بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه ايها الاخوة والاخوات سلام الله عليكم ورحمته وبركاته وحياكم الله جميعا. حيثما كنتم ومرحبا بكم مجددا مع المحاضرة العاشرة من تفسير سورة غافر مع قول الله جل جلاله. بعد اعوذ بالله من الشيطان الرجيم. وقال رجل مؤمن من ال فرعون يكتم ايمانه اتقتلون رجلا ان يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم وان يك كاذبا فعليه كذبه وان يك صادقا يصيبكم بعض الذي يعدكم ان الله لا يهدي من هو مسرف كذاب من هو ذلك الريب المؤمن؟ لقد روي انه ابن عم فرعون وانه ولي عهده وصاحب شرطته يعني كوزير الداخلية في زمننا هزا وهو الذي نجا مع موسى في جملة من نجوا وقيل انه المراد بقوله تعالى وجاء رجل من اقصى المدينة يسعى قال يا موسى ان الملأ ايأتمرون بك ليقتلوك فاخرج اني لك من الناصحين والبينات معناها الشواهد الدالة على صدقه فيما قال. ومعنى المسرف المقيم على المعاصي والمستكثر منها والكذاب هو المفتري ظاهرين اي غالبين عاليين على بني اسرائيل بعد ان حكى الله جل وعلا بعد ان قص الله جل جلاله عن موسى انه ما زاد حين سمع مقالة فرعون الداعية الى قتله الا انه استعاذ بالله من شره وقال فرعون ذروني اقتل موسى وليدعو ربه اني اخاف ان يبدل دينكم او ان يظهر في الارض الفساد. وقال موسى اني عذت برب اي وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب لم يزن موسى عندما سمع مقالة فرعون المتوعدة المرغية والمزبدة الداعية الى قتله لم يزد على انه استعاذ بالله من شره من شر كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب فلا يرجو لقاء الله الا يخاف وعيدا اردف الله جل وعلا ببيان ان الله قيد له من يدافع عنه من ال فرعون انفسهم. ان الله يدافع عن الذين امنوا ان الله لا يحبهن لخوان كفور لقد قيد الله له من ال فرعون من داخل القصر الملكي من داخل مؤسسة الرئاسة من يذب عنه على اكمل الوجوه واحسنها ويبالغ في تسكين تلك الفتنة ويجتهد في ازالة هذا الشر وقال رجل مؤمن من ال فرعون يكتم ايمانه ويكتم ايمانه لانه يخاف على نفسه بازمنة القهر بازمنة التسلط والجبروت والطغيان يصبح الايمان جريمة يساق بها اصحابها الى المشانق والمحارق. كما قال تعالى في قصة اصحاب الاخدود وما نقموا منهم الا ان يؤمنوا بالله العزيز الحميد. وما اجمل ان تتجرد الدعوة في زمن الفتنة ان تتمحض حول الايمان والكفر يعني لا يتهم الدعاة الى الله بتهمة اكثر من تهمة الايمان. ليس فيها قتل ولا استطالة على مال ولا على حرمات ولا على مرافق عامة خصومة ايمانية بحتة هذان خصمان اختصموا في ربهم وما نقموا ومنهم الا ان يؤمنوا بالله العزيز الحميد وقد ظلت الدعوة في مكة سرا ثلاث سنوات لما كان يخافه المسلمون من بطش اهل مكة ومن استطالتهم ومن جبروتهم ولا تزال الذاكرة التاريخ تعي ما وقع لبلال وما وقع لعمار وسائر المستضعفين من المؤمنين في مكة الى ان انه قيد الله لهم من يأويهم ومن ينصرهم ووهبهم سيفه المنتصر جل جلاله وقال رجل مؤمن من ال فرعون يكتم ايمانه يكتمه خوفا على نفسه من الاذى ايسوا لكم اينبغي لكم ايحل لكم ان تقتلوا رجلا لم يرتكب اثما لم يرتكب جرما ما زاد على ان قال ربي الله وقد جاءكم بشواهد تدعم قوله هذا وتدل على صدقه افمثل هذه المقالة تستدعي قتلا او تستحق عقوبة الا تعقلون؟ اليس فيكم رجل رشيد والعجيب ان فرعون استمع لقوله هذا واصغى له وتوقف عن قتله ولان هذا الرجل لم يكن اسرائيليا من قوم خصومه بل كان من ال فرعون ومن قومه. ولهذا يعني كان طيا من ال فرعون ولم يكن اسرائيليا من قوم موسى يقول ابن عباس لم يكن في ال فرعون مؤمن غيرة وغير امرأة فرعون وغير المؤمن الذي قال ان الملأ يأتمرون بك ليقتلوك يبقى هذا الرجل كان يكتم ايمانه عن قومه القبط فلم يظهر الا هذا اليوم بينما قال فرعون اروني اقتل موسى في لحظة من اللحظات لا يجمل الصبر لا يجمل الكتمان عندما تتعرض الدعوة في ذروتها في في رأسها في مقدمها الى الى الفتنة الى الى الخوف من من الهلاك والاستئصال اخذت الرجل غضبة لله عز وجل. وتعلمون