المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله ومن باب صلاة الجماعة وتوابعها والصواب وجوب فعلها في المسجد. لان المسجد هو شعارها. ولانه صلى الله عليه وسلم هم بتحريق متخلفين عنها ولم يستفصل هل كانوا يصلون في بيوتهم جماعة ام لا؟ ولانهم لو جاز فعلها في غير المسجد بغير حاجة لتمكن المتخلف عنها والتارك لها من الترك. وهذا محذور عظيم. والصحيح ان المسجد الاكثر ترى جماعة افضل من المسجد العتيق لعموم قوله صلى الله عليه وسلم ثم ما كان اكثر جماعة. ولان المصلحة في كثرة الجماعة ارجح من قدم المسجد. وقولهم من صلى ثم اقيمت الجماعة سنة ان يعيدها الا المغرب فيه نظر بان عموم الامر بالصلاة مع الجماعة الثانية اذا ادركهم يشمل المغرب. والحكمة ايضا موجودة فيها كغيرها. وقولهم في تعليل الكراهة لان المعادى تطوع. التطوع لا يكون بركعة. انما ينصرف الى طوع المطلق كما ان التطوع المطلق اولى فيه ان يسلم من كل ركعتين. الرباعية المعادة تخالف ذلك. والصواب في القراءة خلف الامام انه اذا سمعه المأموم فلا يجب عليه قراءة ولا تشرع. واذا لم يسمعه وجبت عليه الفاتحة سرية او جهرية. لان النصوص الامرة بالاستماع والانصات انما هي مع سماع مومل القراءة والنصوص الامرة بقراءة الفاتحة وغيرها تتناول الامام المنفرد والمأموم الذي لا يسمع لقراءة امامه وهذا القول اعدل الاقوال في هذه المسألة. وتجتمع فيه الادلة. قوله وما يقضيه المسبوق اول صلاته. وما ادركه مع الامام اخرها. فيه نظر. والصحيح القول الاخر وان الذي يدركه مع الامام اولها. والذي اقضيه اخرها. وذلك ان قوله صلى الله عليه وسلم فما ادركتم فصلوا وما فاتكم فاتموا ريح في ذلك غير محتمل. واللفظ الاخر وما فاتكم فاقضوا ليس ظاهرا ان المراد بالقضاء اول الصلاة وانما يراد به الاتمام وكثيرا ما يطلق القضاء بمعنى الاتمام. ويؤيد هذا ان هذا هو الاصل وهو الواقع فما الذي يخرج هذا الاصل عن حالته ويوجب انعكاس الامر؟ ويؤيد هذا ان الانسان المصلي مأمور بالنية تكبيرة الاحرام في اول ما يدخل مع الامام. ولو كان اولها الذي هو يقضي لوجب عليه تأخير النية والاحرام الى ما بعد سلام الامام ويؤيد ذلك ايضا انه اذا ادرك ركعة من المغرب ثم قام ليقضي انه يصلي ركعة ويجلس للتشهد الاول ثم يتم صلاته ولو كان الذي يقضيه اولها لفعل في الركعتين الفائتتين كما يفعل فيهما اذا صلى وحده بان يسردهما ولا ينفع قولهم انه لو سردهما لاقتصر في المغرب على شفع وهي وتر فانه على قولهم يحصل ايتار بالركعة التي ادرك مع الامام. لانها على ذلك القول اخر الصلاة. ويدل على ذلك ايضا ان هدى الاخيرة لا يكون الا في اخر صلاته التي يقضيها. لا في التي ادرك مع الامام. ويلزم على قولهم انه يتشهد التشهد الاخير مع الامام ويقتصر على التشهد الاول فيما يقضيه. ولم يقولوا بذلك. ويشهد لهذا ان غيب في الاستفتاح والامر بالتعوذ انما هو في اول ما يدخل المصلي في صلاته لتحصل المصلحة المترتبة على ذلك نعم اذا فاتته ركعتان من الرباعية واراد ان يقرأ في القضاء زيادة على الفاتحة كان حسنا. وليس هذا لاجل انه اول صلاته وانما تداركا للقراءة حيث فاتته مع الامام والله اعلم. والصحيح ان الامام عمدا اذا كان المسابق عالما بالحال والحكم انها مبطلة للصلاة بمجرد ذلك سواء سبقه الى ركن او بركن او ركنين. فسواء كان ذلك ركوعا او سجودا او غيرهما. سواء ادركه الامام او رجع الى ترتيب الصلاة. لان النهي والوعيد يتناول هذا. وما