المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله باب شروط الصلاة. الصحيح ان وقت العصر يمتد الى اصفرار الشمس. ووقت العشاء يمتد الى نصف الليل. كما ثبت بذلك الحديث الذي في صحيح مسلم عن عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما. ولا يناقض ذلك حديث جبريل فانه زيادة من ثقة فتكون مقبولة والله اعلم. والصحيح ان الصلاة لا تدرك الا بادراك ركعة. لا بتكبيرة الاحرام الجماعة والجمعة والوقت بظاهر قوله صلى الله عليه وسلم من ادرك ركعة من الصلاة فقد ادرك الصلاة فيشمل جميع انواع الادراكات ولانه لم يرد تعليق الادراك بتكبيرة بشيء من الاحاديث. وكما انه يسقط الترتيب في قضاء الفوائت بالنسيان خشية فوات الوقت فالصحيح انه يسقط ايضا بالجهل بالواقع او بالحكم. لان حالة الجهل كحالة النسيان او اولى بل وبخشية فوت الجماعة لوجوبها وعدم المسقط لذلك. والصحيح ان ستر المنكبين او احدهما في الصلاة للرجل من باب تكميلها وتمامها. وانه ليس بشرط. حديث ابي هريرة لا يصلي الرجل في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء يفسره حديث جابر ان كان الثوب واسعا فالتحف به. وان كان ضيقا فاتزر به. او فخالف بين طرفي. ولان المنكب ليس بعورة. فستره في الصلاة من باب تكميلها كما هو قول جمهور العلماء قول الصحيح انه اذا صلى في ثوب نجسيا او في حال الضرورة انه لا اعادة عليه لانه اتى بما يقدر عليه فسقط عنه ما عجز عنه. ولان النبي صلى الله عليه وسلم صلى في نعليه. فلما كان في اثناء الصلاة خلعهما. بعدما اخبره جبريل ان فيهما قذرا. ثم بنى على صلاته. واذا كان يبني على ما مضى منها اذا لم يعلم الا بعد الفراغ كان صحتها من باب اولى واحرى. ولان اجتناب النجاسة من باب المحظور. المحظور اذا فعله ناسيا لا حرج عليه فيه فلا ابطال. لانه اذا حبس في بقعة نجسة وصلى لا يعيد قولا واحدا. ولا فرق بين الثوب والبقعة. وهذا لا في نسيان الحدث. انه اذا صلى محدثا ناسيا فان عليه الاعادة لانه من باب المأمور. ولا تبرأ الذمة الا بفعل المأمور ونظير ذلك الصيام اذا لم ينوه لم يصح صيامه لانه لم يأت بالمأمور. واذا نواه واكل كذبة ناسيا فليتم صومه ولا افطار لانه من باب ترك المحظور. قوله الا اذا كفت منكبه وعجزه فقط فيسترهما ويصلي جالسا في نظر ظاهر خصوصا على القول الصحيح ان ستر المنكبين ليس بواجب. فان الصواب انه يستر الفرجين وما قرب منهما. ويدع لان هذا عورة بالاتفاق والمنكب ليس بعورة. فقولهم القبل له بدل والمنكب لا بدل له. كلام معقول فاي شيء ينوب عن ستر القبل؟ وكانهم لما رأوا ان القبل والدبر كل منهما يسمى فرجا جعلوا احدهما نائبا عن الاخر في هذه الحال. ولا يخفى بعد هذا التعليل عن المعاني الشرعية. فقولهم في ستر المنكب ولو توب يصف البشرة فيه ايضا نظر لانه اذا وجب ستره كان من جنس غيره من البدن المستور والذي يصف قل بشرة لا يحصل به الستر والمقصود. فقولهم ان العاري يصلي جالسا. وتعليل ذلك بانه يحصل به نوع استتارة لا تطمئن اليه النفس فان سقوط القيام في هذه الحالة يحتاج الى دليل بين اذا كان لابد من انكشاف العورة فصلاته قائما او لانه يجب عليه ما يقدر عليه من واجبات الصلاة. ويسقط عنه ما يعجز عنه منها. والله اعلم. ومثله السجود عنه في هذه الحال. قوله وان كانت النجاسة بطرف مصلى متصل به صحت ان لم ينجر بمشيه. فيه نظر فانه لم يباشر النجاسة بدنه ولا ثوبه. فغاية ما يكون ان الذي باشره متعلق بشيء نجس فليس في هذا مباشرة للنجاسة ولا حمل لها. فابطال الصلاة في مثل هذه المسألة لا نظير له ولا فرق في الحقيقة بين الذي ينجر بمشيه. والذي لا ينجر الا بخفة هذا وثقل هذا. وهذا غير معتبر. الاصل ان الصلاة جائزة في جميع بقاع الارض. