المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله عن ابن عمر رضي الله عنهما انه قال قدم على النبي صلى الله عليه وسلم بسبي هوازن. فاذا امرأة من السبي تسعى اذ وجدت صبيا كم في السبي فاخذته فالزقته ببطنها فارضعته. فقال النبي صلى الله عليه وسلم اترون هذه طارحة ولدها في النار؟ قلنا لا فقال الله ارحم بعباده من هذه بولدها. متفق عليه. وهذا الحديث ايضا يدل على سعة رحمة الله وغلبتها وتقدمها على رحمة كل راحم. والنبي صلى الله عليه وسلم احب ان يفهم المسلمون عنه شدة رحمة الله ورأفته حيث مثل بهذه الام الحنون التي ذهلت نفسها وذهلت غيرها عند فقدها لولدها. ثم لما وجدته الزقته في بطنها وارضعته الله ارحم بعباده من الوالدة بولدها. وكيف تقارب رحمة الام وان بلغت في الحنان ما بلغت رحمة ارحم الراحمين. الذي الوالدين ورحمة غيرهم لا تنسب الى رحمة الله بوجه من الوجوه. فالله تعالى هو الذي برحمته اوجدهم وبرحمته احسن خلقهم وقواهم اسرهم وبرحمته جعل لهم القوى الظاهرة والباطنة. وبرحمته سبب لهم اسباب المعايش والارزاق المتنوعة. وبرحمته اسبغ عليهم النعم الظاهرة والباطنة. فما بالعباد من نعمة فمن الله وبرحمته ارسل اليهم الرسل وانزل عليهم الكتب. وبين لهم طريق النجدين طريق الخير والشر وبرحمته حبب اليهم الايمان وزينه في قلوبهم وكره اليهم الكفر والفسوق والعصيان وجعلهم من الراشدين فضلا منه ونعمة وبفضله ورحمته القى في قلوبهم التوبة. فتابوا ثم قبلها منهم وهو الذي برحمته اتاهم من كل ما سألوا شوه بلسان المقال او بلسان الحال وبرحمته اعد للطائعين الذين طاعتهم من رحمته اعد لهم ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. الى غير ذلك من اجناس رحمته وانواعها فضلا عن افرادها. فمن هذه رحمته وهذا شأنه؟ يستحيل ان تكون رحمة احد تقارب او تنسب الى رحمة ارحم الراحمين وفي هذا الحديث الحث على السعي في طلب رحمته بسلوك كل سبب يوصل الى الرحمة. وهي مذكورة في الكتاب والسنة. وفيه اثبات رحمة الله وانها من سنة اوصافه والقائمة به. التي لا تزال اثارها في كل اللحظات تترى على العباد. فانظر الى اثار رحمة الله كيف يحيي الارض بعد موتها