المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله فصل ومن اسباب دفع القلق الناشئ عن توتر الاعصاب واشتغال القلب ببعض المكدرات الاشتغال بعمل من الاعمال او علم من العلوم النافعة فانها تلهي القلب عن اشتغاله بذلك الامر الذي اقلقه ربما نسي بسبب ذلك الاسباب التي اوجبت له الهم والغم ففرحت نفسه وازداد نشاطه وهذا السبب ايضا مشترك بين المؤمن وغيره ولكن المؤمن يمتاز بايمانه واخلاصه واحتسابه في اشتغاله بذلك العلم الذي يتعلمه او يعلمه وبعمل الخير الذي يعمله ان كان عبادة فهو عبادة وان كان شغلا دنيويا او عادة اصحبها النية الصالحة قصد الاستعانة بذلك على طاعة الله فلذلك اثره الفعال في دفع الهم والغموم والاحزان فكم من انسان ابتلي بالقلق وملازمة الاكتار وحلت به الامراض المتنوعة وصار دواءه الناجع نسيانه السبب الذي كدره واقلقه واشتغاله بعمل من مهماته ينبغي ان يكون الشغل الذي يشتغل فيه مما تأنس به النفس وتشتاقه فان هذا ادعى لحصول هذا المقصود النافع والله اعلم ومما يدفع به الهم والقلق اجتماع الفكر كله على الاهتمام بعمل اليوم الحاضر وقطعه عن الاهتمام في الوقت المستقبل وعن الحزن على الوقت الماضي ولهذا استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم من الهم والحزن فلا ينفع الحزن على الامور الماضية التي لا يمكن ردها ولا استدراكها وقد يضر الهم الذي يحدث بسبب الخوف من المستقبل فعلى العبد ان يكون ابن يومه يجمع جده واجتهاده في اصلاح يومه ووقته الحاضر فان جمع القلب على ذلك يوجب تكميل الاعمال. ويتسلى به العبد عن الهم والحزن والنبي صلى الله عليه وسلم اذا دعا بدعاء وارشد امته الى دعاء فانما يحث مع الاستعانة بالله والطمع في فضله على الجد والاجتهاد في التحقق لحصول ما يدعو بحصوله والتخلي عما كان يدعو لدفعه لان الدعاء مقارن للعمل فالعبد يجتهد فيما ينفعه في الدين والدنيا ويسأل ربه نجاح مقصده ويستعينه على ذلك كما قال صلى الله عليه وسلم احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز واذا اصابك شيء فلا تقل لو اني فعلت كذا كان كذا وكذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل فان لو تفتح عمل الشيطان فجمع النبي صلى الله عليه وسلم بين الامر بالحرص على الامور النافعة في كل حال والاستعانة بالله وعدم الانقياد للعجز الذي هو الكسل الضار وبين الاستسلام للامور الماضية النافذة. ومشاهدة قضاء الله وقدره وجعل صلى الله عليه وسلم الامور قسمين قسما يمكن العبد السعي في تحصيله او تحصيل ما يمكن منه او دفعه او تخفيفه فهذا يبدي فيه العبد مجهودا ويستعين بمعبوده وقسما لا يمكن فيه ذلك فهذا يطمئن له العبد ويرضى ويسلم فلا ريب ان مراعاة هذا الاصل سبب للسرور وزوال الهم والغم