المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله قاعدة الرابعة عشر حذف المتعلق المعمول فيه يفيد تعميم المعنى المناسب له وهذه قاعدة مفيدة جدا. ما تعتبرها الانسان في الايات القرآنية اكسبته فوائد جليلة وذلك ان الفعل وما هو في معناه متى قيد بشيء تقيد به. فاذا اطلقه الله تعالى وحذف المتعلق كان القصد من ذلك التعميم ويكون الحظ هنا احسن وافيد كثيرا من التصريح بالمتعلقات واجمع للمعاني النافعة. ولذلك امثلة كثيرة جدا منها انه قال في عدة ايات لعلكم تعقلون. لعلكم تذكرون لعلكم تتقون. فيدل ذلك على ان المراد لعلكم تعقلون عن كل ما ارشدكم اليه وكل ما علمكموه وكلما انزل عليكم من الكتاب والحكمة ولعلكم تذكرون فلا تنسون ولا تغفلون. فتكون دائما متيقظين مرهفي الحواس. تحسون كل ما تمرون به من سنن الله. واياته فتذكرون جميع مصالحكم الدينية والدنيا ولعلكم تتقون جميع ما يجب اتقاؤه من الغفلة والجهل والتقليد. وكل ما يحاول عدوك عدوكم ان يوقعكم فيه من جميع الذنوب والمعاصي. ويدخل في ذلك ما كان في سياق الكلام فيه وهو فرد من افراد هذا المعنى العام. ولهذا كان قوله تعالى يا ايها والذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون. يفيد كل ما قيل في في حكمة الصيام اي لعل انكم تتقون المحارم عموما. ولعلكم تتقون ما حرم الله على الصائمين من المفطرات والممنوعات. ومن كل الاحوال والصفات السيئة والخبيثة. ولعل تتصفون بصفة التقوى. وتحصلون كل ما يقيكم مما تكرهون وتتخلقون باخلاقها وهكذا سائر ما فيه هذا اللفظ مثل قوله هدى للمتقين اي المتقين بكل ما يتقى من الكفر والفسوق والعصيان. المؤدين للفرائض والنوافل التي هي خصال التقوى. وكذلك قوله تعالى ان الذين اتقوا اذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فاذا هم مبصرون اي ان الذين كانت التقوى وصفهم واليقظة والتدبر لسنن الله سبحانه وتعالى واياته حالهم. وترك المحرمات شعارهم متى زين لهم الشيطان بعض الذنوب ولبس عليهم الطريق وحاول تحذيرهم اتوا تخديرهم بالشبهات او الشهوات. تذكروا كل امر يوجب لهم المبادرة الى المتاب اجلالا لعظمة الله. وما يقتضيه الايمان وما توجبه التقوى وتذكروا عقابه ونكاله. وتذكروا ما تحدثه الذنوب من العيوب والنقايا وما تسلبه من الكمالات. فاذا هم مبصرون من اين اوتوا. مبصرون الوجه الذي فيه التخلص من هذا الذنب الذي وقعوا فيه. فبادروا توبة النصوح والرجوع الى صراط الله المستقيم. فعادوا الى مرتبتهم وعاد الشيطان خاسئا مدحورا وكذلك ما ذكره على وجه الاطلاق عن المؤمنين بلفظ المؤمنين وبلفظ ان الذين امنوا ونحوها فانه يدخل فيه جميع ما فيجب الايمان به من الاصول والعقائد والاعمال والاحكام. مع انه قيد ذلك في بعض الايات مثل قوله قولوا امنا بالله كذلك ما امر به من الصلاح والاصلاح وما نهى عنه عن الفساد والافساد مطلقا يدخل فيه كل صلاح كما يدخل في النهي كل فساد كذلك وكذلك قوله ان الله يحب المحسنين. واحسنوا في الذين احسنوا الحسنى. هل جزاء الاحسان الا الاحسان؟ يدخل في ذلك كله الاحسان في عبادة الخالق بان تعبد الله كأنك تراه. فان لم تكن تراه فانه يراك. والاحسان الى المخلوقين بجميع وجوه من قول وفعل وجاه وعلم ومال وغيرها. وكذلك قوله تعالى الهاكم التكاثر. فحذف فحذف المتكاثر به ليعم ليعم جميع ما يقصد الناس فيه المكاثرة. من الرياسات والاموال والجاه والضياعات والاولاد وغيرها. مما تتعلق به اغراض النفوس فيلهيها ذلك عن طاعة الله. وكذلك قوله تعالى والعصر ان الانسان لفي خسر. اي في خسارة لازمة من جميع الوجوه الا اتصف بالايمان والعمل الصالح والتواصي بالحق والتواصي بالصبر. وقوله فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون فذكر المسؤولين فذكر المسؤولين واطلق المسؤول عنه ليعم كل ما يحتاجه العبد ولا يعلمه. وكذلك امره تعالى بالصبر ومحبته للصابرين وثناؤه عليهم وبيان كثرة اجورهم. من غير ان يقيد ذلك بنوع ليشمل انواع الصبر الثلاثة. وهي الصبر على طاعة الله وعن معصية الله وعلى اقدار الله المؤلمة. ومقابل ذلك ذم الكافرين والظالمين والفاسقين المشركين والمنافقين والمعتدين ونحوهم ممن ونحوهم من غير ان يقيده بشيء ليشمل ذلك ليشمل جميع ذلك المعنى. ومن هذا قوله فان احصرتم ليشمل كل حصر ومنه قوله فان خفتم فرجالا او ركبانا ليعم كل خوف. وقد يقيد ذلك ببعض الامور فيقيد بهما سيق الكلام لاجله وهذا شيء كثير لو ذهبنا نذكر امثلة عليه لطابت ولكن قد فتح قد فتح لك الباب فامش على هذا السبيل المفضي الى رياض من اصناف العلوم