المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله فصل ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الارض الا من شاء الله ثم نفخ فيه اخرى فاذا هم قيام ينظرون الى اخر السورة الكريمة. من اهم اصول الايمان الايمان باليوم الاخر وهو الايمان بكل ما اخبر الله به ورسوله بعد الموت من فتنة القبر ونعيمه وعذابه واحوال يوم القيامة وما يكون فيه ومن صفات الجنة والنار وصفات اهلهما الايمان باليوم الاخر هو الايمان بذلك كله جملة وتفصيلا. اما احوال القبر وفتنته وعذابه ونعيمه وتفاصيل ذلك فقد تواترت به الاحاديث الصحيحة والحسنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما هو معروف والقرآن اشار اليه في عدة ايات. واما ما يكون بعد ذلك فاذا اراد الملك القادر بعث العباد وحشرهم وجزاءهم نفخ في الصور وهو قرن عظيم لا يعلم عظمه الا الذي خلقه. كما ورد في حديث الصور المشهور او نفخ في الصور على وجه لا يعلم كنهه الا الله نفخا كالصعق والفزع انزعج لهذا اهل السماوات والارض وصعقوا الا من شاء الله من خلقه ثم نفخ فيه اخرى نفخة البعث اذا هم قيام من اجداثهم كامل الخلقة ينظرون الى ما يستقبلهم من هذه الحياة الاخروية التي يجازى فيها العباد اعمالهم حسنها وسيئها اما المؤمنون الطائعون فيقومون مطمئنين طامعين في فضل ربهم ورحمته تبشرين بثوابه وعفوه ومغفرته. يحشرون الى موقف القيامة وفدا مكرمين. واما المجرمون فيقومون فزعين خائفين متحسرين يدعون بالويل والثبور يقولون يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا فيساقون الى جهنم وردا فحينئذ تكثر القلاقل والاهوال ويشيب الولدان من هول ذلك اليوم وفظاعته. يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما ضاعت وضعوا كل ذات حمل حملها. وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد. يوم يفر المرء من اخيه وامه وابيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم يومئذ شأني يغنيه. وجوهي يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة ووجوهي يومئذ عليها غبرة ترهقها قترة اولئك هم الكفرة الفجرة ويوم تشققوا السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا. الملك يومئذ الحق للرحمن وكان يوما على الكافرين عسيرا. وتكور الشمس والقمر تنثر النجوم فتذهب هذه الانوار المشاهدة الارض بنور ربها وينزل الله لفصل القضاء بين عباده ومحاسبتهم على اعمالهم. اما المؤمنون فيحاسبهم حسابا يسيرا تقررهم بذنوبهم ثم يغفرها ويسترها عن الخلائق يضاعف لهم الحسنات ويعطيهم من فضله واحسانه ما لا تبلغه اعمالهم ويعطون كتبهم بايمانهم اكراما واحتراما كما تبيض وجوههم وتثقل موازينهم ويغتبطون بذلك ويستبشرون به فيقولون لاخوانهم ومعارفهم ومحبيهم اؤم اقرأوا كتابية اني ظننت اي ايقنت اني ملاق حسابي وهو في عيشة راضية في جنة عالية قطوفها دانية كلوا واشربوا هنيئا بما اسلفتم في الايام الخالية. ويساقون الى الجنة زمرا كل طائفة منهم مع نظرائهم في الخير بحسب طبقاتهم وسبقهم كما يردون في عرصات القيامة حوض نبيهم فيشربون منه شربة هنيئة لا يظمأون بعدها ويمرون على الصراط على قدر اعمالهم كلمح البصر وكالبرق الخاطف وكاجاويد الخيل والابل وكسعي الرجال وكمشيهم ودون ذلك فاذا عبروا على الصراط وقفوا على قنطرة بين الجنة والنار فيقتص بعضهم من بعض مظالم وتبعات كانت بينهم في الدنيا حتى اذا هذبوا ونقوا اذن لهم في دخول الجنة. حتى اذا جاءوها وفتحت ابوابها بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم لم فتلقاهم خزنة الجنة سلمون عليهم ويهنئونهم بالنجاة من العذاب اصول الخير والثواب والخلود الابدي بسبب طيبهم ولهذا قالوا سلام عليكم طبتم اي طابت قلوبكم بالعقائد الصحيحة الصادقة والاخلاق الجميلة والسنتكم بذكر الله والثناء عليه وجوارحكم بخدمته والقيام بطاعته فادخلوها خالدين فاذا دخلوها