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم جعلت لي ارض مسجدا وطهورا. فيما رجل من امتي ادركته الصلاة فليصلي. وهذا عام لا يخرج منه شيء الا ما اصح به النقل في النهي عنه. وذلك كالحمام واعطاني الابل. الصلاة في المقبرة واليها. وكذلك الصلاة في موضع النجس واما قارعة الطريق والمجزرة والمزبلة اذا لم تكونا نجستين فلم يثبت به الحديث. فيبقى الحكم على الاصل وكذلك في وسط الكعبة لم يثبت الحديث في ابطال الصلاة به. فقد ثبت انه صلى الله عليه وسلم صلى فيها النفل وما ثبت في النفل ثبت نظيره في الفرض الا ما خصه الدليل واضعف ما يكون النهي عن الصلاة في اسطحة هذه المواضع وتعليل ذلك بان الهواء تابع للقرار. وهم قد قالوا ان النهي عن الصلاة في هذه المواضع تعبدي عبوديه وغير معقول المعنى وشرط القياس والالحاق فهم المعنى. ووجوده في الملحق. اذا كان المعنيان منتفيان اي كان القول في منع الصلاة في هذه الاسطحة ضعيفة مبنيا على ضعيف. وان علل هذه المواضع كان الامر او اوضح واوضح قولهم ويعيد الاعمى العاجز مطلقا. فيه نظر فانه اذا لم يحسن الاجتهاد ولم يكن عنده ما يقتدي به فصلى بحسب حاله مجتهدا على اصابة القبلة فقد ادى دام علي ولم يحصل منه تقصير. وانما الحاصل عجز. والعجز يعذر به الانسان. الصحيح ان المتنفل على راحلته لا يلزمه الاستقبال في الركوع والسجود ولا في الاحرام. لان النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي حيث توجهت به راحلته. وايضا قبلته في هذه الحال جهة سيره ففي الحقيقة هي القبلة في حقه في جميع اجزاء الصلاة. واما مسائل النية في الصلاة فالصحيح ان المصلي اذا عرض له في صلاته ما اوجب قلبها نفيا او انتقال من انفراد الى ائتمام وبالعكس ومن امامة الى اهتمام ان ذلك كله له جائز لا محظور فيه. ان جنس هذه الامور واردة عن النبي صلى الله عليه وسلم. فصلاته صلى الله عليه وسلم وحده في الليل ثم اتى ابن عباس فدخل عليه يدل على جواز مثل ذلك في الفرض والنافلة. لان ما ثبت في النفل فالفرض مثله الا ما خصه الدليل. والمحظور من منعه في الفرض موجود في النفل. وكذلك صلاة ابي بكر رضي الله عنه بالناس ثم ان النبي صلى الله عليه وسلم جاء وهم يصلون فتأخر ابو بكر وتقدم النبي صلى الله عليه وسلم. تدل على انه اذا انتقل الامام من الامامة ثم صار مأموما ان ذلك جائز. وانه اذا كان مأموما ثم صار امام ان ذلك جائز. كما يجوز اذا كان الانسان في اول صلاته عاجزا عن ركن او شرط ثم قدر عليه في اثنائها فانه يبني على صلاته فلا يمتنع ان يكون للمصلي حال في اول صلاته وحال في اخرها ولا قل ذلك بالنية لانه لم يقطعها ولم ينتقل فيها من نفل الى فرض. فالاصل ان مثل هذه المسائل لا تبطل الصلاة. فكيف وقد ورد جواز جنسها او عينها؟ والله اعلم. الصحيح ان الامام له ان يستخلف المأموم ولو سبقه الحدث ولو كان صلى محدثا او نجسا ثم ذكر لانه اذا كان لم يعلم الامام والمأموم بحدث الامام ولا نجاسته الا بعد طاغي الصلاة ان صلاة المأموم صحيحة لا اعادة عليه. فاذا مضى بعضها في هذه الحال وصلاة المأموم بحالها لم تبطل وللامام ان يستخلف من يصلي بهم ولهم ان يستخلفوا وان صلوها فرادى جاز ذلك. وايضا القول بان صلاة المأموم تبطل بصلاة الامام قول ضعيف لا دليل عليه. بل الادلة تدل على ان كل مصل لم يحصل من بنفسه مفسد لصلاته ان صلاته صحيحة وانما تعلقت صلاة المأموم بصلاة الامام من حيث وجوب متابعته له واقتدائه فيه. لا ان افعال الامام صحتها وفسادها تسري الى صلاة المأموم. ولذلك لا تبطل صلاة الامام ببطلان صلاة المأموم قولا واحدا. وقصة عمر رضي الله عنه مع عبدالرحمن بن عوف كاهدة على ذلك. فان الظاهر ان عمر استخلفه بعدما سبقه الحدث وان عبدالرحمن بنى على صلاته لانهم بقوا على صلاتهم وصفوفهم والله اعلم