المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الفصل الاول واما رؤيا الفتيين حيث قال احدهما اني اراني اعصر خمرا. وقال الاخر اني اراني احمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه. نبئنا بتأويله فتلطفوا ليوسف ان ينبأهما بتأويل رؤياهما. لما شاهدوا من ثانيه للاشياء واحسانه الى الخلق. ففسر رؤيا من رأى انه يعصر خمرا انه ينجو من سجنه. ويعود الى مرتبته وخدمته لسيده فيعصر له العنب الذي يؤول الى الخمر. وفسر رؤيا الاخر بانه يقتل ثم يسلب فتأكل الطير من رأسه. فالاول رؤياه جاءت على وجه الحقيقة. والاخر رؤياه جاءت على وجه المثال. وانه يقتل ومع قتله يصلب ولا يدفن حتى تأكل الطيور من رأسه وهذا من الفهم العجيب والغوص الى المعاني الدقيقة. وذلك ان العادة ان المقتول يدفن في الحال ولا تتمكن السباع والطيور من الاكل منه. ففهم ان هذا سيقتل ولا يدفن سريعا حتى يصل الى هذه الحالة وفي هذا من فضيحته وخزيته وسوء مصيره الدنيوي ما تقشعر منه الجلود. وحيث علم ان هذه الرؤيا صحيحة لابد من وقوعها قال لهما قضي الامر الذي فيه تستفتيان. وهذا من كمال علمه للتعبير الذي لا يعبر عن ظن وتوهم انما يعبر عن علم ويقين. واما المناسبة في ذلك ان الطيور لا تقرب الحي. وانما تتناول الميت اذا لم يكن عنده احد وهذا انما يكون بعد قتله وصلبه. ومن كمال يوسف ونصحه وفطنته العجيبة انهما لما قصا عليه رؤياهما تأنى في تعبيرها ووعدهم بتعبيرها في اسرع وقت فقال لا يأتيكما طعام ترزقانه الا نبأتكما بتأويله قبل ان يأتيكما. فوعدهما بتعبيرها قبل اول طعام يأتيهما من خارج السجن ليطمئن ويشتاقا الى تعبيرها وليتمكن من دعوتهما ليكون ادعى لقبول الدعوة الى الله. لان الدعوة لهما الى الله اعظم من تعبير وياهما فدعاهما الى الله بامرين احدهما بحاله وما هو عليه من الوصف الجميل الذي اوصله الى هذه الحالة الرفيعة بقوله ذلكما مما علمني ربي اني تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله وهم بالاخرة هم كافرون واتبعت ملة ابائي ابراهيم واسحاق ويعقوب ما كان لنا ان نشرك بالله من شيء ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس. ولكن اكثر الناس لا يشكرون. الامر الثاني دعاهما بالبرهان حقيقي الفطري فقال يا صاحبي السجن اارباب متفرقون خير ام الله الواحد القهار. ما تعبدون من دون الا اسماء سميتموها انتم واباؤكم. ما انزل الله بها من سلطان. ان الحكم الا لله امر الا تعبدوا الا اياه. ذلك الدين القيم ولكن اكثر الناس لا يعلمون. فان من توحد بالكمال من كل وجه وبالقهر للعالم العلوي والسفلي. المستحقة للالوهية الكاملة. الذي خلق الخلق لعبادته وامرهم وله الحكم على عباده في الدنيا والاخرة هو الذي لا تنبغي العبادة الاله وحده. دون المعبودات الناقصة المتفرقة الثقة التي كان كل قوم يدعون الهيتها وليس فيها من معاني الالهية شيء ولا استحقاق. وانما هي اسماء اصطلحوا على تسميتها. اسماء بلا معنى. فرأى صلى الله عليه وسلم دعوتهما الى الله اولى بالتقديم على تفسير وياهما وانفع لهما ولغيرهما