المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله وعن ابي موسى رضي الله عنه انه قال قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس كلمات فقال ان الله عز وجل لا ينام ولا ينبغي له ان ينام يخفض القسط ويرفعه يرفع اليه عمل الليل قبل عمل النهار وعمل النهار قبل عمل الليل حجابه النور لو كشفه لاحرقت سبحات وجهه ما انتهى اليه بصره من خلقه رواه مسلم وهذا ايضا حديث عظيم تضمن معنى الحي القيوم العظيم المقسط فهذا الحديث فيه بعض التفصيل لمعاني هذه الاسماء الحسنى فالقيوم هو الذي قام بنفسه وقامت به جميع الموجودات به وجدت وبه صلحت وحفظت وبه قامت السماوات والارض ومن كمال حياته وقيوميته انه لا ينام. ولا ينبغي له ان ينام لانه جل جلاله كامل من جميع الوجوه. لا نقص بوجه من الوجوه والنوم فيه راحة من التعب. وفيه غيبة الاشياء عن النائم. والله تعالى لا يمسه تعب ولا لغوب ولا لا يغيب عن علمه وبصره وسمعه وتدبيره مثقال ذرة في العالم العلوي والعالم السفلي وهو القائم على كل نفس بما كسبت. بعدله وقسطه وحكمته. ولهذا قال يخفض القسط ويرفعه يعني ان تدبيره للموجودات التي تنزل من عنده والتي تصعد اليه كلها لا تتجاوز القسط والعدل. بل هي دائرة بين فضله وعدله. فلا يظلم العباد مثقال ذرة. وان تك حسنة يضاعفها ويؤتي من لدنه اجرا عظيما وهو المجازي للمحسن باحسانه وفضله. والمسيء بعدله وحكمته. فالخلق كلهم معترفون بحكمته وحمده. ولهذا بعدما بين العباد يوم القيامة بالقسط العظيم ينطق الكون كله بحمده والثناء عليه. كما قال تعالى وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين. حتى المعذبون في النار يدخلون النار وقد اعترفوا بعدله وانهم هم الظالمون. كما قال تعالى كلما القي فيها فوج سألهم خزن الم يأتكم نذير؟ قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء. ان انتم الا في ضلال كبير. وقالوا لو كنا نسمع او نعقل ما كنا في اصحاب السعير. فاعترفوا بذنبهم فسحقا لاصحاب السعير ومن كمال قيوميته على كل نفس بما كسبت ان اعمال العاملين من خير وشر ترفع اليه بوقتها حتى ان عمل الليل الماضي يرفع اليه قبل عمل النهار الذي يليه وعمل النهار الماضي اذا انتهى النهار يرفع اليه قبل عمل الليل الذي يليه ترفعه الحفظة وترفعه الملائكة الذين يتعاقبون على الناس. ملائكة الليل وملائكة النهار. ويجتمعون في صلاة العصر وصلاة الصبح فتنزل ملائكة الليل عند الشروع في صلاة العصر. وتبقى ملائكة النهار حتى تفرغ صلاة العصر وكذلك في الصبح كما ثبت بذلك الحديث الصحيح وهذا من نعمته على الادميين ان نزول هؤلاء الملائكة وقت الصلاة الفاضلة وصعودهم بعد فراغها. ولهذا اذا سألهم ربهم وهو اعلم. كيف تركتم عبادي؟ قالوا اتيناهم وهم يصلون وتركناهم وهم يصلون. وما فعل ذلك جل جلاله وعظم كرمه. الا تنويها بهم وارادة لاكرامهم وصلاة منه عليهم قال تعالى والذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات الى النور وقال سبحانه وان الله بكم لرؤوف رحيم ثم ختم الحديث بذكر كمال عظمته وجلاله ومجده وملكه وملكوته فقال حجابه النور لو كشفه لاحرقت سبحات وجهه اي جماله وجلاله وبهاؤه ما انتهى اليه بصره من خلقه وذلك العوالم كلها. لانه تعالى لا يغيب عن بصره وسمعه وعلمه منها شيء فلو كشف هذا الحجاب العظيم لاحترقت المخلوقات باسرها لانها لا يمكن ان تثبت لعظمة عظيم. ولهذا لما سأل موسى صلى الله عليه وسلم ربه ان ينظر اليه قال لن تراني اي لن تقدر ولا تثبت لرؤيتي. فلما تجلى ربه جبل جعله دكا وخر موسى صعقا. الاية ولهذا كان اصح الاقوال ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يرى ربه في الدنيا وانما حال النور بينه وبينه. كما في حديث ابي ذر رضي الله عنه الذي في الصحيح انه قال يا رسول الله هل رأيت ربك؟ قال انا اراه. ولولا ان الله تعالى ينشئ اهل الجنة نشأة عظيمة وحياة كاملة. لما ثبتوا لرؤية ربهم وقد ذكر في هذا الحديث النور المخلوق وهو نور الحجاب الذي بينه وبين خلقه والنور الذي هو وصفه سبحانه بقوله لاحرقت سبحات وجهه ما انتهى اليه بصره من خلقه. اي نوره وبهاؤه وجماله وجلاله الذي هو وصفه. فالله تعالى نور وحجابه نور ومعرفته والايمان به في القلوب نور وكتابه نور ورسوله نور. واعلم انه لا تتم معرفة الله عز وجل والايمان به الا بثلاثة امور احدها معرفة ما لله تعالى من الاسماء والصفات والافعال الثابتة بالكتاب والسنة والتفقه في معانيها. الثاني الخراف بها والاقرار بها على الوجه اللائق بعظمة الله تعالى وجلاله من غير تشبيه ولا تمثيل. ومن غير نفي لشيء منها ولا تعطيل الثالث الانقياد ظاهرا وباطنا لله. وطاعة الله عز وجل بتصديق خبره. وامتثال امره واجتناب نهيه