المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله العفو الغفور الغفار التواب العفو والمغفرة من لوازم ذاته لا يكون الا كذلك ولا تزال اثار ذلك ومتعلقاته تشمل الخليقة اناء الليل والنهار فعفوه ومغفرته وسعة المخلوقات والذنوب والجرائم والتقصير الواقع من الخلق يقتضي العقوبات المتنوعة ولكن عفو الله ومغفرته تدفع هذه الموجبات والعقوبات فلو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة وعفوه تعالى نوعان عفوه العام عن جميع المجرمين من الكفار وغيرهم بدفع العقوبات المنعقدة اسبابها والمقتضية لقطع النعم عنهم فهم يؤذونه بالسب والشرك وغيرها من اصناف المخالفات وهو يعافيهم ويرزقهم ويدر عليهم النعم الظاهرة والباطنة ويبسط لهم الدنيا ويعطيهم من نعيمها ومنافعها ويمهلهم ولا يهملهم بعفوه وحلمه والنوع الثاني عفوه الخاص ومغفرته الخاصة للتائبين والمستغفرين والداعين والعابدين والمصابين بالمصائب المحتسبين فكل من تاب اليه توبة نصوحا وهي الخالصة لوجه الله العامة الشاملة التي لا يصحبها تردد ولا اصرار فان الله يغفر له من اي ذنب كان من كفر وفسوق وعصيان وكلها داخلة في قوله قل يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا وقد تواترت النصوص من الكتاب والسنة في قبول توبة الله من عباده من اي ذنب يكون وكذلك الاستغفار المجرد يحصل به من مغفرة الذنوب والسيئات بحسبه وكذلك فعل الحسنات والاعمال الصالحة تكفر بها الخطايا ان الحسنات يذهبن السيئات وقد وردت احاديث كثيرة في تكفير كثير من الاعمال للسيئات مع اقتضائها لزيادة الحسنات والدرجات كما وردت نصوص كثيرة في تكفير المصائب للسيئات خصوصا الذي يحتسب ثوابها ويقوم بوظيفة الصبر او الرضا فانه يحصل له التكفير من جهتين من جهة نفس المصيبة والمها القلبي والبدني ومن جهة مقابلة العبد لها بالصبر والرضا الذين هما من اعظم اعمال القلوب فان اعمال القلوب في تكفيرها السيئات اعظم من اعمال الابدان واعلم ان توبة الله على عبده تتقدمها توبة منه عليه حيث اذن له ووفقه وحرك دواعي قلبه لذلك حتى قام بالتوبة توفيقا من الله ثم لما تاب بالفعل تاب الله عليه فقبل توبته وعفا عن خطاياه وذنوبه وكل الاعمال الصالحة بهذه المثابة فالله هو الذي الهمها للعبد وحرك دواعيه لفعلها وهيأ له اسبابها وصرف عنه موانعها والله تعالى هو الذي يتقبلها منه ويثيبه عليها افضل الثواب فعلى العبد ان يعلم ان الله هو الاول الاخر وانه المبتدئ بالاحسان والنعم المتفضل بالجود والكرم بالاسباب والمسببات بالوسائل والمقاصد ومن اخص اسباب العفو والمغفرة ان الله يجازي عبده بما يفعله العبد مع عباد الله فمن عفا عنهم عفا الله عنه ومن غفر لهم اساءتهم اليه وتغاضى عن هفواتهم نحوه غفر له ومن سامحهم سامحه الله ومن اسبابه التوسل الى الله بصفات عفوه ومغفرته كقول العبد اللهم انك عفو تحب العفو فاعفو عني يا واسع المغفرة اغفر لي اللهم اغفر لي وارحمني انك انت العفو الغفور