المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله المثال الخامس في حكم الحمار الاهلي والبغل طهارة ونجاسة. قال المتوكل على الله الحمار الاهلي والبغل نجسان بولهما وروثهما وشعرهما وريقهما وعرقهما. لقوله صلى الله عليه وسلم في الحمر انها ركس اي نجس عموم الحديث يقتضي نجاسة المذكورات من غير عفو عن شيء من فضلاتهما. ثم ان الاصل ان كل خبيث محرم الاكل نجس هو وجميع اجزاءه خرج في ذلك الهر وما دونها في الخلقة. لقوله صلى الله عليه وسلم انها ليست بنجس انها ليست بنجس. فيبقى ما عداها على الاصل وهو النجاسة لوجود الخبث فيها. ولهذا كان الكلب والخنزير ونحوهم ما من السباع نجسة لخبثها وعدم حل اكلها. فقال المستعين بالله الحمار والبغل مثل الهر. روثهما وبولهما ولحومهما نجسة والعرق والريق والشعر وما يخرج من الانف الكل طاهر. والدليل على هذا التفريق ان النبي صلى الله عليه سلم حكم بنجاسة لحوم الحمر يوم خيبر وقال انها ريكس. الحديث الذي ذكرتم ومع ذلك فكان صلى الله عليه وسلم يركبها ويركبها اصحابه ولم يأمر بتوقي هذه الفضلات منها. ولا ورد عنه انه كان يتوقى ذلك منها ايضا فلو كانت هذه الاشياء نجسة لنبه على ذلك تنبيها يقطع العذر ويشتهر مع علمه بشدة الحاجة اليها الى ملابستها ومخالطتها. خصوصا في اوقات الامطار ونحوها. ويؤيد ذلك ان من قواعد الشريعة ان المشقة تجلب التيسير والمشقة الحاصلة من ملابستها لا تخفى على احد. ويؤيد ذلك ان قوله صلى الله عليه وسلم في الهرة انها ليست بنجس انها من الطوافين عليكم والطوافات. فعلل طهارتها لكثرة طوفانها وعموم البلوى بها. واين مشقة الهرة والبلوى بها من مشقة ملابسة الحمر والبغال. وهذا بخلاف لحمها وبولها وروثها. فان الخبث ظاهر فيها. والاحتراز عن في غاية السهولة. فان قلت فعلى هذا التعليل الذي قلتم فيلزمكم ان تجعلوا هذه الاشياء من الكلب طاهرة. قلنا ان الكلب فصلى الله عليه وسلم على غسل ما ولغ فيه والمشقة فيه دون المشقة بالحمار والبغل بكثير. ولهذا حيث وجدت المشقة في في مسألة صيده اذا صاد وباشر الصيد بفمه ولعابه الصواب فيها القول بالعفو عن ذلك لاذن الشارع في صيده من غير امر بغسل ما اصاب افواهها منه. علم ان الشارع له تشوق عظيم الى رفع الحرج والمشقة والعفو عن الشيء. مع قيام المقتضى لتنجيسه. فقال المتوكل على الله اذا قال النبي صلى الله عليه وسلم قولا فعلينا تعميمه وليس لنا ان نخرج من كلامه شيئا كما انه ليس لنا ان ندخل فيه ما ليس منه. فحيث اخبر ان الحمار نجس. تعين ان جميع هذه الفضلات نجسة وانه لا يحل اخراج شيء منها بغير دليل. فقال المستعين بالله الامر كما ذكرت. فان على الجميع الخضوع لاقوال الشارع والانقيادة التامة لكننا لم نخرج من كلامه شيئا بمجرد اغراضنا وارادتنا. فاننا اصغر واحقر من ان نعارض قول الشارع بقول احد من الناس كائنا من كان وليس لاحد الاستدراك على الله ورسوله ولكننا نقيد كلام الشارع بعضا او ببعض ونأخذ بالادلة كلها ونؤمن بها كلها. وبذلك يتم العلم والايمان. فالذي قال في الحمر انها نجس كان تستعمل البغل والحمار ولا يتوقى هذه الفضلات. ولا امر امته بتوقي ذلك. فنعمل بكل من الدليلين. وايضا قيدنا ذلك لنقيسه على قاعدة المشقة والتسهيل في الطوافين والطوافات. وهذا هو الواجب على كل احد وهو العلم الحقيقي واما مجرد النظر الى قول واحد ودليله الخاص وعدم مقارنته بما يقابله من الادلة فهذا نقص في العلم عينوا على كل من له قدرة على الاستدلال ان يبرأ بنفسه عنه. فان كان عندك ما يرد هذا التفصيل الذي برهنا عليه واقمنا دليل والا فتأمل ما ذكرناه يتضح لك ان القول ما قلناه والله ولي التوفيق. فقال المتوكل على الله جزاك الله وخيرا على البيان