المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله فصل في الجار والمجرور وفي هذا الباب ايضا اربع مسائل. الاولى انه لابد للجار والمجرور من التعلق بفعل او معناه كما قال لابد للجار من التعلق بفعل نحو مررت بزيد او معناه اي معنى الفعل من مصدر او صفة او اسم فاعل. نحو مرتقي وقد اجتمع الفعل وما في معناه في قوله تعالى صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم فعليهم الاول متعلق بالفعل وهو انعمت ومحله النصب وعليهم الثاني متعلق بما في معنى الفعل وهو المغضوب ومحله الرفع على النيابة عن الفاعل واستثني كل زائد له عمل كلبا ومن والكاف ايضا ولعل لدى عقيل يستثنى من حروف الجر اربعة فلا تتعلق بشيء احدها الحرف الزائد كالباء الزائدة في الفاعل نحو وكفى بالله شهيدا ونحو احسن بزيد عند الجمهور والاصل كفى الله شهيدا واحسن زيد بالرفع فزيدت الباء فيهما والزائدة في المفعول نحو ولا تلقوا بايديكم الى التهلكة وفي المبتدأ نحو بحسبك درهم وفي خبر الناسخ المنفي نحو اليس الله بكاف عبده وما الله بغافل عما تعملون وكمن الزائدة في الفاعل نحو ان تقولوا ما جاءنا من بشير وفي المفعول ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت وفي المبتدأ نحو ما لكم من اله غيره هل من خالق غير الله الحرف الثاني كاف التشبيه نحو قولك زيد كعمرو فزعم الاخفش وابن عصفور انها لا تتعلق بشيء وفيه نظر الحرف الثالث لعل في لغة من جر بها وهم عقيل بالتصغير ولهم في لامها الاولى الاثبات والحذف وفي لامها الاخيرة الفتح والكسر. قال شاعرهم وداع دعا يا من يجيب الى النداء فلم يستجبه عند ذاك مجيب. فقلت ادع اخرى وارفع الصوت جهرة لعل ابي المغوار منك قريب وقوله ثم لولاي كذا لولاك لولاه فا عمرو قال ذا لولا انا الفصيح عند الاكثر وانت ايضا وهو فاعلم واذكري هذا هو الحرف الرابع مما لا يتعلق بشيء وهو لولا الامتناعية اذا وليها ضمير متصل لمتكلم او مخاطب او غائب في قول بعضهم لولاي ولولاك ولولاه قال يزيد ابن الحكم وكم موطن لولاي طحت وكقول الاخر لولاك في ذا العام لم احججي وكقول جحدر ولولاهما قلت لدي الدراهم. فمذهب سيبويه ان لولا في ذلك كله لا تتعلق بشيء. فانها بمنزلة لعل الجارة في ان ما بعدها مرفوع المحل بالابتداء وذهب الاخفش الى ان لولا في ذلك غير جارة وان الضمير بعدها مرفوع المحل على الابتداء ولكنه مستعاروا ضمير الجر مكان ضمير الرفع والاكثر ان يقال لولا انا ولولا انت ولولاه بانفصال الضمير فيهن كما قال تعالى لولا انتم لكن مؤمنين. المسألة الثانية في حكم الجار والمجرور اذا وقع بعد المعارف والنكرات وحكمه حكم الجملة الخبرية كما قال والحكم للجار وللمجرور كجمل الاخبار في المذكور. فهو بعد النكرة المحضة صفة. كما في قولك رأيت طائرا على غصن وهو حال بعد المعرفة المحضة في قوله تعالى فخرج على قومه في زينته وهو محتمل الامرين للوصف والحال في قولك يعجبني الزهر في اكمامه وفي نحو هذا ثمر يانع على اغصانه لان الزهر معرف بال الجنسية فهو قريب من النكرة وقولك ثمر يانع موصوف فهو قريب من المعرفة فيجوز في كل من الجار