فاذا عرفت هذه الاصول فهذا الدين الحق الذي دعت اليه الرسل عموما. وخاتمهم وامامهم محمد صلى الله عليه وسلم خصوصا قد بني واسس على التوحيد. والتأله لله وحده لا شريك له. حبا وخوفا ورجاء واخلاصا وانقيادا واذعانا لربوبيته واستسلاما لعبوديته قد دل على هذا الاصل الذي هو اكبر جميع اصول الادلة العقلية والفطرية. ودلت عليه جميع الكتب سماوية وقرره جميع الانبياء والمرسلين واتباعهم من اهل العلوم الراسخة والالباب الرزينة والاخلاق العالية والاداب السامية. كل اولئك اتفقوا على ان الله منفرد بالوحدانية. منعوت بكل صفة كمال. موصوف بغاية الجلال والعظمة والكبرياء والجمال وانه الخالق الرازق المدبر لجميع الامور. وانه منزه عن كل صفة نقص. وعن مماثلة المخلوقين وانه لا يستحق العبادة والحمد والثناء والشكر الا هو. فالدين الاسلامي على هذا الاصل اسس وعليه قام واستقام واما ما عليه اهل الالحاد فانه ينافي هذا الاصل غاية المنافى فانه مبني على انكار البارىء رأسا. فضلا عن الاعتراف له بالكمال. وعن القيام باوجب الواجبات وافرد الفروض وهو عبوديته وحده لا شريك له فاهل هذا المذهب اعظم الخلق مكابرة وانكارا لاظهر الاشياء واوضحها. فمن انكر الله فبأي شيء يعترف فباي حديث بعد الله واياته يؤمنون وهؤلاء ابعد الناس عن عبودية الله والانابة اليه وعن التخلق بالاخلاق الفاضلة التي تدعو اليها الشرائع وتخضع لها العقول الصحيحة ومع خلو قلوبهم من توحيد الله والايمان به وتوابع ذلك فهم اجهل الناس واقلهم بصيرة ومعرفة بشريعة الاسلام واصول الدين وفروعه فتجدهم يكتبون ويتكلمون ويدعون لانفسهم من العلم والمعرفة والثقافة واليقين. ما لا يصل اليه اكابر العلماء ولو طلب من احدهم ان يتكلم عن اصل من اصول الدين العظيمة الذي لا يسع احدا جهله او على حكم من الاحكام في العبادات والمعاملات والانكحة لظهر عجزه ولم يصل الى ما وصل اليه كثير من صغار طلبة العلم شرعي فكيف يثق العاقل فضلا عن المؤمن باقوالهم عن الدين. فاقوالهم في مسائل الدين لا قيمة لها اصلا ولو صبرت حاصل ما عليه رؤساؤهم لرأيتهم قد اشتغلوا بشيء يسير من علوم عربية. وترددوا في بقراءة الصحف التي على مشربهم. وتمرنوا على الكلام الذي من جنس اساليب كثير من هذه الصحف الرديئة ساقطة وظنوا بانفسهم وظن بهم اتباعهم الاطلاع بالمعارف والعلوم. فهذا اسمى ما يصلون اليه في العلم اما الاخلاق فلا تسأل عن اخلاق من لا يؤمن بالله ولا باليوم الاخر ولا يعتقد الاديان الصحيحة فان الاخلاق نتائج الاعتقادات الصحيحة والفاسدة فغاية ما عند هؤلاء التملق القولي والفعلي. والخضوع الكاذب للمخلوقين. وهم مع هذا الخلق الوضوء السافل تجد عندهم من العجب والكبر واحتقار الخلق والاستنكاف عن مخالطة من يستنقصونهم شيئا كثيرا فهم اوضع خلق الله واعظمهم كبرا وكيها ثم انهم يستعينون على هذا الخلق المسمى عندهم بالثقافة بالتصنيع والتجمل بالملابس والفرش والزخارف ويفنون كثيرا من اوقاتهم بذلك. وقلوبهم خراب خالية من الهدى والاخلاق الجميلة فالجمال الظاهر الباطن ماذا يغني عن الجمال الحقيقي ثم اذا لاحظت الى غاياتهم ومقاصدهم فاذا هي اغراض دنية ومقاصد سفلية ومطامع شخصية. واذا صبرت احوالهم رأيت اذا اجتمعوا تظنهم اصدقاء مجتمعين. فاذا افترقوا فهم الاعداء. تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بانهم قوم لا يعقلون وما وصفت لك من احوالهم وانت تعرف ذلك قليل من كثير. فكيف ترضى ان يكون هؤلاء احبابك واصدقائك ترضى لرضاهم وتسخط لسخطهم. وتقدمهم على حظوظك الحقيقية وسعادتك الابدية فانظر الى صفاتهم نظر التحقيق والانصاف وقارن بينها وبين نعوت البررة الاخيار. الذين امتلأت قلوبهم من محبة الله والانابة اليه. والايمان واخلاص العمل لاجله وفاضت السنتهم بذكر الله والثناء عليه واشتغلت جوارحهم في كل وسيلة تقربهم الى الله وتدنيهم من رضوانه وثوابه ونفع الخلق اشجع الناس قلوبا. واصدقهم قولا واطهرهم اخلاقا. وازكاهم عملا. واقربهم الى كل خير خير وابعدهم من كل شر يكفون عن الخلق الاذى ويبذلون لهم الندى ويصبرون منهم على الاذى افتقدم على هؤلاء الانجاب الغرر؟ من ملئت قلوبهم من الشك والنفاق وفاضت على ظاهرهم. فاكتسبوا لذلك ارذل الاخلاق. يقومون بالنفاق والرياء. ويقعدون بالتملك والاعجاب والكبرياء وصفهم القسوة والطمع والجشع. ونعتهم الكذب والغش والبهرجة والخنوع قد منعوا احسانهم لكل مخلوق. واتصفوا بكل فسوق. قد خضعوا في بحوثهم العلمية لكل بمأرق وتبعوا في اخلاقهم كل رذيل وفاسق