المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله فصل ومن الادلة العقلية النقلية. الامثال التي ضربها الله في القرآن فانها كلها تنبه العقول وتوضح البراهين العقلية على وحدانية الله وتوحيده. وعلى صدق رسوله وصحة ما جاء به فمن زعم ان شيئا من الادلة العقلية التي يسلم بها العقلاء تخالف ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم فهو مغتر وليأت بمثال واحد ولن يستطيع ذلك. نعم قد يأتي نظريات وخيالات اذا حققت عقلا وجدت جهليات وضلالا مبينا. مثل قول كثير من الملحدين ان العقوبات والحدود التي جاء بها دين الاسلام على الجرائم غير لائقة ولا مناسبة للقوانين والاحسن عندهم ان يستبدل بها الحبس والغرامة المالية هذا صفصفة ومكابرة للواقع فان القوانين التي يسنها الملحدون ومن قلدهم على الجرائم لم تغن شيئا وظهر نقصها وفشلها العظيم وانه لا اثر لها في ردع المجرمين وان السبب الوحيد لردع كل مجرم تطبيق الحدود الشرعية والعقوبات الدينية فهي الكفيلة بردع المجرمين وهي عقوبات ونكال وموعظة لو طبقت في قطر من الاقطار لصلحت احوالهم وقل الجناة والمجرمون حصل الامن على الدماء والاموال والاعراض لانها تشريع من حكيم باحوال العباد وما يصلحهم ويقيهم الشرور ومثل قول كثير من الماديين الملحدين ومن قلدهم تقليدا اعمى انه يجب ان تكون الافكار حرة وان لكل احد حريته في الرأي الذي يرتئيه والاقتراح الذي يبديه على اي حال يكون وهذا قد ظهر ايضا ضرره العظيم وان حرية الافكار واعطاء كل احد حريته فيها قد تبين انها السبب الوحيد في الفوضوية وانها اعظم من حرية الافعال بل هي اصلها فانه متى اعطي الناس حريتهم فيها انحلت اخلاقهم وعقائدهم ومرجت اعمالهم وصارت البهائم احسن حالا منهم وهذا هو الواقع في كل قطر اطلقت فيه الحريات ولم تقيد بالقيود الشرعية العقلية فان النفوس امارة بالسوء وطبيعتها الاشر والبطر. والانطلاق خلف كل شهوة ضرت الافراد والجماعات او لم تضرهم فكما ان اطلاق الحريات في الافعال مطلقة لا يمكن البقاء معه فلو ترك لكل احد حريته وان له ان يقتل او يجرح او يضرب او يأخذ اموال الناس واعراضهم لفسدت الاحوال واختلت الدنيا. ووقع الهرج والمرج والضرر الكبير فكذلك حريات الافكار متى اطلقت اتت بالمنكرات والفظائع الشنيعة وكان من ثمرتها الخبيثة الاستغناء عن الدين وعن الرسل صلوات الله وسلامه عليهم وانكار ما جاءوا به وكذلك انكار ما دلت عليه العقول الصحيحة من وجوب التقيد والتحرز عن الامور الضارة في الاعتقادات والاخلاق اعمال ومن جراء حريات الافكار ما تسمعه في الصحف الالحادية والصحف الخليعة من المقالات التي تقشعر منها قلوب العقلاء فقد ضرت ضررا كبيرا في العقائد والاخلاق بل ضرت الحكومات والجماعات والافراد. اما شريعة الاسلام فانها ولله الحمد جاءت بتنبيه العقول والحث على فكري في الامور التي ينفع التفكير فيها كايات الله المخلوقة واياته المتلوة. وسلكت في تفكرها ونظرها المسالك الصحيحة. فاقرت العلوم النافعة عارف الصادقة والحث على كل خلق جميل والحذر عن كل خلق رذيل جعلت للافكار حدا صحيحا ان تجاوزته وقعت في المهالك وانواع الضلالات. فالافكار ان لم تقيدها العقول الصحيحة والدين الصحيح الذي وضعه الله للعباد فيه صلاح شؤونهم وكمال احوالهم. فانها تحدث الفوضى والخطأ والضلال والشقاء والحمق والجنون كذلك ما افتراه كثير من اعداء الاسلام والمنافقين ان الايمان بقضاء الله وقدرته يحدث الفتور والاستسلام وعدم الحركة وهذا الزعم منهم افتراء ظاهر وكذب صريح فان الدين الاسلامي قد امر باصلين عظيمين لا تتم الامور كلها الا باجتماعهما. احدهما الايمان بقضاء الله وقدره. وان اموره كلها والاسباب مربوطة بالقضاء والقدر. وانه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن. الاصل قلت له الثاني الامر بالاعمال النافعة في الدين والدنيا والبعد عن الاسباب الضارة وكل واحد من الاصلين يمد الاخر. فالايمان بالقضاء والقدر يمد العاملين وينشطهم ويوجب لهم اقتحام الامور الصعبة اتكالا على الله واستمدادا من حوله وقوته ويزيل من قلوبهم خوف المخلوقين. الذين لا يملكون لانفسهم نفعا ولا ضرا. والسعي والعمل هو من قضاء الله فانه اخبر انه يوجد الاشياء باسبابها ولهذا يجمع الله بين الاصلين في مواضع كثيرة من كتابه. مثل قوله لمن شاء منكم ان قيم وما تشاؤون الا ان يشاء الله رب العالمين. وقوله كلا انها تذكرة فمن شاء ذكره وما يذكرون الا ان يشاء الله وقوله تعالى فاما من اعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى واما من دخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى. فامر بالاعمال ورغب فيها. ووعد التيسير لليسرى لمن قام بالاسباب النافعة تيسيرا للعسرى لمن ترك الاسباب النافعة وثبت عنه صلى الله عليه وسلم انه قال احرص على ما ينفعك تعن بالله ولا تعجز وهذا شامل للحرص على الامور النافعة في الدين والدنيا فعلم ان دين الاسلام يكذب ما افتراه عليه اعداؤه من انه مثبت مخدر وانما هو منشط وحاث على كل عمل نافع. وان الايمان بالقدر من اعظم المنشطات لكل عمل نافع واعظم مسهلاتي لها. ولهذا قال صلى الله عليه وسلم اعملوا فكل ميسر لما خلق له. اما من كان من اهل سعادة فيسر لعمل اهل السعادة. واما من كان من اهل الشقاء فيسر لعمل اهل الشقاوة وتلا صلى الله عليه وسلم عند ذلك هذه الاية فاما من اعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى. الايات. ولهذا كان الدين الاسلامي يعتبر من يترك العمل اتكالا على القدر احمق مجنونا. وينكر على المشركين الذين يحتجون على تركهم العمل بالاسباب النافعة بالقدر والمشيئة. ويخبر ان الاحتجاج بذلك دأب الامم الطاغية. الذين عوقبوا بانواع المثلات فما من عمل نافع دقيق او جليل الا حث الشارع عليه وعلى وسائله ومكملاته ولا ضار وكسل وتقاعد الا حذر منه غاية التحذير ونصوص الشرع في هذا الاصل لا تعد ولا تحصى. ومن انكر ذلك فهو مكابر مباهت وهو من اعظم الناس ضلالا