والمجرور في المثالين ان يكون صفة وان يكون حالا وان اتى المجرور والجارص له او حال نوجا صفة مكملة او خبرا فانه قد علق بكائن او استقر مطلقا خلى الصلات فهي باستقر قد علقت عند النحات طرا هذه هي المسألة الثالثة من مسائل هذا الباب وهي انه متى وقع الجار والمجرور صلة لموصول او صفة لموصوف او حالا لذي حال او خبرا لمخبر عنه تعلق بمحذوف تقديره كائن او استقر الا الواقعة صلة فيتعين فيه تقدير استقر اتفاقا لان الصلة لا تكون الا جملة والوصف مع مرفوعه المستتر فيه مفرد حكما فمثال الصفة رأيت طائرا على غصن ومثال الحال فخرج على قومه في زينته ومثال الخبر الحمد لله ومثال الصلة وله من في السماوات والارض ويسمى الجار والمجرور في هذه المواضع الاربعة بالظرف المستقر بفتح القاف لاستقرار الضمير فيه بعد حذف عامله وفي غيرها بالظرف اللغو لالغاء الضمير فيه وجاز في المجرور بعد الجر في خبر ومات لا في الذكر وبعدما استفهام او نفي بدا ان يرفع الفاعل هذا ابدا واختاره بغير شرط قد مضى نحات كوفة ولخفش الرضا وقيل فيه خبر ومبتدأ هذه المسألة الرابعة وهي انه اذا وقع الجار والمجرور بعد هذه الاربعة وهي الصفة والصلة والحال والخبر واذا وقع بعد الاستفهام وبعد النفي فانه يجوز ان يرفع الفاعل لاعتماده على ذلك تقول مررت برجل في الدار ابوه فلك في ابوه وجهان احدهما ان تقدره فاعلا بالجار والمجرور لنيابته عن استقر او مستقر محذوفا وهو الراجح عند الحذاق من النحويين كابن مالك وحجته في ذلك ان الاصل عدم التقديم والتأخير والوجه الثاني ان تقدره مبتدأ مؤخرا وتقدر الجار والمجرور خبرا مقدما والجملة من المبتدأ والخبر صفة لرجل والرابط بينهما الهاء من ابوه. وكذا تقول في الصلة والخبر والحال وتقول في الواقع بعد النفي والاستفهام ما في الدار احد وهل في الدار احد فلك في احد الوجهان قال الله تعالى افي الله شك واجاز الاخفش والكوفيون رفع الجار والمجرور للفاعل في غير هذه المواضع نحو في الدار زيد فزيد عندهم يجوز ان يكون فاعلا ويجوز ان يكون مبتدأ مؤخرا والجار والمجرور خبره واوجب البصريون غير الاخفش ابتدائيته تنبيه جميع ما ذكرناه في الجار والمجرور من انه لابد له من تعلقه بفعل او ما في معناه ومن كونه صفة للنكرة المحضة وحالا من المعرفة المحضة ومحتملا للوصفية والحالية بعد غير المحضة منهما وغير ذلك فانه ثابت للظروف كما قال وللظروف حكم جر وردى فلا بد من تعلقه بفعل زمانيا كان الظرف او مكانيا فالاول نحو وجاءوا اباهم عشاء يبكون والثاني نحو او اطرحوه ارضا او بمعنى فعل فالزماني نحو زيد مبكر يوم الجمعة والمكاني زيد جالس امام الخطيب فالظرفان متعلقان باسم الفاعل ومثال وقوعه صفة مررت بطائر فوق غصن ومثال وقوعه حال رأيت الهلال بين السحاب ومثال وقوعه محتملا لهما يعجبني الثمر فوق الاغصان. ورأيت ثمرة يانعة فوق غصن ومثال وقوعه خبرا والركب اسفل منكم ومثال وقوعه صلة وله من في السماوات والارض ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ومثال رفعه الفاعل الظاهر زيد عنده مال ويجوز تقديرهما مبتدأ وخبرا ويجري في نحو عندك زيد المذهبان