المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله القاعدة الثانية عشرة الايات القرآنية التي يفهم منها قصار النظر التعارض يجب حمل كل نوع منها على ما يليق ويناسب المقام كله بحسبه وهذا في مواضع متعددة من القرآن. منها الاخبار في بعض الايات ان الكفار لا ينطقون ولا يتكلمون يوم القيامة. وفي بعضها انهم ينطقون يحاجون ويعتذرون ويعترفون فمحمل كلامهم ونطقهم انهم في اول الامر يتكلمون ويعتذرون وقد ينكرون ما هم عليه من الكفر. ويقسمون على ذلك ثم اذا ختم على السنتهم وافواههم وشهدت عليهم جوارحهم بما كانوا يكسبون. ورأوا ان الكذب غير مفيد لهم اخرسوا فلم ينطقوا. وكذلك الاخبار بان الله تعالى لا يكلمهم ولا ينظر اليهم يوم القيامة مع انه اثبت الكلام لهم معه. فالنفي واقع على الكلام الذي يسرهم. ويجعل لهم نوع اعتبار. وكذلك النظر والاثبات واقع على الكلام الواقع بين الله وبينهم على وجه التوبيخ لهم والتقريع. فالنفي يدل على ان الله ساخط عليهم. غير راض عنهم والاثبات توضحوا احوالهم ويبينوا للعبادي كمال عدل الله فيهم. اذ هو يضع العقوبة وموضعها ونظير ذلك ان في بعض الايات اخبر انه لا يسأل عن ذنبه انس ولا جان. وفي بعضها انه يسألهم ما كنتم تعبدون. وماذا اجبتم المرسلين؟ ويسأل هم عن اعمالهم كلها. فالسؤال المنفي هو سؤال الاستعلام والاستفهام عن الامور المجهولة. فانه لا حاجة الى سؤالهم مع كمال علم الله واطلاعه على وباطنهم وجليل امورهم ودقيقها والسؤال المثبت واقع على تقريرهم باعمالهم وتوبيخهم واظهار ان الله حكم فيها بعدله وحكمته. ومن ذلك الاخبار في بعض انه لا انساب بين الناس يوم القيامة. وفي بعضها اثبت لهم ذلك. فالمثبت هو الامر الواقع والنسب الحاصل بين الناس كقوله تعالى يوم يفر المرء من اخيه وامه وابيه الى اخرها. والمنفي هو الانتفاع بها فان الكفار يدعون ان انسابهم تنفعهم يوم القيامة. فاخبر الله تعالى انه يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم ونظير ذلك الاخبار في بعظ الايات ان النسب نافع يوم القيامة كما في الحاق ذرية المؤمنين بابائهم في الدرجات وان لم يبلغوا منزلتهم وان الله يجمع لاهل الجنات والدرجات العالية من صلح من ابائهم وازواجهم وذرياتهم فهذا لما اشتركوا في الايمان واصل الصلاح زادهم من فضله وكرمه من غير ان ينقص من اجور السابقين لهم شيئا ومن ذلك الشفاعة فانه اثبت في عدة مواضع ونفها في مواضع من القرآن. وقيدها في بعض المواضع باذنه ولمن ارتضى من خلقه. فتعين حمل المطلق هذا المقيد وانها حيث نفيت فهي شفاعة بغير اذنه ولغير من رضي الله قوله وعمله. وحيث اثبتت فهي شفاعة التي باذنه لمن الله واذن فيه. ومن ذلك ان الله اخبر في اية كثيرة انه لا يهدي القوم الكافرين والفاسقين والظالمين ونحوها. وفي بعضها انه يهديهم ويوفقهم فتعين حمل على من حقت عليه كلمة الله. لقوله تعالى ان الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون. ولو جاءتهم كل اية حتى يروا العذاب الاليم. وحمل المثبت منها على ما لم ما لم تحق عليهم الكلمة. وانما حقت كلمة الله بالعذاب والطرد على من في حمأة التقليد وغرقوا في بحر في بحر الغفلة. وابوا ان يستجيبوا لداعي ايات الله الكونية والعلمية فلما زاغوا ازاغ الله قلوبهم والذين اهتدوا زادهم هدى كلمته الازلية يعني الذي قدر عز وجل انهم في النار فهم لا يؤمنون. وهذا هو الحق الذي لا ريب فيه. ومن ذلك الاخبار في بعض الايات انه العلي الاعلى