المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله المثال الثامن في صلاة المنفرد خلف الصف. قال المستعين بالله لا تصح صلاة المنفرد خلف الصف. لقوله صلى الله عليه وسلم لا صلاة لفرد خلف الصف. وعموم كلامه يقتضي التعميم سواء كان معذورا لكون الصف الذي قدامه ليس فيه موضع له او كان غير معذور. فتصحيحنا لصلاته خلفه مناقض لقول الرسول. فالرسول يقول لا تصح صلاة الفرد خلف الصف. والمجوزون لذلك يقبلون تجوز. فان تنازعتم في شيء فردوه الى الله والرسول فالرد الى الرسول هو الرد الى سنته. والوقوف عند اقواله وارشاداته. واما استدلال الائمة الثلاثة مالك والشافعي وابي ابي حنيفة في تجويز صلاة المنفرد خلف الصف باذنه وامره للمرأة ان تقف خلف صف الرجال فليس فيه دليل على صحة صلاة الرجل لان الشارع صحح صلاة المرأة خلف صف الرجل ولم يصحح ذلك للرجل. فعلينا اتباعه في الامرين. وقال المتوكل على الله الاقوال المعروفة في هذه المسألة ثلاثة. تجويز صلاة الرجل المنفرد خلف الصف كما هو مذهب الائمة الثلاثة كما وقد احتجوا بما ذكرتم. ومنع ذلك مطلقا في حال العذر وغيره. وهو قولكم للحديث الذي ذكرتم وهو المشهور من مذهب الامام احمد رضي الله عنه. والقول الثالث وهو الرواية الاخرى عن احمد التي اختارها شيخ الاسلام واكثر تلاميذه هو القول الصحيح التفصيل وهو انه لا تصح صلاة الفذ خلف الصف من دون عذر. كما ذكرتم من الحديث وتصحيح ذلك عند العذر كما اذا وجد الصف ملزوزا ليس فيه موضع يقف فيه. وهذا به تجتمع الادلة وهو الذي تدل عليه اصول الشرع وقواعده ويدخل في الاصل العظيم المتفق عليه وهو ان جميع واجبات الصلاة وشروطها المتفق عليها والمختلف فيها تجب مع القدرة عليها وتسقط مع العجز عنها ولا يستثنى منها شيء. فلاي شيء يستثنى منه هذا الواجب؟ وهو وجوب مصافة مع وقوع الخلاف فيه. كما ذكرنا فان كان قول النبي صلى الله عليه وسلم لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب استثنى منه من عجز عنها فانها تصح صلاته ولا يقال فيه ان من صحح صلاة العاجز فقد خالف قول الرسول كذلك مسألة المصافة وكذلك من عجز عن القيام في الفرض او عجز عن ستر العورة او الطهارة او استقبال القبلة او غيرها لا يقال ان المصحح لصلاته في هذه الحال مخالف لايجاب الشارع لها فان الشارع اوجب الواجبات كلها وذكر قواعد طولا تقيد بها كقوله فاتقوا الله ما استطعتم. وقوله صلى الله عليه وسلم اذا امرتكم بامر فاتوا منه ما استطعتم مم فهذه القواعد تقيد جميع الواجبات الشرعية المطلقة. وهي متفق عليها لاي شيء يخرج من هذا الواجب وهو وجوب مصافا فالقائل بصحة صلاة الفرد خلف الصف عند عجزه عن الصف وعدم صحتها عند قدرته. قد قال بجميع الادلة الشرعية وكان اسعد بالدليل من المانعين مطلقا والمجيزين مطلقا. لان كلامهم لابد ان يخالف دليلا. ومما يدل على صحة بهذا القول انه قد ثبت ثبوتا لا مرية فيه. وجوب صلاة الجماعة وانه لا يحل للرجل ترك الجماعة مع القدرة عليها فاذا فرضنا رجلا وجد الجماعة يصلون ولم يجد في الصف موقفا. ودار الامر بين ان يترك الجماعة ويصلي وحده منفردا وبين ان يصلي خلف الصف ويدرك الجماعة وهو يقدر على ادراكها. كان صلاته مع الجماعة الواجبة هو المتعين. وليس من حذاري المسقطة للجمعة والجماعة عجزوا الانسان عن وقوفه في الصف. ثم ان امر النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة ان تصلي خلف صف في الرجال انما هو للعذر وان المرأة ليس لها الوقوف مع الرجال. يدل ذلك ان الشارع اعتبر العذر. وان المصافاة تسقط العذر والعجز من باب اولى واحرى. فقال المستعين بالله قد ظهر لي ان هذا القول هو الصحيح. لانه لا يخالف شيئا من الادلة الشرعية وهو الذي ينبني على الاصل الكبير ان الواجبات كلها تسقط بالعجز عنها وهذا منها والحمد لله رب العالمين