المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الفصل العاشر. قوله تعالى عن يعقوب في اول ما صنع ابناؤه باخيهم يوسف بل سولت لكم انفسكم امرا فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون. وقوله عندما اشتد به الامر حين احتبس الابن الاخر بل سولت لكم انفسكم امرا. فصبر جميل. عسى الله ان يأتيني بهم جميعا انه هو العليم الحكيم. وفي هذا دليل على ان اصفياء الله اذا نزلت بهم الكوارث والمصيبات. قابلوها في اول الامر بالصبر والاستعانة بالمولى. وعندما ينتهي وتبلغ الشدة منتهاها. يقابلونها بالصبر والطمع في الفرج والرجاء فيوفقهم الله للقيام بعبوديته في الحالتين. ثم اذا كشف عنهم البلاء قابلوا ذلك بالشكر والثناء على الله قيادة المعرفة بلطفه. لقول يوسف يا ابتي هذا تأويل رؤياي من قبل. قد جعلها ربي حقا. وقد احسن بي اذ اخرجني من السجن وجاء بكم من البدو من بعد ان نزغ الشيطان بيني وبين اخوتي ان ربي لطيف لما يشاء. انه هو العليم الحكيم. ومنها قوله تعالى معاذ الله وهي ان نأخذ الا من وجدنا متاعنا عنده. انا اذا لظالمون. يدل على انه لا تزر وازرا وزر اخرى ويؤخذ منه مسألة دقيقة. وهو ان الاحسان انما يكون احسانا اذا لم يتضمن فعل محرم او ترك كواجب فانه ان طلبوا من يوسف ان يحسن اليهم بترك هذا الاخ ان يذهب الى ابيه ويأخذ احدهم بدله فامتنع قال معاذ الله ان نأخذ الا من وجدنا متاعنا عنده انا اذا لظالمون. فالاحسان اذا تضمن ترك العدل كان ظلما. ولهذا كان تخصيص بعض الاولاد على بعض. وبعض الزوجات على بعض. وان كان احسانا الى المخصص فضل لا يجوز لانه ترك للعدل. وكذلك ما اشبه ذلك والله اعلم. ومنها ان ايات الله انما ينتفع وبها السائل المستهدي الذي قصده معرفة الحق واتباعه. لقوله لقد كان في يوسف واخوته ايات السائلين. اما الغافلون المعرضون او المعارضون المعاندون فانه يصدق عليهم قوله تعالى ان الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون. ولو جاءتهم كل اية حتى يروا العذاب الاليم. فالنظر في ايات الله المتلوة وايات الله الكونية ينفع من قصده الحق. كما قال تعالى يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام. وكم في القرآن تقييد الانتفاع بهذا القيد كقوله ان في ذلك لاية للمؤمنين. وايضا ايات للموقنين. وقوله لايات لاولي الالباب وقوله لاولي الابصار. ومنها ان المشاورة نافعة في كل شيء. حتى في تخفيف الشر. لهذا تشاور اخوة يوسف فيما يعملون به من قتل او طرح في الارض. قرر رأيهم على رأي من اشار عليهم بالقائه في الجب ليلتقطه بعض السيارة. ففيه شاهد للقاعدة المشهورة ارتكاب اخف المفسدتين اولى من اغلظهما ولما قر القرار على اخذ من وجد الصواع في رحله. ولما قر القرار على اخذ من وجد السواع في رحله. وعالجوا يوسف على اخذ بدله لاجل ما يعلمون من مشقة ابيهم فامتنع خلصوا نجيا يتشاورون. فقرر رأيهم على رأي كبيرهم مم. ان يبقى هو في مصر يلاحظ مسألة اخيه وهم يذهبون ويخبرون اهلهم ويخبرون اباهم بالقضية وتفصيلها. ولا شك ان بقاءه في مصر اهون على يعقوب وارجى لتحصيل المطلوب وفيه نوع مواساة منه باخويه يوسف وبنيامين. ولهذا قال عسى الله ان يأتيني بهم جميعا ان هو العليم الحكيم