المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله فصل في ايات المواريث. قال الله تعالى يوصيكم الله في اولادكم للذكر مثل حظ الانثيين. الى قوله تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات والتي في اخر السورة يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة الى اخرها تضمنت هذه الايات الكريمة احكام المواريث في غاية البيان والتفصيل والايضاح في غاية الحكمة. فتوصيته للعباد باولادهم من كمال رحمته وعنايته. وانه ارحم بهم من والديهم. ولذلك وصى الوالدين اولاد. فالاولاد عند والديهم وصايا من الله وامانات عندهم. على الوالدين ان يربوهم تربية نافعة لدينهم ودنياهم. فان فقد قاموا بهذه الامانة والا فقد ضيعوها وباءوا باثمها وخسرانها فذكر الله ميراث الاولاد وان لهم ثلاث حالات اما ان يجتمع الذكور والاناث فحين اذ يتقاسمون المال او ما ابقت الفروض على عدد رؤوسهم للذكر مثل حظ الانثيين. سواء كانوا اولاد صلب او اولاد ابنه ويؤخذ من هذا الحالة الثانية ان يكون الاولاد ذكورا فقط فانهم يتقاسمونه متساوين. ومن ارتفعت درجته حجب من دونه من الاولاد اذا كان الرفيع من الذكور. الحالة الثالثة اذا كن اناثا فان كانت واحدة فلها النصف سواء كانت بنت صلب او بنت ابن. وان كانتا اثنتين فاكثر فلهما الثلثان ومن الحكمة في الاتيان بقوله فوق اثنتين. التنبيه على انه لا يزيد الفرض وهو الثلثان بزيادتهن على الاثنتين. كما فرض النص لما صرنا اكثر من واحدة. وقد نص الله على ان الاختين فرضهما الثلثان. فالبنتان من باب اولى واحرى. فان كان البنتان بنات صلب لم يبقى لبنات الابن شيء. وصار البقية بعد فرض البنات للعاصم. وان كانت العالية واحدة اخذت النصف باقي الثلثين وهو السدس لبنت او بنات الابن. هذا ميراث الاولاد الذي استوعبته الاية استيعابا. وقد علمنا من ذلك ان لفظ الولد تشمل الذاكر والانثى من اولاد الصلب او اولاد الابن وان نزل. واما اولاد البنات فلا يدخلون في اطلاق اسم الاولاد في المواريث. ثم ذكر الله ميراث الابوين الام والاب. فجعل الله للام سدسا وثلثا. وجعل لهذا السدس مع وجود احد من الاولاد مطلقا منفردين او متعددين اولاد صلب او اولاد ابن. وكذلك جعل لها السدس بوجود جمع من الاخوة والاخوات اثنين فاكثر وجعل لها الثلث اذا فقد الشرطان المذكوران. واما الثلث الباقي في زوج او زوجة وابوين. وقيل انه يؤخذ من قوله وورثه ابواه. فاذا كان معهما احد الزوجين خرجت عن هذا فلم يكن لها ثلث كامل. او يقال ان الله اضاف الميراث قتل الابوين وهما الاب والام فيكون لها ثلث ما ورثه الابوان. ويكون ما ياخذه الزوج او الزوجة بمنزلة ما ياخذه الغد ريم فالله اعلم. واما الاب فقد فرض الله له السدس مع وجود احد من الاولاد. فاذا كان الاولاد ذكورا لم يزد الاب على السدس وصار الابناء احق بالتقديم من الاب بالتعصيب بالاجماع. وان كان الاولاد اناثا. واحدة او متعددات فرض له السدس ولهن اولها الفرض. فان بقي شيء فهو لاولى رجل. وهو الاب هنا. لانه اقرب من الاخوة وبنيهم ومن الاعمام وبنيهم فجمع له في هذه الحال بين الفرض والتعصيب. واذا استغرقت الفروض التركة لم يبق للاب زيادة على السدس. كما لو خلف ابوين وابنتين فلكل واحد من الابوين السدس وللبنتين الثلثان. ومفهوم الاية الكريمة انه اذا لم يكن اولاد ذكور لا اناث ان الاب يرث بغير تقدير بل بالعصب بان يأخذ المال كله اذا انفرد او ما ابقت الفروض ان كان معه اصحاب فروض وهو اجماع وحكم الجد حكم الاب في هذه الاحكام الا من العمريتين. فان الام ترث ثلثا كاملا مع الجد فميراث الجدة السدس عند عدم الام فهو في السنة. ثم ذكر الله ميراث الزوجين وان الزوج له نصف ما تركت زوجته ان لم يكن لها ولد. وان كان لها ولد فله الربع. وان الزوجة واحدة او متعددات لها الربع مما ترك الزوج ان لم يكن له ولد. فان كان للزوج ولد منها او من غيرها ذكر او انثى ولد صلب او ولد ابن. فلها او لهن الثمن. ثم ذكر الله ميراث الاخوة من الام وانهم لا يرثون اذا كانت الورثة كلالة ليس فيهم احد من الفروع ولا الاب ولا الجد. فللواحد من الاخوة من الام او الاخوات السدس وللاثنين فاكثر الثلث يستوي فيهم ذكرهم وانثاهم. وهذه الفروض كلها ذكر الله انها من بعد الوصية اذا حصل الايصال بها. ومن بعد الدين وقد قضى النبي صلى الله عليه وسلم ان الدين قبل الوصية فقد اتفق العلماء على ذلك فالله في الوصية الا تكون على وجه المضارة بالورثة. فان كانت كذلك فانها وصية اثم وجنف يجب تعديلها ورد الظلم الواقع فيها. واخبر تعالى ان هذه التقديرات والفرائض حدود الله قدرها وحددها. فلا يحل مجاوزتها ولا الزيادة فيها والنقصان بان يعطى وارث فوق حقه او يحرم وارث او ينقص من حقه. ثم ذكر في اخر السورة ميراث الاخوة لغير ام واخواتهم لان الانثى الواحدة لها النصف وللاثنتين فاكثر الثلثان. وان اجتمع رجال ونساء فللذكر مثل حظ الانثيين فيهم كما يقال في الاولاد اذا كانوا ذكورا تساووا اذا كانوا اشقاء او لاب. فان وجد هؤلاء وهؤلاء حجب الاشقاء الاخوة الاب وان كن نساء شقيقات واخوات لاب واستغرق الشقيقات الثلثين لم يبق للاخوات للاب شيء. فان كانت الشقيقة واحدة اخذت نصفها واعطيت الاخت للاب والاخوات السدس تكملة للثلثين. وما سوى هذه الفروض فان الورثة من اخوة لغير ام وبنيهم واعمام بنيهم واولاء يدخلون في قوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس الصحيح الحقوا الفرائض باهلها فما بقي فهو لاولى رجل ذكر. رواه مسلم. فيقدم الاخوة ثم بنوهم ثم الاعمام ثم بنوهم ثم الولاة. ويقدم منهم الاقرب منزلة. فان استوت منزلتهم قدم الاقوى وهو الشقيق على الذي لاب. والله اعلم