المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله القاعدة الثالثة الالف واللام الداخلة على الاوصاف واسماء الاجناس تفيد الاستغراق بحسب ما دخلت عليه. وقد نص على ذلك اهل الاصول واهل العربية. واتفقا على اعتبار ذلك اهل العلم والايمان فمثل قوله تعالى ان المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين اين هو الخاشعات؟ والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرين اعد الله لهم مغفرة واجرا عظيما. يدخل في هذه الاوصاف كل ما تناوله من معاني الاسلام والايمان والقنوط والصدق الى اخره وان بكمال هذه الاوصاف يكمن لصاحبها ما رتب عليها من المغفرة والاجر العظيم. وبنقصانها ينقص وبعدمها يفقد. وهكذا كل بوصف رتب عليه اجر وثواب. وكذلك ما يقابل ذلك كل وصف نهى الله عنه ورتب عليه وعلى المتصف به عقوبة وشرا ونقصا. يكون له من ذلك بحسب ما قام به من الوصف المذكور. فكل انسان هذا وصفه الا من استثنى الله بقوله الا المصلين الى اخرها. كما ان قوله والعصر ان الانسان دال على ان كل انسان عاقبته ومآله الى الخسارة. الا الذين امنوا وعملوا الصالحات وامثال ذلك كثير. واعظم ما تعتبر به في هذه القاعدة بالاسماء الحسنى فان في القرآن منها شيئا كثيرا. وهي من اجل علوم القرآن بل هي المقصد الاول للقرآن. فمثلا يخبر الله تعالى عن نفسه انه الرب الحي القيوم وانه المالك والعليم والحكيم والعزيز والرحيم والقدوس. السلام والحميد المجيد. فالله هو الذي له جميع معاني الربوبية التي يستحق ان يؤله لاجلها. وهي صفات الكمال كلها والمحامد كلها له والفضل كله. والاحسان كله وانه لا يشارك الله احد في معنى من معاني الربوبية. ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. لا بشر ولا ملك بل هم جميع جميعا عبيد مربوبون لربهم بكل انواع الربوبية مقهورون خاضعون لجلاله وعظمته. فلا ينبغي ان يكون احد منهم ندا ولا شريكا لله في عباده سعادته والهيته فبربوبيته سبحانه يربى الجميع من ملائكة وانبياء وغيرهم. خلقا وتدبيرا واحياء واماتة. وهم يشكرونه على ذلك باخلاص العبادة كلها له وحده. فيؤلهونه ولا يتخذون من دونه وليا ولا شفيعا الهية حق والالهية حق له سبحانه على عباده بصفة ربوبيته. وانه الملك الذي له جميع معاني الملك وهو الملك الكامل. وهو الملك الكامل والتصرف النافذ. وان الخلق كلهم مماليك لله سبحانه وتعالى. عبيد تحت احكام ملكه القدرية والشرعية الجزائريين. وانه العليم بكل شيء الذي لا يخفى عليه شيء في الارض ولا في السماء. الذي احاط علمه بالبواطن والظواهر والخفيات والجديات والواجبات والمستعينات والجائزات. مثال ان الله يعلم المستحيلات قوله سبحانه وتعالى لو كان فيهما الهة الا الله لفسدتا هذا يتعلق بالشيء المستحيل، لان مستحيل انه مستحيل ان يكون الهة مع الله. اخبر الله ان لو كان هناك الهة لفسدتا. فاخبر عن شيء لا يمكن وجوده. فهذا مستحيل لا يمكن ان يقع. والامور السابقة واللاحقة والعالم العلوي والسفلي والكليات والجزئيات وما يعلم الخلق وما لا يعلمون ولا يحيطون بشيء من علمه الا بما شاء وسع كرسيه السماوات والارض ولا يؤده حفظهما وهو العلي العظيم. وانه الحكيم الذي له الحكمة التامة الشاملة لجميع ما قضاه وقدره وخلقه. وجميع ما شرعه لا يخرج عنه حكمته لا مخلوق ولا مشروع. وانه العزيز الذي له جميع معاني العزة على وجه الكمال التام. من كل وجه عزة القوة وعزة الامتناع. وعزة القهر والغلبة. وان جميع مع الخلق في غاية الذل ونهاية الفقر ومنتهى الحاجة والضرورة الى ربهم. وانه الرحمن الرحيم الذي له جميع معاني الرحمة. الذي وسعت رحمته كل شيء ولم يخلو مخلوق من احسانه وبره طرفة عين تبلغ رحمته حيث يبلغ علمه حيث يبلغ علمه. ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما. وانه القدوس السلام المعظم المنزه عن كل عيب وافة. ورقص وعن احد وعن ان يكون له ند من خلقه. وهكذا بقية الاسماء الحسنى. اعتبرها بهذه القاعدة الجليلة ينفتح لك باب عظيم. من ابواب معرفة الله بل اصل معرفة الله تعالى معرفة ما تحتوي عليه اسماؤه الحسنى وتقتضيه هذه المعاني العظيمة. بحسب ما يقدر عليه العبد الا فلن يبلغا علم احد من الخلق بذلك. ولن يحصيه احد ثناء عليك بل هو كما اثنى على نفسه. وفوق ما يثني عليه عباده. ومن ذلك قوله تعالى وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان. يشمل جميع انواع البر والخير. وتشمل التقوى جميع ما يجب اتقاؤه من انواع المخوفات والمعاصي والمحرمات. والاثم اسم جامع لكل ما يؤثم. ويوقع في المعصية كما ان العدوان اسم جامع. يدخل في جميع انواع التعدي على الناس في الدماء والاموال والاعراض والتعدي على مجموع الامة وعلى الحكومات والتعدي على حدود الله. والمعروف في القرآن هو اسم جامع لكل ما عرف حسنه شرعا وعقلا. وعكسه المنكر والسوء والفاحشة. وقد نبه النبي صلى الله عليه وسلم امته الى هذه القاعدة وارشدهم الى اعتبارها اذ علمهم ان يقولوا في التشهد في الصلاة السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. فقال فانكم اذا قلتم ذلك سلمتم على كل عبد صالح من اهل السماء والارض. رواه البخاري