل الزاني المحصن وبعضهم يرى تعزيزه تعزيزا بليغا يردعه عن تركها. ولكن اذا صحت الاحاديث والاثار كفره فمن احكام الكفر القتل لانه مرتد فيقتل بعد استتابته. السادس في ذكرهم عن الحائض ان اقل حيض يوم وليلة واكثره خمسة عشر يوما. واقل سنه تسع سنين. واكثره خمسون سنة. واذا زادت عادتها او نقصت او تقدمت او تأخرت انها لا تلتفت اليه حتى يتكرر ثلاثا. هل هو صحيح ام لا جوابه ليس ذلك كله بصحيح. فان الصحيح بل الصواب الذي لا شك فيه انه لا يعتبر شيء من ذلك. وانه تنتقل الى الزيادة والتقدم والتأخر بمجرد ما تراه من غير حاجة الى تكرار. وانها اذا رأت الدم فهو الحيض. واذا رأت الطهارة فهي طاهرة. فهذا الذي دل عليه الشرع والعرف والعمل. اما الشرع فلان الشارع رتب على الحيض احكاما متعددة ولم يحدده بحد ولا قيده بقيود من القيود التي ذكروا. وكانت المسلمات يرتبن هذه الاحكام على رؤية الدم المعروف. ولا يعتبرن شيئا من تلك القيود التي لا دليل عليها. بل هي مخالفة للدليل ولم يقع في قلوبهن ريب في ذلك. الا ان افرادا من النساء التي بوقت النبي صلى الله عليه وسلم نحو ثنتين او ثلاث كون اليه اطباق الدم عليهن. وان ذلك منعهن دهرهن من الصلاة والصيام. فاخبرهن المرشد الناصح صلى الله عليه عليه وسلم ان الدم الذي بهذه الصفة وهو الذي اطبق على الانثى او كانت لا تطهر الا شيئا لا يذكر انه ليس طيب وانما هو استحاضة فامرهن بالرجوع الى العادة السابقة والى التمييز الذي يميز هذا من هذا. واذا لم يكن من ذلك فالى غالب الحيض. هذا الذي حصل لهن فيه اشكال. ويؤيد هذا انه لو كان الحكم الشرعي ما ذكره الفقهاء ومن تلك التفصيلات التي يعسر فهمها فضلا عن العمل بها لبينه الشارع بيانا مزيلا للاشكال حاسما لانواع المقال. فلما اقر النساء على ما كن له عارفات علم ان هذا شرعه الذي لا شك فيه ولا ريب. ولهذا لما ذكر اصحاب الانصاف الذي على تصحيحه معول الاصحاب المتأخرين لما ذكر هذا القول الصحيح ونسبه لشيخ الاسلام قال وهذا هو الصواب الذي لا يسع النساء العمل الا به. ويدلك على ضعف تلك الاقوال المشتملة على تلك التفصيلات ان فيها من التناقض وايجاب العبادات عدة مرات والمشقة العظيمة ما يعلم منافاته جدا للشرع. وهذا احد الادلة التي تدل على ضعف القول. اذا رأيت فيه من التفصيلات والتناقض والتعقيد. ما يعرفك انه من عند غيرك الله ولو كان من عنده لم نجد فيه هذا الاختلاف والتناقض انتهى. السابع ذكروا ان وطأ المستحاضة لا يجوز الا اذا خاف العنت. هل هو صحيح؟ الجواب فيه روايتان عن الامام احمد. احداهما هذه التي نصرها الاصحاب والمتأخرون وقاسوها على الحيض ويا بعد ما بينهما. والرواية الثانية هو قول جمهور العلماء انه يجوز بطئ المستحاضة سواء خاف العنت او لم يخف. وانه لا يحكم على المستحاضة في وطئها حكم الحيض. كما لا يحكم وعليها بالاتفاق بانها لا تصلي ولا تصوم ونحوهما مما منعت منه الحائض. فالمستحاضة كالطاهرة في كل شيء والقياس الذي ذكروه ضعيف جدا. اولا لانه مخالف للنص. ان الزبير وعبدالرحمن بن عوف كانا يطئان زوجتيهما وهما مستحاضتان. ولو كان ذلك حراما لم يفعلاه. ويبعد ايضا ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلم اعلم ذلك. واما ثانية فلان القياس شرطه مساواة الاصل للفرع. والاستحاضة غير مساوية للحيض بالاتفاق وان ساوته بانه دم خارج من الفرج. فان الرسول صلى الله عليه وسلم فرق بينهما بان هذا دم عرق. كدم من بها ناسور ونحو. والله اعلم. الثامن ذكروا ان الختان واجب على الانثى. هل هو وجيه ام لا؟ الجواب فيه عن احمد روايتان هذه احداهما. واستدلوا على ذلك باثار لا تدل الا على الاستحباب. ولذلك الصحيح انه مستحب في حق النساء واجب في حق الرجال. والفرق ظاهر. لان الختان في حق الرجل تتوقف الطهارة الكاملة عليه وعلى ازالة القلفة عن الحشفة لتبرز للطهارة. بخلاف الانثى فان القصد منه مع الاقتداء بالخليل ايه لتعديل الشهوة. التاسع ذكروا انه اذا نوى الامامة ظانا حضور احد فلم يحضر ان صلاته غير صحيحة هل هو وجيه عندكم ام لا؟ الجواب الصحيح القول الاخر في المذهب وان صلاته صحيحة حضر احد او لم لان ابطال الصلاة لا دليل عليه فانه لم يترك شرطا ولا ركنا ولا واجبا ولا فعل شيئا من محظورات الصلاة فلما انتفت اسباب البطلان ثبتت الصحة. نهاية الامر انه نوى نية زائدة عن نية نفس الصلاة. يحسب حضور احد واذا لم يحضر واخلف ظنه فعدم وجود ما نواه لا يبطلها. العاشر باشتراط العدد في الجمعة وانه اربعون هل هو صحيح ام لا؟ الجواب الصحيح انه لا يشترط عدد الاربعين. بل كل بلد او قرية استوطنها اهلها ولو كان اقل من ذلك فان صلاة الجمعة صحيحة منهم بل واجبة عليهم. والدليل على ذلك امور. احدها انه ثبت في الكتاب والسنة والاجماع. وجوب الجمعة والتشديد في تركها. وانها فريضة على كل بلد او قرية. استوطنه اهله واقاموا فيه. وعموم هذا يدل على انهم سواء كانوا اربعين او اقل. الثاني لو كان هذا الشرط العظيم الذي وقفوا الجمعة والعيد عليه وهو الاربعون لازما. لا تصح الا به لبينه الشارع تبيينا صريحا صحيحا مزيلا للاشكال قال لان من قواعد الشريعة الكلية ان تأخير البيان عن وقت الحاجة غير صحيح. وهذا من اعظم الحاجات. الثالث ان الاثار التي استدلوا بها على ذلك كلها ضعيفة. لا يثبت بمثلها الحكم الشرعي. فضلا عن هذا الحكم العظيم الرابع ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب في الجمعة فجاءت العير من الشام تحمل تجارة تنفضوا من عند النبي صلى صلى الله عليه وسلم ولم يبق معه الا اثنا عشر رجلا. وهو مستمر صلوات الله وسلامه عليه في خطبته. حتى انزل الله تعالى عتابهم في قوله واذا رأوا تجارة او لهوا انفضوا اليها وتركوك قائما. قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة. والله خير الرازقين. والحديث في مسلم وحمل الاصحاب ذلك على انه يحتمل انهم رجعوا قبل فوات ركن من اركانها من ابعد الامور. وبهذا حصل جواب الحادي عشر لاقترانه به اثني عشر ذكروا انه يشترط لصحة الخطبتين قراءة اية. الصلاة على رسول الله هل هو صحيح؟ الجواب الحجة التي استدلوا وبها على ذلك لا تدل الا على الاستحباب. بل الصحيح ان الشرط في الخطبة ان تشتمل على الموعظة والثناء على الله تعالى بلفظ الحمد او غيره من انواع الثناء. ولابد من تحريكها للقلوب ولكن تمامها وكمالها انه يوجد فيها شيء من كتابه لا وان يصلى على النبي صلى الله عليه وسلم فيها. لان الله رفع له ذكره لانه لا يذكر الله الا ذكر معه صلى الله عليه وسلم تسليما. كما ان قولهم فلو قرأ ما تضمن الحمد والموعظة وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم. ان ذلك يجزي مع قلته وعدم موقعه انه ضعيف. بل الصواب لابد من خطبة. وعمادها الموعظة والثناء على الله تعالى الكتاب ما وصلنا الا الضحى. ولا تمكنا من اجابة جميع الاسئلة. وان شاء الله باقيهن يلحق. عشرون من رمضان سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة والف من الهجرة. تابعوا كتابنا للاخ عبدالرحمن محمد المقوشي. عن جواب قية الاسئلة مضى جواب اثني عشر سؤالا. السؤال الثالث عشر ذكره رحمهم الله ان الانسان اذا اشترى ما بدا صلاحه ان له بيعه قبل جذه هل هذا وجيه؟ الجواب نعم هذا وجيه. لان الاصل في جميع ما ملكه الانسان اباحة فيه وهذا منه ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على المنع ولا دخل في محذور من محاذير الربا ولا الغرض فلا مانع منه وهو وان كان ضمانه على البائع حيث وضع الشارع الحائجة عن المشتري فان ضمانه لا يدل على منع لانهما غير متلازمين. فقد يكون الضمان على البائع على من انتقلت عنه العين. والثاني يصح تصرفه فيها كمن اجر دارا او حيوانا مدة معلومة او لعمل. فللاجير ان يؤجره تلك المدة. مع انه لو تلف فضمانه على مؤجر وفيه قول اخر انه لا يجوز لكن المذهب اصح. الرابعة عشر ذكرهم ان صلاح بعض الشجر صلاح لها ولجميع النوع الذي في البستان هل قولهم في البستان وجيه ام لا؟ نعم وجيه واعلم ان عندنا قاعدة شرعية وهي انه يثبت تبعا ما لا يثبت استقلالا. فقد تكون بعض الامور لو استقلت لم يثبت فيها الحكم الشرعي. من صحة وفساد وحل وتحريم. فاذا صارت تابعة لغيرها ثبت لها ما يثبت للمتبوع من الاحكام. وامثلة هذه القاعدة كثيرة ولابد مر عليك في الفقه منها شيء كثير. فمنها هذه المسألة فانه كما ان صلاح بعض الشجرة ولو بسرة واحدة صلاح لجميع الشجرة بالتبعية فكذلك البستان اذا بيع جميعا مثلا اذا بيع الشقر وهو تقريب مائة نخلة صفقة واحدة وفيها شجرة واحدة قد بدا صلاحها صار الجميع تابعا لها. اما اذا افردت كل نخلة في البيع وحدها فانه هم قرروا انه لابد من بدو صلاحها. صرحوا بالامرين بانه اذا بيع البستان جميعا. وفيه واحدة قد بدا صلاحها انه يجوز وانه اذا افردت كل شجرة فلابد من بدو صلاحها. ونهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمرة قبل بدو صلاحها بالاتفاق انه ليس المراد صلاح كل بسرة منها. بل المراد اذا بدا في جنسه الصلاح. الخامس تسع عشر قولهم فيمن حجر عليه ثم باعه انسان جاهلا بالحجر عليه انه ان لم يجد عين ما له لا يكون اسوة الغرماء هل هو وجيه ام لا؟ الجواب نعم وجيه. واذا تصورتها كما ينبغي ظهر لك وجهها بمجرد ذلك ذلك انه اذا حجر عليه معناه منع من التصرف المتعلق بماله لان حقوق الغرماء تعلقت بجميع موجوداته وهم الغرماء الموجودون حال الحجر. فاما من حدث بعد الحجر فان كان عالما بالحجر عليه فقد اقدم على بصيرة على انه لا مشاركة له معهم فقد رضي بذمته. واما اذا كان جاهلا بالحجر عليه فهذا معذور. ومن عذره عدل انه لا يكون ما باعه يدلي به احد من الغرماء الذين لا تعلق لهم بما باع بوجه من الوجوه. فاذا كان قد اشتراه واستهلكه ولم تبق عين المبيع ولا عوضه فهذا كيف يشارك الغرماء الذين تعلقت حقوقهم ذاته وثبت اشتراكه فيها قبل معاملته. هاتان صورتان واضحتان. احداهما انه اذا وجد عين ما باعه جاهلة له الرجوع فيها. والثانية اذا استهلكها المحجور عليه فلا يشارك الغرماء. بقي صورة ثالثة. واظن انها التي وقعت في خاطرك. وهي اذا باعه سلعة جاهلا بالحجر عليه. ثم ان المحجور عليه باعها بدراهم مثلا بان ترى منه بعيرا بمائة درهم ثم باع المحجور ذلك البعير بمئة مثلا. ان هذه المئة هي عوض مبيعه فكيف يختصون بها الغرماء ويصير البائع محروما بالكلية. فهذه المسألة وان دخلت في التصوير فانها لا وجود لها في الحقيقة. لانه اذا حجر عليه لم يصح تصرفه لا بماله الموجود ولا في الحادث. وهذا حادث الا ان يقال تصرف الحاكم والغرماء فيها بمنزلة تصرفه. فهذا يتوجه ان يقال عوض ما له الذي جهل معه في المعاملة جاهلا بالحجر. ينبغي ان يكون بمنزلة العين له الرجوع فيه. ولم ارى احدا نبه على هذا وليس ببعيد عن الصواب عند التأمل. السؤال السادس عشر اذا وهب ولده نخلة ثم طالبه بقلعها هل يلزم الابن قلعها ام لا؟ فان قلتم احد الامرين فهل اذا اسقطت الام بفعل الله او غيره بعد ان خرج في الاصل اصلها فرغ. هل يلزم المتهم قلعها ام لا؟ الجواب اذا وهب ولده او غيره نخلة ولم يشرط عليه قلعها لم يلزم قلعها. وهي باقية على ملك الموهوب له حتى تسقط. فاذا خطت وقد حدث لها بعد الهبة اولاد فاولادها كذلك للموهوب له. لانه حدث من ملكه فهو له. ولكن هل يلزمه قلعها عند الزام صاحب الارض ام لا. لم ارى احدا من الاصحاب ذكرها. والذي يظهر لي ان صاحب الارض مخير اما ان يتملكها بقيمتها او تتبقى عارية على ملك من هي له باجرة المثل. او يلزمه بقلعها. ولكن يغرم نقصها. لان صاحب النخلة التي حدثت لم يكن ظالما. فقال النبي صلى الله عليه وسلم ليس لعرق ظالم حق مفهوم الحديث انه ليس من بظالم له حق والله اعلم بالصواب. السابع عشر قولهم ان الكنايات الظاهرة يقع بها ثلاث ولو نوى واحدة. هل هو صحيح؟ الجواب هذا احدى الروايات عن احمد. والرواية الثانية رأى ابو الخطاب وغيره انه يقع واحدة اذا لم ينوي الا واحدة وهي اصح لانه لم يصرح بالثلاث وقد نوى بلفظة واحدة ولفظه محتمل بل وكذلك الاصل في الالفاظ التي لا صريح فيها انه لا يقع الا واحدة. لان الاصل العصمة وبقاء النكاح. وقد قال احمد في بعض كلامه في المسائل التي يختلف في وقوع الطلاق فيها وعدمه او وقوع الزيادة وعدم دمها ان من اوقع عليها فقد حرمها على زوجها واحلها لغيره. ومن لم يوقعها فقد حرمها على غير زوجها يعني وهو الاصل. ومراده رضي الله عنه ان هذه الصور التي لا نص فيها عن الشارع وليس فيها تصريح من المطلقين يقطع الاحتمالات ان الذي يوقع عليها الطلاق فقد اتى محذورين. حلها لغير زوجها وتحريمها على زوجها ومن لم يوقعها فقد اتى محظورا واحدا. يعني هذا بالنظر الى ما يترتب عليه. والا بالنظر الى بقاء النكاح والعصمة وتحريمها على الغير فمع الذي لم يوقع الكثير هذه الاصول التي لا يرجع عنها. فمع الذي لم يوقع الكثير ومن هذه الاصول التي لا يرجع عنها الا بدليل. ولذلك من اخطر الابواب مسائل التسرع لايقاع الطلاق. فالواجب التأمل والتثبت في كل شيء. خصوصا في هذا الباب. ونسأله التوفيق. الثامن عشر ذكروا ان الصداق يتقرر اذا لمس انتهى لشهوة او نظر الى فرجها او قبلها بحضرة الناس هل هو وجيه ام لا؟ الجواب نعم وجيه ووجهه انه استحل منها بسبب العقد ما كان حراما على غيره. كما قال ذلك الامام احمد رضي الله عنه فانه اذا كان يتقرر بمجرد للدخول والخلوة وان لم يحصل وطأ ولا مقدماته. ففي هذه الحال حصلت مقدمات الوطء. وقوله تعالى وان مطلقتموهن من قبل ان تمسوهن. فقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم الا ان يعفون او اعفو الذي بيده عقدة النكاح. وان تعفو اقرب للتقوى. ولا تنسوا الفضل بينكم. ان الله بما تعملون بصير. يطلق المسيس على نفس الجماع. ويطلق على مقدماته. وعموما يتناول الامرين السؤال التاسع عشر اذا طلقها لمشيئة زيد. فشاء زيد وهو سكران انها تطلق. هل هو وجيه؟ الجواب ليس تبي وجيه فانه مبني على وقوع طلاق السكران. والاصل والبناء ضعيفان. اما الاصل فالصحيح ان السكران لا يقع طلاقه كما لا يصح بيعه وشراؤه ونحو من معاملاته لعدم عقله والاحتجاج بانه عقوبة له مخالف للادلة الدالة على ان غير العاقل غير معتبر قوله. وايضا فان الشارع انما عاقبه بحد الخمر فقط. ولم يذكر له عقوبة اخرى. وايضا فلو صاغت عقوبته هل تصوغ عقوبة زوجته؟ والله يقول ولا تزر وازرة وزر اخرى هذا ضعف الاصل. واما ضعف البناء فلاننا لو فرضنا وقوع طلاق السكران. وقلنا نعاقبه بوقوع الطلاق عليه ايقاع الطلاق على غيره ابعد من الادلة الشرعية والعلل المؤثرة والمناسبات. العشرون في ذكرهم انه لا يصح استثناء اكثر من النصف هل هو وجيه ام لا؟ الجواب مذهب كثير من الاصوليين من الحنابلة وغيرهم جواز استثناء النصف واقل واكثر وهو الصحيح ولا دليل اصلا يدل على منعه لا اثر ولا نظر ولا قياس الحادي والعشرون في ذكرهم ان المرأة لا تجبر على العجن والخبز واخراج الماء من البئر هل هو وجيه ام لا؟ الجواب ليس بوجيه. فان الله تعالى امر كلا من الزوجين ان يعاشر الاخر بالمعروف. والمعروف هو الذي يسميه الفقهاء العرف هو الامر الذي يتعارفه الناس بينهم. وعلى هذا يختلف الامر باختلاف الاحوال والبلدان والاوقات والنساء ان كانت عاداتهم وعرفهم ان الزوجة تفعل هذه الامور لزمها ذلك بموجب النص. وكذلك النفقة والكسوة كل ذلك تابع للعرف. وهذا اختيار شيخ الاسلام رحمه الله وهو الصواب الذي لا شك فيه. الثاني والعشرون اذا حفر انسان في موات عبثا لا لحاجة فسقط بها انسان او بهيمة. هل يلزمه الضمان ام لا؟ الجواب ذكر الفقهاء المسائل وشبهها ضابطا نافعا. فقالوا ومن حفر بئرا ووضع حجرا ونحوه متعديا في ذلك فتلف به او بهيمة ضمنه. وفسروا المتعدي بانه الذي يحفره في ملك غيره بلا اذنه. او يضعه في طريق مسلوك وما سوى ذلك فلا ضمان. فعلى هذا الحافر اذا لم يكن حفره في جادة يسلكها الناس فلا ضمان عليه. فقد جاءتني هذه المسألة من الاخ عبدالله العبد العزيز الخضيري فاجبته بنحو ذلك والله اعلم. الثالث والعشرون ذكروا ان المظاهرة اذا وطئ المظاهرة منها عليه الكفارة ولو كان مجنونا. هل هو وجيه؟ الجواب نعم وجيه. فان الكفارة والنفقات والزكاة ونحوها من النوائب المالية تجب على العاقل والمجنون. لانها من حقوق المال لا من حقوق البدن فقط. والاشكال الذي عرض لكم من جهة انه متقرر ان المجنون لا اثم عليه وهو مرفوع عنه القلم لا ينافي طوبى الكفارة كما تجب الدية على المخطئ في القتل. وهو غير اثم بالاجماع. بل عليه ايضا الكفارة وكذلك المخطئ بالاتلاف هذه الامور يسميها اهل الاصول ربط الاشياء باسبابها. فحيث وجدت الاسباب ترتبت عليها الاحكام ام سواء كان الفاعل مكلفا او غير مكلف والله اعلم. الرابع والعشرون ذكروا في العقد الفاسد ان للمرأة المسمى هل هو وجيه ام لا؟ الجواب لم يطلقوا وجوب المسمى لها بل قيدوا ذلك بالوطء او الدخول. اما الوطء فقولا واحدا واما الدخول المتجرد عن الوطء ففيه روايتان في المذهب ولم يتبين لي ايهما ارجح. واما اذا قبل الدخول او فسخت منه فلا لها مسمى اصلا. الخامسة والعشرون في قولهم في توبة الزانية انها تراوي هل هو وجيه ام لا؟ الجواب ليس بوجيه قد انكر هذا القول الموفق وغير واحد. ولم يجوزوا انها تراود ولو كان القصد الاختبار لما في ذلك من المفاسد الكثيرة. السادس والعشرون قولهم انه لا يحل وطأ الامة كافرة غير الكتابية هل هو صحيح ام لا؟ الجواب الصحيح القول الاخر في المذهب وهو اختيار شيخ الاسلام ان المملوكة قل وطؤها سواء كانت كافرة كتابية او غير كتابية. وحجة هذا القول ان العمومات مثل قوله تعالى الا على ازواجهم او ما ملكت ايمانهم تتناول غير الكتابية. وان قياس ذلك على النكاح غير صحيح. لما من الزوجة والامة من الفروق الكثيرة المانعة من الالحاق. السابع والعشرون قولهم ان المرأة اذا تحملت بماء الزوج او غيره انه لا عدة لها هل هو وجيه ام لا؟ الجواب هذه ذكروا فيها قولين هذا احدهما ان عليها العدة وهو اوجه لاشتغال الرحم بالماء. فوجب ازالته. ومقتضى اختيار الشيخ تقي الدين بهذه عليها الاستبراء فقط فاذا استبرأت بحيضة واحدة كفى لحصول العلم بالبراءة وهو اصحهما. واما المصاهرة فان تحملت بماء الزوج وحملت ووضعت فالمولود يلحق نسبه بلا شك بالزوج. ولكن كونها زوجة مدخولا بها فيه نظر. وان تحملت بماء غير الزوج. فالصواب عدم ثبوت المصاهرة. لانها لا تثبت على الصحيح الا بالوطء مباح دون المحرم. الثامن والعشرون انه لا اطعام في كفارة القتل. هل في النفس منه شيء؟ الجواب الصحيح ما قالوه لان الله تعالى لم يذكر الا العتق ثم الصيام. ولم يذكر الاطعام. ولا يمكن قياس كفارة القتل على كفارة هار لما بينهما من الفروق المانعة من الالحاق. فبعض الاصحاب يلحقها. ولكن الصحيح المذهب لما ذكرنا. التاسع والعشرون في قولهم ان القاضي يحكم على الغائب مسافة قصر عن البلد فاكثر. هل هو صحيح ام لا؟ الجواب نعم لكن اشترطوا لذلك ان الحاضر معه بينة شرعية فللحاجة الى عدم تعطيله وتأخير حقه الثابت شرعا وجب اثباته. الغائب اذا حضر او وكل فهو على حجته ان دفع حجة الاخر ببينة شرعية نقض الحكم. واسترد ما اخذ والا بقي الحكم نافذا. الثلاثون اشتراطهم ان تكون الشهادة بلفظ الشهادة. هل هو صحيح ام لا؟ الجواب عند احمد رواية اخرى انه لا يشترط بل متى اخبر الشاهد بما شهد به بلفظ جازم به فهو شهادة سواء كان بلفظها الخاص ام لا؟ وهو الراجح في الدليل واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله. الحادي والثلاثون عنق الجارية وهنا ترك الشيخ بياضا ثم للقلادة ام لا. وقال الشيخ رحمه الله البياض في السؤال لفظة ما فهم لها معنى. الثاني والثلاثون ذكروا في الجنايات ان الشاهدين والحاكم والولي اذا علموا جميعا ذلك عمدوا ان القصاص يختص بالولي وحده هل هو وجيه ام لا؟ الجواب هذا القول جار على القاعدة المشهورة اذا اجتمع تسبب والمباشر كان الضمان على المباشر. وكذلك يكون الاقتصاص عليه. وهذا بخلاف ما اذا لم يعلم الولي. فان شاهدين والحاكم الجأه الى الاتلاف. فهو معذور وهما متعمدان والله اعلم. الثالث والثلاثون قولهم انه ليس للاب خلع زوجة ابنه الصغير ولا طلاقها. ولا خلع ابنته الصغيرة بشيء من مالها. ولم يفرقوا هل هو وجيه؟ الجواب فيه رواية ثانية عن احمد ان الاب له ذلك. وهذا ارجح دليلا لانه اذا كان للاب ان يتملك من مال ولده ما شاء فكيف لا يجوز له ان يبذل من ماله ما يزيل به ضرره او يحصل به نفعه ولكن كيم يقيد هذا القول حيث كان فيه مصلحة. واما اذا كان الحامل للاب مجرد رغبة نفسية من دون ملاحظة مصلحة ولده فهو ممنوع لان الفراق بيد الزوج. الرابع والثلاثون اذا حنث بنذر المعصية عليه كفارة يمين هل هو صحيح ام لا؟ الجواب هذا احد القولين في المذهب. والقول الاخر انه لا كفارة فيه. فان صح الحديث الوارد فيه المذهب هو الصحيح. لان بعض العلماء احتج به وبعضهم يراه غير صحيح. فالحكم بصحة احد القولين مبني على اصحة الحديث او ضعفه والله اعلم. الخامس والثلاثون ذكروا انه اذا وضع مناجل وسكاكين ونحوها وسمى ووقع فيها صيد انه حلال هل هو وجيه ام لا؟ الجواب قد ذكرنا سابقا لكم ان هذه الصورة لا تنطبق على كقاعدة من قواعد حل الصيد وانها غير مسلمة. لان الاصل التحريم حتى نتيقن من الذكاة الشرعية. وهذه لم لم ترد بنفسها ولا لها نظير تقاس عليه. السادس والثلاثون في قولهم انما ابينت حشوته لا يباح بالذكاء هل هو صحيح ام لا؟ الجواب ليس بصحيح فان ظاهر قوله تعالى وما اكل السبع الا ما ذكيتم يتناول ما حشوته كغيره. وهذا احد القولين في المذهب وهو اصح كما ترى. السابع والثلاثون. قولهم لا يقبل في الترجمة والتزكية والتعريف الا شاهدان عدلان. هو صحيح ام لا؟ الجواب اختار شيخ الاسلام في هذه المسائل كلها قبول قول للواحد العدل وهو الصحيح ان شاء الله. الثامن والثلاثون ذكروا انه لا تقبل شهادة الصبيان ولو بعضهم على بعض. هل في النفس من شيء ام لا؟ الجواب فيه رواية عن احمد رحمه الله في قبول شهادة بعضهم على بعض. واشترط فيها ان يكون ذلك ذلك قبل التفرق. ولكن ظواهر النصوص تدل على انه لابد في الشاهد من العدالة والكمال في التكليف. والصغار ليس عندهم من الدين ولا من العقل ما يوجب قبول شهادتهم. ونهاية الامر ان اخبارهم تفيد القرين. واما الحكم بشهادتهم فلا الا بشيء ان يسير جدا. لذلك القيد فان الامور اذا لم يكن فيها بينات كثيرا ما ترجع الى القرائن. التاسع والثلاثون ذكروا في العينة انه اذا باعها بذهب يجوز ان يشتريها منه بائعها بفضة هل هو وجيه ام لا؟ الجواب ليس فان الذهب والفضة مقاصدهما ومعانيهما متفقة. وتجويز مثل هذا فتح لباب الربا. فالصواب الذي لا شك فيه ان ذلك لا يجوز. الاربعون قولهم ان التكبير محله بين ابتداء وانتهاء. فلو شرع به قبل الابتدائي او كمله بعد الانتهاء لم يعتد به بل هو صحيح ام لا؟ الجواب قد ذكر المجد وغيره من الاصحاب ان هذا هو الاولى وليس بقيده لازم وان المشقة توجب سقوط اعتبار هذا القول. وليس هنا دليل يدل على وجوب ذلك. وانما التكبيرات هي شعار بانتقالات من ركن الى اخر. وذلك حاصل ولو كمله بعد او شرع به قبل. الحادي والاربعون ذكروا انه تكره للامام سجود التلاوة في صلاة السر. وانه اذا سجد فالمأموم مخير بين اتباعه وتركه. هل هو صحيح ام لا الجواب اما كراهة سجود الامام في صلاة السر فقد ذكروا العلة في ذلك وهو التشويش على المأموم. فعلى هذا لو ولم يحصل تشويش اما ان الامام قد اخبر المأمومين قبل الصلاة او نبههم في الصلاة بالجهر باية السجدة زال هذا زور والا فالامر كما قالوا لما يحصل فيه من التشويش. وظن كثير منهم انه ترك الركوع وما بعده وسجد اما التخيير للمأموم في اتباعه وعدمه الصحيح القول الاخر وان المأموم يتعين عليه اتباع امامه وعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم انما جعل الامام ليؤتم به. الى ان قال فاذا سجد فاسجدوا يدخل فيه هذا السجود وهو والصحيح والله اعلم. هذا ما لزم بيانه. بلغ سلامنا الوالد والاخ عبدالعزيز. وجميع الاخوان. ومن عندنا والاخوان بخير. والله يحفظكم والسلام. محبكم عبدالرحمن الناصر السعدي. السابع والعشرون من رمضان سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة والف من الهجرة من عبدالرحمن الناصر بن سعدي الى جناب الاخ الفاضل عبدالرحمن محمد المقوشي المحترم حفظه الله وتولاه السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بعده قد وصلني كتابكم وسرني ما اشتمل عليه من الافادة عن صحتكم واعتناء بالمسائل العلمية. فارجو الله ان يتم عليكم احسانه بالثبات على ما يحبه ويرضاه. والازدياد من كل علم نافع وخلق ركن جميل. اخي كتابكم هذا وما قبله كررت فيها الاعتذار من كثرة الاسئلة. واننا نسمح بذلك فحيث كان الامر منك كذلك تعين ان افيدكم عني وعنكم. اما من جهتي فانا مسرور جدا بكثرة اسئلتكم. وممنون منها اولا ليس عندي ارغب من البحث في المسائل الدينية والتعلم والتعليم مشافهة ومكاتبة. ثانيا تعرف ان قال بذلك افضل الاعمال الصالحة. خصوصا في هذه الاوقات التي قل فيها الراغب. وكاد العلم ان يضمحل. وهو دعامة الدين واصل الامور كلها. ثالثا اعلم ان السؤال لمسائل العلم يقع من احد اثنين. اما ممن وقعت له حادثة في دينه او عبادته او معاملته من عامي او غيره وليس له قصد الا حل ما نزل به. والافادة عما يعمل به. او عما عمله هل وقع على الصحة والسداد ام على ضد ذلك؟ فهذا افتاؤه وافادته من افضل الاعمال الصالحة. وهي متعينة ونتيجة ذلك ان يهتدي بحادثته فقط بالهداية الشرعية. وليس ثم نتيجة فوق ذلك ونعم النتيجة ولكن اكمل من ذلك واعظم ان يقع السؤال من طالب علم مسترشد يريد الاستفادة بنفسه والنفع لغيره فهذا جواب وافادته اعظم بكثير من الاول. واكثر فائدة وثمرة لانه مع مشاركته الاول في المقصود الذي ذكرنا يزيد عليه بانه يتنور فيما اجيب به. ويهتدي بمسألته الخاصة وينجر الى غيرها. لان مسائل العلم اخذ بعضها برقاب بعض ومرتبط بعضها ببعض. ويزيد ايضا ان قصده الفائدة والافادة. وان العلم الذي حصل له يسعى على بقائه في ذهنه. وفي ايصاله الى من اراد الله تعالى نفعه من جهته. فاذا كان الامر كذلك فلم تحرم اخاك من هذا المقصد الاسمى. نرجو الله يجعل عمل الجميع خالصا لوجهه. واما من جهتك فالذي ارى لك الجد والاجتهاد في ادراك ولو بعض مقصودك. وانتهاز الفرصة التي ربما تندم بعد فواتها. هذا شرحته لك لئلا يضغ في خاطرك شيء. الله تعالى يتولى توفيقكم واعانتكم انه جواد كريم. هذا ما لزم منا. سلام على الوالي والاخ عبدالعزيز وجميع المحبين. من عندنا العيال والمحبين على ما تحب. والله يحفظكم والسلام. بسم الله الرحمن الرحيم. السابع والعشرون من شهر رمضان سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة والف من الهجرة. السؤال الاول ذكر الاصحاب رحمهم الله ان ابتداء مدة المسح من الحدث. هل صحيح ام لا؟ الجواب وبالله التوفيق في الوصول الى وهذا هو احدى الروايتين عن الامام احمد. واحتجوا عليه بان الحدث هو سبب المسح. فكان الابتداء منه. والرواية والثانية عنه ان الابتداء من المسح وهو الصحيح الذي تدل عليه ظواهر النصوص. فان النبي صلى الله عليه وسلم جعل اليوم والليلة للمقيم وثلاثة الايام للمسافر كلها اوقات مسح. فلولا ان الابتداء من المسح لنبه عليه ولاخبر انه من الحدث فلما اخبر انها كلها مسح تعينت كذلك. واما الحدث فانه سبب وجوب الطهارة فقط. الثاني ذكرهم ان طهارة الثوب شرط صحة الصلاة. ثم ذكروا رحمهم الله مأخذهم في ذلك. وهو قوله تعالى وثيابك فطهر وانه كما يدخل فيه الاعمال فتدخل فيه الثياب الحسية. ولا تجب لغير الصلاة. فتعينت الصلاة. وايضا حديث ابن عباس الذي في الصحيحين من قصة المعذبين في قبرهما. وان احدهما كان لا يستبرئ من البول. وهذا يعم الاستبراء منه في في بدنه وفي ثيابه. وربما استدل لذلك بعموم قوله صلى الله عليه وسلم لا يقبل الله صلاة بغير طهور هذا عام للطهارة من الحدثين ولتطهير البدن والثوب. وقوله في حديث اسماء حطيه ثم اقرصيه ثم انضحيه ثم فصلي فيه صريح في الاشتراط ولهم غير ذلك من الادلة. وهي مذهب جمهور العلماء وهو الصحيح بلا ريب. الثالث قوله لا يسجد لشكه في ترك واجب. هل هو صحيح ام لا؟ الجواب فيه قولان في المذهب المشهور هذا. والقول الاخر السجود وهذا القول تساعده العمومات. منها قوله صلى الله عليه وسلم اذا سهى احدكم في صلاته فليسجد سجد اثنتين وهذا سهو ولكن يشترط الا يكون السهو كثيرا. فمتى كثرت الشكوك فانه تصير بمنزلة الوسواس فلا يعتبر الرابع في الخلاف في جلسة الاستراحة. اي الاقوال الثلاثة فيها اصح انها سنة مطلقة او تركها سنة او سنة ان احتيج اليها. الجواب القول الذي فيه التفصيل وان تركها سنة الا في حق من يحتاجها من عاجز نحوه وهو الذي تجتمع فيه الادلة. فاكثر الواصفين لصلاته صلى الله عليه وسلم لم يذكروها. وقد ذكرها بعضهم كل قول يحصل فيه العمل بجميع النصوص فهو الصواب. والا فعند الاصوليين كالمتفق عليه انه متى امكن الجمع بين روايات والادلة الشرعية كان اولى من دعوى النسخ. او العمل باحدها دون الاخر. وهذا القول نصره ابن القيم في زاد المعادن الخامس في ذكرهم ان كلام الناس مبطل للصلاة. وكذلك الجاهل هل هو صحيح؟ الجواب هذا غير صحيح. وهو مخالف للادلة الشرعية فان معاوية بن الحكم السلمي تكلم في صلاته وهو جاهل فعلمه النبي صلى الله عليه وسلم ان الصلاة فلا يصلح فيها شيء من كلام الادميين. ولم يأمره بالاعادة بل وكذلك ذو اليدين. والصحابة والنبي صلى الله عليه وسلم تكلموا بعدما سلم النبي صلى الله عليه وسلم قبل تمام الصلاة. ثم بنوا ولم يعيدوها من اولها. فالنبي صلى الله عليه سلم قد نسي وهم قد جهلوا الحال. ظنوا انها قصرت او حدث امر. فالصواب الذي لا ريب فيه ان الكلام انما يبطل صلاة اتى العالم بالحكم العالم بالحال الذاكر لصلاته. وهذا احد القولين في المذهب. وقد قرر شيخ الاسلام وابن القيم رحمه الله تعالى اصلا نافعا. هو ان من فعل محظورا في العبادة وهو معذور بجهل او نسيان كما انه معذور فعبادته وصحيحة وهذا عام في الصلاة والصيام والحج وغيرها من انواع العبادات. بخلاف تارك المأمور لا تبرأ ذمته الا اداء الواجب وفاعل المحظور لا اعادة عليه فدخل في ذلك مسائل كثيرة. وقد ذكر ادلة ذلك من الكتاب والسنة مما يدخل في هذا مسألتنا هذه وفعل جميع المفطرات في الصيام وجميع المحظورات في الحج. السادس التنحنح ذكروا انه مبطل للصلاة. هل هو صحيح ام لا؟ الجواب ليس بصحيح فانهم قاسوه على الكلام. ولم يتحقق فان شرط القياس مساواة الاصل والفرع. الحكم عليهما بحكم واحد. فلابد ان العلة واحدة في الامرين. ولابد لان الحكم متساو في الامرين وكلاهما منتفن. اما التعليل بانه كلام فالتنحنح لا يعد لغة ولا عرفا كلاما فلم يجز الحاقه بالكلام. واما عدم المساواة فان الكلام ابطل به الصلاة في حق المعذور. وللحاجة وغيرها نحن جعلوه مبطلا في حق من لا يحتاج اليه فقط. فتبين ضعف الادلة. هذا من وجه ومن جهة اخرى نقول لو كان النحنحة مبطلة للصلاة مع كثرتها وعموم البلوى بها لوجب ان يبينها النبي صلى الله عليه وسلم بيانا عاما فلما لم يأتي عن النبي صلى الله عليه وسلم لا حديث صحيح ولا ضعيف في الابطال بها وجب ان يحكم انها غير مبطلة لا ثم حديث علي الذي احتجوا به كان لي من الرسول صلى الله عليه وسلم مدخلان الى ان قال فان كان في صلاة احنا حليم. قال هذا في حق من يحتاج اليه. فهل يحتاج اليه وهو قد ارشد الى التنبيه بالتسبيح؟ وهو ايسر من النحنحة. ثم مبطلات الصلاة لا يفرق فيها بين من يحتاجها ومن لا يحتاجها. وبهذا تيقنا بلا شك ان النحنحة لا تبطل الصلاة تأصلى ومثلها النفخ. السابع ذكروا ان امامة الاخرس غير صحيحة. هل هو صحيح ام لا؟ الجواب قد ذكرنا في جواب وبسؤال اعم من هذا هو ان كل عاجز عن شرط من شروط الصلاة او ركن من اركانها ان الصحيح صحة امامته فان صلاته صحيحة بالاتفاق وهو معذور بالاتفاق. ولا يجب عليه ما عجز عنه بالاتفاق. فما الدليل الذي يبطل امته ويمنعها ويدخل الاخرس في هذا. وهذا قول اختاره بعض الاصحاب هذا من جهة الصحة وعدمها. واما من جهة الاولوية فتلك مسألة اخرى. الثامن ذكروا من الاعذار المسقطة للجمعة والجماعة من بحضرة طعام ومحتاجه. هل تعليلهم بالحاجة وجيه ام لا؟ الجواب نعم وجيه. فان قول النبي صلى الله عليه وسلم لا صلاة بحضرة طعام ولا وهو يدافعه الاخبثان وقرنه الامرين جميعا دليل على ان العلة فيهما واحدة. وهو اشتغال البال في في مدافعة الجوع ومدافعة الخبث. ذلك مله عن احوال الصلاة. والعلل الشرعية سواء كانت منصوصا عليها او مستنبطة تقيد الالفاظ الشرعية. تبين ان الحكم مختص بتلك الحالة. والله اعلم. التاسع ذكروا انه لا تيمم لخوف فوت الوقت هل هو وجيه ام لا؟ الجواب نعم وجيه. فانه وان كان الوقت اكد شروط الصلاة وتترك ولاجله اشياء كثيرة ولكن التيمم انما اباحه الله تعالى بوجود احد امرين اما عدم الماء او خوف الضرر اعماله لمرض ونحوه. وهذا انما هو في حق من كان قادرا على الماء. ثم تركه حتى ضاق الوقت. واما من وصل الى الماء وقد ضاق الوقت بحيث لا يتمكن من الصلاة بالماء الا بعد خروج الوقت فهذا فرضه الصلاة في الوقت لانه زاحم واجبان واحدهما مقدم على الاخر ومتأكد فتعين تقديمه. العاشر قولهم ان الصلاة لا تسقط ما دام العقل ثابتا هل هو وجيه ام لا؟ الجواب هذا احوط ولكن استدلوا عليه بحديث ضعيف. الحديث الصحيح ذكر اية اخر المراتب الايماء بالرأس. وكان شيخ الاسلام يرى ان الايماء بالرأس اخر المراتب الواجبة. وما بعده من الايماء والاستحضار بالقلب غير واجب وهو اصح. الحادي عشر في ايجابهم نقض شعر الحائض. هل هو وجيه ام لا جواب هذه رواية عن احمد واستدلوا عليه بان في بعض الفاظ حديث ام سلمة افا انقضه للحيض وانه امرها ذلك ولكنها ضعيفة. فان الثابت انها قالت يا رسول الله ظفر رأسي اني امرأة اشد ضفر رأسي. افأنقض لغسل الجنابة والحيض فقال لا. فهذا الحديث صريح في عدم ايجاب نقض رأسها للحيض والنفاس. وهو الرواية الاخرى وعن الامام احمد وهو مذهب جمهور العلماء وهو الصحيح. الثاني عشر ذكروا انه لا بأس بشرب يسير في صلاة التطوع وهل هو وجيه ام لا؟ الجواب قد استدل على ذلك بفعل ابن الزبير رضي الله عنه وبان المطلوب من الناس الحض والترغيب على اكثار من النوافل. وقد يحتاج الانسان الى دفع عطشه في صلاته. فسمح في النفل دون الفرض. كما سمح عنه في ترك القيام في الصلاة على الراحلة. وهكذا قالوا رحمهم الله وانا في نفسي في هذه المسألة شيء. لان الاشياء التي سمح فيها في النفل لاجله لثبوتها عن النبي صلى الله عليه وسلم. ولهذا كان ما يثبت في النفل يثبت في الفرض. وبالعكس الصلاة كلها لا يطول وقتها بحيث يحتاج معها الى شيء من الشراب. الثالث عشر ذكروا انه من مسح مقيما ثم سافر انه يمسح مسح هل هو وجيه ام لا؟ الجواب قد ذكره رحمهم الله وجه ذلك. وان هذا من باب التغليب وسلوك طريق براءة الذمة احتياطي له. وهو تعليل حسن. لان من هذه حاله قد مسح مقيما ومسح مسافرا. ولا يمكن ان يجمع بين حكميهما واصل وجوب الطهارة واشتغال الذمة بها ولا طريق لذلك الا ان نحكم له بمسح مقيم. الرابع عشر ذكروا ان من ادركه الوقت قبل ان يسافر يلزمه الاتمام. هل هو وجيه الجواب الصحيح خلافه. وهو انه اذا اوقع الصلاة مسافرا فله القصر. وهو ظاهر النص. فان قوله واذا ضربتم في الارض فليس عليكم جناح ان تقصروا من الصلاة يشمل الصلاة التي دخل وقتها وهو في الحضر وغيرها وهو احد القولين في المذهب الخامس عشر ذكروا ان التيمم مبيح لا رافع. هل في النفس منه شيء؟ الجواب ان ارادوا بذلك انه مبيح لا رافع ما دام فاقدا للماء فاذا وجد الماء وجب عليه ان يتوضأ للحدث الاصغر ويغتسل للحدث الاكبر وانه راعى فهو كذلك فانه متى وجد الماء اذا تيمم لفقده او زال اضطرار من تيمم للضرورة فان تيممه يبطل لذلك كما دلت على ذلك الادلة الشرعية. وان ارادوا وهو مرادهم انه مبيح لا رافع في حال جواز التيمم وان المتيمم طهارة قاصرة تبطل بدخول الوقت وخروجه. ولا يصلي من تيمم للنافلة الفريضة فهو غير وجيه فان الله اناب التيمم مناب طهارة الماء في كل شيء. ولم يستثني الشارع حالة من الاحوال. فدل على انه متى تيمم اما فحكمه حكم المتطهر بالماء. فما دام الطهارته باقية. لم يبطل تيممه. ولو خرج الوقت ولو خرج الوقت او دخل واستباح به جميع ما يستبيح بطهارة الماء. وهو احد القولين في مذهب الامام احمد وهو الصحيح. السادس عشر في تحديدهم السفر بيومين هل هو وجيه ام لا؟ الجواب الصحيح انه لا يتحدد بمسافة يومين بل متى سافر سفرا بصيرا او طويلا يحمل له الزاد والمزاد. ترخص بجميع رخص السفر. ترخص بجميع رخص السفر من قصر وفطر ومسح ثلاثة ايام وغيرها. وهو ظاهرة الادلة الشرعية. وما استدل به لليومين من كلام ابن عباس رضي الله عنه لا يقاوم عموم الادلة من الكتاب والسنة. حيث رتب الشارع الرخص على مسمى السفر. والله اعلم. السابعة عشر هل القصر يحتاج الى نية والجمع ام لا؟ الجواب لا يحتاج الى ذلك فانه من المعلوم ان النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه لم يشترطون النية لذلك. وانما الشرط وجود العذر المبيح للقصر والجمع. فعلى هذا القول الصحيح لو لم ينوي القصر الا في اثناء صلاته او لم ينوي الجمع حتى فرغ من الاولى مع وجود العذر جاز. الثامن عشر هل الصحيح عندكم وجوب والزكاة في غير الاصناف الاربعة؟ الجواب اما المواشي من الابل والبقر والغنم السائمة والحبوب والثمار والنقدان من ذهب وفضة وعروض التجارة فهذه لا شك ولا ريب في ثبوت الزكاة فيها. والخلاف في بعض يعد خلافا شاذا. لا يعتد به لمخالفته لنصوص الكتاب والسنة والاجماع والمعاني الصحيحة. والصحيح ايضا ان اجارة الاعيان المؤجرة كالدور والاواني ونحوهما التي لم تتخذ للتجارة باعيانها وانما قصد ملاكها استغلال الاجارة منها ان الزكاة واجبة في تلك الاجرة كما اختاره شيخ الاسلام. وهو الموافق للمعنى الذي شرعت الزكاة لاجله وهو الاموال النامية. كما ان الصحيح ان الديون التي لا يقدر اصحابها عليها كالتي على المعسرين والمماطلين انه لا تجب وفيها لعدم القدرة عليها وعدم نمائها. واما الركائز ففيه حديث في الصحيحين وفي الركائز الخمس. وهو يشبه الزكاة من بعض الوجوه والفيئة من وجه اخر. واما المعادن والعسل ففيها اثار عن النبي صلى الله عليه وسلم والله اعلم صحتها وفيها اثار عن الصحابة. ولهذا اعظم ما اعتمده الامام احمد فيها الاثار المروية عن عمر رضي الله عنه وعن غيره فاوجب فيها الزكاة كما هو معروف في المذهب. وبعض الائمة بل كثير منهم لا يوجبون فيها شيئا. والايجاب واقرب الى ظواهر الادلة ومعانيها. فهذا الذي ارى في الزكاة من حيث الجملة. التاسع عشر قولهم اذا قامت البينة الامساك والقضاء ومثله من اكل ضأنا ومثله من اكل ضانا بقاء الليل. فبان انه في النهار او ظانا غروب الشمس فتبين انها لم تغرب. الجواب وبالله التوفيق. هذه مسألة مهمة جدا. والمذهب كما قالوا رحمهم الله انه يمسك ويقضي. وبهذا قال كثير من اهل العلم. وفرقوا بين الناس فلم يفطروه. والجاهل المخطئ طروه وليس لهذا القول دليل شرعي يجب المصير اليه. ولهذا لما افطروا بزمن النبي صلى الله عليه وسلم قبل الغروب وقد كانت الشمس غابت في الغيم ثم ظهرت ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالقضاء. ولما سئل عنها هشام بن عروة ابن الزبير احد رواة الحديث قال لابد من قضاء. وابوه عروة رضي الله عنهما يفتي بعدم القضاء. والحديث نفسه ليس فيه امرهم بالقضاء. فدل على ان القول الصحيح انه لا قضاء في جميع هذه المسائل. لان المخطئ في الحكم والمخطئ للحال له الشارع هو والناس سواء. قال تعالى لا تؤاخذنا ان نسينا او اخطأنا. قال الله على لسان نبيه قد فعلت وقال النبي صلى الله عليه وسلم عفي لامتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. فقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال من نسي فاكل وشرب وهو صائم فليتم صومه فانما اطعمه الله وسقاءه. والمخطئ قريب من الناس بل ربما كان اعذر منه فقد يكون المخطئ مأمورا في ظاهر الشرع في الفطر كالذي يفطر يوم الثلاثين من شعبان فان النبي صلى الله عليه وسلم امر باكمال شعبان ثلاثين يوما حتى في الغيم. فامتثل امر النبي صلى الله عليه وسلم ولم يصم فلما كان في اثناء النهار قامت البينة بالرؤية فانتقل من امره بالفطر الى امره بالصيام عند الرؤية هذا اذا اخطأ غيره لنوع تقصير وتفريط لم يجز منه تفريط ولا تقصير. وكذلك الذي ظن ان الشمس قد غربت امتثلت ظاهر امر الشارع بتعجيل الفطر. ثم تبين له خلاف ذلك. فهذا معذور بل محمود. فكيف يقال بطل صومه؟ ومثل من كان ممتثلا امر الله وامر رسوله بالاكل والشرب في الليل. ظانا انه ليل. فبان خلاف ذلك الجميع. اقل الاحوال في ان يكونوا بمنزلة الناس ثم القاعدة التي ذكرت لكم في اول الاسئلة عن شيخ الاسلام رحمه الله وانها قاعدة شرعية مؤيدة بالبراهين والحجج هذه من مفرداتها. ثم اذا نظرت الى رحمة الله وحكمته بعباده المؤمنين الطائعين وانه ما جعل عليهم في الدين من حرج ويسر لهم العبادة غاية التيسير. ووضع عنهم من الاثار والاغلال والمشاق ما كان جودا لغيرهم ظهر لك ان هذا القول هو الصحيح. وقد وقعت هذه المسألة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم مرتين. الاولى ما تقدم. والثانية ما ثبت ان عدي بن حاتم وغيره من الصحابة كانوا يأكلون ويشربون ويضعون عندهم حبلين. اسود وابيض فلا يزالون يأكلون حتى يتبين لهم الحبل الاسود من الابيض بعد ظهور النهار. فارشدهم النبي صلى الله عليه وسلم. وبين لهم ان هذا غلط منهم ولم يأمرهم بالقضاء. المقصود ان هذا قول تكثر الدلائل الشرعية على صحته. وليس في النفس منه شيء ولله الحمد. وقد قال به كثير من اكابر اهل العلم سلفا وخلفا. واختاره الشيخ تقي الدين واكثر به وبه نقول العشرون قولهم في النزع جماع هل هو صحيح ام لا؟ الجواب الصحيح في ذلك ما قاله شيخ الاسلام انه ليس بجماع وانما هو ترك للجماع. فلا يجعل التارك بمنزلة الفاعل. الحادي والعشرون ذكروا ان صار لا يحل الا في حصر العدو. فهل هو وجيه ام لا؟ الصحيح القول الاخر انه عام في حصر العدو وغيره. هو وقوله تعالى فان احصرتم اي منعتم بعدو او مرض او نحوه وهو احد القولين في المذهب ومع انه ظاهر الاية فهو اصح قياس يكون. فانه لا فرق بين حصر العدو وغيره. الثاني والعشرون ذكروا ان في قطع الشجرة الصغيرة شاة وما فوقها بقرة هل هو وجيه ام لا؟ الجواب قد روي عن ابن عباس انه حكم بالدوحة وهي الشجرة الكبيرة بقرة ومن اصول مذهب الامام احمد ان مذهب الصحابي اذا لم يخالفه احد من الصحابة انه حجة يجب الاخذ بها. وهذا من هذا كانهم اخذوا الجزاء فيما دون ذلك على حسب الشجرة. الثالث والعشرون قولهم ان الثمرة تدخل في الوقف قبرت او لم تؤمر بر هل هو وجيه ام لا؟ الجواب لما كان للوقف من النفوذ ما ليس لغيره وكان ايضا لمقاصد الموقف من الاعتبار ما يوجب انفرادا هذا العقد بهذا الحكم قالوا ذلك. لان الموقف ظاهر من قصده انه وقفه ليحصل النفع به عاجلا. وذلك مقتض بدخول الثمرة الا باخراج صحيح. فاذا اخرجها صريحا واستثناها خرجت. والا فهي داخلة. لان الوقف تحبيس الاصل بير الثمرة. الرابع والعشرون ذكروا في الصلح انه اذا صالحه على بقاء الغصن بعوض انه لا يجوز. هل هو وجيه ام لا الجواب ليس بوجيه ولهذا قال الموفق وغيره اللائق بمذهبنا صحة ذلك. واي مانع يمنع من الصحة مع ان صلح اوسع العقود على الاطلاق. وفي ذلك مصلحة لصاحب الشجرة ولصاحب الارض. والله اعلم. الخامس والعشرون ذكروا انه واذا طلق امرأته ثلاثا بكلمة واحدة انها ثلاث. هل هو صحيح ام لا؟ وكذلك ذكرهم الاجماع عليها. الجواب هذه المسألة نحولكم فيها على كلام شيخ الاسلام وابن القيم في عدة من مصنفاتهم فانهم بسطوها بسطا تاما ووسعوا الكلام في فيها جدة. ومن نظر في كلامهم ظهر له الامر اليقيني. واما الافتاء بها فنحن وان قررنا كلام الشيخ وصححناه فانا نمسك عن الفتوى فيها لملاحظ متعددة. واما ذكرهم الاجماع وقد بين الشيخ انه لم يقع عليها الاجماع من زمن نبي صلى الله عليه وسلم الى الان السادس والعشرون ذكروا ان لزوج المطلقة الرجعية له رجعتها ما لم تغتسل من الحيضة الثالثة. هل في النفس منه شيء؟ الجواب اي والله في النفس منه شيء. فانه لم يظهر لي الفرق بين هذه المسألة وبين اين بقية الاحكام التي تنقطع بانقطاع الحيضة الثالثة. ولكن الذي حمله على ذلك الاثار المروية عن الصحابة رضي الله عنهم في ولكن اذا قارنتها مع قوله تعالى وبعولتهن احق بردهن في ذلك اي في القرء فانه قال في اولها المطلقات يتربصن بانفسهن ثلاثة قرون. ثم اخبر انهم احق بهن في ذلك. والمشار اليه هو القرب. القرء هو هو الحيض لا الطهر ظهر لك رجحان هذا القول انه اذا انقطع الدم انقطعت الاحكام حتى الرجعة. السابع والعشرون هل استثناؤهم الحية والضفدع والتمساح من حل حيوان البحر. هل وجيه ام لا؟ الجواب الصحيح ان جميع حيوانات البحر حلال من دون استثناء. وهو قول في المذهب وهو ظاهر الكتاب والسنة. وليس على الاستثناء دليل. يجب المصير اليه. فانه لو صح الدليل الذي استدلوا به لكان كل حيوان بحري له نظير في البر محرما فالبحر له عمومان عموم حل حيوان ذاته وعموم حيه وميتته. وعموم ثالث للمحل والمحرم. والله اعلم. الثامن والعشرون ذكروا ان عظم غير السن تصح الذكاة به. هل هو صحيح ام لا؟ الجواب ليس بصحيح. فان الحديث وتعليله وقول النبي صلى الله عليه عليه وسلم. اما السن فعظم في قوة قوله كل عظم لا تحل به التزكية. وهو احد القولين في المذهب وهو المختار التاسع والعشرون ذكروا ان الخبيث هو الذي تستخبثه العرب ذوو اليسار هل هو صحيح ام لا؟ الجواب ذكر الشيخ رحمه الله انه لا عبرة بذلك. وان العبرة بكون الشيء خبيثا او طيبا صفته الذاتية. التي هو عليها ذلك معروف من جهة الشرع. وقد ذكر ان هذا القول قيل بعد الامام احمد بمدة وانه ليس مذهبه. الثلاثون يجوز نكاح من مات حملها في بطنها فان قلتم لا فهل هو وجيه ام لا؟ الجواب سانقل لك حاشية كتبتها على قول صاحب المنتهى وشرحه في العدد. وهو قوله وبقاء بعض الحمل يوجب بقاء العدة. وظاهره ولو مات ببطنها لعموم الاية قلت قوله وظاهره ولو مات ببطنها لعموم الاية قلت وقد يقال ان قوله تعالى اجلهن ان يضعن حملهن انه الوضع المعتاد. فمتى وضعت حيا او ميتا خرجت من العدة؟ ومتى بقي في بطنها حيا او ميتا يرجى خروجه فهي في العدة. فاذا مات في بطنها ولم يبقى رجاء لخروجه فهذه ان امرت بالبقاء حتى يخرج من بطنها. وهو لا يرجى جاء له وقت يخرج فيه كان عليها من الضرر شيء عظيم. في ظهر انها متى تحققت موته وصار بحالة لا يرجى له خروج انها تعتد بغير الحمل لسقوط حكمه كما سقطت نفقة الحامل بذلك يؤيد هذا الظاهر ان الحكمة في الاعتداد بالحمل لئلا تختلط المياه. وتشتبه الانساب وهو مفقود هنا. الذي يظهر لي انه في هذه الحال يسقط حكمه بالاعتداد كما سقطت بقية احكامه من الميراث واستحقاق الوصية والنفقة غيرها. هذه صورة ما كتبته. وبهذا تعلم ان الاصحاب ليس لهم فيها كلام صريح. الحادي والثلاثون انسان باع عبدا عالما انه ذو رحم من المشتري. وانه يعتق بتمام العقد. ولم يعلمه بذلك. فهل يلحق البائع تبعة ام لا فالجواب كل من علم حالة في المبيع من عيب او غير عيب لا يرضي المشتري في المبيع وفي تلك الصفة فانه لا يحل له وهو اثم لانه غاش غار. واظن في المسألة قولا ان المشتري في هذه الحال يثبت له خيار الرد. وانه لا فيعتق في الحال حتى يرضى به على هذه الصفة. فان كان كما اظن فهو وجيه. وان ظفرت فيها بقول يقينا فان شاء الله ساذكره لك. الثاني والثلاثون رجل في يده عقار منذ سنين عديدة. الظاهر انه ملكة ويدعي هو وذلك وانه منتقل اليه من فلان ابن فلان بشراء. لكن ليس عنده الا مجرد دعوة. فلم يدري الا ورثة المنتقل من والعقار يدعون ذلك. من نقبل قوله في هذه السورة؟ كذلك الوقف اذا اقام الورثة بينة عادلة بوقفه قبل بيعي لكن بعد مضي مدة طويلة قد دعوا انهم لم يعثروا عليها الا في هذا الوقت. والمشتري عنده بينة بالشراء نبطل بيعة؟ الجواب عن هذا وبالله التوفيق اصل جميع مسائل الاختلافات والدعاوى مع وجود الشهود وعدم ذلك الى ما يرجح قول احدهما. وانواع الترجيحات كثيرة. واعظم المرجحات قول النبي صلى الله عليه وسلم البينة على المدعي واليمين على من انكر. والمراد بالبينة كل ما ابان صحة الدعوة من براءة اصلية وشهود ويد وانواع قرائن ترجح قول احدهما. وهي كثيرة جدا. فهذا الاصل ترجع اليه كل الاختلافات. والمسؤول عنه لا يخلو اما ان داعية ورثة المنتقل منه العين ملكها او يدعوا وقفها. وعلى كل اما ان يقيموا ببينة كاملة النصاب او لا فان لم يقيموا بينة او اقاموا شهادة لا تكمل النصاب فلا يقبل قولهم في النوعين. دعوى الملك ودعوى الوقف بل يحلف من العين تحت يده على نفي دعواهم وتقر العين بيده. لان معه بينة وضع اليد تلك المدة الطويلة فلا تعارضها الدعوة المجردة ولو كان صاحب اليد معترفا بانها منتقلة من حوزتهم ببيع ونحوه. واما ان اقاموا فان كانت الدعوة دعوة ملك فلا تقبل ايضا. بل يحلف من كانت العين بيده على نفي دعواهم. وتقر العين بيده. لان ضع يده تلك المدة الطويلة مع مشاهدة مورثهم ومشاهدتهم وعدم المانع لهم من اخذها منه اكبر بينة تدل على وتجانبه. وقد امكن الجمع بين بينتهم وبينة يده. لان اسباب انتقال الملك كثيرة. فيحتمل انه اشتراها من مورثهم يحتمل انه اشتراها من مورثهم او اتهمها او اقر هنا كلمتان غير واضحتين. او نحو ذلك. ويكون صادقة حيث