وانه فوق عباده وعلى عرشه وفي بعضها انه مع العبادة اينما كانوا وانه مع الصابرين والصادقين والمحسنين ونحوهم فعلوه تعالى امر ثابت له وهو من لوازم ذاته. ودنوه ومعيته لعباده. لانه اقرب الى كل احد من حبل الوريد. فهو عرشه علي على خلقه ومع ذلك فهو معهم في كل احوالهم لا منافاة بين الامرين. لان الله تعالى ليس كمثله شيء في جميع نعوته وما يتوهم قاموا بخلاف ذلك فانه في حق المخلوقين. واما تخصيص المعية بالمحسنين ونحوها فهي معية اخص من المعية العامة. تتضمن محبتهم توفيقهم وكنائتهم واعانتهم في كل احوالهم. فحيث وقعت في سياق المدح والثناء فهي من هذا النوع. وحيث وقعت في سياق التحذير والترغيب فهي من النوع الاول. ومن ذلك النهي في كثير من الايات عن موالاة الكافرين وعن موادتهم والاتصال بهم. وفي بعضها الامر الى من له حق على الانسان منهم. ومصاحبته بالمعروف كالوالدين والجار ونحوهم. فهذه الايات العامات من الطرفين فقد وضحها الله غاية التوظيح في قوله لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم تبروهم وتقسطوا اليهم ان الله يحب المقسطين. انما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين واخرجوكم من دياركم على اخراجكم ان تولوهم. ومن يتولهم فاولئك هم الظالمون. فالنهي واقع على التولي والمحبة لاجل الدين. والامر بالاحسان والبر واقع على الاحسان لاجل القرابة او لاجل الجيرة او الانسانية على وجه لا لا يخل بدين الانسان ومن ذلك انه اخبر في بعض الايات ان الله خلق الارض ثم استوى الى السماء فسواهن سبع سماوات وفي بعضها انه لما اخبر عن خلق السماوات اخبر ارى ان الارض بعد ذلك دعاها. فهذه الاية تفسر المراد وان خلق الارض متقدم على خلق السماوات. ثم لما خلق الله السماوات وبعد ذا السماوات بعد ذلك داح الارض فاودع فيها مصالح المحتاج اليها اليها سكانها. ومن ذلك انه تارة يخبرك انه بكل شيء عليم وتارة يخبر بتعلق علمه ببعض اعمال العباد وبعض احوالهم وهذا الاخير فيه زيادة معنى وهو يدل على المجازاة على ذلك العمل سواء كان خيرا او شرا فيتضمن مع احاطة علمه التربية والترهيب. ومن ذلك الامر بالجهاد في ايات كثيرة وفي بعض الايات الامر بكف الايدي والاخلاد الى السكون. فهذه حين كان المسلمين ليس حين المسلمون ليس لهم قوة ولا قدرة على الجهاد باليد والايات الاخرى حين قووا وصار ذلك عين المصلحة والطريق الى قمع بعد ومن ذلك انه تارة يضيف الاشياء الى اسبابها التي وقعت وتقع بها. وتارة يضيفها الى عموم قدره. وان جميع الاشياء واقعة بارادته ومشيئته. فيفيد مجموع الامرين اثبات التوحيد وتفرد الباري بايقاع الاشياء بقدرته ومشيئته واثبات الاسباب والمسببات والامر بالمحبوب منها والنهي عن المكروه واباحة مستوى الطرفين فيستفيد المؤمن الجد والاجتهاد في الاخذ بالاسباب النافعة وتدقيق النظر وملاحظة فضل الله في كل احواله. والا يتكل على نفسه في امر من الامور بل يتكل على الله ويستعين بربه. وقد يخبر ان ما اصاب العبد من حسنة فمن الله. وما اصاب من سيئة فمن نفسه ليعرف عبادي ليعرف عباده ان الخير والحسنات والمحاب تقع بمحض فضله وجوده وان جرت ببعض الاسباب الواقعة من العبادة فانه هو الذي انعم بالاسباب وهو الذي يسرها. وان السيئات وهي المصائب التي تصيب العبد. فانما اسبابها من نفس العبد وبتقصير في في حقوق ربه وتعديه لحدوده. فالله وان كان هو المقدر لها فانه قد اجراها على العبد بما كسبت يده. ولهذا امثلة يطول عبدها