ورأوا ما فيها من النعيم المقيم. مما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر حمدوا الله على منته عليهم بالسوابق والايمان والاعمال الصالحة وبانجاز ما وعدهم به على السنة رسله وعلى ان الله اورثهم الجنة يتبوأون من خيراتها حيث يشاؤون. وانا يشاؤون مما تشتهيه الانفس وتلذ الاعين من نعيم القلوب والارواح ومن نعيم الابدان والاجسام. على سرر موضونة متكئين عليها متقابلين تطوف عليهم ولدان مخلدون باكواب واباريق وكأس من معين لا يصدعون عنها ولا ينزفون. وفاكهة مما يتخيرون. ولحم طير مما يشتهون وحور عين كامثال اللؤلؤ المكنون. خيرات الاخلاق لسان الوجوه قد جمع الله لهن حسن البواطن والظواهر وهن سرور النفس وقرة النواظر تمام ذلك ان الله يحل عليهم رضوانه فلا يسخط عليهم ابدا وانه يقال لهم وان لكم ان تشبوا فلا تهرموا ابدا. وان لكم ان تصحوا فلا تمرضوا ابدا وان لكم ان تنعموا فلا تبأسوا ابدا وان لكم ان تحيوا فلا تموتوا ابدا. فلهم كل ما يشاؤون فيها وتتعلق به امانيهم ولهم فوق ذلك مما لم تبلغه امانيهم ولهم نعيم اعلى من ذلك كله وهو التمتع بالنظر الى وجهه الكريم وسماع خطابه والابتهاج برضاه وقربه والسرور بمحبته وذكره وحمده والثناء عليه وشكره مما يشاهدون من كثرة الخيرات سوابغ النعم والهبات وزيادة النعيم وتواصله ومما يزدادون من معرفته والانس به فتبارك الله ذو الجلال والاكرام واما الكافرون المجرمون فيحاسبهم الله على ما اسلفوه من الجرائم ويقرعهم ويخزيهم بين الخلائق ويعطون كتبهم من وراء ظهورهم بشمائلهم اسود منهم الوجوه تخف موازينهم ويساقون الى جهنم جياعا عطاشا منزعجين مرعوبين زمرا كل طائفة تحشر مع نظيرها من اهل الشر. حتى اذا جاءوها فتحت ابوابها في وجوههم ففاجأهم حرها المفظع وحل بهم الفزع الاكبر الذي لا يشبهه فزع. وتلقتهم خزنة الجحيم يوبخونهم على ما قدموه وقالوا لهم الم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم ايات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا؟ قالوا بلى قد جاءتنا الرسل وبلغتنا النذر فما كان منا اليهم الا الاستهزاء بهم والتكذيب فلو كان لنا اسماع واعية وعقول نافعة ما وصلنا الى هذه الدار بل خالفنا المنقول والمعقول فاعترفوا بذنبهم فسحقا لاصحاب السعير ما اشد شقائهم وعنائهم ينوع عليهم العذاب انواعا. فتارة يعذبون بالسعير المحرق لظواهرهم وبواطنهم. كلما نضجت جلودهم بدلوا جلودا غير رهى تارة بالزمهرير الذي قد بلغ برده ان يهري اللحوم ويكسر العظام تارة بالجوع المفرط والعطش المبدع. واذا استغاثوا لذلك اغيثوا بعذاب اخر ولون من الشقاء ينسي ما سبقه. فيغاثون بطعام ذي غصة بشجرة الزقوم التي تخرج في اصل الجحيم وثمرها في غاية المرارة والنتن والحرارة. اذا وصلت بطونهم غلت فيها كغلي الحميم الذي يوقد عليه في النار وان يستغيثوا للشراب يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه. اذا قرب اليها فلا يدعهم العطش مع ذلك الا يتناولوها فاذا وصلت الى بطونهم قطعت امعائهم ولا يزالون في عذاب متنوع شديد. لا يفتر عنهم العذاب ساعة ولا يرجون رحمة ولا فرجا يتمنون الممات ليستريحوا فينادون مالكا رئيس خزنة النار يا مالك ليقضي علينا ربك فيقول لهم انكم ماكثون فلا تلوموا انفسكم لما اسلفتموه من الجرائم لقد جئناكم بالحق ولكن اكثركم للحق كارهون وينادون اهل الجنة مستغيثين بهم ان افيضوا علينا من الماء او مما رزقكم الله فيقول لهم اهل الجنة ان الله حرمها على الكافرين وينادون ربهم فيقولون ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين ربنا اخرجنا منها فان عدنا فانا ظالمون فيجيبهم الله اخسئوا فيها ولا تكلمون فحينئذ ييأسون من كل خير ومن كل فرج وراحة ويتيقنون انه الخلود الدائم والعذاب الابدي والشقاء المستمر فنسأل الله الجنة وما قرب اليها من قول وعمل ونعوذ بالله من النار وما قرب اليها من قول وعمل