المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله المواهب الربانية من الايات القرآنية تأليف الشيخ العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين الصلاة والسلام على نبينا محمد واله وصحبه. هذه فوائد فتح الله علي بها في هذا الشهر المبارك نسأله المزيد من كرمه امين قوله تعالى فلما اسلما وتله للجبين لما كان قوله اسلم توطينا لنفسه على امر الله وعزما مقرونا بالاخلاص والامتثال والعزم ربما تخلف عنه الفعل ذكر الفعل بقوله وتله للجبين فاجتمع العزم والفعل ولكن تخلف اثر الفعل وهو وقوع الذبح فذكر الله تعالى انه ابدله بذبح عظيم فداء له قوله تعالى فعدة من ايام اخر يدل على ان المعتبر مجرد العدة لا مقدارها في الطول والقصر والحر والبرد ولا وجوب الفور وعدمه ولا ترتيب ولا تفريق. ويقرر هذا قوله يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر قوله تعالى او على سفر اعم من قوله في سفر ليدخل فيه من اقام في بلد او برية ولم يقطع سفره بل هو على سفر وان لم يكن في سفر قوله تعالى يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه فيه ان غير المجرم لا يود ذلك بانه ابتدى من عذاب يومئذ بالتقوى والايمان. وانما هو في هذا اليوم لا يحزنه الفزع الاكبر ويأمل اجتماعه بمن صلح من ابائه وابنائه واحبابه في جنات النعيم قوله تعالى والذين هم لاماناتهم وعهدهم راعون ان يكونون لذلك رعاة متعاهدين مجتهدين في كل لسبب تقوم به الامانات والعهود وتكمل وتتم. مبعدين عن كل سبب يناقض ذلك كذلك قوله الذين هم بشهادتهم قائمون قوله تعالى يا ايها المدثر قم فانذر نبه الله تعالى فيها على حال رسوله وكماله واتمام نعمة الله عليه وكم بين ابتداء امره وانزعاجه من الوحي تدثره من شدة ما لقي وبين اخر امره حين اتم الله اموره كلها. ولهذا امر بتكميل نفسه وتكميل غيره. وارشده الى لا ما ينال به ذلك والقيام التام على وجه النشاط والتعظيم لربه تكبيره في باطنه تطهير اعماله وثيابه الظاهرة وترك كل شر ودنس استعمال رح الاعمال وهو الاخلاص في كل شيء حتى في العطاء فلهذا قال ولا تمنن تستكثر ثم ارشده الى ما يعينه على كل الامور. وهو الصبر لوجه الله فقال ولربك فاصبر ثم تكفل له بحفظه من الاعداء وحفظ ما جاء به بتوعدهم بالعذاب خصوصا لاكبرهم عنادا واعظمهم عداوة. وهذا تمام النعمة قوله تعالى والمطلقات يتربصن بانفسهن ثلاثة قروء كذلك قوله والذين يتوفون منكم ويذرون ازواجا يتربصن بانفسهن اربعة اشهر وعشرا التربص المذكور هو الانتظار والمكث في العدة فما الفائدة في قوله بانفسهن مع انه يغني قوله يتربصن ثلاثة قرون ويتربصن اربعة اشهر وعشرا فاعلم ام ان في قوله انفسهن فائدة جليلة وهي ان هذه المدة المحدودة للتربص مقصودة لمراعاة حق الزوج والولد ومع القصد ببراءة الرحم فلابد ان تكون في هذه المدة منقطعة النظر عن الرجال محتسبة على زوجها الاول. لا تخطب ولا تتجمل للخطاب. ولا تعمل الاسباب في الاتصال بغير زوجها ويدل على هذا المعنى قوله فاذا بلغن اجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في انفسهن بالمعروف. اي من التجمل ولكن بالمعروف على غير وجه التبرج المحظور ويدل على هذا قوله في الاية الاخرى الذين يتوفون منكم ويذرون ازواجا وصية لازواجهم متاعا الى الحول غير اخراج فلم يأمر هذه المرة ان يتربصن بانفسهن بل جعلها وصية تتمتع بها المرأة سنة بعد موت زوجها جبرا لخاطرها ولهذا رفع الحرج عنها بالخروج وانها بعد الخروج لها التجمل المعروف وقبل ذلك كما جبر الورثة قبلها لاجل زوجها فعليها العدل وترك التجمل هذا يبين ان الاية الاولى ليست بناسخة لهذه الاية بل تلك عدة لازمة وهذه وصية تمتيع غير متحتمة. والله اعلم الايمان والاحتساب يخفف المصائب ويحمل على الصبر دليله قوله تعالى ان تكونوا تألمون فانهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون اي فليكن صبركم اعظم ومصيبتكم اخف كما ان عدم الايمان يصعب المصيبة ويحمل على الجزع دليله قوله تعالى يا ايها الذين امنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لاخوانهم اذا ضربوا في الارض او كانوا غزا لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم. ومما يدل على الامرين قوله تعالى ما اصاب من مصيبة في الارض ولا في انفسكم الا في كتاب من قبل ان فرأها ان ذلك على الله يسير لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما اتاكم. وقوله تعالى ومن يؤمن بالله يهد قلبه وغير ذلك من الايات شرع الله الدين والعبادات والاوامر والنواهي لاقامة ذكره ولهذا ولهذا يذكر ان العبادات ناشئة عن ذكره. كما قال تعالى قد افلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى فجعل الصلاة ناشئة عن الذكر ومسببة عنه كما جعل الصلاة لاقامة ذكره فقال واقم الصلاة لذكري وقال في ترك الذنوب والاستغفار منها والذين اذا فعلوا فاحشة او ظلموا انفسهم ذكروا الله ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم فجعل الاستغفار ناشئا عن الذكر فدل ذلك على ان الذكر لله هو الاصل الجامع. الذي يتصف به المؤمن الكامل. فيصير الذكر صفة قلبه فيفعل لذلك المأمورات ويترك المنهيات وذلك ناشئ عن تعظيم الله تعالى وذكره وهو دليل على ذلك. وهو اعظم المقصودات في العبادة. قال تعالى ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر. ولذكر الله اكبر وقال تعالى ان الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين فقال تعالى ان في خلق السماوات والارض واختلاف الليل والنهار لايات لاولي الالباب الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم كل من كان في عبادة فهو في ذكر الله. ومن ترك منهيا لله فهو في ذكر الله وهذا هو المعنى الذي خلق الله الخلق لاجله وشرع الشرائع لاجله وجعل النعم الظاهرة والباطنة مقصودة لاجله ومعينة عليه نسأله تعالى ان يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته فاجعلنا من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات امين