المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله فصل. وقال تعالى لقد ارسلنا رسلنا بالبينات وانزلنا معهم الكتاب والميزان يقوم الناس بالقسط وانزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب ان الله قوي عزيز فاخبر تعالى انه ارسل الرسل لهداية الخلق وايدهم بالايات البينات المبينة للحقائق الدالة على صدقهم وحقيقة ما جاءوا به وانزل معهم الكتاب الذي فيه الهدى والرحمة وانزل ايضا الميزان الذي هو العدل وما يعرف به العدل من اصول العدل وفروعه وذلك ليقوم الناس بالقسط اذا عملوا بها في عقائدهم واخلاقهم واعمالهم وسلوكهم جميع امورهم فمتى عملوا بما انزله الله من الكتاب والميزان طلحت منهم هذه الامور واستقامت احوالهم واخبر تعالى انه انزل الحديد فيه بأس شديد. ومنافع للناس فقص منافعه في امور الحرب ثم عممها في سائر الامور. فالحديد انزله الله بهذه المنافع الضرورية والكمالية الخاصة والعامة فجميع الاشياء الا النادر منها تحتاج الى الحديد. فقد ساقها الله في سياق الامتنان على العباد بها ومقتضى ذلك الامر باستخراج هذه المنافع بكل وسيلة وذلك يقتضي تعلم الفنون العسكرية والحربية وصناعة الاسلحة وتوابعها والمراكب البحرية ذية والهوائية وغير ذلك مما ينتفع به العباد في دينهم ودنياهم. كما قال تعالى واعدوا ولهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل. ترهبون به عدو الله وعدوكم فقال تعالى وخذوا حذركم فهذا يتناول الامر باعداد المستطاع من القوة العقلية والسياسية والمادية والمعنوية واخذ الحذر من الاعداء بكل وسيلة وبكل طريق. فجميع الصناعات الدقيقة والجليلة والمخترعات والاسلحة والتحصنات داخلة في هذا العموم فهذا الدين الاسلامي يحث على الرقي الصحيح والقوة من جميع الوجوه عكس ما افتراه اعداؤه انه مخدر مفتر وهم يعلمون كذبهم وافتراءهم عنه. ولكن هذه المباهتات والافتراءات سهلت عليهم وظنوا من جهلهم انها تروج على العقلاء. وكل عاقل يعلم كذبهم وافتراءهم وانما يغتر بهم الجاهلون الضالون. الذين لا يعرفون عن الاسلام لا قليلا ولا كثيرا. بل يصور هم هؤلاء الاعداء الاسلام بصور شنيعة يروجوا ما يقولونه من الباطل والا فمن عرف الاسلام معرفة صحيحة عرف انه لا يستقيم امور البشر دينها ودنيويها الا به وان تعاليمه الحكيمة اكبر برهان على انه تنزيل من حكيم حميد عالم بالغيب والشهادة رحيم بعباده حيث شرع لهم هذا الدين الذي قال فيه لقد من الله على المؤمنين اذ بعث فيهم رسولا من انفسهم يتلو عليهم اياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وان كانوا من قبل لفي ضلال مبين اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا وقال تعالى ان الدين عند الله الاسلام. وقال ومن يبتغي غير الاسلام دينا فلن يقتل قبل منه وقال تعالى ومن احسن من الله حكما لقوم يوقنون. وقال في وصف النبي محمد صلى الله عليه وسلم وصف ما جاء به من الدين الذين يتبعون الرسول النبي الامي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة انجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر. ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم اصرهم والاغلال التي كانت عليهم الذين امنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي انزل معه اولئك هم المفلحون. فاخبر انه لم يبق معروف عقلا وشرعا الا امر به ولا منكر الا نهى عنه ولا طيب نافع الا احله. ولا خبيث ضار الا نهى عنه. وانه مع ذلك سهل ميسر قد وضع عن اهله الاثار والاغلال وانواع المشاق وان من التزمه وامن به واتبع النور الذي انزل معه فهو المفلح في دينه ودنياه. والفلاح هو الفوز بكل مطلوب مرغوب. والنجاة من كل هلاك ومرهوب بانه يهدي للتي هي اقوم من الاخلاق والاعمال وصالح الاحوال وقال تعالى وقل جاء الحق وزهق الباطل ان الباطل كان زهوقا. فالحق هو ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم في اصول الدين وفروعه وفي امور الدين والدنيا والباطل ما خالفه وناقضه فكل ما خالف الدين الاسلامي فهو باطل لا يثبت للحق عند المقابلة وانما يروج اذا غاب الحق عنه عند الجهال بدين الاسلام. والا فمتى عرف الدين الاسلامي على ما هو عليه فان اهل العقول الوافية والالباب الصافية لا يبتغون به بدلا ولا يختارون عليه سواه. لانه يدعو الى سعادة الدنيا والدين. فيجمع بين ان السعادتين فهؤلاء يقولون ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار وهم الذين وصفهم الله بقوله من عمل صالحا من ذكر او انثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم اجرهم باحسن ما كانوا يعملون. وقال وعد الله الذين امنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض. كما استخلف الذين من قبلكم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم. ولا يبدلنهم من بعد خوفهم امنا. يعبدونني لا يشركون بي شيئا وهم حين قاموا بالايمان والعمل الصالح الذي يشمل شرائع الدين كلها انجز لهم ما وعدهم من الاستخلاف في الارض والتمكين والعز والكمال وحين قصروا في ذلك عوقبوا بتسلط الاعداء فكان هذا العز اذ قاموا بدينهم وهذا الذل الذي اصابهم حين ضيعوه اكبر برهان على ان الدين هو الحق وانه مدار السعادة والفوز في الدنيا والاخرة وان الشقاء والخذلان بتضييعه واما ما حصل لاعدائه من عز مؤقت على وجه الاستدراج. فكما قال الله تعالى لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد. متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد وقال فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم ابواب كل شيء حتى اذا فرحوا بما اوتوا اخذناهم بغتة فاذا هم بيلبسون. فقطع دابر القوم الذين ظلموا. والحمد لله رب بالعالمين