شهدت بملكه ويده صادقة حيث حكمنا لها بالملكية. واما ان كانت دعواهم انها وقف فقد اقاموا على ذلك بينة عادلة بورقة ووثيقة زعموا انهم لم يجدوها الا وقت دعواهم فهذه فيها تفصيل. فان كان الوثيقة المشتملة على الوقف فيها بينة عادلة لا قادح فيها. وكان الوقف صادرا من غير من انتقلت منه العين ببيع ونحوه والوقف من الاوقاف التي لا مانع فيها. ثبت الوقف وانتزعت العين ممن هي بيده. لان بقائها بيده بتلك المدة لا يبطل حق الموقوف عليهم. والبيع صادر من غير الموقف بغير اذن الحاكم غير مبطل للوقف كان البيع صادرا باذن الحاكم الشرعي حكم لصاحب اليد بالعين. لان صدورها عن اذن الحاكم الشرعي يدل على ان بيع الوقت وقف في حالة يجوز فيها بيعه فتقر العين بيد صاحب اليد. واما ان كان الوقف صادرا من الذي باعها على صاحب اليد وكان الوقف من الاوقاف الصحيحة التي لا مانع فيها بان اوقفها هي لم يتعلق بها حق للغير. وكان الوقف على جهة خارجة عنه وعن اولاده. وكان البيع بغير اذن الحاكم الشرعي قدمت بينة الوقف في هذه الحال. لان بيعه لا حق الموقوف عليهم ولكنه في هذه الحال قد غرر المشتري وخدعه. فيرجع بما غرمه على تركه ومخلفاته ويكون دينا عليه. وان كان الوقف على نفسه او على ذريته فقد باعه هذا البيع نفذ البيع الذي صدر ممن صدر من الوقف وصار هذا قصده بهذا الوقف المكرر والخديعة واخذ اموال الناس والوقف شرطه القربة والبر. وهذا بضد لذلك فلا تنزع العين ممن هي بيده بهذه الوثيقة. وعلى من فعل هذا الفعل او علم رضاه به الاثم والعقوبة. الحاصل في جميع الصور تقر بيد صاحب اليد بيمينه الا في صورة الوقف. اذا كان صادرا من غير البائع. ولم يكن البيع باذن او منه على غير نفسه وذريته كذلك. كلمتان غير واضحتين. لان اليد من اقوى البينات والله اعلم واما سؤالكم هل عنق الجارية حرز للقلادة ونحوها؟ فالجواب انواع الالبسة من قطن وحرير وغيرها من حلي اذا كان صاحبها لابسها على بدنه او يديه او رجليه او عنقه فان كان اللابس مكلفا فذلك له حرز. وان كان غير مكلف ولم يعد تفريطا بقاؤه عليه. كالثياب غير المثمنة والحلي غير المثمن فهو حرز. وما عد تفريطا كالحلي امن ونحوه فليس بحرز لان الاصحاب رحمهم الله ذكروا في الحرز ضابطا جامعا يشمل كل شيء. فقالوا حرز كل مال ما حفظ فيه عادة. فحيث اشكل عليك شيء من التفاصيل فارجعها الى اصولها وما تفرعت عنه يتضح لك الامر وبالله التوفيق والله اعلم. كتبه عبدالرحمن الناصر بن سعدي حرر في السابع والعشرين من رمضان سنة وخمسين وثلاثمائة والف من الهجرة. بسم الله الرحمن الرحيم. من المحب عبدالرحمن الناصر بن سعدي الى الاخ المكرم عبدالرحمن محمد المقوشي المحترم. حفظه الله من كل سوء ومكروه امين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بركاته مع السؤال عنكم لا زلت بخير وسرور في ابرك وقت. سرني وصول كتابكم المؤرخ التاسع والعشرون من رمضان تلوته مسرورا بصحتكم مسرورا باعتنائكم بالمسائل العلمية والبحوث الدينية لا زال هذا دأبه كن اعاننا الله واياكم على طاعته. ومن جهة المسائل فمنها المسألة التي اجبنا على غيرها. وهي هل الصحيح في كانت الفطر وجوب الاقتصار على الاصناف المذكورة في الحديث. وهي التمر والزبيب والبر والشعير والاقط. ام ينوب عنها ما كان انا في معناها من كل حب يقتات وثمر يقتات. فالمذهب معروف وهو ان ما سواها لا يعدل اليه الا عند عدم الاصناف المذكورة. واحتجوا بان هذا ظاهر لفظ النص. فاذا وجد المنصوص لم يعدل عنه. واذا فقد ناب عنه ما كان شبيها به. والقول الثاني في المذهب اختاره شيخ الاسلام. انه ينوب عنها كل ما كان في معناها. سواء كانت موجودة او مفقودة ويحمل نص النبي صلى الله عليه وسلم عن الاصناف الخمسة انها هي المستعملة في زمانه. مع ان البر انما هو في بعض الفاظ حديث ونظرا الى المعنى صار كل حب يقتات وثمر يقتات يحصل به المقصود. ويؤيد هذا قوله صلى الله عليه وسلم اغنوهم عن السؤال في هذا اليوم. والاغناء يحصل بالمذكورات وغيرها. ويؤيد هذا ايضا ان الصحيح في جميع الكفارات اطعام المساكين من اوسط ما يطعم الانسان اهله. كما هو نص الاية في اليمين. وظاهر الايات في غير بها لانه اطلق الاطعام فيعم ما يحصل به ذلك. وهذا القول هو الذي تدل عليه الادلة الصحيحة. ويعمل فيه بالنصوص ولا منافاة بينه وبين التخصيص في الحديث للاربعة او الخمسة فانه عينها ولم ينه عن غيرها. والشارع لا نفرق بين متماثلين كما لا يجمع بين مختلفين. الثانية قول الاصحاب يحرم ولا يصح البيع في المسجد. هل قول لا يصح وجيه ام لا؟ الجواب نعم هو وجيه وذلك يعرف باصل. وهو ان الاصل ان كل عقد محرم انه باطل قالوا لان النهي والتحريم يقتضي الفساد. ومن اثبت تحريما في عقد وادعى صحته فعليه الدليل. لانه خلاف ولذلك لما ذكروا تحريم النجش وتلقي الركبان والغش ونحوها من البيوع المحرمة. فلما اثبتوا صحتها احتاجوا ان يستدلوا على الصحة باثبات الشارع الخيار للمخدوع والمغرور. وثبوت الخيار متفرع عن صحة البيع. وايضا هنا فائدة وهو ان العقد اذا كان محرما لحق الله فانه غير صحيح. واذا كان محرما لحق ادمي محض كالصور التي اشرت اليها فانه لا يلزم الحكم بالفساد. بل يزال الضرر عن الادمي ويحصل بذلك المقصود. الثالثة قولهم ان خيار البائع والمشتري يبطل مطلقا بتلف مبيع وباتلاف مشتر اياه. هل في النفس منه شيء ام لا؟ الجواب مراد بتلفه مطلقا سواء كان يحتاج الى حق توفيه ام لا. وكذلك باتلاف المشتري اياه مطلقا. والعلة في هذا ان محل الخيار هو المبيع وقد تعذر رده بتلفه. والرواية الثانية عن الامام اختارها اكثر الاصحاب. انه لا يبطل خيار بالتلف. لا خيار البائع ولا خيار المشتري. وكذلك لا يبطل خيار البائع باتلاف المشتري. ويرجع عند الفسخ بقيمته وهو الذي تدل عليه القواعد الشرعية. فان القاعدة الشرعية انه متى ثبت حق من الحقوق في عين من الاعيان ثم تلفت انتقل ذلك الحق الى بدلها الذي قام مقامها. وايضا العمومات الدالة على اثبات الخيار لا تفرق بين التلف البقاء وانما التلف هو البقاء في الرجوع في نفس العين او بدلها. ويقوى هذا جدا في المسألة الاخيرة. اذا اتلفه المشتري فانا اذا لم نثبت للبائع الخيار ربما تحيل المشتري على اتلافه لاجل سقوط خيار البائع للاضرار به ولغير ذلك من المقاصد. الرابعة هل ينفذ عتق المشتري اذا كان الخيار لهما او للبائع ام لا؟ الواجب الصواب انه ولا ينفذ وهو احدى الروايتين اختارها الشيخ وهو الذي يدل عليه الدليل. ومن جملته ان الشيء المتعلق به حق غير لا يصح تصرفه فيه تصرفا يضر بصاحب الحق. الخامسة ذكروا ان النماء المتصل للبائع اذا رد العين في مدة الخيار هل هو وجيه ام لا؟ الجواب الصحيح ان النماء المتصلة كالنماء المنفصل. فمتى العين على صاحبها لخيار ونحوه فله النماء الحاصل في ملكه. لانه حصل في ملكه. ولا فرق في نفس الامر بين المتصل والمنفصل. لانه لا يرد العين الواقع عليها العقد. وما زاد من نمائها فهو له. وهو احد القولين في المذهب. بل ذكر الشيخ ان احمد نص على ذلك واختاره الشيخ تقي الدين وهو الصحيح. السادسة اذا باع كبا فشب وطال وعظم وقد شرط قطعه. ان البيع صحيح وانهما يشتركان في الزيادة. هل هذا وجيه ام لا؟ هذا هو هو المشهور وعن احمد رواية ان الزيادة لصاحب الارض وقيل البيع لازم والكل للمشتري. وعليه الاجرة اختارها ابن بطة وقيل ينفذ العقد والكل للبائع. هذه الاقوال التي حكاها صاحب الانصاف. فاذا بيع مثلا خشب الاثل وشرط قطعه ثم تركه المشتري مدة طويلة وزاد زيادة بينة. فالذي يترجح عندي القول الاول فالذي يترجح عندي القول الاخير ان الجميع للبائع وان البيع ينتسخ كما ينتسخ البيع اذا باع لقطة او جزة موجودتين وتركهما حتى نمتا. فانه يبطل البيع. وكما لو اشترى عرية فاثمرت بطل ما المذهب؟ فان الزيادة لهما فضعيف جدا. فالمشتري انما الشراء وقع منه على الخشب الموجود وقت العقد. فالزيادة بعد ذلك لا معنى لاشتراكه فيها. خصوصا وقد افرط بتأخير لغير عذر. والقولان اللذان بعده ارجح من وهي ان الزيادة لصاحب الارض او لصاحب الخشب وعليه الاجرة لصاحب الارض. والله اعلم. واما المسألة وهي النوط الذي يتعامل به الناس الان. فنحولكم على جواب كتبناه للاخ عبد الله العبد العزيز الخضيري. فقد له للاخ عبدالعزيز العبد الله بن سبيل. واجمال ذلك ان النوط حكمه حكم السكة التي ضرب بالنيابة عنها في جميع الاحكام وقد ذكرنا وجه ذلك ومأخذه والخلاف فيه. الثامنة في ذكرهم الضمانة في العارية. ولو شرط نفيه. وعكسه الوديعة هل هو وجيه ام لا؟ الجواب اما في العارية فغير وجيه لان الصحيح ان كل امين لا ضمان عليه الا بالتعدي او تقريب والامين معناه الذي صار مال غيره بيده باذنه ورضاه. وهذا قول واحد في جميع الامانات الا العارية فالمشهور استثناؤها من هذا العموم. والصحيح ان حكمها حكم سائر الامانات لا تضمن الا بالتعدي او التفريط. الا اذا شرط انها مضمونة فالمؤمنون عند شروطهم. وشرط ضمانه في العارية نافع لصاحبها لاجل حصول نفع المستعير واما الوديعة اذا شرط ضمانها فهذا ناف لموضوع العقد ومناف لموضوع الاحسان. فان الله تعالى قال ما على المحسنين من سبيل. فالمستودع محسن النحض لا مصلحة له دنيوية. فشرط تضمينه مناف لذلك بين ان شرط الضمان في الوديعة وجيه فانه لا يضمن ولو شرط الضمان. وان العارية بالعكس التاسعة ذكروا ان ان الاحق بتقديم السقي من الماء المباح الاسبق. وان كان في اسفل الوادي هل هو وجيه ام لا؟ الجواب نعم وجيه فان تقديم الاعلى فالاعلى انما هو مع التساوي وعدم المزية لاحدهما عن الاخر. فاذا امتاز الاسفل بسبق حقه تقرره كان هو الاولى كالامامة الاولى بها الاحق بها شرعا. وهو الفاضل في العلم والدين. فاذا تقرر حقه مسجد او بيت كان اولى من غيره. ولو كان غيره افضل منه. والقاعدة الشرعية ان الحق السابق يقدم على حق اللاحق والله اعلم. العاشرة ذكروا انه لا يدخل في الصرف خيار الشرط. هل هو وجيه ام لا؟ الجواب الصحيح في هذا ما اختاره شيخ الاسلام وهو ثبوت خيال الشرط في كل شيء. حتى فيما قبضه شرط لصحته. وهو الذي تدل عليه عمومات النصوص ولا محظور شرعيا في ذلك فانهما يتعاقدان ويتقابضان ويشترطان الخيار لهما او لاحدهما. فلم يخالفا نصا شرعيا ولا اتيا بمحظور وقول الاصحاب رحمهم الله في تعليل المنع ان هذه العقود موضوعة على الا يبقى بين المتعاقدين ان ارادوا العلقة الشرعية التي شرطها الشارع وهي التقابض فقد حصل ولله الحمد. وان ارادوا وهو مرادهم انه لا يبقى علقة خيار هو قول بلا دليل. بل هو مخالف للدليل. فان النبي صلى الله عليه وسلم قال على شروطهم الا شرطا احل حراما او حرم حلالا. وهذا لا يحرم حلالا ولا يحل حراما والله الله اعلم الحادية عشرة اذا جعل في نخلة عشرين وزنة تمر ونص وصيته عشرون وزنة في نخلة ثم بعد ذلك تلفت النخل هل نأخذهن من ريع الارض؟ اي ريع كان ام لا؟ وكذلك بالعكس. الجواب وبالله توفيق لا يخلو الحال من احد امرين. اما ان يجعل عشرين الوزنة المذكورات في مغل ملكه المحتوي على ارض تغل اشياء كثيرة وعلى نخل. فاذا فهم من مراد الموصي ان قصده من مغل حائطه المذكور فاذا تعذر بعض المغل وحصل الاخير اخذت العشرون من المغل الاخر. وكذلك بالعكس. وهذا هو الغالب لا مراد الموصين والموقفين. فان ظهر من مراد الموصي ان قصده تخصيص مغل النخل دون الارض. وعلامة ذلك ان يجعل في مظل النخل تنفيذات وفي مغل الارض تنفيذات اخر. وينص على قصده فهذا اذا تعذر ترى مظل النخل لم يؤخذ من مغل الارض شيء. لانه ظهر مراد الموصي وتخصيصه والله اعلم. الثانية عشرة في تخيير الاصحاب في المعيب بين الرد والامساك مع الارش. هل هو وجيه ام لا؟ الجواب عن هذا انه اذا لم يتعذب فبالرد ان الارش معاوضة ان اختارها البائع والمشتري برضاهما جازت. وان اختارها المشتري دون البائع لم اجبر البائع على ذلك بل نقول له اذا وجدت عيبا فالضرر الذي حصل لك نرفعه عنك باثبات الخيال لك. اما الارش فلا دليل عليه. والاصل عدمه وذلك التعليل الذي ذكروه رحمهم الله في غاية الضعف. ويدلك على ضعف ما ذهبوا اليه انهم تناقضوا في مسألة البيع والاجارة. وفي خيار الغبن والتدليس. بعضهم اثبتوا فيه الارش بعضهم اثبتوا مجرد الرد. نعم اذا تعذر الرد لتلف او اتلاف ونحوهما تعين الارش لانه عوض ما وهذا القول اختيار شيخ الاسلام وهو الصحيح بلا شك. والحمد لله رب العالمين. بسم الله الرحمن الرحيم من المحب عبدالرحمن الناصر السعدي الى جناب الاخ الفاضل عبدالرحمن المحمد المقوشي المحترم حفظ الله وتولاه ووفقه لما يحبه ويرضاه. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بعده سررت اليوم بوصول لكتابك المرقوم السابع والعشرون من شعبان. تلوته مسرورا بصحتك واعتذاركم بعد المواجهة وقت الموادعة. اخبرني بعض الاصحاب انكم اجتهدتم غاية. ونحن جازمون بذلك ولكن ذلك اليوم حصل بعض الاشغال التي منعتني من الاجتماع بكم. الله لا يجعل ما مضى اخر العهد. وكثيرا سراني اجتماعي بك احمد الله على ذلك. وارجو الله ان يجعل محبتكم وتوابعها خالصة لوجهه. نافعة طرفين ويجعلنا من المتعاونين على البر والتقوى. اما ما ذكرت من المسائل فمنها في ذكر الاصحاب رحمهم الله طه في رهن المكاتب انه يجوز وانه يمكن من الكسب. فهل يكون في هذه الصورة لازما على المذهب ام لا فجواب هذا نعم يكون لازما على المذهب. لان المكاتب يدخل في المنقولات والحيوانات. وقبضها بتناوله وتمكين المرتهن من ذلك. ورفع الراهن يده عنها. وقد حصل ذلك في المكاتب وتمكينه من الكسب وان كان يحصل له انطلاق من سيده او من هو في يده فانه انطلاق مقيد لصاحب اليد. السيد او او المرتهن فلا يقع فيها اشكال على المذهب. ومنها اذا افترق الزوجان في النكاح الفاسد بعد الدخول او الخلوة فقد ذكروا انه يتكرر الصداق المسمى. فهل يلحق بهما ما سواهما من المقررات في الصحيح ام لا؟ الجواب ان نكاح الفاسد فانهم اجروه مجرى الصحيح في تقرر الصداق بالوطء. وقد حكي اجماعا وليس باجماع ذلك بمجرد الدخول مع ان الصحيح ان الدخول الذي لا وطأ فيه لا يقرر الصداق. كما هو رواية عن احمد اختار الموفق والشارح وغيرهما. وهو ظاهر الحديث لقوله صلى الله عليه وسلم بما استحللت من فرجها. فاذا الم يحصل استحلال للفرج فلا يتقرر الصداق. واما الموت فانه لا يتقرر به الصداق حتى على المذهب كما نصوا على ذلك وهو حجة للموفق ومن تبعه انه لا يتقرر بمجرد الخلوة. ومثل هذا بقية المقررات في النكاح الصحيح. لا تقرروا بسوى الوطء في النكاح الفاسد. وكذا الوطء بشبهة. ويترتب على هذه المسألة ثبوت المصاهرة بالعقد الفاسق فان حصل به وطأ ثبتت المصاهرة لجريانه مجرى الصحيح. وحكاه ابن المنذر اجماعا في وطأ الشبهة ويدخل فيه النكاح الفاسد. وفيه وجه ذكره صاحب الفروع. انه لا تثبت المصاهرة ولو بالوطء في النكاح الفاسد ولا يتبين لي اي القولين اصح في ثبوت المصاهرة في العقد الفاسد وعدمها. لان الثبوت يستدل عليه بانه كالصحيح وان الوطء فيه كالوطء في الصحيح في تقرير المهر. واما عدم الثبوت فيستدل بان النكاح الفاسد الاصل انه كاسمه فاسد لا يترتب عليه من حقوق الزواج الصحيح شيء. سوى وجوب المفارقة ووقوع الطلاق فيه والزامه بذلك لاجل ازالة الضرر عنها وخوف الزامها بنكاح يراه بعض اهل العلم. وقد قالوا ان النكاح الفاسدة وجوده كعدمه. فمقتضى هذه العبارة التي نصوا عليها في كثير من الكتب انه لا تترتب المصاهرة في النكاح الفاسد والله اعلم. ومنها انهم ذكروا ان كل امرأة افسدت نكاح زوجها برضاع بعد الدخول. ان المهر بحاله هل هو وجيه ام لا؟ الجواب قال في الانصاف ولو افسدت نكاح زوجها يعني بعد الدخول لم يسقط بغير خلاف في المذهب وعليه الاصحاب. قال الموفق لا نعلم فيه خلافا بينهم في ذلك. قلت لو السقوط من المنصوص في التي قبلها لكان متجها. وحكى في الفروع عن القاضي انها اذا افسدت نكاح نفسها يلزم الزوج نصف المهر وهو قال في الرعاية ثم رأيته في القواعد حكى انه اختيار الشيخ تقي الدين. هذا كلام الانصاف وقد رأيت كيف ذكر الخلاف في المسألة وانه قول في المذهب او وجه انه يرجع الزوج على الزوجة المفسدة وهو مقتضى قول الشيخ تقي الدين ان خروج البضع من الزوج متقوم. وان على من اخرجه الضمان. كما هو ظاهر دلالة الكتاب في قوله تعالى وان فاتكم شيء من ازواجكم الى الكفار. الاية بل هو القاعدة الشرعية في تضمين متلفات وهو الصحيح الذي لا شك فيه والله اعلم. هذا ما لزم مع ما يبدي لكم من اللازم. الرجاء وتبليغ سلام الوالد والاخوان. ومن لدينا جميع الاخوان بخير والله يحفظكم والسلام