نهي عنه بخصوص العبادة كان من مفسداتها واما القول بان ذلك محرم والابطال يتوقف عن السبق بركن الركوع او بركنين غيره. فهذا القول لا دليل قيل عليه بوجه وكما انه خلاف النص. فانه خلاف نص الامام احمد. كما صرح بذلك في رسالته المشهورة والله اعلم. والصحيح ان الاتقى والاورع في الامامة مقدم على الاشرف صاحب النسب. بل ومقدم على السن لان الامامة كمالها في العلم والتقى والنسب لا دخل له في هذا الموضع. والسن دون الورع في المرتبة. وانما يعتبر السن مع الاستواء في الصفات. والصحيح ان امامة الفاسق صحيحة سواء كان فسقه من جهة الاقوال كالبر او من جهة الافعال لقوله صلى الله عليه وسلم يصلون لكم فان اصابوا فلكم ولهم وان فلكم وعليهم. وقال في ائمة الجور. ولان صلاة الفاسق بنفسه صحيحة فصلاة غيره خلفه كذلك ولذلك كان الصدر الاول يصلون خلف من يكون اماما للناس في الجمع والجماعات وغيرها من ائمة الجور وممن بان فسقهم ومن اهل البدع لم يكونوا يمتنعون منها ولا يصلونها معهم ويعيدون. واما الحديث الذي رواه ابن ماجة ولا يؤمن فاجر مؤمنا. فهو على تقدير صحته والاحتجاج به يدل على ان البر اولى من الفاجر وانه لا يجوز تولية الفاسق امامة ولا غيرها. وهذا مسلم. ولذلك قرنه بقوله ولا اعرابي مهاجرا. وهذا اولوية بالاتفاق. حتى وان كان بعض الائمة شيخ الاسلام وغيره يرون ان اصل اعتزال الائمة الفساق والصلاة منفردا من طريق اهل البدع والرفض. وانه مخالف لقول السلف ثم ان هذا ظاهر في الاعتبار فان صلاة الامام والمأموم كل منهما لها كمالها اليه نقصها وفسادها لا تتعدى احداهما الى الاخرى فكيف وهو تصح صلاته لنفسه؟ وان كانت الصلاة تصح وخلف من تجب عليه الاعادة كالمحدث الذي لم يعلم حدثه. ومن عليه نجاسة جهلها على القول الاخر. فخلف الفاسق من باب اولى واحرى. وايضا النصوص الكثيرة الموجبة لحضور الجماعة والمتوعدة على من تركها. اذا لم يوجد الا امام فاسق. فاي شيء ينسخها ويسقطها؟ وليس يتيسر للانسان الصلاة في جماعة في مثل هذه الحال قال وايضا اذا قيل بعدم صحة الصلاة خلف الفاسق كان ذلك ذريعة الى مفسدة عظيمة وهي التخلف عن الجماعة بل ربما تذرع الى ترك الصلاة بالكلية كما هو الواقع. فالحق الذي لا ريب فيه ان الصلاة كالجهاد تصلى خلف كل بر وفاجر. كما يجاهد مع كل امير برا كان او فاجرا. الا انه يجب على من له امر الا يولي الامامة الا من هو احق بها شرعا. وهذه مسألة وتلك مسألة اخرى والله اعلم صحيح صحة امامة العاجز عن شيء من اركان الصلاة. او شيء من شروطها. اذا اتى بما يقدر عليه سواء كان امام الحي او غيره. وسواء كان بمثله او بغير مثله. وهذا القول الذي تدل عليه العمومات فان قوله يؤم القوم اقرأهم لكتاب الله الى اخره يشمل هذا العاجز كغيره. وكذلك صلاته صلى الله عليه وسلم جالسا لما عجز عن القيام دليل على جواز مثل هذه وما كان في معناها. وتعليل ذلك انه امام الحي وان غير امام الحي لا يجوز فيه ذلك. تعليل غير مسلم. فان امام الحي كغيره من الائمة لا فرق في الحقيقة بينه وبين غيره. وايضا فانه منقود بغير القيام. فان امام الحي فيها كغيره قولا واحدا ومما يؤيد هذا القول الراجح ان العاجز عن الاركان او الشروط لم يترك في الحقيقة شيئا لازما بل الواجب عليهما يقدر عليه فقط. وصلاته كاملة لا نقص فيها بوجهه. فما الذي اوجب ابطال امامته وعدم صحتها. لان نفس صلاة المأموم غير مرتبطة بصلاة امامه. الا بالمتابعة فقط. فكل نفس لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ولاننا لو طردنا التعليل الذي علل به المانع من امامته لقلنا لا تصح امامة المتيمم الا بمثله. ولا امامة الماسح على حائل الا بمثله. ونحو ذلك من المسائل التي لا يمكن القول بها. فعلم ان القول الصواب ان الامام اذا لم يخلو بشيء مما يجب عليه بنفسه ان صحيحة كصلاته. وان شئت ان تقول كل من صحت صلاته بنفسه صحت امامته بلا عكس. فقد تصح امامته ولا تصح صلاته كالذي جهل حدثه. فعرفت ان مسألة الامامة اخف واعم من مسألة صحة الصلاة الله اعلم قوله وان علم معه واحد اعاد الكل هذا فيه نظر في حق بقية المأمومين الذين لم يعلموا. فان الصواب صحة صلاة كل مأموم لم يعلم بحدث امامه وسواء كان الامام عالما بحدثه وتممها متعمدا او علم بعض المأمومين. فان الذي لم يعلم لم يوجد مفسد لصلاته بوجه. نعم الذي علم ذلك وبقي على نية الائتمان فانه متلاعب عليه اعادة هذه الصلاة والصحيح انه يجوز ائتمام المفترض خلف المتنفل لقصة معاذ رضي الله عنه انه كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم شاء الاخرة ثم يذهب الى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة وهو في الصحيح. فذلك صريح في المسألة وكذلك قصة عمرو بن سلمة جرمي انه كان اماما لقومه وهو صبي. دل على صحة امامة المفترض بالمتنفل. ودل ايضا على صحة امامة الصبي في الفرض والنفل وكذلك بقية العمومات. واما تعليل المانعين بان المأموم اذا نوى ان صلاته فرض. والامام نواها ان ذلك اختلاف يدخل تحت قوله صلى الله عليه وسلم انما جعل الامام ليؤتم به فلا تختلفوا. فليس الامر ما ذكروا لوجهين احدهما ان مراده صلى الله عليه وسلم بالاختلاف المذكور مخالفته بالافعال كمسابقة الامام او عنه وليس مراده بذلك مخالفة النية. وبقية هذا الحديث يوضحه جدا. فانه قال فيه بعد قوله فلا تختلفوا وعليه فاذا ركع فاركعوا واذا رفع فارفعوا واذا سجد فاسجدوا الى اخره وهو ظاهر. والوجه الثاني انهم قد اجازوا خلف الفرض وهذا مخالفة له في النية. فدل على ان هذا المعنى غير معتبر. ويترتب على هذه المسألة ان الصحيح انه يصح صلاة فرض خلف فرد اخر. ولو خالفه في الاسم كالظهر خلف العصر. وبالعكس وهذا ظاهر لا دليل على المن والاصل الجواز. والصحيح ان وقوف المأموم على يمين الامام سنة مؤكدة لا واجب تبطل بتركه الصلاة. فتصح الصلاة عن يسار الامام مع خلو يمينه لان النهي انما ورد عن الفذية. واما ادارة النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس لما ما وقف عن يساره الى يمينه فانه يدل على الافضلية لا على الوجوب. كتأخيره جابرا وجبارا لما وقف عن جانبيه الى خلفه فانه نظير ادارته لابن عباس وذلك دليل الافضلية فقط. والصحيح ان وقوف الفذ خلف الصف ان كان رجلا عذر لا يضر لان جميع واجبات الصلاة تسقط بالعجز. فالمصافة اذا قلنا انها واجبة فليست باوجب من كثير من من اركان الصلاة وشروطها ومع ذلك فكل من عجز عن شرط او ركن فان صلاته صحيحة اذا اتى بما يقدر عليه وكذلك الوقوف قدام الامام لعذر والله اعلم. والصحيح ان المأموم اذا امكنه الاقتداء بامامه بالرؤية او بسماع الصوت انه يصح اقتداؤه به سواء كان في المسجد او خارج المسجد وسواء حال بينهما نهر او طريق ام لا. لانه لا دليل جعل المنع ولا على التفريق. وان قدرنا ان الطريق لا تصح فيه الصلاة فلا يضر حيلولته بينه وبين امامه اذا اكان الموضع الذي يصلي فيه الامام لا مانع فيه والذي يصلي فيه المأموم كذلك