المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الفصل الثاني عشر. لما قص الله تعالى علينا القصة العجيبة بتفاصيلها قال في اخرها ما كان حديث ان يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقومي يؤمنون فنفى عن هذا القرآن الكذب والخطأ من جميع الوجوه ووصفه بثلاث صفات. كل واحدة منها فيها اكبر برهان على انه من عند الله. وانه الحق الذي لا ريب فيه. الصفة الاولى انه تصديق الذي بين يديه. اي من الكتب المنزلة من السماء. ومن كلام الرسل المعصومين الذين اوحى الله اليهم. كما قال تعالى بل جاء بالحق وصدق المرسلين. فهذا القرآن الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم جاء بالحق. وهو الصدق في اخباره به عن الله وعن ملائكته وعن اليوم الاخر. وعن جميع الغيوب السابقة واللاحقة. والعدل في احكامه فلا يأمر الا بخير ولا ينهى الا عن الشر. كما قال تعالى وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا. صدقا في اخبار عدلا في احكامها واوامرها ونواهيها. وايضا فان هذا القرآن صدق جميع ما جاءت به الرسل عليها واتفق منها على الاصول العظيمة والشرائع الكبار العامة الشاملة. وايضا فان الرسل اخبروا وبشروا صلى الله عليه وسلم. وبما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم. فصدق مخبرها وحقت بشارتها الثانية انه تفصيل لكل شيء. وهذا شامل لجميع ما يحتاجه الخلق. في عقائدهم واخلاقهم واعمالهم الظاهرة هرة والباطنة وفي دينهم ودنياهم. فقد شرح الله به وفصل التوحيد والرسالة والجزاء. وجميع العقائد الصادقة في الصحيحة شرحا وتفصيلا عظيما. لا يساويه في ذلك اي كتاب كان. وفصل فيه الحث على حقائق الايمان على التخلق بالاخلاق الجميلة والتنزه عن الاخلاق الرذيلة وبين الطرق والاسباب التي يحصل حسنها والتي يدفع به سيئها. كما فصل الشرائع الظاهرة والاعمال الصالحة الحرام والحلال والخير والشر. وفصل فيه جميع المقاصد والغايات النافعة الدينية والدنيوية. وفصل ما يتوصل به اليها وفصل فيه البراهين العقلية. كما فصل فيه البراهين السمعية. الصفة الثالثة انه هدى ورحمة لقومي يؤمنون يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام. ان هذا القرآن يهدي للتي هي اقوم اي لكل حالة قويمة وطريقة مستقيمة. يهدي لاحسن الاعمال والاخلاق ويهدي لمصالح الدين كلها ومنافع الدنيا التي بها يقوم الدين وتتم السعادة. والفرق بين الهدى والرحمة ان ان الهدى هو الوسائل والطرق الموصلة الى خيرات الدنيا والاخرة. والرحمة هي نفس الخيرات والثواب العاجل والاجل الدنيا والاخرة متوقفة على اتباع هذا القرآن علما وعملا. وخص الله المؤمنين بالهدى والرحمة لانهم هم يرتفعون على الحقيقة وبايمانهم اهتدوا وزادهم الله هدى ورحمة. فهذا القرآن بصائر للناس كلهم. بصرهم جميعا ما يحتاجون اليه. فلم يبق خير الا دلهم عليه. ولا شر الا حذرهم منه. فقامت به الحجة على كل احد ولكنه هدى ورحمة لقومي يؤمنون. اللهم تفضل علينا بالايمان الصادق واجعل هذا القرآن لنا هدى ورحمة انك انت القريب المجيب. وصلى الله على محمد وسلم. قال ذلك وكتبه العبد الفقير الى الله عبدالرحمن بن لناصر بن سعدي غفر الله له ولوالديه وجميع المسلمين امين. وافق الفراغ منه في سفر سنة خمس وسبعين وثلاثمائة والف من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم