المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله القاعدة التاسعة عشرة ختم الايات باسماء الله الحسنى يدل على ان الحكم المذكور له تعلق بذلك الاسم الكريم وهذه قاعدة لطيفة نافعة عليك بتتبعها في جميع الايات المختومة بها نجدها في غاية المناسبة وتدلك على ان الشرع والامر والخلق كله صادر عن اسمائه وصفاته ومرتبط بها وهذا باب عظيم من معرفة الله ومعرفة احكامه وهو من اجل المعارف واشرف العلوم تجد اية الرحمة مختومة باسماء الرحمة وايات العقوبة والعذاب مختومة باسماء العزة والقدرة والحكمة والعلم والقهر ولا بأس هنا ان نتتبع الايات الكريمة في هذا ونشير الى مناسبتها بحسب ما وصل اليه علمنا القاصر وعبارتنا الضعيفة ولو طالت الامثلة هنا لانها من اهم المهمات ولا تكاد تجدها في كتب التفسير الا يسيرا منها. فقوله تعالى فسواهن سبع سماوات وهو بكل شيء عليم. ذكر احاطة علمه بعد ذكر خلقه للارض والسماوات. يدل على احاطة علمه بما فيها من العوالم العظيمة وانه حكيم حيث وضعها لعباده واحكم صنعها في احسن خلق واكمل نظام. وان خلقه لها من من ادل علمه كما قال في الاية الاخرى الا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير فخلقه للمخلوقات من اكبر الادلة العقلية على علمه. فكيف يخلقها وهو لا يعلمها ولما ذكر كلام الملائكة حين اخبرهم انه جاعل في الارض خليفة. ومراجعتهم لربهم في ذلك. فلما خلق ادم اسماء كل شيء وعجزت الملائكة عنها. وانبأهم ادم بها ادم بها قالوا سبحانك لا علم لنا الا ما علمتنا انك انت الحكيم. فاعترفوا لله تعالى بسعة العلم وكمال الحكمة وانهم مخطئون في مراجعتهم. في استخلافه في الارض. وفي هذا ان الملائكة على عظمتهم وسعة معارفهم بربهم اعترفوا بان علومهم تضمحل. عند علم ربهم وانه لا علم لهم الا منه. فختم هذه الاية بهذين الاسمين الكريمين الدالين على علم الله بادم. وتمام حكمته في خلقه وما يترتب على ذلك من المصالح المتنوعة. من احسن مناسبات. واما قوله عن ادم فتلقى ادم من ربه كلمات فتاب عليه انه هو التواب الرحيم. وختمه كثيرا من الايات بهذين الاسمين بعد ذكر رحمته ومغفرته وتوفيقه وحلمه. فمناسبته جليلة لكل احد. وانه لما كان هو التواب الرحيم اقبل في قلوب التائبين اليه ووفقهم لفعل الاسباب التي يتوب عليهم ويرحمهم بها. ثم غفر لهم ورحمهم فتاب عليهم اولا بتوفيقه بتوفيق للتوبة والاسباب وتابعني. ثانيا حين قبل مثابهم واجاب سؤالهم. ولهذا قال في الاية الاخرى ثم تاب عليهم ليتوبوا. اي اقبل بقلوبهم فانه لولا توفيق اي اقبلوا بقلوبهم فانه لولا توفيقه وصرف ولولا توفيقه وصرف قلوبهم الى ذلك لم يكن لهم سبيل الى ذلك. حين استولت عليهم النفس الامارة فانها لا تأمر الا بالسوء الا من رحم الله فاعاذه منها ومن نزغات الشيطان. ولما ذكر الله النسخة اخبر عن كمال قدرته وتفرده بالملك. الم تعلم ان الله على كل شيء قدير الم تعلم ان الله له ملك السماوات والارض؟ وفي هذا رد على ما من انكر النسخ كاليهود وان نسخه لما ينسخه من اثار قدرته وتمام ملكه. فانه تعالى يتصرف في عباده ويحكم بينهم في احكامه القدرية. واحكامه الشرعية فلا حجة عليه في شيء من ذلك ولما قال ولله المشرق والمغرب فاينما تولوا فثم وجه الله. ان الله واسع عليم. اي واسع الفضل واسع الملك جميع العالم العلوي والسفلي داخل في ملكه ومع سعته في ملكه وفضله فهو محيط علمه بذلك كله. ومحيط علمه الماضية والمستقبلية. ومحيط علمه بما في التوجه او القبلة المتنوعة من الحكمة. ومحيط علمه بنيات مستقبلين جهة لجهة من الجهات اذا اخطأوا القبلة المعينة. فحيث يتيمم المصلي تيمم الى وجه ربه. واما قول الخليل واسماعيل عليه سلامهما يرفعان القواعد من البيت. ربنا تقبل منا انك انت السميع العليم. فانه توسل الى الله بهذين الاسمين الى قبول هذا العمل الجليل حيث كان الله يعلم نياتهما ومقاصدهما. ويسمع كلامهما ويجيب دعائهما فانه يراد بالسميع في مقام الدعاء دعاء العبادة ودعاء المسألة. معنى المستجيب كما قال الخليل في الاية الاخرى ان ربي لسميع الدعاء تم ختم قوله ربنا وبعث فيهم رسولا منهم بقوله انك انت العزيز الحكيم. اي فكما انك بعثت لهذا الرسول فيه الرحمة السابقة كما ان بعثتك لهذا الرسول فيه الرحمة السابقة ففيه تمام عزة الله وكمال حكمته. فانه ليس من حكمته ان يترك الخلق اسودا عبثا لا يرسل اليهم رسولا. فحقق الله حكمته ببعثته لئلا يكون للناس على الله حجة. والامور كلها قد وشرعيها لا تقوم الا بعزة الله ونفوذ حكمته. وقد يكتفي الله بذكر اسمائه الحسنى عن التصريح بذكر احكامها. وجزائها لينبه عباده انهم اذا عرفوا الله بذكر الاسم العظيم عرفوا ما يترتب عليه من الاحكام مثل قوله تعالى فان زللتم من بعد ما جاءتكم البينات لم يقل فلكم العقوبة بل قال فاعلموا ان الله عزيز حكيم. اي فاذا عرفتم عزته وهو قهره وغلبته وقوته وامتناعه. وعرفتم حكمته وهو وضعه الاشياء في مواضعها وتنزيلها محالها اوجب لكم الخوف من البقاء على ذنوبكم وزلالكم. لان من معاقبة من يستحق العقوبة وهو المصر على الذنب مع علمه. وانه ليس لكم امتناع عليه ولا خروج عن عن حكمه وجزاءه كمال قهره وعزته. وكذلك لما قال الا الذين تابوا من قبل ان تقدروا عليهم. لم يقل فاعفوا عنهم او اتركوهم ونحوها. بل قال فاعلموا ان الله غفور رحيم. يعني فاذا عرفتم ذلك وعلمتموه عرفتم ان من تاب واناب فان الله يغفر له ويرحمه فيدفع عنه العقوبة ولما ذكر عقوبة السارق قال في اخرها نكالا من الله والله عزيز حكيم. اي عز وحكم فقطع يد السارق. وعز وحكم فعاقب المعتدي شرعا وقدرا وجزاء. ولما ذكر الله مواريث الورثة وقدرها قال فريضة من الله ان الله كان عليما حكيما. فكونه عليما حكيما. يعلم ما لا يعلم العباد ويضع الاشياء مواضعها. فاخضعوا لما قاله وفصله في توزيع الاموال على مستحقيها. الذين يستحقونها بحسب علم الله وحكمته فلو وكل العباد الى انفسهم وقيل لهم وزعوه انتم بحسب اجتهادكم لدخلها الجهل والهوى وعدم الحكمة. وصارت المواريث فوضى وحصل في ذلك من الضرر ما الله به عليم. ولكن تولاها وقسمها باحكم قسمة. واوفقها للاحوال واقربها النفع ولهذا من قدح في شيء من احكامه او قال لو كان كذا او كذا فهو قادح في علم الله وفي حكمته. ولهذا يذكر الله العلم العلم حكمة بعد ذكر الاحكام. كما يذكرها في ايات الوعيد ليبين للعباد ان الشرع والجزاء مربوط بحكمته. غير خارج عن علمه ويختم الادعية باسماء تناسب المطلوب وهذا من الدعاء بالاسماء الحسنى. ولله الاسماء الحسنى فادعوه بها. اي تعبدوا الله بها واطلبوه بكل اسم مناسب وقوله تعالى ليدخلنهم مدخلا