المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله فصل قال الله تعالى الله الذي يرسل الرياح فتثير سحابا. الايات. وقال سبحانه سبحان الذي خلق الازواج كلها مما تنبت الارض ومن انفسهم ومما لا يعلمون فقال وارسلنا الرياح لواقح فانزلنا من السماء ماء فاسقيناكموه. فاسقيناكموه وما انتم له بخازنين. وقال هو الذي خلق لكم ما في الارض جميعا وقال سبحانه الم تروا ان الله سخر لكم ما في السماوات وما في الارض وقال واسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة وقال وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بامره. وقال الخيل والبغال والحمير لتركبوها ويخلق ما لا تعلمون فهذه الايات الكريمات وغيرها مما يشبهها اذا تأملها العبد وعرف ما دلت عليه وما شملته من العلوم الشرعية والكونية واعمالها وعرف سنة النبي صلى الله عليه وسلم الجارية مجرى التفسير لكتاب الله وتأمل هديه في جميع شئون حياته عرف انه لا يشذ عن دين الاسلام مصلحة من المصالح ومنفعة وخير وصلاح وعرف ان القرآن تبيان لكل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون وان الامور اذا بنيت عليه تمت مصلحتها وكل امر فقده فسد ونقص. والواقع يشهد ذلك. وقد دلت ايضا هذه الايات وغيرها ان العقل الصحيح مؤيد للشرع وشاهد له وان من خالف الشرع فقد خالفه بغير عقل صحيح بل بجهل وضلال كما قال تعالى عن جميع من حكم عليهم بالخلود في النار ممن عاندوا الشرع انهم قالوا لو كنا نسمع او نعقل ما كنا في اصحاب السعير. فاخبر انهم فقدوا السمع وهو الادلة النقلية وفقدوا العقل. وكيف يكون له عقل من اشرك بالله الخالق الرازق المدبر للامور كلها تفردي بكل كمال احدا من المخلوقين الناقصين من كل وجه بل كيف يكون عقل من له حجة الباري الذي لو شكر الانسان بكل شيء من المحسوسات والمعقولات لم يكن له ان يستجيز لعقله الشك في الله. ولهذا قالت الرسل لاممهم افي الله شك فاطر السماوات والارض. وهذا استفهام متقرر عند كل من له مسكت من عقل ان الشك في الله حمق وجنون ومكابرة. ليس اكبر منها مكابرة وقول بعضهم اذا تعارض العقل والشرع قدمنا العقل. هذا جهل عظيم بما دلت عليه عقول العقلاء فان العقل للشرع شاهد له. وهل يظن العاقل ان الشارع الحكيم يحكم باحكام تخالف العقل الصحيح فضلا عن ان يخبر باخبار ينافيها الواقع سبحانك هذا بهتان عظيم ولهذا ينبه الله العقول والفطر على المطالب العظيمة والتوحيد والنبوة والمعاد مثل قوله تعالى قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الارض. وما لهم فيهما من شرك. وما له منهم من ظهير ولا تنفع الشفاعة عنده الا لمن اذن له فنبه العقول على امر تعرفه ولا تنكره وهو ان كل ما عبد من دونه ليس له ملك ولا شركة في الملك ولا مظاهرة ولا شفاعة واذا انتفت هذه الامور الاربعة ثبت بطلان عبادة من سوى الله كذلك قوله تعالى ومن اضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له الى يوم القيامة. وهم عن دعائهم غافلون واذا حشر الناس كانوا لهم اعداء وكانوا بعبادتهم كافرين كذلك قوله تعالى ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من اله اذا لذهب كل اله بما خلق ولعلى بعضهم على بعض. سبحان الله عما يصفون كما نبه على تفرده بالخلق والربوبية والوحدانية بقوله ام خلقوا من غير شيء ام هم الخالقون؟ ام خلقوا السماوات والارض بل لا يوقنون وكما نبه على المعادي بالخلق الاول وخلقه السماوات والارض التي هي اكبر من خلق الناس. وباحياء الله الارض وبعد موتها وكما برهن على صدق الرسول وما جاء به من القرآن بتحديه الانس والجن ان يأتوا بمثل هذا القرآن او بعشر سور مثله او بسورة واحدة. واحتج على الخلق بحسن ما جاء به الرسول من اخباره الصادقة واحكامه العادلة وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا. وان كنت في ريب من ذلك فتتبع كل خبر اخبر الله به في كتابه او اخبر به رسوله محمد صلى الله عليه وسلم تجدها اعلى درجات الصدق. وانفع ما يكون للعباد. فان تصديقها واعتقاد مخبرها من اكبر مغذيات ايمان. وتأمل ثانيا هل في خبر الله وخبر رسوله شيء يخالف الحس والواقع والعقل الصحيح. ام تجد هذه الامور من اكبر الشواهد على تحقيق خبر الله ورسوله تأمل ثالثا هل تجد في احكام الله ورسوله من الاوامر والنواهي كي ان ينافي الحكمة والمصلحة للعباد؟ ام تجدها هي الغاية في كمال الخلق وعلو مراتبهم؟ وتخلقهم اخلاقي الجميلة وتنزههم عن الاخلاق الرذيلة. فهي التي ترفع اهلها الى اعلى مراتب الكمال. ولا يكون اقسو الضرر الا بالاخلال بها او ببعضها. وقد اعترف بذلك الاولياء والقى شبهة روجها على الجاهلين بالاسلام وبالواقع متى فعل ذلك في بعض فروعه النادرة ظهر كذبه وافتراؤه وظهرت المصلحة للخلق والفوائد الكثيرة في القول الذي دلت عليه شريعة الاسلام لانها شريعة احكم الحاكمين عالم الغيب والشهادة الذي يعلم من مصالح عباده ما لا يعلمون وشرع لهم ما يصلحهم في كل زمان ومكان في دينهم ودنياهم. وهو الحكيم الرحيم