احبتي في الله ان افضل الجهاد كلمة حق عند سلطة طال جائر ولا اعظم من هذه الكلمة عند فرعون وهي قوله اتقتلون رجلا ان يقول ربي الله لا اعظم منها الا ما رواه البخاري في صحيحه عن عروة ابن الزبير ابن ابن الزبير رضي الله عنهما قال قلت لعبدالله بن عمرو بن العاص اخبرني باشد شيء صنعه المشركون برسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بينا رسول الله يصلي بفناء الكعبة اذ اقبل عقبة ابن ابي معيط فاخذ بمنكب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولوى ثوبه في عنقه فخنقه خنقا شديدا فاقبل ابو بكر رضي الله عنه فاخذ بمنكبه ودفعه عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال اتقتلون رجلا ان يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم يعني اترتكبون هذه الفعلة الشنعاء وهذه الجريمة والفاحشة وهي قتل النفس المحرمة من غير روية ولا تأمل ولا اطلاع على السبب يوجب قتلى وليس لكم علة في ارتكاب هذه الجريمة الا كلمة الحق وهي قوله ربي الله. ربي الله آآ اخرج البزار وابو نعيم في فضائل الصحابة عن محمد بن عقيل بن ابي طالب انه قال خطبنا علي بن ابي طالب فقال يا ايها الناس اخبروني باشجع الناس فقالوا لو قلنا انت يا امير المؤمنين. فقال اما اني ما بارزت احدا الا انتصفت منه. لكن اخبروني باشجع ناس فقالوا لا نعلم اخبرنا انت من؟ فقال ابو بكر الصديق الا لما كان يوم بدر جعلنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم عريشا فقلنا من يكون مع النبي صلى الله عليه وسلم لا يهوي اليه احد من المشركين فوالله ما دنا منا احد الا ابو بكر شاهر بالسيف على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يهوي اليه احد الا هوى اليه. وهذا اشجع الناس ثم يقول علي ايضا فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم اخذته قريش فهذا يجأه وهذا وهم يقولون انت الذي جعلت الالهة الها واحدا؟ قال فوالله ما دنا منه اليك احد الا ابو بكر يضرب هذا ويجأ هذا ويتلتل هذا وهو يقول ويلكم اتقتلون رجلا ان يقول ربي الله ثم رفع علي بردة كانت عليه فبكى حتى اخضرت لحيته ثم قال علي انشدكم الله امؤمن ال فرعون خير ام ابو بكر فسكت القوم فقال الا تجيبوني؟ فوالله لساعة من ابي بكر خير من ملئ الارض مثل مؤمن ال فرعون ذاك رجل يكتم ايمانه وهذا رجل اعلن ايمانه وفي رواية انه قال فوالله لساعة من ابي بكر خير من مثل مؤمن ال فرعون ذاك رجل يكتم ايمانه فاثنى الله عليه في كتابه وهذا رجل اعلن ايمانه وبذل ماله ودمه هذا الرجل الصالح الرشيد مؤمن ال فرعون اخذ يسوق لقومه الحجج على بطلان وعلى شناعة اتجهوا اليه من قتل موسى وان يك كاذبا فعليه كذبه وان يك صادقا يصيبكم بعض الذي يعدكم. ان كان كاذبا فيما يقول ان ان الله ارسله اليك ليأمركم بعبادته وترك دينكم الذي انتم عليه فان اثم كذبه عليه دونكم. ان تبعة تاني ان كان ثمة بهتان انما تناط به وحده. وان يك صادقا في قوله هذا اصابكم الذي توعدكم به من العقوبة على مقامكم على دينكم الذي انتم مقيمون عليه فلا حاجة بكم الى قتله ان قتلتموه تسخطوا ربكم سخطين سخطا على الكفر وسخطا على قتل رسوله وفي قوله بعض الذي يعدكم مبالغة في التحذير. لانه اذا حذرهم من بعض العذاب افاد ان له مهلك شنيع مخوف. فما باله كله ثم قال ان الله لا يهدي من هو مسرف كذاب لو كان موسى مسرفا كذابا لما هداه الله ولما ايده بتلك المعجزات ولما ساق معه تلك البينات بل لو كان مسرفا كذابا لخذله واخذه فاهلكه فلا حاجة لكم الى قتله في هذا ايضا تعريض بفرعون بانه مسرف في القتل والفساد كذاب في ادعاء الربوبية لا يهديه الله الى سبيل الرشاد ولا يلهمه طريق الخير والصلاح. ان الله يضل من يشاء ويهدي اليه من اناب يضل من شاء عدلا ويهدي من شاء فضلا لا راد لقضائه ولا معقب على حكمه جل جلاله ثم اخذ يعظهم ويذكرهم يا قومي لكم الملك اليوم ظاهرين في الارض فمن ينصرنا من بأس الله ان جاءنا يا قومي قد علوتم الناس قهرتموهم تمكنتم منهم تسلطتم عليهم فلا تفسدوا امركم على انفسكم لا تتعرضوا لبأس الله وعذابه بقتله. فانه لا قبل لكم به وان جاءنا لا لم يمنعه عنا احد لا تظلمن اذا ما كنت مقتدرا فالظلم اخره يأتيك بالندم تنام عيناك والمظلوم منتبه يدعو عليك وعين الله لم تنم تحكموا فاستطالوا في تحكمهم وعن قليل كأن الحكم لم يكن لم لو انصفوا انصفوا. لكن بغوا فاتى عليهم الدهر بالافات والمحن فاصبحوا ولسان الحال ينشدهم بذاك ولا عتبى على الزمن هذا بذاك ولا عتبى على الزمن لقد عروتم الناس وقهرتموهم فلا تفسدوا امركم على انفسكم لا تتعرضوا لبأس الله وعذابه بقتله لا طاقة لكم بقبله لا قبل لكم ببأس الله ان جاءكم. ان جاء لم يمنعكم منه احد ولن ينصركم منه احد وفي قوله ينصرنا وجاءنا فيه تطييب لقلوبهم وحسن للتأتي في باب البلاغ والدعوة. ايزان لهم بانه منهم وانه ناصح لهم. وانه يخاف عليهم انه مبتغ مصالحهم وساع في تحصين ما ينفعهم ودفع ما يرضيهم كما يسعى في حق نفسه ليستمعوا الى نصحه ليتأثروا بدعوته. ادعوا الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة فمن ينصرنا واحد منهم من بأس الله ان جاءنا واحد منهم تألف تألف لقلوبهم وتطييب لخواطرهم وسعي لفتح مغاليق قلوبهم بهذا التألف البين لاستمادة هذه القلوب لعلها تقبل النصيحة لعلها ترعوي عن هذا الباطل وعن هذا جرم الشنيع الذي تتجه اليه لما سمع فرعون ما قاله هذا الرجل من النصح نعم آآ قال لهم ما اريكم الا ما ارى قال مجيبا هذا المؤمن الناهي عن قتل موسى لا اشير عليكم برأي سوى ما ذكرته من وجوب قتله حسما للفتنة اني لارى ان هذا هو سبيل الرشاد والصواب ولا اعد غير هذا صوابا ولا اعد غير هذا صوابا. سبحان الله! بعد ان وعظهم الرير الصالح وقال لهم يا قومي لقد انعم الله عليكم بهذا الملك والظهور في الارض بالكلمة النافذة بالجاه العريض راعوا هذه النعمة. بشكر الله تعالى بتصديق رسوله. احذروا نقمة الله ان كذبتم رسولا بعد ان وعظهم فمن ينصرنا من بأس الله ان جاءنا لا تغني عنكم هذه الجنود ولا تلك العساكر ولا ترد عنكم شيئا من بأس الله ان ارادنا بسوء فما زاد فرعون على ان قال ما اريكم الا ما ارى ما اقول لكم وما اشير عليكم الا ما اراه لنفسي هذا هو الرأي والصواب وهذا هو القول الفصل في هذه القضية وقد كذب فرعون فانه كان يتحقق صدق موسى عليه السلام فيما جاء به من الرسالة لقد قال تعالى عن فرعون وقومه وجحدوا بها واستيقنتها انفسهم ظلما وعلوا. فانظروا كيف كان عاقبة المفسدين وقال عن فرعون خاصة ان نبي الله موسى قال له لقد علمت والعلم يفيد القطع واليقين. لقد علمت ما انزل هؤلاء الا رب السماوات والارض بصائر واني لاظنك يا فرعون مثبورا فعندما قال ما اريكم الا ما ارى لقد كان كاذبا مفتريا خائنا لله تعالى وخائنا صلى الله عليه وسلم ولرعيته فغشهم وما نصحهم واضل فرعون قومه وما هدى وما امر فرعون برشيد كما قال تعالى يعني قاصا عنه قوله وما اهديكم الا سبيل الرشاد. اي وما ادعوكم الا الى طريق الحق والصدق والرشد وقد كذب في ذلك وان كان قومه قد اطاعوه واتبعوه فاستخف قومه فاطاعوه انهم كانوا قوما فاسقين فاتبعوا امر فرعون وما امر فرعون برشيد يقدم قومه يوم القيامة فاوردهم النار بئس الورد المورود. وقال جل جلاله واضل فرعون قومه وما هدى. وفي الحديث قول النبي صلى الله عليه يسلم ما من امير يسترعيه الله رعية. فيموت يوم يموت وهو غاش لرعيته الا حرم الله عليه الجنة او الا لم يرح رائحة الجنة. وان ريحها ليوجد من مسيرة خمسمائة عام لقد كان هذا احبتي ما تيسر التعليق به على هذه الايات الكريمات. ارجو ان يكون فيها موعظة لنا في واقعنا المعاصر فما قص الله علينا قصص من مضى من الانبياء السابقين مع اقوامهم الا ليكونوا لنا فيها عبرة وموعظة وكلا نقص عليك من انباء الرسل ما نثبت به فؤادك. لقد كان في عبرة لاولي الالباب ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون. احبتي اخوتي واخواتي نكتفي بهذا القدر في التعليق على هذه الايات الكريمات على امل اللقاء بكم في محاضرة قادمة حتى نلتقي استودعكم الله تعالى وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته