يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم لكم قراءة كتاب التنبيهات اللطيفة على ما احتوت عليه العقيدة الواسطية من من المباحث المنيفة. فصل العلو والفوقية. قال المصنف رحمه الله تعالى وقد دخل فيما ذكرناه من الايمان بالله الايمان بما اخبر الله عز وجل به في كتابه وتواتر عن رسوله صلى الله عليه وسلم. واجمع عليه سلف الامة من ان الله سبحانه فوق سماواته على عرشه علي على خلقه وهو تعالى معهم اينما كانوا يعلم ما هم عاملون. كما جمع بين ذلك في قوله هو الذي خلق السماوات والارض في ستة ايام ثم استوى على العرش. يعلم ما يلج في الارض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم اينما كنتم والله بما تعملون بصير. وليس معنى قوله وهو معكم انه مختلط بالخلق. فان هذا لا توجبه اللغة وهو خلاف ما اجمع عليه سلف الامة. وخلاف ما فطر الله عليه الخلق. بل القمر اية من ايات الله عز وجل من اصغر مخلوقات وهو موضوع في السماء وهو مع المسافر وغير المسافر اينما كان. وهو سبحانه فوق العرش رقيب على خلقه مهيمن ومطلع عليهم الى غير ذلك من معاني ربوبيته. وكل هذا الكلام الذي ذكره الله عز وجل من انه فوق العرش وانه معنا حق على حقيقته لا يحتاج الى تحريف. ولكن يصان عن الظنون الكاذبة مثل ان يظن ان ظاهر قوله في السماء ان السماء تقله او تضله وهذا باطل باجماع اهل العلم والايمان. فان الله عز وجل قد وسع كرسيه السماوات والارض وهو الذي يمسك السماوات والارض ان تزولا. ويمسك السماء ان تقع على الارض الا باذنه. ومن اياته ان تقوم السماء والارض بامره. صرح المصنف رحمه الله في هذا الفصل بمسألة العلو لله عز وجل واستوائه على عرشه. وان ذلك داخل في الايمان بالله وذلك لما حصل في هذه المسألة من الاختلاف والمخاصمات الطويلة بين اهل السنة والجماعة وبين طوائف الجهمية والمعتزلة ومن تبعهم في هذه المسألة من الاشعرية ونحوهم فان مسألة العلو صنفت فيها المصنفات المستقلة واورد فيها اهل السنة من نصوص الكتاب والسنة ما لا يمكن دفعه او دفع بعضه. وحققوا ذلك بالعقل الصحيح. وان الفطر والعقول معترفة بل ومضطرة الى الايمان بعلو الله الا من غيرت فطرته العقائد الباطلة. وقد بين المصنف رحمه الله في هذا الموضوع الجمع بين الايمان بعلو الله واثبات معيته وعلمه المحيط وحققه في كلام واضح مبين بالامثلة المقربة للمعاني بما لا مزيد عليه