المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله ومن باب الحيض والنفاس الصحيح الذي لا ريب فيه هو ما دل عليه الشرع والعمل الصحيح والعادة والفطرة ان الحيض هو دم طبيعة وجبلة. يعتاد الانثى في اوقات معلومة. وينقطع عنها في اوقات معلومة ذلك قلة وكثرة وزيادة ونقصا بحسب تفاوت طبائع النساء وما يعرض لهن من العوارض فلا حد لاقله ولا لاكثره. ولا للسن الذي يأتيها فيه واذا زاد او نقص الدم انتقلت اليه من دون تكرار. وهذا القول هو الصواب الذي لا يمكن النساء العمل الا به ذلك لما ذكرنا ان الحيض تابع للطبيعة والطبيعة متفاوتة تفاوتا كثيرا. ويدل على ذلك ان النساء في وقت النبي صلى الله عليه وسلم لا يعتبرن من ذلك شيئا فان اصابهن الدم جلسن عن الصلاة ونحوها. واذا انقطع اغتسلنا وتعبدنا حتى ان المستحاضات منهن قبل ان يعلمن الحكم كن يجلسن في جميع دمهن لانه متقرر عندهن ان الدم حيض تبين لهن النبي صلى الله عليه وسلم انه قد يكون استحاضة. واما غير المستحاضات فلم يشكل عليهن التقدم والتأخر والزيادة والنقص. ولو كان يجب على النساء اعتبار ما ذكره الفقهاء لكان في ذلك من الحرج والمشقة في العلم والعمل ما هو منفي شرعا. وربط الفقهاء فقهاء بعض مسائل الحيض بالوجود معارض بنظيره. وحديث علي مع شريح في المرأة التي ادعت انها حاضت في شهر ليس فيه دلالة على ان اقله يوم وليلة. ولا ان اقل الطهر ثلاثة عشر يوما انما يدل اذا صح الاثر ان المرأة قد يجتمع لها في شهر واحد ثلاثة اقرأ وذلك نادر جدا وكذلك طلب البينة على ذلك والا فقول المرأة مقبول في حيضها وطهرها. وايضا فان دم الفساد عارض ودم الحيض اصلي. ومن معلوم انه اذا اشتبه الامر رجع الى الاصل. ولا يسار الى خلاف الاصل الا بدليل. وايضا فكما انه بالاتفاق بان الطهر اذا تقدم او تأخر او زاد او نقص فهو طهر صحيح تتعبد فيه المرأة فكذلك الدم. نعم حد ذلك ما لم تصر المرأة مستحاضة. فاذا اطبق عليها الدم او كان شبيها بالمطبق علم انها مستحاضة فتعمل على عادتها او تميزها. فان لم يكن لها عادة ولا تمييز اعتبرت عادة اغلب النساء ستة ايام او سبعة ويترتب على مسألة الحيض مسألة النفاس. ان الصحيح انه لا حد لاقله ولا لاكثره. ويقال فيه ما قيل في الحيض ومما يدل على ضعف القول الذي اختاره الفقهاء في مسائل الحيض ان مسائله متناقضة يحكم على المرأة في الدم بحكم طاهرات ثم يحكم عليها في وقت اخر بحكم الحائضات. وتارة تؤمر باغتسالين. اغتسال بعد مضي في يوم وليلة واغتسال بعد الطهر. وكلاهما واجب والاغتسال الاول مجزوم بان ما قبله حيض. والثاني مشكوك فيه حتى تتكرر ثلاثا ثم لا يؤمن اختلافه فتعود المسألة بحالها هذا والدم واحد ولا فرق بين ما قبل الاغتسال الاول والثاني. فبهذا ونحوه يعلم انه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم منه شيء. ولا شيء شبيه به. والقول اذا تناقض او فرق فيه بين صورة وصورة مع عدم الفرق اكبر دليل على ضعفه والله اعلم. والصحيح انه يجوز وطأ المستحاضة ولو لم يخف العنت. لان النبي صلى الله عليه وسلم لم يمنع عبدالرحمن بن عوف وغيره من وطأ زوجاتهم المستحاضات. ولان الاستحاضة دم عرض فلا يمنع الوطأ كدم الجروح ونحوها. ولان حكمها حكم الطاهرات في كل شيء. فكذلك في حل الوطء والله الله اعلم