يرضونه وان الله لعليم حليم. والايات المتتابعة التي بعدها كل واحدة ختمت باسمين كريمين. فالاول منهما هذه ختمها بالعلم والحلم. يقتضي علمه بنياتهم الجميلة واعمالهم واعمالهم الجليلة ومقاماتهم الشامخة فيجازيهم على ذلك بالفضل العظيم. ويعفو ويحلم عن سيئاتهم فكأنهم ما فعلوها. وختم الثانية بالعفو الغفور فانه اباح المعاقبة بالمثل وندب الى مقام الفضل وهو الغفور وعدم معاقبة المسيء. وانه ينبغي لكم ان تتعبدوا الله بالاتصاف بها هذين الوصفين الجليلين لتنالوا عفوه ومغفرته. وختم الاية الثالثة بالسميع البصير. يقتضي سمعه لجميع اصوات ما سكن في الليل والنهار. وبصر بحركاتهم على اختلاف الاوقات وتباين الحالات. وختم الاية الرابعة بالعلي الكبير لان علوه المطلق وكبريائه وعظمته ومجده اللهم حلو منها المخلوقات ويبطل معها كل ما عبد من دونه. وباثبات كمال علوه وكبريائه يتعين انه هو الحق وما سواه باطل. وختم الاية الخامسة باللطيف الخبير الدالين على سعة علمه وخبرته بالبواطن كالظواهر. وبما تحتوي عليه الارض من اصناف البذور والوان النباتات. وانه لطف بعباده حيث اخرج لهم اصناف الارزاق بما انزل من الماء. النمير والخير الغزير الاية السادسة بالغني الحميد بعدما ذكر ملكه للسموات والارض وما فيهما من المخلوقات وانه لم يخلقهما حاجة منه منه له فانه الغني المطلق. ولا ليكتمل بها فانه الحميد الكامل. وليدلهم على انهم كلهم فقراء اليه من جميع الوجوه. وانه حميد في اقداره حميد في شرعه حميد في جزائه فله الحمد المطلق ذاتا وصفات وافعالا وختم الاية السابعة بالرؤوف الرحيم. اي من رأفته ورحمته تسخيره المخلوقات لبني ادم وحفظ السماوات والارض وابقاؤها لان لا تزولا فتختل مصالحهم. فرحمهم حيث خلق لهم المسكن واودع فيه كل ما لا يحتاجونه وحفظه عليهم وابقاه. فلما ذكر في سورة الشعراء قصص الانبياء مع اممهم. ختم كل قصة بقوله وان ربك لهو العزيز الرحيم. فان كل قصة تضمدت نجاة النبي واتباعه. وذلك برحمة الله ولطفه واهلاك المكذبين له. وذلك من اثار عزته وقد يتعلق مقتضى الاسمين بكل من الحالتين. فانه نجى الرسول واتباعه بكمال قوته وعزته ورحمته. واهلك المكذبين بعزته وحكمته ويكون ذكر الرحمة يقتضي عظم جرمهم. وانه لولا ان جرمهم تعاظم وسدوا على انفسهم ابواب الرحمة. ولم يكن لهم طريق اليها لما حل بهم العقاب. واما قول عيسى عيسى عليه السلام ان تعذبهم فانهم عبادك. وان تغفر لهم فانك انت العزيز الحكيم. ولم قل انت الغفور الرحيم. فان المقام ليس مقام استعطاف واسترحام وانما هو مقام مقام غضب وانتقام. ممن اتخذه الها مع الله فناسب ذكره العزة والحكمة وصار اولى من ذكر الرحمة. ومن الطف مقامات الرجاء انه يذكر اسباب الرحمة واسباب العقوبات ثم يختمها بما يدل على الرحمة. مثل قوله يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء. والله غفور رحيم. وقوله ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات. ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفورا رحيما. وذلك يدل على ان رحمته سبقت غضبه. وغلبته فصار لها الظهور اليها. واليها ينتهي كل من وجد فيه ادنى سبب من الرحمة. ولهذا يخرج من النار من كان في قلبه ادنى مثقال حبة من خردل من ايمان. ولنقتصر على هذه الامثلة فانه يعرف بها