المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله ومن باب الوضوء ومسح الخفين ونواقض الوضوء الصحيح انه لا يستحب مجاوزة محل الفرض في طهارة الماء. لان الله تعالى ذكر حد الوضوء الى المرفقين والكعبين وكل الواصفين لوضوء النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر احد منهم انه فعل ذلك ولا رغب فيه وانما فهمه ابو هريرة رضي الله عنه من ترغيب النبي صلى الله عليه وسلم في الوضوء حيث قال ان امتي يأتون غرا محجلين من اتار الوضوء. وان الحلية تبلغ من المؤمن حيث يبلغ الوضوء ففهم من ذلك انه يستحب اطالة التحجيل. فكان رضي الله عنه يغسل ذراعيه حتى يصل الى قريب المنكبين ويغسل قدميه حتى يشرع في الساقين. وغيره فهم من هذه الاحاديث الترغيب في الوضوء الشرعي. الذي كان رسول الله صلى الله عليه عليه وسلم يفعله وقال الائمة ان قوله فمن استطاع منكم ان يطيل غرته وتحجيله ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم. انما ما هو من كلام ابي هريرة رضي الله عنه كما قال ذلك الامام احمد وغيره. وايضا اطالة الغرة غير ممكنة ان اطالتها لا تكون الا بغسل شيء من الرأس مع غسل الوجه. وهذا غير مشروع اتفاقا والله اعلم. والصحيح وانه لا يستحب اخذ ماء جديد للاذنين بعد مسح الرأس بل ان شاء مسحهما من بل يديه بعد مسح رأسه او اخذ لهما ماء جديدا لانه لم يصح الحديث الذي فيه انه اخذ لاذنيه ماء خلاف ماء رأسه ولانهما تبع للرأس والصحيح ان كل خف يمسح سواء كان مخرقا او مفتقا سواء امكن متابعة المشي فيه ام لا. بل وكذلك لو كان على قدميه لفافة جاز المسح على ذلك كله. لان النبي صلى الله عليه وسلم رخص فيه رخصة عامة قصد بها السهولة على الخلق ونفي الحرج والمشقة. ومن المعلوم ان الخفاف خصوصا خفاف الفقراء. لا تخلو من شق او فتق. الحاجة داعية الى ذلك. ولان ترك البيان وقت كالحاجة اليه غير جائز فقد رخص النبي صلى الله عليه وسلم للمسلمين في مسح الخفين في احاديث كثيرة ليس في شيء منها اشتراط سلامة الخف في من الشق والفتق. يؤيد هذا ان الخف ممنوع للمحرم الا عند الحاجة اليه. اذا لم يجد نعلين. وبالاتفاق يدخل فيه الصحيح والمخرق. فاذا كان يدخل في تحريمه على المحرم فكيف لا يدخل في المسح عليه؟ وهو باب سهولة ورخصة ولان المعنى الموجود في الصحيح موجود في المخرق. وكذا في اللفائف وابلغ فان اللفائف لا يكاد يستعملها الا من تاج او اضطر اليها فكيف يمنع من اشتدت حاجته ويرخص لمن هو اقل منه. ولهذا المعنى يقوى اختيار شيخ الاسلام ان المضطر الى عدم نزع الخفين كالبريد والخائف ونحوهما انه يمسح وان جاوز ثلاثة ايام بليالي اليها تشبيها له بالجبيرة المضطر اليها. وان مسحه في هذه الحال خير من التيمم. واما قولهم رحمهم الله في منع المسح على المخرق ونحوه لان ما ظهر فرضه الغسل فلا يجامع المسح فهذا مسلم لو كانت الرجل لا خف فيها. واما اذا كان فيها خف فلا يسلم ان ما ظهر فرضه الغسل كما لم يسلم ذلك في المسح على العمامة اذا ظهر بعض جوانب الرأس. ومجرد التعليل الذي لا نص فيه يكفي فيه عدم والتسليم او معارضته بمقابله. واذا تقرر انه يمسح كل خف ونحوه. فالصحيح ان ابتداء المدة من المسح لا من وقت الحدث لان النبي صلى الله عليه وسلم جعل اليوم والليلة للمقيم والثلاثة للمسافر كلها مسح ولا يمكن ذلك الا ان يجعل الابتداء من وقت المسح. واما الحدث فانه غير مناسب جعله اول المدة وانما المناسب جعل اول الفعل الذي فيه رخصة مخالفة للاصل. وهو المسح الذي هو بدل عن الغسل. واتفق اهل العلم علم ان طهارة الماسح طهارة كاملة لا نقص فيها. فيترتب على هذا ان الصحيح ان طهارة الماسح لا تبطل خلع الخف الممسوح ونحوه. وانما تبطل بالحدث الذي تبطل به الطهارة. وانه لا فرق بين ان يتوضأ ويمسح فيه رأسه ثم يحلقه بعد تمام الطهارة وبين ان يتوضأ ويمسح على خفيه ونحوهما ثم يخلعهما بعد تمام الطهارة. كلتا مسألتين على حد سواء لا فرق بينهما بوجه. والصحيح ايضا ان مسح الجبيرة لا يشترط له تقدم طهارة وانه يمسح على الجبيرة سواء وضعها على طهارة او غير طهارة. فسواء كان الشد على محل الحاجة او زائدا على الا انه اذا امكنه ان يختصر الشد وجب عليه. فان العلة في المسح عليه هو الضرورة. والغالب منها ان وعلى غير طهارة ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها اشتراط الطهارة قبلها. ولا يمكن قياسها على الخفين لوجود الفروق الكثيرة بينهما المانعة من الالحاق. لان شرط القياس مساواة الفرع للاصل من كل وجه الله اعلم. والصحيح ايضا ان تمام المدة في المسح على الخفين وغيرهما لا ينقض الوضوء. وهو نظير خلع الممسوس لكون الطهارة وقعت كاملة والاصل بقاؤها. الصحيح ان الدم والقيء ونحوهما لا ينقض الوضوء. قليلها كثيرها لانه لم يرد دليل بين على نقض الوضوء بها. والاصل بقاء الطهارة وحديث انه صلى الله عليه وسلم قال فتوضأ نهاية ما يدل عليه استحباب الوضوء لخروج القيء. لان الفعل الذي تجرد من الامر يدل على الاستحباب ونقض الوضوء بتغسيل الميت فيه نظر. لان الحديث الوارد فيه لم يثبت. وما روي عن ابن عمر وابن عباس في امرهما من غسل للميت بالوضوء لا يتعين حمله على الوجوب. ولا يزيل الاصل الثابت في بقاء طهارة الغاسل. حيث لم يحصل له والصحيح ان جميع اجزاء الابل كالكرش والقلب والمصران ونحوهما ناقض. لانه داخل في حكمهما ولطفها ومعناها والتفريق بين اجزائها ليس له دليل ولا تعليل. والله اعلم